«كريستيز» أول دار مزادات دولية في السعودية

المومني لـ«الشرق الأوسط»: الرياض وجهة للاستثمارات الفنية

‎مجموعة من المنحوتات... عمل تركيبي خاص للفنان أحمد ماطر بتكليف من «وادي الفن» بالعلا (كريستيز)
‎مجموعة من المنحوتات... عمل تركيبي خاص للفنان أحمد ماطر بتكليف من «وادي الفن» بالعلا (كريستيز)
TT

«كريستيز» أول دار مزادات دولية في السعودية

‎مجموعة من المنحوتات... عمل تركيبي خاص للفنان أحمد ماطر بتكليف من «وادي الفن» بالعلا (كريستيز)
‎مجموعة من المنحوتات... عمل تركيبي خاص للفنان أحمد ماطر بتكليف من «وادي الفن» بالعلا (كريستيز)

أعلنت دار «كريستيز» للمزادات عن تعيين نور كيلاني مديراً عاماً في السعودية، للإشراف على خدمة عملاء «كريستيز» المحليين؛ وذلك عقب حصول الدار على الترخيص التجاري لمزاولة أعمالها في المملكة؛ لتصبح بذلك أول دار مزادات دولية في البلاد.

وفي حوار خاص مع الـ«الشرق الأوسط»، أكد الدكتور رضا المومني، رئيس «كريستيز» للشرق الأوسط وأفريقيا، قوة الجاذبية الفنيّة التي تتمتع بها العاصمة السعودية، وأضاف قائلاً: «زرت الرياض مرات عدة واكتشفت فيها طاقة فريدة لا تمتلكها أي وجهة أخرى في الوقت الحاضر. حيث شكلت المدينة انعكاساً للتطورات الثقافية والفنية التي تشهدها المملكة العربية السعودية بشكل عام والمتمثلة في المبادرات الكبيرة، مثل (بينالي الدرعية للفن المعاصر)، و(نور الرياض)، و(المتحف السعودي للفن المعاصر)، وغيرها من المتاحف التي أعلنت وزارة الثقافة عن افتتاحها خلال المرحلة المقبلة».

وتابع المومني: «تعمل الرياض على تطوير مشهد فني نابض من خلال استثمارات عدة في هذا المجال، مثل (حي جاكس) الذي يشكل مركزاً رائعاً للإبداع؛ لاحتضانه استوديوهات فنية ومعارض توفر بيئة ترعى الفنانين وتدعمهم، وهذا يجعلنا متفائلين جداً بمستقبل الرياض وجهةً متميزةً للاستثمارات الفنية، ونتوقع تكشُّف المزيد من الفرص في هذا المجال».

المشهد المحلي

وفيما يتعلق بمشهد الحركة الفنية المحلية، يقول المومني: «لطالما كان المشهد الفني والإبداعي في المملكة العربية السعودية قوياً، يتضح ذلك من خلال إنتاج أعمال متميزة تعكس التقاليد المحلية للبلد وقضاياها الاجتماعية والثقافية التي تبوأت مكانة مرموقة على الساحة الدولية للفن الحديث والمعاصر، وبالإضافة إلى ذلك تشهد المملكة اليوم نهضة فنية معاصرة جديدة بقيادة فنانين سعوديين ينهلون من تراثها العريق ويستفيدون من دعم المبادرات والمؤسسات والشبكات الفنية».

ويتابع: «في منتصف القرن العشرين برزت أسماء مهمة، أمثال منيرة موصلي، ومحمد السليم وعبد الحليم رضوي، الذين ابتكروا أشكالاً فنية معاصرة جديدة ارتكزت على تراثهم العريق، وأصبحوا قدوة لجيل من الفنانين المعاصرين المتميزين، من أمثال أحمد ماطر، ومنال الضويان، ومها ملّوح وسعيد قمحاوي، الذين يواصلون بدورهم إرساء مكانة الفن السعودي على الساحة الدولية ويلهمون جيلاً استثنائياً جديداً من الفنانين الشباب، وتشكل هذه الاستمرارية والأعمال الفنية الطموحة التي يقدمها الجيل الجديد دليلاً على قوة المشهد الفني السعودي، الذي كان وسيبقى محوراً للحركات الفنية إقليمياً ودولياً».

