هارفي واينستين مصاب بسرطان النخاع العظمي

المنتج الهوليوودي السابق هارفي واينستين خلال محاكمته بمانهاتن في 19 يوليو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
المنتج الهوليوودي السابق هارفي واينستين خلال محاكمته بمانهاتن في 19 يوليو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

هارفي واينستين مصاب بسرطان النخاع العظمي

المنتج الهوليوودي السابق هارفي واينستين خلال محاكمته بمانهاتن في 19 يوليو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
المنتج الهوليوودي السابق هارفي واينستين خلال محاكمته بمانهاتن في 19 يوليو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

يعاني المنتج الهوليوودي السابق هارفي واينستين المسجون في نيويورك، لإدانته بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، من سرطان في النخاع العظمي، بحسب ما أفادت وسائل إعلام أميركية أمس (الاثنين).

وأشارت محطتا «إن بي سي نيوز» و«إيه بي سي نيوز» إلى أن واينستين البالغ 72 عاماً، والذي وُجّه إليه القضاء في سبتمبر (أيلول) الماضي، تهمة جديدة بارتكاب اعتداء جنسي، يعاني سرطان الدم النقوي المزمن ويخضع للعلاج في أحد سجون نيويورك.

ويأتي هذا التشخيص بعد سلسلة مشاكل صحية تعرّض لها المنتج ذو النفوذ الواسع سابقاً في القطاع السينمائي الأميركي، والذي أحدثت قضيته موجة عالمية أخذت في الاتساع، وشجعت كثيراً من ضحايا هذه الاعتداءات على رفع الصوت علناً، والكشف عمّا تتعرض له النساء من عنف جنسي وجنساني.

وأجريت للرئيس السابق لاستوديوهات «ميراماكس» أخيراً، «عملية جراحية في القلب» أصبح بعدها «خارج دائرة الخطر في الوقت الراهن»، بحسب ما أعلن في 10 سبتمبر جودا إنغلماير، أحد وكلائه.

وأبدى الأخير «القلق» من تحول وضع المنتج السابق الصحي إلى «موضوع نقاش عام». وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «احتراماً لخصوصية واينستين، لن ندلي بمزيد من التعليقات».

ولدى مثوله لوقت قصير أمام محكمة بمانهاتن في 18 سبتمبر، في شأن التهمة الجديدة التي وُجهت إليه بالاعتداء جنسياً على امرأة عام 2006، بدا شاحباً وضعيفاً، وكان على كرسي متحرك.

وتُضاف تهمته الجديدة التي قررتها هيئة محلفين كبرى تضم مواطنين يشاركون في التحقيق إلى جانب المدعين العامين، إلى قائمة طويلة من الاتهامات يواجهها المنتج السابق منذ عام 2017 وحوكم بها مرتين، في نيويورك ولوس أنجليس.

واتهمت أكثر من 80 امرأة، هارفي واينستين، بالتحرش أو الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب، بينهنّ أنجلينا جولي وغوينيث بالترو وآشلي جود.

وستعاد محاكمة هارفي واينستين في نيويورك بعدما فسخت محكمة الاستئناف في أبريل (نيسان) الماضي، حكماً بسجنه 23 عاماً صدر في 2020، بتهمة اغتصاب الممثلة جيسيكا مان عام 2013 والاعتداء جنسياً على مساعدة الإنتاج ميمي هالي عام 2006، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعُدّ هذا التحول المفاجئ بمثابة انتكاسة لحركة «مي تو»، التي انطلقت مع قضية واينستين ضد الاعتداءات الجنسية والقائمة على النوع الاجتماعي على النساء.

ولا يزال واينستين قابعاً وراء القضبان بسبب حكم صدر في لوس أنجليس عام 2023، بسَجنه 16 عاماً في قضايا اغتصاب واعتداء جنسي أخرى. وقد استأنف الحكم ودأب على التأكيد أن علاقاته الجنسية كلها حصلت بالتراضي.



