مهندسون مصريون يحتفلون بـ«المولد النبوي» بمجسّمات تراثية من الخشب

«الحصان» و«العروسة» الأبرز

شخصيات «الليلة الكبيرة» من أعمال الفنانين أسامة عمر ومحمد مسعود (الشرق الأوسط)
شخصيات «الليلة الكبيرة» من أعمال الفنانين أسامة عمر ومحمد مسعود (الشرق الأوسط)
TT

مهندسون مصريون يحتفلون بـ«المولد النبوي» بمجسّمات تراثية من الخشب

شخصيات «الليلة الكبيرة» من أعمال الفنانين أسامة عمر ومحمد مسعود (الشرق الأوسط)
شخصيات «الليلة الكبيرة» من أعمال الفنانين أسامة عمر ومحمد مسعود (الشرق الأوسط)

الفوانيس بأشكالها المختلفة، الأقواس والنجوم والحصان والجَمل، الألعاب والأطعمة الشعبية، الدبابة والعسكري الرافع علامة النصر، هي بعض من نماذج لمجسّمات يدوية مختلفة الأحجام باتت تنتشر في البيوت والشوارع والمراكز التجارية بالقاهرة، في المناسبات والأعياد الدينية والوطنية؛ تعبيراً عن الفرحة وتعزيزاً للأجواء الاحتفالية.

مجسّم لـ«عروسة المولد» بدلاً من الحلوى التي تؤكل (الشرق الأوسط)

وفي «المولد النبوي الشريف» وهو أحد أهم الاحتفالات الإسلامية في مصر، تبرز المجسّمات الخشبية والمنسوجات اليدوية لرموز وأمكنة لطالما ارتبطت بهذه المناسبة، ومنها «عروس المولد» و«الحصان» و«الفارس» والألعاب البهلوانية والمنشدون والمدّاحون، والبيوت المزخرفة، فضلاً عن شخصيات أوبريت «الليلة الكبيرة»، والأرجوحة والألعاب المزدانة بعبارات دينية وألوان مبهجة.

حصان المولد (الشرق الأوسط)

وبسبب الخوف من تلوث الحلوى المصنوعة على شكل حصان أو عروس، بدأت منذ سنوات ظهور «عروسة المولد» وسائر اللعب في صورة جديدة؛ فقد تم صنعها من البلاستيك، وأحياناً يتم استيرادها من الخارج.

ومن هنا استلهم مهندس الديكور أسامة عمر فكرة أحد المشروعات المتخصصة في صنع المجسمات الاحتفالية، وذلك مع شريكه المهندس محمد مسعود؛ حيث يقومان بعمل مجسّمات يدوية من الخشب للعب المولد وغيرها من المناسبات مثل عيدَي الفطر والأضحى، وعيد الأم، ورأس السنة الميلادية، والحج و العمرة، وذكرى انتصار 6 أكتوبر (تشرين الأول)، والاحتفال بمولود جديد، وأعياد الميلاد، أو التخرج.

ويعد عمر المجسّمات الخشبية هي أفضل تطور لصنع العناصر والمفردات الاحتفالية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كانت اللعب البلاستيكية صناعة الآلة، خالية من الروح والإبداع، كما أنها لا تعكس الهوية المصرية الخالصة، على العكس من المنتجات الخشبية الحرفية المستلهمة من التراث، من حيث العناصر أو التقنيات المستخدمة».

ويتابع: «عندما أقوم بتصميم هذه الأعمال لا أبحث عن مجرد أشكال جمالية مبهجة تسعد الصغار، لكنها رغبة مني في التعبير عن استمرار التزاوج الدائم بين الماضي والحاضر، والتأكيد على حضور التراث واستمرار الجذور بقوة في كل مناحي الحياة، رغم سطوة التكنولوجيا والتطور».

