أنجلينا جولي لـ«الشرق الأوسط»: تعلّمتُ الغناء من أجل دوري في «ماريا»

لا بدّ لي أن أشعر مع الشخصية التي أمثّلها وشخصية ماريا كالاس كانت الذروة

أنجلينا جولي (مهرجان تورونتو)
أنجلينا جولي (مهرجان تورونتو)
TT

أنجلينا جولي لـ«الشرق الأوسط»: تعلّمتُ الغناء من أجل دوري في «ماريا»

أنجلينا جولي (مهرجان تورونتو)
أنجلينا جولي (مهرجان تورونتو)

أدّت أنجلينا جولي حضوراً مزدوجاً في الربع الأخير من العام الحالي. كانت وصلت مهرجان «ڤينيسيا» في سبتمبر (أيلول) الماضي لحضور فيلم لعبت دور البطولة فيه، ومن ثمّ توجهت إلى «تورونتو» لعرض فيلم من إخراجها. شهد الحاضرون هناك عرض الفيلمين في إطار أسبوع واحد.

أخرجت فيلم «بلا دماء» (Without Blood) ولم تمثّل فيه، بل أسندت دور البطولة فيه للممثلة سلمى حايك.

الفيلم الذي لعبت بطولته هو «ماريا»، ويتبع سلسلة أعمال حقّقها المخرج بابلو لوران أجزاء من سيرة بيوغرافية. اهتمامه في هذا الفيلم انصبّ على شخصية مغنية الأوبرا اليونانية ماريا كالاس التي أدّتها أنجلينا جولي.

فيلمان مختلفان

شتّان ما بين الفيلمين من نواحٍ متعددة. يتناول الأول، حكاية امرأة تسرد ما حدث لها وتبحث عن انتقام. سلمى حايك تمنح الشاشة قدرتها على التعاطف معها، وشريكها في البطولة داميان بشير يعوّض بحضوره تلك الثغرات المتعدّدة التي صاحبت الفيلم وجعلته متأرجحاً ما بين الجودة والضعف.

«ماريا» يمتلك خبرة المخرج التشيلي بابلو لوران، ليس لكونه عمد إلى الأفلام البيوغرافية أكثر من مرّة ولديه معالجاته لكل شخصية قدّمها فقط، بل لأنه فنان أكثر تمرّساً في مجال عمله.

على ذلك، لا يخلو «ماريا» من مشاكل، أهمها أن الفيلم تبعاً لحقيقة أنه يدور حول آخر أيام المغنية المشهورة، حدّد لمن طلب المزيد أن يتوجّه إلى أفلام أخرى أو يبحث عن الفنانة في صفحات الموسوعات والكتب. أحد تلك الأفلام خرج في سنة 2017 لسينمائي مغمور توم ڤولف. ذلك الفيلم كان وثائقياً شمل مراحل متعددة ويمكن اعتباره مرجعاً لا بأس بأهميّته.

وتبقى أنجلينا جولي محطّ اهتمامٍ كبير هذا العام، ليس لأنها حضرت مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، بل لأنها قد تسير صوب أدراج حفل الأوسكار المقبل على سجادتيهما الحمراوتين. بكلمات أخرى، هذا الاهتمام الإعلامي الحالي بها سيمتد خصوصاً، مع ارتفاع احتمالات تقدّم «ماريا» لنطاق هذا السباق.

حدث اللقاء ما بين عرض الفيلمين المذكورين، وأُجّل نشرُه لحين الحصول على موعد إطلاق «ماريا». الآن وقد حُدد في الأسبوع الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، فإن الحديث عنه وعن فيلم جولي الآخر بات مفضّلاً من باب تحضير الجمهور لهما.

أنجلينا جولي خلال تصوير «بلا دماء» (ديماريو إنترتاينمت)

مراجعة شاملة

‫* يتمحور فيلماك حول المرأة. في «ماريا» تؤدين شخصية ماريا كالاس، وفي «بلا دماء» تديرين سلمى حايك. هل هذه نقطة اللقاء الوحيدة بين الفيلمين؟

- إنهما بالتأكيد يوفران دلالة واحدة. نعم كلاهما عن المرأة وهذا أمر أساسي هنا. هناك جوانب متعددة في هذا النطاق. الأول قصّة حقيقية كما يعلم الجميع، والثاني خيالية، لكنهما يصبّان في نطاق البحث عمّا يسميه البعض «الوجوه المتعددة للمرأة». كلاهما يختلف عن الآخر في هذا الجانب. بالنسبة لي «ماريا» كانت تمضي صوب مجهول آتٍ، وبطلة «بلا دماء» كانت تبحث عن المستقبل بسبب أحداث مرّت معها في الماضي.

