السعودية عام 1950 تُستعاد بقِطع تُحاكي التاريخ

عبد الرحمن العابد لـ«الشرق الأوسط»: الزيّ العسكري القديم ألهمني السرد المعاصر

الألوان الترابية تغلب على المجموعة المستوحاة من ألوان الصحراء السعودية (الشرق الأوسط)
الألوان الترابية تغلب على المجموعة المستوحاة من ألوان الصحراء السعودية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية عام 1950 تُستعاد بقِطع تُحاكي التاريخ

الألوان الترابية تغلب على المجموعة المستوحاة من ألوان الصحراء السعودية (الشرق الأوسط)
الألوان الترابية تغلب على المجموعة المستوحاة من ألوان الصحراء السعودية (الشرق الأوسط)

كثيرون لا يدركون هوية السعودية عام 1950؛ العقد الذي شكَّل بداية مهمّة في تاريخ البلاد. تستطيع الأزياء استعادة تلك الحقبة، في قِطع مستوحاة مما كان يرتديه الجيش السعودي آنذاك، ضمن مجموعة «1950»، التي قدّمتها دار «قرمز»، خلال مشاركتها في «أسبوع الرياض للأزياء» بليلةٍ امتزجت فيها نسائم الشتاء بالحنين إلى الماضي.

في هذا السياق، يتحدّث، لـ«الشرق الأوسط»، عبد الرحمن العابد، الرئيس التنفيذي والمؤسِّس لـ«قرمز»، الذي شارك في إعداد استراتيجيات وزارة الثقافة وهيئات التراث والمتاحف، والحائز على جائزتين عالميتين من «DNA Paris Design Awards» لعام 2024، فيُبيّن أنّ مجموعة «1950» اتّخذت تسميتها إشارةً إلى حقبة مهمّة في تاريخ البلاد شهدت تنظيم الجيش وتحويل الزيّ العسكري من الثوب والشماغ إلى زيّ من بنطلون وقميص وجاكيت طويل، من دون أن يغيب الشماغ عنه للحفاظ على مظهر البداوة مع هذه المرحلة الانتقالية.

بين الجيش والبشت

يضيف العابد: «حاولنا إعادة هذه القصة، اليوم، بشكل معاصر وجميل؛ ومن هنا جاءت المجموعة»، مشيراً إلى أنه استلهم أيضاً من البشت السعودي، مع الابتعاد عن الشكل التقليدي نحو جديد أكثر حداثة يلائم الجيل الشاب، ومبيّناً أنّ المجموعة شتويّة بالكامل. ويفيد، في سياق حديثه، بأنّ فترة الخمسينات شهدت تأسيس وزارة المعارف (وزارة التعليم حالياً)، وتأسيس أول جامعة في البلاد، هي جامعة الملك سعود، إلى جانب تشكيل الزي العسكري، للمرّة الأولى، وغير ذلك.

حاولت المجموعة تجديد البشت السعودي بقصّات معاصرة (الشرق الأوسط)

والمجموعة التي يغلب عليها استخدام خامة الجوخ تميّزت قِطعها بألوانها الترابية عبر تدرّجات الرمادي والبني، وهي ألوان يصفها العابد بأنها مُستلهمة من تفاوت ألوان الصحاري بالبلاد، كما تنسجم مع ألوان البشت التقليدي بدرجاته الترابية؛ ما بين الرمادي والبني الفاتح والغامق. ويتابع: «هي درجات لونية جميلة تحاكي البيئة التي خرجت منها».

سرد القصص

وعن مشاركته في «أسبوع الرياض للأزياء»، يقول العابد: «فرصة كبيرة لإبراز هذه القصة. أشكر (هيئة الأزياء) لاختيارها لنا ومنْحنا الثقة، خصوصاً أنّ لدي قصة مختلفة ومُستلهمة من الهوية السعودية المتمسّكة بأصالتها في المضي نحو المستقبل. (قرمز) هي الوجه المعاصر والمختلف للأزياء السعودية، ونحاول أن تكون قِطعنا بسيطة ومتنوّعة».

