مهرجان «الجونة» يتمسك بدعم السينما رغم الاضطرابات السياسية

يعرض فيلماً مأخوذاً عن قصة لنجيب محفوظ في افتتاح دورته السابعة

صورة تذكارية لفريق العمل - (إدارة المهرجان)
صورة تذكارية لفريق العمل - (إدارة المهرجان)
TT

مهرجان «الجونة» يتمسك بدعم السينما رغم الاضطرابات السياسية

صورة تذكارية لفريق العمل - (إدارة المهرجان)
صورة تذكارية لفريق العمل - (إدارة المهرجان)

وسط تمسك بالأمل والإصرار على استخدام السينما كوسيلة للسلام، كشف مسؤولو مهرجان الجونة السينمائي تفاصيل الدورة السابعة من المهرجان المقرر إقامتها خلال الفترة من 24 أكتوبر (تشرين الأول) إلى الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) في المدينة المطلة على ساحل البحر الأحمر، بمشاركة أكثر من 70 فيلماً سينمائياً تنوعت بين الأفلام الطويلة والقصيرة والوثائقية.

وكانت النسخة الماضية من المهرجان قد تأجلت مرتين على خلفية أحداث غزة قبل أن تُعقد دون مظاهر احتفالية.

وأكدت الفنانة يسرا، عضو الهيئة الاستشارية للمهرجان، خلال المؤتمر الصحافي الذي أقيم بأحد الفنادق الكبرى في القاهرة (الأحد)، أن الفن هو اللغة التي يمكن أن تغير العالم حال استخدامها بشكل صحيح، فيما تحدث رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسس المهرجان، عن عدم شعوره (وإدارة المهرجان) بالذنب تجاه الأوضاع التي تحدث في المنطقة؛ لكون المهرجان يقام تحت شعار «سينما من أجل الإنسانية».

وللعام الثاني على التوالي، اختار المهرجان فيلماً قصيراً ليعرض في حفل الافتتاح، وهو فيلم «آخر المعجزات» للمخرج الشاب عبد الوهاب شوقي، المأخوذ عن قصة «معجزة» الصادرة ضمن المجموعة القصصية «خمارة القط الأسود» للأديب العالمي نجيب محفوظ، التي نُشرت في نهاية الستينات.

وقال شوقي لـ«الشرق الأوسط» إن الفيلم جرى العمل عليه على مدار أكثر من 3 سنوات، بعدما اختاره المنتج مارك لطفي لتقديم الفكرة التي استغرقت عاماً كاملاً في معالجة السيناريو قبل أن تبدأ جولة البحث عن تمويل ودخول شركاء آخرين، لافتاً إلى أن الفيلم صُور على مدار 3 أيام في مواقع مختلفة بالقاهرة.

الفيلم، الذي أنتج بشراكة مصرية - سودانية، تدور أحداثه حول «يحيى»، محرر في قسم النعي، يوبخه مديره بعد أن أخطأ في كتابة اسم شيخ صوفي معروف، ويذهب «يحيى» إلى إحدى الحانات هرباً من الموقف، وعندئذٍ يهاتفه الشيخ المتوفى نفسه فجأة طالباً لقاءه، وذلك بحسب إدارة المهرجان التي أكدت عرض الفيلم خارج المسابقة الرسمية.

الفنان المصري محمود حميدة (صفحته على فيسبوك)

ويكرم المهرجان في الدورة السابعة الفنان المصري محمود حميدة، إلى جانب الثنائي السينمائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج عن مسيرتهما السينمائية، مع تنظيم جلسة حوارية لهما خلال فعاليات المهرجان للحديث عن مشاريعهما السينمائية التي شاركت في عدة مهرجانات عربية وتنوعت تجاربهما بين التصوير والتركيبات الفنية.

وبحسب تصريحات المدير الفني للمهرجان، المنتجة والمخرجة ماريان خوري، فإن البرنامج حتى الآن يضم 71 فيلماً روائياً وتسجيلياً طويلاً وقصيراً من 40 دولة، منها 55 فيلماً روائياً طويلاً ووثائقياً، مشيرة إلى أن 44 في المائة من الأعمال المشاركة هي لمخرجات، منها 12 عملاً تمثل التجارب الأولى لصناعها.

وأضافت أن المهرجان نجح في استقطاب عدد من الأفلام المهمة في عروضها الأولى بالمنطقة، من بينها فيلم «بذرة التين المقدس» للمخرج الإيراني محمد رسولوف، الذي عُرض في مهرجان «كان» بنسخته الأخيرة وسيكون ممثل السينما الألمانية في جوائز الأوسكار العام المقبل، بالإضافة إلى فيلم «المادة» الفائز بجائزة السيناريو في مهرجان كان، وفيلم «الاحتضار» الحاصل على جائزة «الدب الفضي» لأفضل سيناريو في النسخة الماضية من مهرجان «برلين السينمائي».

