فؤاد يمين لـ«الشرق الأوسط»: «هينة العيشة هيك» فكرة عالقة في حلقي منذ زمن

تتضمن المسرحية وقفة مع الذات عبر قصص من حياته

يتناول يمّين في المسرحية موضوعات حياتية (الشرق الأوسط)
يتناول يمّين في المسرحية موضوعات حياتية (الشرق الأوسط)
TT

فؤاد يمين لـ«الشرق الأوسط»: «هينة العيشة هيك» فكرة عالقة في حلقي منذ زمن

يتناول يمّين في المسرحية موضوعات حياتية (الشرق الأوسط)
يتناول يمّين في المسرحية موضوعات حياتية (الشرق الأوسط)

وحيداً على الخشبة، يقف الممثل فؤاد يمين حكواتياً يروي القصة تلو الأخرى من مواقف حصلت معه أو مع رفاق له. وبرفقة شاشة تلفزيون وكرسي خشبي يؤلفان ديكور المسرحية، يستهل يميّن عرض مسرحيته «هينة العيشة هيك» على مسرح «دوار الشمس» في بيروت.

ذكريات بالجملة يرويها على طريقته، اختارها من مراحل مختلفة في حياته. وفي كتيّب صغير يوزّع على رواد المسرح يشرح: «جمعت في هذا العرض قصصاً من هنا وهناك حصلت معي، وكذلك مع عائلتي وأصدقاء لي، جوجلتها في خيالي لتؤلف عرض (هينة العيشة هيك)». ويوضح يمين لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما نلجأ إلى الخيال لإكمال المشهد الدرامي. ولكن في المسرحية كان عنصراً أساسياً للتّخفيف من وطأة القصص التي أرويها على الحضور. فالناس ترتاد المسرح كي تروّح عن نفسها وتستمتع بالعرض. وبعض هذه القصص كان ثقل أحداثها يطغى على محتواها».

يروي قصصاً ومواقف واجهها في حياته (الشرق الأوسط)

في المسرحية التي كتبها بنفسه، يمرّر رسائل عدة، بينها اجتماعية وعائلية ودينية وسياسية وغيرها. يقف عند كل منها في قصة مشوقة يرويها بأسلوبه العفوي، يجلس ويركع ويصرخ ويضحك ويتحدث مع ضيفه (فؤاد يمين بهيئة أخرى) على شاشة التلفزيون بين وقت وآخر.

ويحكي لنا عن دور هذا الضيف الافتراضي: «يمثّل الشخص العلمي الذي لا يتأثر بالمشاعر. فيضع النقاط على الحروف لقصة أرويها، يحدد معناها في الواقع. عباراته وجمله المختصرة دقيقة لإيصال الحقيقة. وفي أحد المشاهد يصمت، فالموقف مؤثر لا جدوى من التعليق عليه».

وتشمل هذه القصص مراحل من طفولته ومدرسته الداخلية. وأول لقاءاته مع الحب والصدمات والوحدة . ويطلّ فيها على عادات وتقاليد لبنانية عريقة. ولا ينسى أن يذكر عبرها أسوأ 5 مواقف واجهها في حياته. «كل ما أرويه في المسرحية هو حقيقي وصحيح. ففكرة المسرحية تتخمّر في ذهني منذ زمن طويل. كانت عالقة في حلقي، أرغب في إخراجها كي أرتاح».

وعما إذا كان ابنه وسيم ملهمه لكتابة قصة «هينة العيشة هيك»، يردّ لـ«الشرق الأوسط»: «وأنا أكتب المسرحية تراءت لي علاقتي بابني وسيم. كل أب يخاف على ولده، ويتمنى له الأفضل. فلا يواجه مواقف مشابهة لما عاشه. فالإنسان يولد طيباً، لكن الحياة تتدخل؛ تجرحه مرات وتصدمه مرات أخرى، فيتحول إلى شرير. وأتمنى أن تلطف الدنيا بابني، فلا يواجه مشكلات تكسره وتحوّله إلى شخص سيئ».

فؤاد يمين في مسرحيته «هينة العيشة هيك» (الشرق الأوسط)

من العبارات التي يستخدمها يمين في المسرحية كواحد من عناوينها العريضة «الشيطان في هيئة ملاك». وهي ناتجة عن أشخاص التقاهم في حياتهم، وكانت صدمته كبيرة عندما اكتشف حقيقتهم. فالقصة التي دفعته لكتابة «هينة العيشة هيك» ترتكز في الأساس عليها. ويقول: «اكتشاف هذا النوع من الناس في حياتنا أعدّه مشكلة كبيرة. تترك عندنا جرحاً لا يلتئم، خصوصاً إذا ما وثقنا بهم وشعرنا بالمحبة تجاههم».

المسرحية وقفة مع الذات. يفضفض فيها فؤاد يمين ما يسكنه من ألم ووجع. فهل شعر بالسلام والراحة بعدها؟ يردّ: «هناك جزء أساسي في الفن، وتحديداً في المسرح يكون بمثابة علاج نفسي. وفي هذه المسرحية حملت أوجاعي ومشاكلي وألّفت منهما قصة العمل. وبذلك رويت معاناة قد تعكس أيضاً أخرى، لبعض من جمهور يحضرني، فيشاركوني مشاعري وكأني أخاطبهم بلسان حالهم. لعبة المسرح ترتكز على الإحساس. وهو ما يسمح للحضور بإعطائه مساحة تعبير حرّة».

