استطاع المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا المغربية في دورته الـ17، على مدار 6 أيام، أن يرفع شعار «تاء التأنيث» للإبداع النسائي، وجسّد من خلال عروضه للأفلام وندواته ولجنة تحكيمه، وصولاً إلى جوائزه، الحلم السينمائي بصيغة المؤنث. مسلطاً الضوء على تجارب النساء في صناعة الأفلام، ومدى هيمنة الرجل على المشهد السينمائي وعلى فرص المرأة كسينمائية وناقدة.
واختتم المهرجان فعالياته بحفل أقيم بسينما «هوليوود» بمدينة سلا القديمة، مساء السبت، واقتصر على إعلان نتائج مسابقاته الثلاث للأفلام الروائية الطويلة والتسجيلية الطويلة والجمهور الشبابي، وشارك في توزيع الجوائز فنانون مغاربة. من بينهم: محمد مفتاح، أمل عيوش، عزيز دباس، في المهرجان الذي تنظمه «جمعية أبي رقراق»، ويقام برعاية الملك محمد السادس.
وحظيت مسابقة الأفلام الروائية الطويلة باهتمام الجمهور المغربي الذي شارك بالتصويت على بعض جوائزها، وفاز الفيلم الفنلندي «جوفيدا» بالجائزة الكبرى، وتسلمتها مخرجة الفيلم كاتيا غوريلوف، وذكرت لجنة تحكيم المسابقة برئاسة المخرجة المغربية مريم توزاني في حيثيات منحه الجائزة أنه عمل مبهر بصرياً ومؤثر عن الإدماج القسري للشعوب.
وقالت مخرجة الفيلم، عقب تسلمها الجائزة، إنها تشكر فريق العمل، كما تشعر بالامتنان لوالدتها، لأنها مصدر الإلهام في أفلامها، ودارت أحداث الفيلم من خلال امرأة وابنة شقيقتها، اللتين لم تلتقيا من قبل، وتتوجهان إلى مدينة أخرى لتفريغ منزل ورثاه، وخلال مهمتهما تجد كل منهما قيمة في نفسها وجذورها.
وشاركت السينما المغربية في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بفيلمين للمرة الأولى، وفاز بجائزة أفضل ممثل الفنان خليل أوبقة، عن دوره في فيلم «على الهامش»، وأشادت لجنة التحكيم بقدرته لإتقانه الشخصية وتحولاتها المتباينة، وأهدى الفنان المغربي الشاب جائزته لكل امرأة مغربية وعربية وإلى والدته وزوجته.
وقال أوبقة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه أول جائزة رسمية يحصل عليها، مؤكداً أن شخصية ياسر المنحدر من أسرة فقيرة والهارب من منزله منذ طفولته ليعيش مشرداً بالشوارع ويتحول إلى مجرم جذبته كثيراً، خصوصاً أن به جانباً إنسانياً كونه يضحي لأجل الآخرين، لافتاً إلى أن السيناريو كُتب بطريقة جيدة، وأن تطوره الدرامي يخدم أي ممثل بسبب التحولات التي تساعد على إظهار قدرات الفنان.
وحاز فيلم «على الهامش» أيضاً على جائزة «الضفة الأخرى» لمخرجته جيهان البحار، التي تُمنح للفيلم الذي يتضمن مشاركة أكبر عدد من النساء به.
وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، حصل الفيلم الفرنسي «حكايات مدينة» للمخرجة مالوري إلوي بايسيلي على الجائزة الوحيدة للمسابقة، كما منحت لجنة التحكيم تنويهاً لفيلم «القبر الفارغ» من إخراج أغنيس ليزا ويغتر وسيسي ملاي، وعرض الفيلم لرحلة عائلتين من تنزانيا تنطلقان في رحلة بحث عن رفات أسلافهم التي تمت سرقتها.
وفي مسابقة الجمهور الشبابي، فاز الفيلم المغربي «ما الذي ينمو في راحة يدك؟» للمخرجة ضياء ببا «فئة الفيلم القصير»، والفيلم الطويل «صحارى سلم وسعى» للمخرج مولاي الطيب، ضمن برنامج «نافذة على السينما المغربية».
وحول تقييمه لهذه الدورة، قال الناقد المغربي محمد أشويكة، المشرف على برنامج الندوات بالمهرجان، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إننا «استطعنا أن نعمم الأسئلة التي بدأت خلال الدورات السابقة فيما يتعلق بالبرنامج الثقافي للمهرجان، الذي انصبّ حول قضايا خاصة بوضع المرأة، مثل وضعية المرأة الناقدة في العالم العربي، أيضاً أسئلة السينما المجرية من خلال قضايا السينمائيات بها، ثم من خلال لقاءات ثنائية خاصة بالمخرجات، وأردنا في هذه الدورة أيضاً سؤال المرأة من وجهة نظر ذكورية بلقاء (حوار السينمائيين) الذي جمع بين المخرج عبد الحي العراقي، والفنانتين أمل عيوش وكارولين روكاردي».
وبشأن تأثير تقليص ميزانية المهرجان لهذه الدورة، يرى أن هذا انعكس على عدد الضيوف، لكنها لم تؤثر على ما خططنا له، ونأمل أن تشهد الدورة المقبلة انفتاحاً على عدد ضيفات أكبر، وأيضاً التجديد فيما يتعلق بالمحاور التي نطرحها، والتي تنصبّ حول المرأة كمبدعة ومدى إتاحة الفرص لها للتعبير عن همومها وطموحاتها.
وكانت لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة قد منحت جائزتها الخاصة لفيلم «أنيمال» للمخرجة اليونانية صوفيا إكسارشو، التي كتبت أيضاً السيناريو، كما منحت بطلته «ديمترا فلاجوبولو» جائزة أفضل ممثلة.
وذهبت جائزة العمل الأول للفيلم الأميركي «جود ون» من إخراج وسيناريو إنديا دونالدسون، الذي تناول قصة مراهقة في رحلة تخييم خلال عطلة نهاية الأسبوع تواجه صراع والدها وأقدم أصدقائه، فيما حصل فيلم «لغة أجنبية» على تنويه خاص لمخرجته الفرنسية كلير بيرجر.