« دبلوماسية الكشري»... الطبق المصري يبني جسوراً للتواصل السياسي

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)
TT

« دبلوماسية الكشري»... الطبق المصري يبني جسوراً للتواصل السياسي

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يتناول الكشري خلال زيارته للقاهرة (مطعم أبو طارق)

هنا، في قلب القاهرة، عندما تقصد شارع شامبليون، الذي يحمل اسم مكتشف رموز اللغة الهيروغليفية المصرية، يمكنك التعرف عن قرب على رمزٍ آخر للهوية المصرية، ممثلاً في طبق «الكشري»، لدى مطعم «أبو طارق»، أحد أشهر محال الكُشري في مصر، حيث اكتسب الطبق الشعبي فيه مذاقاً سياسياً، وتحوّل لأداة دبلوماسية، تقرّب المسافات بين الثقافات.

فعلى مدار السنوات الماضية، استقبل «أبو طارق» عشرات الوزراء والدبلوماسيين والمسؤولين الأمميين في القاهرة، كان أحدثهم وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي تغزّل في الطبق بعد تناوله، قائلاً إنه «وجبة لذيذة وشهية». ما عدّه مراقبون بأن تناوله للوجبة الشعبية يؤرخ لـ«دبلوماسية الكشري»، في ظل سنوات من جمود العلاقات بين القاهرة وطهران.

على مدار السنوات الماضية، كتب «أبو طارق» فصولاً أخرى من رواية «دبلوماسية الكشري». فالمطعم الشعبي تحوّل إلى ما يشبه نادياً دبلوماسياً غير رسمي في القاهرة، يجمع وزراء ودبلوماسيّي الشرق والغرب، بعد أن جذبتهم مكونات الطبق من الأرز والمعكرونة والعدس والحمص والبصل، ومعها «الدقة والشطة»، في خلطةٍ وضع سرَّها العم يوسف، مؤسس المطعم، منذ عام 1950.

سفير مالي في القاهرة بوبكر ديالو في مطعم «أبو طارق» (مطعم أبو طارق)

أسفل صورة مؤسّس المطعم، تحدثنا إلى نجله طارق يوسف، رئيس مجلس إدارة سلسلة محلات «أبو طارق»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «اجتذب مطعمنا نحو 47 سفيراً في مصر، ومرافقيهم من الملاحق والممثلين الدبلوماسيين، وعشرات المسؤولين من دول عدّة لتجربة الكشري»، مشيراً إلى أن مطعمه، الذي صنّفه الموقع العالمي «TasteAtlas» من بين أكثر 100 مطعم متميّز حول العالم في العام الماضي، أطلق مبادرة منذ 4 سنوات، لتنشيط سياحة الطعام وتبادل الثقافات عبر استضافة كثير من السفراء، الذين رحّبوا بالمشاركة، وتناول الكشري وسط الأجواء الشعبية المصرية.

عباس عراقجي أشاد بطبق الكشري (مطعم أبو طارق)

المحلل والصحافي المصري المتخصص في الشؤون الدولية، خالد الشامي، الذي جمعته مائدة كشري «أبو طارق» مع الوزير الإيراني، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «اختار عراقجي الكشري تحديداً لأنه حاول إيصال رسالة بتقارب الثقافة والتقاليد المصرية والإيرانية، وحرص بلاده ورغبتها في الانفتاح على التقارب مع مصر».

كان سفير نيوزيلندا السابق، جريج لويس، أول من شارك في مبادرة المطعم، ومن ثمّ توالى حضور سفراء بريطانيا، وأستراليا، وتشيلي، والأرجنتين، والمكسيك، وجورجيا، ومالي، وكولومبيا، وبلجيكا، وهولندا، وأفغانستان، ونيبال، والدنمارك، وبيرو، وكوريا الجنوبية، والبوسنة والهرسك، وغيرهم العشرات.

يقول رئيس مجلس إدارة المطعم: «الأمين العام للجامعة العربية الحالي، أحمد أبو الغيط، عندما كان وزيراً للخارجية المصرية، كان يصطحب ضيوفه من المسؤولين الأجانب لتذوّق الكشري لدينا، وكان يداعبنا بقوله إنه (يقوم بنفسه بعمل الدعاية لنا بين الأوساط الدبلوماسية)».