«عروسة المولد» العصرية (الشرق الأوسط)

من جانبهما، قرر الفنانان نقل ذاكرة الماضي إلى وقتنا الحاضر من خلال أعمال فنية مستلهمة من الفلكلور والتراث، واستندا في ذلك إلى دراستهما الأكاديمية في كلية الفنون التطبيقية بالقاهرة، ومعايشتهما بـ«عين الفنان» البيئة المحيطة ومخزونهما البصري وفق المهندس أسامة عمر... «نقدم أعمالاً يدوية بنسبة 100 في المائة ونعتبر أنفسنا قد أسسنا لفن جديد أطلقنا عليه اسم (أرتكاتو)»، بحسب وصف المهندس محمد مسعود الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «يتميز هذا الفن باستعادة الفلكلور المصري عبر المزج بين الأساليب التقنية القديمة، والرؤى المعاصرة، والخامات الطبيعية؛ للمحافظة على تراثنا من الاندثار».

مجسّم الأرجوحة من صنع الفنانين أسامة عمر ومحمد مسعود (الشرق الأوسط)

ويستهدف الفنانان مختلف الفئات الاجتماعية في المنطقة العربية، من كل الأعمار، خصوصاً هؤلاء الذين عاصروا الفلكلور أو يتمسكون باستمراره، وهم أيضاً من يحرصون على نقله للأبناء والأحفاد.

ووفق مسعود: «فإنهم يبحثون ويدرسون التصميم بحسب المناسبة، وكيفية ارتباطنا بها عن طريق عاداتنا وتقاليدنا، ومن هنا نبدأ التصميم من البيئة، ثم نكيّفها بخاماتنا وأدواتنا؛ وصولاً إلى شكل وألوان تناسب جميع الأذواق والأعمار، وتكون أصعب مرحلة هي مرحلة وضع اللمسات الأخيرة؛ إذ نعمل عليه بضعة أشهر؛ ليظهر بالصورة المناسبة للجمهور».

تسجل شخصيات أوبريت «الليلة الكبيرة» حضورها دوماً في المناسبات المختلفة، أو هي القاسم المشترك بينها؛ وهو ما يفسره مسعود قائلاً: «المصريون متأثرون بها، ومتعلقون بها للغاية، نستمتع بمشاهدتها من دون ملل؛ لقيمتها الفنية، ولما تثيره من أجواء بهجة وفرحة، وقد اندمجت بصفتها جزءاً سعيداً في الذاكرة الاحتفالية بالمولد النبوي الشريف؛ لذلك نقدم مجسّمات متنوعة مستلهمة منها».

بهجة وفرحة تبثهما شخصيات أوبريت «الليلة الكبيرة» في المولد (الشرق الأوسط)

يستخدم الفنانان في أعمالهما الخشب «الفنلندي»، و«الموسكي»، يقول مسعود: «يقبل الماء على سطحه، وغير ضار عند ملمسه، عكس الخشب المخلط، أو الكارتون المضغوط والطباعة، وغير ذلك»، ويتابع: «كما نستخدم الألوان الأكريليك والفرش من الأنابيب والأقلام، ونضيف طبقة من الورنيش؛ نوعاً من الحماية الكاملة للمنتج».

وفي ورشتها بحي الدرب الأحمر العتيق وسط القاهرة التاريخية، تصنع الفنانة نصرة حسن المجسّمات الخشبية والكليم لرموز احتفالية في المناسبات المختلفة، بأدوات يدوية بسيطة لا تتعدى المقص والمشرط والمسطرة والخيوط والنول والأخشاب، مستلهمة التراث المصري، وتبدو لمن يراها كأنها انتُزعت من قلب البيئة المصرية إلى أرفف العرض في ورشتها.

الفنانة نصرة حسن داخل ورشتها (الشرق الأوسط)

في هذه المجسمات تبرز قدرة الفنانة المصرية على ملامسة التفاصيل العريقة المنسية من تفاصيل فلكلورية ووحدات زخرفية تنضح بعبق الماضي ورائحة التاريخ؛ «حتى تضفي البهجة على الأسرة المصرية على رغم الأزمة الاقتصادية»، على حد تعبيرها.