عبد الرحمن العابد يُحيّي الحضور ضمن «أسبوع الرياض للأزياء» (الشرق الأوسط)

يبدو لافتاً قوله «لستُ مصمّماً»: «أنا محبّ للفنّ وكل ما هو جميل، وأحاول أن أروي القصص من خلال هذه القِطع. نستطيع أن نقرأ التاريخ ونستمتع فيه، من خلال قِطعة من الملبوسات، وبالإمكان أن يكون تاريخك وهويتك حولك دائماً».

وكان العابد قد فاز، الشهر الماضي، بجائزتيْن عالميتيْن من «Design Awards & Conference» بباريس؛ الأولى لحقيبة «الدلم»، والثانية كوب «فنجالة»؛ إذ تميّزت «قرمز» بكونها العلامة السعودية الوحيدة في الجائزة، والاستوديو الوحيد الفائز بجائزتين هذا العام. يقول عن نفسه: «لم أدرس التصميم، فأنا خرّيج قانون وممارس للأعمال، لكنني أحببته وعاهدت نفسي أن أقدّم رسالة وتجربة مختلفة في هذا المجال. بُعدٌ لا يراه الناس مفاده أنّ الثقافة هي كل ما حولك؛ هي هوية ورسالة ووسيلة لنشر ما نريد».

وعن الجائزتيْن، يختم: «رفعُ اسم المملكة العربية السعودية وسط جميع العلامات العالمية يعني لنا كثيراً، وهذا التكريم العالمي دافع لنا لإكمال المسيرة برفع اسم بلدنا وثقافته عالياً، والوصول إلى أرجاء المعمورة. اختلافنا المُنطلِق من الاعتزاز بهويتنا مِن شأنه أن يلمس لدى لجنة تحكيم دولية قصة فارقة ومميّزة».


مقالات ذات صلة

36 معملاً سعودياً لتعزيز الابتكارات في «صحة الإنسان»

يوميات الشرق المعامل الصحية تنتشر في نحو ٢٢ جهة تشمل الجامعات والمختبرات ومراكز الأبحاث في مناطق المملكة (واس)

36 معملاً سعودياً لتعزيز الابتكارات في «صحة الإنسان»

يعمل ‏36 معملاً صحياً في السعودية على دعم العقول المبتكرة الطامحة إلى تقديم حلول نوعية تضمن جودة حياة صحية، وتعزيز البنية التحتية البحثية.

عمر البدوي (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث إلى الصحافيين في نيويورك سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

الرياض تحتضن اجتماعاً رفيعاً لتحالف «حل الدولتين»

تحتضن الرياض يومَي الأربعاء والخميس المقبلين، اجتماعاً رفيع المستوى للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، يضم دبلوماسيين ومبعوثين من دول عدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال استقباله أحمد معلم فقي في مقر وزارة الخارجية السعودية في الرياض الأحد (واس)

وزير الخارجية السعودي يناقش مع نظيره الصومالي المستجدات الإقليمية والدولية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، ونظيره الصومالي أحمد معلم فقي أحمد، المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الطائرة السعودية الإغاثية حملت مواد غذائية وطبية وإيوائية (واس)

المساعدات السعودية تواصل التدفق إلى لبنان

وصلت إلى مطار رفيق الحريري الدولي في مدينة بيروت، الأحد، الطائرة الإغاثية الـ14 ضمن الجسر الجوي السعودي، الذي يسيّره مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق أشارت بقايا الآثار التي استودعتها الحقب الماضية إلى حجم وقيمة تراث السرين الغنيّ (واس)

«مدينة السرين الأثرية» عمق تاريخي لأكثر من ألفيْ عام

توجد مدينة «السِّرّين» بمحافظة الليث، الواقعة على بُعد 250 كيلومتراً جنوب مكة المكرمة، وتحديداً في السهل الفيضي لوادي «حَلية»