* هناك اختلاف في الإخراج أيضاً. لدى لوران أسلوبه ولديك أسلوب. فكيف انتقلت من فيلم لآخر تلقائياً؟

- هذا ليس صحيحاً، فالأمر لم يكن تلقائياً، بل كان فعلاً مجهداً، خصوصاً أنني لم أنتقل من فيلم لآخر بصفتي ممثلة، بل من فيلم أخرجته إلى فيلم مثّلته من إخراج سِواي. من فيلم أُديره إلى فيلم ليس لي فيه سوى جهد التمثيل. لكنه كان جهداً مثمراً. العمل تحت إدارة بابلو (لوران) كان متعة فنية لا مثيل لها.

* إنه عن الأيام الأخيرة من حياة ماريا كالاس. خصوصيّته تنبع من أنه لا يحيط بكل حياتها، رغم «الفلاش باك» المستخدم. هل الإحاطة بتلك الفترة المأساوية في حياتها تطلّبت منك تحضيراً خاصاً يختلف عن أفلام سابقة لك مثلتِ بها؟

- بطبيعة الحال، بل على نحو أساسي. الفيلم كما ذكرتَ أنت يحيط بالفترة الأخيرة من حياة ماريا وهي فترة مأساوية. تحديد الفترة تطلّب مني مراجعة كل ما وصلت إليه يداي من معلومات، بالإضافة إلى فهم السيناريو الذي كان عليه أن يكون بمثابة ضوء «بطارية» لي. لم يهمني كيف اختار المخرج سرد الفيلم بالنسبة لي ممثلة، بل شغلني كيف سأمثّلها.

* لجانب دراسة حياتها عبر المراجع، كيف حضّرت نفسك عاطفياً للدور؟

- لم يكن أمراً هيّناً على الإطلاق. تدخّلت مشاعري الخاصة وتجربتي في الحياة، وكنت عاطفية؛ وهو الأمر الذي يجب ألّا يحتل كل دوافع التشخيص بصفتي ممثلة.

* هل وجدت نقاط لقاءٍ بينك وبين ماريا كالاس؟

- نعم. ماريا وأنا تعرّضنا لحياة قاسية، أنا في حياتي حين كنت صغيرة، وهي حين كانت امرأة ناضجة. حياتي لم تكن سهلة حتى بعد دخولي الفن. بالنسبة إليها واجهت كثيراً من الظروف المتشابكة التي جعلتها تُقدِم على خيارات لم تكن في صالحها، أهمّ هذه الظروف هي أنها كانت تقاوم تدخّل الآخرين في حياتها ومهنتها. كانوا عدائيين إذا لم تُنفّذ ما يُطلب منها، وتجاهلوا حرّيتها الفنية والشخصية. أنا مررت ببعض هذه المشكلات، لذلك تحوّلت للإخراج والإنتاج لأضمن حقّي الكامل في القرار.

كما في «ماريا» (ذ أبارتمنت برودكشنز)

* هل كانت هناك لحظات أكثر تطلّباً لتجسيد الشخصية؟

- نعم، في كل المشاهد عايشت الشخصية، لذا يصعب علي انتقاء مثال على ما تسألني عنه. لكن هناك مشاهد كانت مفصلية بالنسبة لي ولها، حين كنت أقف مكانها للغناء. لقد تعلمت الغناء لأجل هذا الدور. لم يكن هناك مجال لأقع في خطأ ما. بعض المشاهد الأخرى هي أيضاً مصيرية. كنت دوماً أحاول أن أكون هي.

* على ذلك كتب بعض النقاد أن الفيلم هو عنك وليس عنها، بمعنى...

- نعم، قرأت ذلك، لكن هذا كلام خالٍ من الصحة. لا أريد التعليق عليه.

* ربما كان هذا الحُكم ناتجاً عن أنه عليك حين تمثيل شخصية حقيقية الاختيار بين أن تكوني أنت أو هي. المناصفة صعبة.