مقالات ذات صلة

ملك المغرب يعفو عن 742 محكوماً بمناسبة ذكرى المولد النبوي

شمال افريقيا ملك المغرب خلال ترؤسه حفلاً دينياً في الرباط (ماب)

ملك المغرب يعفو عن 742 محكوماً بمناسبة ذكرى المولد النبوي

أصدر الملك محمد السادس عفواً عن مجموعة من الأشخاص، منهم المعتقلون والموجودون في حالة سراح بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
يوميات الشرق أضواء تنير القيروان

الأنوار تغمر مدينة القيروان بمناسبة المولد النبوي الشريف

تلألأت الأنوار في مدينة القيروان التونسية في عرض صوتي وضوئي ضخم يحاكي السيرة النبوية العطرة، ليبث مهرجان المولد النبوي الشريف الذي تحتضنه المدينة أجواء روحية راقية بين أكثر من 600 ألف زائر توافدوا من تونس والبلدان العربية المجاورة، وحضروا احتفال هذه السنة بالمولد النبوي. وتواصلت الاحتفالات إلى غاية يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لتحول المدينة ذات التاريخ الإسلامي العريق إلى عاصمة للمشاعر الدينية والإحساس الروحي الراقي.

المنجي السعيداني (تونس)

مستشفى سعودي يجري أول عملية زراعة قلب بالروبوت في العالم

السعودية تجري أول عملية زراعة قلب كاملة بالروبوت في العالم (واس)
السعودية تجري أول عملية زراعة قلب كاملة بالروبوت في العالم (واس)
TT

مستشفى سعودي يجري أول عملية زراعة قلب بالروبوت في العالم

السعودية تجري أول عملية زراعة قلب كاملة بالروبوت في العالم (واس)
السعودية تجري أول عملية زراعة قلب كاملة بالروبوت في العالم (واس)

نجح فريق طبّي في مستشفى الملك فيصل التّخصصي ومركز الأبحاث في العاصمة السعودية الرياض، بقيادة الجراح السعودي الدكتور فراس خليل، استشاري جراحة القلب، ورئيس قسم جراحة القلب، في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة بالروبوت في العالم، لشاب في مقتبل العمر.

وبعد 3 ساعات من بدء العملية، أنجز الفريق الطبي هذه المهمة التي تمثل تحولاً نوعياً في الممارسات الجراحية لزراعة القلب، والتّحول من شق القفص الصدري الذي يفرض على المريض فترة تعافٍ طويلة تمتد لأسابيع، وربما أشهر، وتقيّده من ممارسة أبسط أنشطته اليومية، إلى استخدام تقنيات الروبوت، التي تتيح إجراء العملية بأقل تدخل جراحي ممكن، ما يُخفّف من الألم، ويختصر من فترة التعافي، كما يَحِدّ من احتمالات الإصابة بالمضاعفات، محققاً بذلك قفزة نوعية في تحسين جودة حياة المرضى وتسريع استعادة صحتهم.

تحضيرات وإعدادات استمرت أسابيع قبل إنجاز المهمة (الشرق الأوسط)

يُعزّز نجاح العملية وتجاوز التحديات الطبية والتعقيدات التي تصحبها، مكانة السعودية وريادتها في مجال الرعاية الصحية، وتبرز قدرة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث على ابتكار ممارسات طبية تعزز نتائج العلاج وتجربة المريض.

ويتطلّب إجراء هذه الخطوة الالتزام بعدد من الإجراءات لتهيئة فرصة أكبر لنجاحها، بدءاً بالتخطيط النظري المفصّل لضمان الدقة، وتقليل المخاطر المحتملة، وابتكار منهجية جراحية للوصول إلى القلب، وإتمام عملية الاستئصال وزراعة القلب للمريض من دون شق القفص الصدري، تلا ذلك تطبيقها افتراضياً 7 مرات متتالية خلال 3 أيام للتثبّت من نجاعة المنهجية المبتكرة.