تعيين نور كيلاني مديراً عاماً لدار «كريستيز» في السعودية (كريستيز)

ولأن الدار العالمية أسست مع مرور الزمن قاعدة متنامية من العملاء السعوديين، سواء من المقيمين داخل المملكة أو خارجها، كان لزاماً علينا سؤال المومني عنهم ليجيب قائلاً: «عملاؤنا الحاليون على دراية جيدة بسوق الفن – إذ إنهم من أبرز جامعي الأعمال الفنية ويألفون عمليات البيع والشراء في المزادات من خلال المبيعات الخاصة. علاوةً على ذلك، هناك عدد كبير من جامعي القطع الفنية في مختلف الفنون ومقتني المنتجات الفاخرة، إلى جانب ذلك ظهرت شريحة جديدة من المزايدين من جيل الألفية خلال السنوات القليلة الماضية».

ويضيف: «كان العملاء السعوديون من أبرز المشترين في سوق الفن الشرق أوسطية الحديثة والمعاصرة (إلى جانب الإماراتيين والخليجيين بصورة عامة)، وذلك قبل دخول العملاء الدوليين إلى هذه السوق ومن خلال تجربتي، لاحظت مستوى عالياً من الخبرة لدى العملاء السعوديين، سواءً في الأعمال الناشئة أو الإسلامية أو التاريخية أو في مجال الساعات الفاخرة».

ولا يكتفي جامعو الأعمال الفنية في المملكة بجمع القطع الفنية فقط، كما يوضح المومني، بل يسهمون في دعم الفنانين، ورفع مستوى الوعي بالفنون والفنانين في منطقة الشرق الأوسط، علاوة على توظيف الأعمال التي يمتلكونها لتعزيز التبادل الثقافي على نطاق عالمي. عن ذلك يقول: «أنا أواظب على القيام بزيارات منتظمة للعملاء في جميع أنحاء المملكة، وأحرص كذلك على لقاء جامعي الأعمال الفنية القدامى والعملاء الجدد، وأجد متعة بالاستفادة من خبراتهم الجديدة وأيضاً حين أستمع إلى قصصهم الخاصة بجمع الأعمال الفنية».

الدكتور رضا المومني مع الفنان السعودي أحمد ماطر (كريستيز)

مكتب السعودية

وحول الدافع الرئيسي وراء خطة «كريستيز» لافتتاح أول مكتب لها في السعودية، يقول المومني: «خلال السنوات الأخيرة شهدت المنطقة نمواً ملحوظاً في الفنون والثقافات والاقتصادات، وبرزت المملكة لاعباً رئيسياً في هذا النمو، وعلى ضوء هذه التطورات الفريدة، قررنا افتتاح مكتب لنا هنا». كما أشار المومني إلى أن هذه الخطوة تأتي استكمالاً للنجاح الذي حققه معرض أعمال الفنان السعودي الدكتور أحمد ماطر الذي استضافته دار «كريستيز» في لندن مؤخراً، بالإضافة إلى مشاركتهم الفاعلة في «بينالي الدرعية للفن المعاصر» هذا العام، مضيفاً: «لقد كنا بصدد الإعداد لهذه الخطوة منذ بعض الوقت».

لكن هل ستقتصر معارض «كريستيز» القادمة على الرياض فقط؟ يجيب المومني: «ستزاول المدير العام لدار (كريستيز) في المملكة أعمالها انطلاقاً من مقر الدار في الرياض، والذي سيكون بمثابة قاعدة ننطلق منها لخدمة عملائنا في السعودية وسيسافر ممثلونا إلى مختلف أنحاء المملكة وسنعلن عن خططنا الخاصة بالفعاليات والمعارض في الوقت المناسب».