وبحسب إدارة المهرجان، يشارك في مسابقة الأفلام الروائية 14 فيلماً روائياً، منها الفيلم المصري «الفستان الأبيض» لياسمين رئيس، فيما يتنافس 12 فيلماً ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية، ويشارك في مسابقة الأفلام القصيرة 13 فيلماً، مع اختيار أفلام أخرى للعرض خارج المسابقات الثلاث الرئيسية.

الملصق الدعائي لفيلم الافتتاح - (إدارة المهرجان)

وتحدثت خوري عن الموائد المستديرة التي ستنظم خلال المهرجان، وستكون إحداها مخصصة لمناقشة «آليات الترميم والذكاء الاصطناعي»، حيث سيتم السعي للبحث عن حلول لترميم الأفلام محلياً، مما يمثل أهمية كبيرة للاقتصاد الوطني وتوفير العملة الصعبة.

وسيتضمن المهرجان هذا العام جلسات حوارية مع كل من إسعاد يونس، وهند صبري، ونيللي كريم، بالإضافة إلى حلقات نقاشية حول عدة أفكار، منها التصوير في العالم العربي، وسوق الأفلام، والسينما وقت الصراعات، وتقريب المسافات بين شباك التذاكر والمهرجانات.

واختارت إدارة المهرجان هذا العام عرض ثلاثة أفلام ضمن فعاليات «عروض الأفلام الكلاسيكية»، وهي «قشر البندق» لخيري بشارة، و«عمر المختار» لمصطفى العقاد، و«السلم والثعبان» لطارق العريان، وستكون هناك جلسة نقاشية مع صناعه للحديث عن التجربة بحضور أبطال الفيلم.

يسرا خلال حديثها في المؤتمر الصحافي - (إدارة المهرجان)

وسيتضمن المهرجان محاضرة للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، الذي ترشح مرتين لجائزة الأوسكار، بجانب تقديم برنامج خاص بعنوان «نافذة على فلسطين» الذي سيتضمن عرض مجموعة من الأفلام الطويلة والقصيرة لفتح نافذة على ما يحدث في فلسطين، حيث يعد من صور الدعم في مواجهة المأساة المستمرة في قطاع غزة، بحسب البيان الرسمي لإدارة المهرجان.


مقالات ذات صلة

الفيلم الفنلندي «جوفيدا» يُتوج بـ«الجائزة الكبرى» في مهرجان «سلا»

يوميات الشرق المخرجة الفنلندية كاتيا غاوريلوف الفائزة بالجائزة الكبرى عن فيلمها «جوفيدا» (إدارة مهرجان سلا)

الفيلم الفنلندي «جوفيدا» يُتوج بـ«الجائزة الكبرى» في مهرجان «سلا»

فاز الفيلم الفنلندي «جوفيدا» بالجائزة الكبرى، إذ ذكرت لجنة تحكيم المسابقة في حيثيات فوزه أنه عمل مبهر بصرياً ومؤثر عن الإدماج القسري للشعوب.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون «المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق ماغي سميث في لقطة من عام 2016 (أ.ف.ب)

ماغي سميث سيدة الأداء الساخر

بأداء عملاق وخفة ظل وسخرية حادة تربعت الممثلة البريطانية ماغي سميث على قلوب معجبيها، كما جمعت بين الجوائز وبين حب الجمهور.

عبير مشخص (لندن)

حفل الأوركسترا السعودي في لندن... احتفاء بالوطن وأرجائه

الأوركسترا الملكي البريطاني (هيئة الموسيقى)
الأوركسترا الملكي البريطاني (هيئة الموسيقى)
TT

حفل الأوركسترا السعودي في لندن... احتفاء بالوطن وأرجائه

الأوركسترا الملكي البريطاني (هيئة الموسيقى)
الأوركسترا الملكي البريطاني (هيئة الموسيقى)

سرت الأنغام السعودية الآتية من قلب الجزيرة العربية في أرجاء إحدى أعرق قاعات لندن، وهي «سنترال ويستمنستر هول» لتطوف بالحاضرين، حاملةً معها روائح الوطن لتُنعشهم، وتجعلهم يتمايلون تارةً، ويرددون خلف الكورال تارةً أخرى، وفي كل الأحوال أعادتهم إلى ذكريات الأهل والأحباب وسهرات الليالي الطيبة.

أداء تراثي من أرجاء المملكة (هيئة الموسيقى)

استمر عرض الأوركسترا الوطني السعودي في أولى حفلاته ببريطانيا لمدة زادت على الساعتين، قدم خلالها مزيجاً ممتعاً من أغاني كبار المطربين في السعودية، ومُزجت أحياناً بنغمات غربية قدمها الأوركسترا الفلهارموني البريطاني، وجمَّلتها لحظات من الرقص الشعبي قدمته فرق «هيئة المسرح والفنون الأدائية».