- هذا صحيح. سيرة حياة أو لا، أمر واحد بالنسبة لي. هذا الأمر هو أنني امرأة عاطفية. فلا بدّ أن أشعر مع الشخصية التي أمثّلها، وشخصية ماريا كالاس كانت الذّروة في المجال هذا. أردت أن أكون هي، وأن أتقيّد بما رسمه بابلو في مخيّلته. ممارسة ذلك فعلياً كان من أصعب تجاربي ممثلة.

* «بلا دماء» أمر مختلف تماماً. قصّة عن حرب من دون حرب.

- نعم لقد خضت ما يكفي منها.

* كيف ذلك؟

- أقصد أنني مثّلت وأخرجت أفلاماً عدّة دارت حول حروب. أول إخراج لي كان «أرض الدم والعسل» الذي تحدّث عن انهيار بلدٍ كامل في حرب أهلية قسّمته إلى دول (تقصد يوغوسلافيا). هناك انقسم الناس الذّين كانوا مواطنين في دولة واحدة إلى محاربين، كل فريق ضد آخر، وعلى نحو ليس في وسع كثيرين منّا تخيّله. هناك حروب دائمة، أذكر منها الحرب في غزة، وفي أوكرانيا. لا أستطيع إخراج كلّ أفلامي عن الحروب، و«بلا دماء» سيكون آخر أفلامي من هذا النوع.

* يتناول «بلا دماء» تجربة امرأة خرجت من حرب ما، ليست محددة في الفيلم، وهي تسعى للانتقام مما حدث لها. هل عدم التحديد كان مقصوداً؟ أسأل لأني لم أقرأ رواية أليساندرو باريكو.

- اعتمدت على الرواية على نحو كبير. لم أشأ تغيير الكثير حين جلست لأكتب السيناريو... لم أغيّر إلّا ما يمكن اختزاله ومعالجته ليكون دراما بصرية وليست مكتوبة. لم أحدد أي حرب، لأنني أردت أن أعبّر عن حالة تمثّل ما بعد كلّ حربٍ. لم أرغب في تحديدها.

* اهتمامك بالشخصيات واضح.

- هذا لأن باريكو منح كل شخصية حضوراً فعلياً. هي ليست أمثلة بل نماذج. طريقة باريكو لمنح الشخصيات حضورها الصحيح هو منح كل منها ذاكرة وتاريخاً.

* هل ستدخلين قريباً مشروعاً جديداً؟

- نعم، لكن علي أولاً أن أمارس حياتي أمّاً. هذا يأتي دائماً في المقدّمة.


مقالات ذات صلة

محمد سعد يعود إلى الأضواء بـ«الدشاش»

يوميات الشرق محمد سعد في لقطة من الإعلان الدعائي لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة)

محمد سعد يعود إلى الأضواء بـ«الدشاش»

يجسّد محمد سعد في «الدشاش» شخصية طبيب خلال الأحداث التي تدور في إطار اجتماعي كوميدي تشويقي، ويشاركه البطولة عدد من النجوم.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق معالجة «سيد الخواتم» على طريقة الأنيمي اليابانية

«سيد الخواتم» يدخل عالم الرسوم المتحركة اليابانية

إذا كنت تودُّ معرفة من هو ملك وادي «هيلمز ديب»، فأنت في المكان المناسب.

سارة بار (نيويورك)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

مصر: أفلام «الأوف سيزون» تغادر دور العرض لـ«ضعف الإيرادات»

شهدت عدة أفلام مصرية، تصنف ضمن العرض خلال «الأوف سيزون»، تراجع إيراداتها مما أدى إلى رفعها من دور العرض السينمائي في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بشير الديك مع أحمد زكي وحسين فهمي (حسابه على فيسبوك)

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

أثارت دينا ابنة السينارسيت المصري المعروف بشير الديك حالة واسعة من القلق والجدل في الساعات الأخيرة بشأن صحة والدها.

رشا أحمد (القاهرة )
سينما «إلى أرض مجهولة» (إنسايد آوت فيلمز)

اختيار الناقد لأفضل أفلام العام

أعلنت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية قبل يومين قائمتها القصيرة لترشيحات «أوسكار» أفضل فيلم روائي ناقلةً البهجة والأمل لبعض المخرجين والخيبة لبعضهم الآخر.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز - كاليفورنيا)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».