عمل للفنان أحمد ماطر الذي نظمت «كريستيز» مؤخراً معرضه الاستعادي (كريستيز)

وبالعودة إلى المعرض الاستعادي للفنان السعودي أحمد ماطر، الذي نظمته «كريستيز» مؤخراً في لندن، يقول المومني: «تنطوي عملية تنظيم معرض ما على الانغماس في ممارسات الفنان وأسلوبه الخاص به، وهو ما ينطبق بشكل خاص على حالة الدكتور ماطر الذي تعكس أعماله الحياة السعودية المعاصرة وتجاربها من خلال عينيه. وقد أتاح لي إعداد هذا المعرض أن أتفحص من كثب أعماله الفنية؛ الأمر الذي عمّق من فهمي للمشهد الفني السعودي المعاصر، وبالتالي لثقافة المملكة وتاريخها».

في ختام حوارنا سألنا المومني إن كانت «كريستيز» تخطط لتنظيم المزيد من المعارض الاستعادية لفنانين سعوديين آخرين؟ فقال: «سنواصل سعينا للارتقاء بمستوى الوعي بالفن العربي عبر منصاتنا الدولية ومكاتبنا الـ46 حول العالم، حيث يتيح لنا هذا الانتشار الجغرافي مواصلة تعزيز الوعي بالمواهب الفنية في المنطقة. ونعمل باستمرار على تقييم مبادراتنا والتخطيط لمعارض مستقبلية لتسليط الضوء على الأصوات المتنوعة والديناميكية في المجتمع الفني، ونتطلع إلى خططنا لعام 2025 في الرياض ولندن».


مقالات ذات صلة

انطلاق هاكاثون «تعلُّم واحتضان اللغة العربية» بالرياض

يوميات الشرق الهاكاثون يُمثِّل فرصةً مثاليةً لتطوير تجارب تعليمية تفاعلية تُعزِّز من تعلُّم اللغة العربية (وزارة الثقافة)

انطلاق هاكاثون «تعلُّم واحتضان اللغة العربية» بالرياض

تستضيف الرياض فعاليات هاكاثون «تعلُّم واحتضان اللغة العربية» الذي تنظمه وزارة الثقافة السعودية خلال الفترة بين 18 و19 سبتمبر الحالي في مقر «بينالي الدرعية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان (الشرق الأوسط)

ولي العهد السعودي يُلقي الخطاب الملكيّ السنوي في «الشورى»

نيابةً عن الملك سلمان بن عبد العزيز، يلقي الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد السعودي، الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة الـ9 لمجلس الشورى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في الرياض (واس)

السعودية تُسمّي 2025 «عام الحِرف اليدوية»

أقرّ مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، تسمية 2025 «عام الحرف اليدوية»، للاحتفاء بقيمتها الفريدة في الثقافة السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في الرياض (واس)

السعودية تؤكد ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وتفعيل آليات المحاسبة الدولية

شدَّد مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، على أهمية وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تُعدّ حافة العرمة آخر حوافّ هضبة نجد من الشرق ويبلغ أقصى ارتفاع للعرمة 805 أمتار (واس)

«المواقع الجيولوجية السعودية»... تنوّع فريد ودلائل على استيطان بشري قديم

تزخر السعودية بعديد من المواقع الجيولوجية الثمينة التي تعكس التنوّع البيئي الفريد، وتفتح نوافذ علمية واستكشافية إلى ما تختزنه من كنوز حضارية وثروات طبيعية.