انطلق الحفل بكلمة من الرئيس التنفيذي لـ«هيئة الموسيقى»، باول باسيفيكو، تحدث فيها عن النجاحات التي حققتها المشارَكات السابقة لـ«روائع الأوركسترا السعودي» في العواصم العالمية. وأشار باسيفيكو إلى أن «روائع الأوركسترا السعودي» من إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع، إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة، وبكوادر سعودية مؤهلة، ومدرَّبة على أعلى مستوى.

الكورال السعودي مع عازفي الأوركسترا الملكي البريطاني (هيئة الموسيقى)

بعدها بدا لائقاً أن يبدأ الحفل بكلمات الشاعر بدر بن عبد المحسن وأغنية فنان العرب محمد عبده: «أنا من هالأرض... أمي الصحراء... ‏احتضنتني رمالها... وارتويت بطُهرها... أطعمتني تمرها... وفرشت لي ظلالها»، وأدَّاها الكورال الوطني السعودي بمشاركة 50 شاباً وشابة، ومع صعود فرق الأداء المصاحبة على خشبة المسرح اكتمل السحر الذي أخذ بألباب الجمهور.

وقدمت الفرقة بعد ذلك أغنية «حنا طلبنا الله»، وهي من الفن التراثي السعودي، وصاحبها أداء ينبعاوي من المنطقة الغربية أرسل نفحات من سواحل البحر الأحمر إلى القاعة في لندن، تلتها أغنية «اسمحيلي يالغرام» لمحمد عبده مع «أداء السامري»، وهو فن جماعي من المنطقتين الوسطى والشرقية يؤديه الرجال والنساء جلوساً.

راقصون يقدمون فاصلاً من الفن الينبعاوي التراثي (هيئة الموسيقى)

كان موفقاً اختيار الأداء الراقص مع كل أغنية، فقد جلب كثيراً من البهجة إلى القاعة، وتضافر مع الغناء والموسيقى وتصفيق الجمهور، ليحوِّل الليلة إلى احتفاء بالوطن وأرجائه. تنوع الأداء بين «السامري» و«الينبعاوي» و«سامر وادي الدواسر» وفن «الربش»، وهو فن غنائي يؤديه الرجال والنساء بالزي التقليدي لمنطقة جازان، جنوب المملكة. وهو أيضاً ما جسده عرض أغنية «سعوديون» الذي تضمن فلكلور عدد من مناطق المملكة؛ من شمالها، وجنوبها وشرقها وغربها.

غير أن مفاجأة الحفل جاءت مع أغنية «عديت في مرقب»، وهي من التراث السعودي. انطلقت الأغنية بمصاحبة رقصة تراثية، ثم تحولت النغمات فجأة إلى الطابع الغربي. وتنفرد مغنية من الكورال بأداء بديع لأغنية أديل «رولينغ إن ذا ديب»، لتسحر الحاضرين بعمق وجمال صوتها وتمكُّنها من أغنية صعبة الأداء.

يمكن القول إن الفقرة جمعت السعودية وبريطانيا بمنتهى البراعة، وكانت من اللحظات التي سيتذكرها كل من حضر الحفل.

جانب من جمهور الحفل (هيئة الموسيقى)

المزج بين الموسيقى السعودية والموسيقى البريطانية استمر في الفقرة الثانية من الحفل مع عزف الأوركسترا الملكي البريطاني عدداً من الألحان العالمية لكبار الموسيقيين العالميين مثل إلغار وهاندل. بعدها قدمت مغنية الأوبرا سارة كونولي أداءً رفيعاً من «أوبرا زرقاء اليمامة،» وهي أول أوبرا سعودية رافقها أداء من فن «الهجيني»، وهو أحد الفنون الشعبية الغنائية الشهيرة في مناطق شمال المملكة العربية السعودية.

في الفقرة الثانية اشترك الأوركسترا والكورال السعودي مع الأوركسترا الملكي الفلهارموني البريطاني في تقديم تشكيلة من أجمل الأغاني السعودية التي أطلقت حناجر الحاضرين بالغناء، وجعلتهم يلوحون بأضواء أجهزة الهاتف متمايلين مع النغمات.

أما ختام الحفل فكان جرعة مركَّزة من الفرح والطرب والأداء الراقص؛ إذ انتشرت الفرق الأدائية بين الصفوف بأزيائها الملوَّنة في الصالات السفلى والعليا في أداء مبهج تجاوب مع أغنية «عاشقينك» للفنان راشد الماجد.

حفل «روائع الأوركسترا السعودي» في لندن كان المحطةَ الرابعة في سلسلة الجولات العالمية للأوركسترا والكورال الوطني السعودي، التي حققت نجاحاً كبيراً في باريس بقاعة «دو شاتليه»، وعلى «المسرح الوطني» في مكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار أوبرا «متروبوليتان» في «مركز لينكولن» بمدينة نيويورك. كما شارك الأوركسترا في «مهرجان جرش الدولي للثقافة والفنون» بالأردن، و«مهرجان الموسيقى العربية» في القاهرة، و«مهرجان البحرين الدولي للموسيقى».