طبق الكشري الشهير (مطعم أبو طارق)

ويذكر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط»، أنه أثناء مباحثات مسؤولين مصريين مع نظرائهم الأجانب يتم التطرق أحياناً لبعض الأحاديث الجانبية، للتخفيف من «ثقل» الأحاديث السياسية، قد تكون حول موضوعات ثقافية أو عن العادات والمأكولات الشعبية، وبالتالي يتعرّف الضيف على بعض أنواع الأطعمة الشهيرة، وبعضها تُرشّح له لتذوّقها، وفي الغالب يختار من بينها الكُشري.

سفير البوسنة والهرسك بالقاهرة ثابت سوباشيتش ومساعدة وزير الخارجية البوسنية عايدة هودزيك يتناولان الكشري (مطعم أبو طارق)

«لماذا يجتذب الكشري تحديداً الأجانب؟»، تجيب أستاذة العلاقات الدولية في جامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، «الشرق الأوسط»، قائلة: «الكشري هو الوجبة الوحيدة التي لا تقدّمها دولة أخرى، وبالتالي تحمل خصوصية شعبية، إلى جانب مرونة تجهيز مكوناتها بالزيادة والنقصان، ما يجعله يقدم بتفضيلات كثيرة، وبالتالي مناسبته لثقافات السفراء المختلفة».

في حين تقول الدكتورة سهير عثمان، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «ينال الكشري شهرة كبيرة مع اسمه القائم على فكرة المزج بين مكوناته، وهي الفكرة نفسها التي تقوم عليها الدبلوماسية، والتي تحاول المزج بين الدول وثقافاتها».

سفير هولندا السابق بالقاهرة يتناول الكشري في المطعم برفقة ممثلة منظمة الصحة العالمية السابقة في مصر نعيمة القصير (مطعم أبو طارق)

عودة إلى السفير رخا، الذي يروي واقعة طريفة عندما كان سفيراً لمصر في زيمبابوي، قائلاً: «مع تنظيم السفارة سنوياً حفل العيد الوطني المصري، كان يتم الاحتفاء بتقديم بعض المأكولات الشعبية المصرية لضيوف الحفل، ومنها الكشري، الذي كان يروق كثيراً لممثل دولة الفاتيكان، الذي أخبرني أنه ينتظر الحفل المصري سنوياً ليتذوّق الكشري، وفي مناسبات عديدة كان دائم الإشادة به».

الإشادة نفسها تمتد مع تناول دبلوماسيين أجانب الكشري في القاهرة، وفي مقدمتهم سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة، كريستيان برجر، الذي أكد أن «الكشري من الوجبات المفضلة له»، بجانب وزير خارجية سويسرا، إيجنازيو كاسيس، والمساعدة السابقة لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بالإنابة، يائل لامبرت. كما أبدى سفير تشيلي، بابلو أرياران، إعجابه الشديد بـ«الكشري» ورأى أنه يستحق نشره في دول العالم وتعلم طهيه. بينما قال سفير جورجيا، ألكسندر نالبندوف، إن «دبلوماسية الطعام تُعدّ أفضل دبلوماسية».

مطعم «أبو طارق» أشهر محال الكشري في مصر (مطعم أبو طارق)

يُظهر نجل مؤسس «أبو طارق» أن كلّ سفير يحاول أن يوثق تجربته في تناول الكشري لديهم عبر الكلمات والصور ومقاطع الفيديو ونشرها بمنصات التواصل الاجتماعي، مُبيناً أنه أصبح هناك تنافس بين السفراء في عدد المشاهدات التي ستجلبها هذه المقاطع، قائلاً إن خوان راتاناك، سفير كمبوديا السابق، حقّق فيديو مشاركته أكثر من مليون ونصف مليون مشاهدة.

هنا، تلفت أستاذة الإعلام إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأساس الذي يروج لجميع الأطعمة الشعبية التي تشتهر بها مصر، حيث منحت «الفوود بلوغرز» الأجانب فرصة الترويج لها، وسمحت بانتشار صفحات تهدف للتأريخ للمطبخ المصري، كما استخدمتها المطاعم، وعلى رأسها كشري «أبو طارق»، لإبراز استقباله للسفراء والمشاهير، وبالتالي كانت هي السبب الأول لتقديم فكرة «دبلوماسية الكشري».