عمر البدوي (الرياض)

«سوق الجونة السينمائي» يعزز فرص الإنتاج المشترك للأفلام

جانب من سوق الجونة السينمائي خلال الدورة الماضية (إدارة المهرجان)
جانب من سوق الجونة السينمائي خلال الدورة الماضية (إدارة المهرجان)
TT

«سوق الجونة السينمائي» يعزز فرص الإنتاج المشترك للأفلام

جانب من سوق الجونة السينمائي خلال الدورة الماضية (إدارة المهرجان)
جانب من سوق الجونة السينمائي خلال الدورة الماضية (إدارة المهرجان)

يستعد مهرجان الجونة السينمائي بمصر لإقامة برنامج «سوق الجونة» الذي ينطلق ضمن فعاليات دورته السابعة لاستقبال أكبر عدد من صناع السينما وشركات الإنتاج والتوزيع والمؤسسات المختصة، وذلك بعدما حققت الفكرة نجاحاً كبيراً لدى تنفيذها خلال الدورة السادسة للمهرجان.

ومن المقرر أن تبدأ فعاليات السوق هذا العام تحت إشراف مدير البرنامج المنتج محمد تيمور، في الفترة من 26 - 30 أكتوبر (تشرين الأول)، بمشاركة نحو 22 شركة، ليسجل زيادة ملحوظة عن دورة العام الماضي، كما تضم السوق شركات من عدة دول عربية، من بينها مصر ولبنان والسودان وفلسطين والمملكة العربية السعودية.

وتتبنى سوق الجونة السينمائي هذا العام رؤية تعمل على إتاحة فرص جديدة لجميع العارضين من شركات الإنتاج والتوزيع للتواصل مع نظرائهم، ومع زائري السوق من المنطقة وشتى أنحاء العالم، من أجل تحقيق المزيد من النجاح الإقليمي والعالمي لمشروعاتهم الإنتاجية المختلفة.

كما تتاح الفرصة أمام المشاركين للتواصل مع خبراء صناعة السينما، واستعراض الأنشطة والخدمات السينمائية التي تقدمها شركاتهم، بما يساهم في المزيد من فرص الإنتاج السينمائي المشترك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقال عمرو منسي، المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لمهرجان الجونة السينمائي، إنه «عبر السنوات برز دور مهرجان الجونة السينمائي باستمرار، كقوة رائدة في صناعة السينما، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، وقد تم إنشاء سوق الجونة السينمائي لفتح آفاق عمل أوسع، وخلق شراكات إنتاجية أكبر».

وأضافت ماريان خوري، المديرة الفنية لمهرجان الجونة السينمائي، أن «سوق الجونة السينمائي تم تصميمها لتعزيز فرص التواصل تحت منصة واحدة من خلال دعوة شركات الإنتاج والتوزيع ووكالات المبيعات ومنصات المشاهدة ومبرمجي المهرجانات والمنظمات والمؤسسات الراعية للصناعة لعرض إبداعاتهم»، وفق بيان للمهرجان.

ويرى الناقد الفني المصري خالد محمود أن «وجود سوق الفيلم في المهرجانات الكبرى أمر مهم في تحقيق التفاعل بين شركات الإنتاج والتوزيع، كما أنه متنفس لمشاريع الأفلام الجديدة، والتعرف على التكنولوجيا الحديثة في صناعة الأفلام»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أسواق المهرجانات أحياناً تشهد أفلاماً تكون أهم كثيراً من الأفلام الموجودة بالمهرجان؛ لكون السوق مركزاً لجميع الإنتاجات التي لم تأخذ فرصتها على الشاشة الرسمية للمهرجان، ويتم الاتفاق على تسويقها، مثلما يحدث في مهرجان برلين السينمائي».

ويلفت محمود إلى أن «مصر كانت قد فقدت علاقتها بالسوق السينمائية بمختلف مهرجاناتها، لكن إطلاق سوق الجونة منذ دورتها الماضية يشكل حركة مهمة؛ كونها تتيح الاطلاع على إنتاجات عديدة من كل دول العالم»، مشيراً إلى أن «توجه مهرجان الجونة للتوسع في فعاليات سوق المهرجان يؤكد أنه يسير بشكل موازٍ لما يحدث في المهرجانات السينمائية الكبرى».