وبعد الحصول على موافقة اللجنة الطبية بالمستشفى، وموافقة ذوي المريض، شرع الدكتور فراس خليل بتشكيل فريق طبي لإنجاز المهمة، متخذاً من الانسجام والتناغم بين أفراد الفريق أولوية، وقبل دخول غرف العمليات، قدّم قائد الفريق شرحاً تفصيلياً لخطة العملية، موضحاً دور كل فرد بدقة، ما يضمن سلامة المريض ونجاح العملية.

الجراح السعودي الدكتور فراس خليل (وزارة الإعلام)

يُعد الجراح السعودي، الدكتور فراس خليل، من أشهر الكفاءات العالمية في استخدام الروبوت في إجراء عمليات القلب، وهو واحد من ضمن 3 جراحين اختارتهم الشركة المصنعة لروبوتات دافنشي «الروبوت الجراح» لتدريب الأطباء حول العالم على استخدام تقنية الروبوت، في إجراء عمليات القلب المفتوح، والجراحات الدقيقة والمعقدة.

واختارته الهيئة العالمية لزراعة القلب ضمن 7 أطباء، لكتابة القواعد والأُسس لعلاج أمراض القلب، وفشل القلب الصناعي، وذلك بعد نجاحه حتى عام 2022 في إجراء أكثر من 200 عملية باستخدام الروبوت.

مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض (الشرق الأوسط)

واستقطب المستشفى آخر إصدار من جهاز «دافنشي» (الروبوت الجراح)، لأول مرة عام 2019 لإجراء عمليات القلب الدقيقة والمعقدة، التزاماً منه بالاستفادة من أحدث التقنيات الطبية المتاحة لتطوير الأداء وخدمة المريض. ومكّن نخبة من كوادره للتدرّب على التعامل المثمر مع هذه التقنيات وتوظيفها بشكل علمي وعملي في تحقيق قفزات نوعية على مستوى تحسين نتائج العلاج، وتجربة المريض، وكفاءة التشغيل.

وينضمّ هذا الإنجاز الجديد إلى سلسلة نجاحات، سجّلها المستشفى على صعيد تطوير أدائه في مجال الرعاية الصحية، وقدرته على ابتكار ممارسات طبية تعزّز نتائج العلاج وتجربة المريض. ويأتي المستشفى في المرتبة الأولى في الشرق الأوسط وأفريقيا، والمرتبة الـ20 عالمياً، للسنة الثانية على التوالي، ضمن قائمة أفضل 250 مؤسسة رعاية صحية أكاديمية حول العالم، والعلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في المملكة والشرق الأوسط، وذلك حسب «فاينانس براند» (Finance Brand) لعام 2024، كما صُنّفته مجلة نيوزويك (Newsweek) في العام نفسه من بين أفضل 250 مستشفى في العالم.

وقال الدكتور ماجد الفياض، الرئيس التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث: «يُعدّ هذا الإنجاز تطوراً مهماً في عمليات زراعة القلب، منذ اللحظة التاريخية التي شهد فيها العالم إجراء أول عملية زراعة قلب في ستينات القرن الماضي»، مشيراً إلى أن «نجاح أول عملية زراعة قلب باستخدام الروبوت يمثّل تحولاً، ليس في مسيرة (التّخصصي) فقط، بل في مسار المملكة أيضاً نحو الريادة العالمية في الطب التخصصي، بما يتماشى مع (رؤية 2030) التي تضع الابتكار في صميم جهودها لتحسين جودة الحياة».

وأضاف أن «ما تحقّق اليوم من إنجاز نوعي لم يكن ليتحقق لولا الدّعم المتواصل من قيادتنا التي جعلت تطوير القطاع الصّحي في صدارة أولوياتها، ومهَّدت الطريق لتحقيق نقلة نوعية في مستوى الخدمات الصحية، وفتح آفاقٍ جديدة لتحسين جودة حياة المرضى محلياً ودولياً».