عمر البدوي (الرياض)

ولايتان هنديتان تفرضان عقوبات على تلويث الطعام بـ«البصاق والبول»

تخطط ولايتان هنديتان لفرض عقوبات على كل من يقوم بتلويث الطعام بالبصاق والبول والأوساخ (أ.ف.ب)
تخطط ولايتان هنديتان لفرض عقوبات على كل من يقوم بتلويث الطعام بالبصاق والبول والأوساخ (أ.ف.ب)
TT

ولايتان هنديتان تفرضان عقوبات على تلويث الطعام بـ«البصاق والبول»

تخطط ولايتان هنديتان لفرض عقوبات على كل من يقوم بتلويث الطعام بالبصاق والبول والأوساخ (أ.ف.ب)
تخطط ولايتان هنديتان لفرض عقوبات على كل من يقوم بتلويث الطعام بالبصاق والبول والأوساخ (أ.ف.ب)

أعلنت ولايتان هنديتان يحكمهما حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم في الهند، عن خطط لفرض عقوبات تتضمن السجن وغرامات باهظة، على كل من يقوم بتلويث الطعام بالبصاق والبول والأوساخ.

وستفرض ولاية أوتاراخند الشمالية غرامة تصل إلى 100 ألف روبية (1190 دولاراً أميركياً)، في حين تستعد ولاية أوتار براديش المجاورة لإصدار قوانين صارمة، قد تتضمن السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، للتصدي لهذه المشكلة، حسبما نقلته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

يأتي ذلك في أعقاب تداول مقاطع فيديو غير موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر الباعة وهم يبصقون على الأطعمة في الأكشاك والمطاعم المحلية، ومقطع فيديو يصور عاملة منزلية تخلط البول بالطعام الذي كانت تعده.

وفي حين أثارت مقاطع الفيديو غضباً بين المستخدمين؛ حيث أعرب كثير عن قلقهم بشأن سلامة الغذاء في هذه الولايات، استغل البعض أيضاً هذه المقاطع في حملات التمييز ضد المسلمين في الهند، وفي زيادة خطاب الكراهية ضدهم؛ حيث زعموا أن المرأة التي تضيف البول إلى الطعام مسلمة؛ لكن الشرطة أكدت لاحقاً أنها هندوسية.

ويقول المسؤولون إن القوانين الصارمة ضد تلويث الطعام ضرورية، وتهدف إلى ردع الناس عن الانغماس في ممارسات مهددة للصحة؛ لكن زعماء المعارضة والخبراء القانونيين شككوا في فعالية هذه القوانين، وزعموا أنها يمكن أن يُساء استخدامها أيضاً لتشويه سمعة مجتمع معين.

وانتقدت صحيفة «ذا إنديان إكسبريس» القوانين التي اقترحتها ولاية أوتار براديش، قائلة إنها قد تكون «إجراءً طائفياً الغرض منه استهداف أقلية غير آمنة بالفعل».

والهند أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان؛ حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.4 مليار نسمة، وتتكون من نحو 80 في المائة من الهندوس، ونحو 14 في المائة من المسلمين. ويتهم المسلمون حزب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي القومي اليميني باتباع أجندة هندوسية تميز ضدهم.

وتشكل سلامة الغذاء مصدراً كبيراً للقلق في الهند؛ حيث تقدر هيئة سلامة الغذاء والمعايير أن الغذاء غير الآمن يتسبب في نحو 600 مليون إصابة و400 ألف حالة وفاة سنوياً.

ويستشهد الخبراء بأسباب مختلفة لسوء سلامة الغذاء في الهند، بما في ذلك عدم كفاية إنفاذ قوانين سلامة الغذاء، والافتقار إلى الوعي. كما أن المطابخ الضيقة والأواني القذرة والمياه الملوثة وممارسات النقل والتخزين غير السليمة، تزيد من تعريض سلامة الغذاء للخطر.