أكثر من مرة يلاحظ مشاهِد المسرحية علاقة فؤاد يمين برب العالمين. فما كان قصده من ذلك؟ يوضح: «برأيي الإنسان لا يستطيع أن يحيا من دون العلاقة الروحانية. من دونها يشعر بأن هناك فراغاً في حياته، فتصبح مادية وأرضية تتعبه وتقلق أيامه. أما الجزء الروحاني فيها فيولّد عنده السلام مع الذات».

في الدقائق العشر الأخيرة من المسرحية يبلغ أداء فؤاد يمين ذروته. يلبس أكثر من شخصية، ويقدم عرضاً مرصعاً بفنون درامية مختلفة. وينهي يميّن المسرحية بمحطة خفيفة الظل يؤكد فيها أن لا أحد يولد شريراً. ويعدّ جملة من الشخصيات السياسية اللبنانية التي برأيه ولدت طيبة، ولكن الحياة غيّرتها. وأرفق هذا المشهد بقبعة برّاقة على رأسه وبمظلة يمسكها كإكسسوار للوحة الغنائية الراقصة التي يقدمها. ونسمع التصفيق الحار من قبل الحضور إعجاباً بالمشهدية. ويختم: «أدرك تماماً بأن لا شيء سيتغير بعد هذه المسرحية. فالفن لا يجد الحلول، ولكنه يخبرنا عن موقعنا نحن البشر. الحياة عندما نمزج فيها بين الحقيقة والخيال، تصبح أسهل وتطبّق عنوان العمل (هينة العيشة هيك). فأن نغمض عيوننا ونَعيش، فهذه هي الطريقة الأسهل لتجاوز المصاعب. ولكن عندما نفتح أعيننا ولا نسكت عن الظلم، يصبح العنوان (أحلى الحياة هيك)».


مقالات ذات صلة

ميوزيكال «كلو مسموح» بالعربي يعيد كارول سماحة إلى المسرح

يوميات الشرق المنتجة نايلة الخوري (فريق مسرحية «كلو مسموح»)

ميوزيكال «كلو مسموح» بالعربي يعيد كارول سماحة إلى المسرح

أغان وموسيقى ومرح ورقص ومقالب طريفة على متن سفينة مغادرة من أميركا إلى إنجلترا، يسافر عليها خليط مجنون من المغامرين، بينهم المغنية والعاشق والقسّ وأفراد عصابة

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق السرير أبرز ملامح الديكور بالعمل (القاهرة التجريبي)

«ضوء»... رحلة فلسفية تبحث عن الحقيقة

لفتت المسرحية السعودية «ضوء» التي تُعرض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «القاهرة الدولي للمسرح التجريبي» الأنظار إليها بقوة.

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان أحمد راتب قدم مسيرة حافلة (حساب لمياء راتب على فيسبوك)

لمياء أحمد راتب: والدي أفنى عمره في المسرح... وتكريمه تأخر كثيراً

بعد شكوى لمياء أحمد راتب المتكررة من تجاهل تكريم والدها في أي محفل فني مصري أعلن مهرجان «القاهرة للمسرح التجريبي» عن تكريمه خلال حفل الختام.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج أبو حدبة كتب المسرحية وأخرجها (مخرج العمل)

«ميوزيكال»... راني أبو حدبة يجمع ذكريات «شارع الحمرا»

شارع الحمراء في بيروت من أكثر الأماكن التي يحمل منها اللبنانيون على اختلاف أعمارهم ذكريات جمّة، اكتسب شهرته من مقاهيه وصالاته السينمائية ومسارحه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً.

أحمد عدلي (القاهرة )

«رفعت عيني للسما» و«الفستان الأبيض» يمثلان مصر في «الجونة السينمائي»

فيلم «الفستان الأبيض» يشارك في مهرجان الجونة (إدارة المهرجان)
فيلم «الفستان الأبيض» يشارك في مهرجان الجونة (إدارة المهرجان)
TT

«رفعت عيني للسما» و«الفستان الأبيض» يمثلان مصر في «الجونة السينمائي»

فيلم «الفستان الأبيض» يشارك في مهرجان الجونة (إدارة المهرجان)
فيلم «الفستان الأبيض» يشارك في مهرجان الجونة (إدارة المهرجان)

اختار مهرجان الجونة السينمائي أول فيلمين مصريين للمشاركة في دورته السابعة، المقررة إقامتها في الفترة من 24 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 1 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وأعلن المهرجان في بيان، الأربعاء، عن اختيار فيلم «رفعت عيني للسما» من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير، للمشاركة في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، وفيلم «الفستان الأبيض» لينافس في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وهو العمل الروائي الطويل الأول للمخرجة جيلان عوف.

وشارك فيلم «رفعت عيني للسما» في برنامج مهرجان الجونة لدعم إنتاج الأفلام خلال الدورة الماضية، وتلقى دعماً في فئة الأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج. وكان عرض الفيلم الأول في مسابقة أسبوع النقاد في الدورة الـ77 لمهرجان كان السينمائي، وحصل على جائزة العين الذهبية؛ ليصبح أول فيلم مصري يحصد تلك الجائزة. وفق بيان المهرجان.

وتدور قصة الفيلم حول مجموعة من الفتيات في قرية صغيرة بمحافظة المنيا (جنوب مصر)، قمن بتشكيل فرقة مسرحية تجوب الشوارع في تحدٍ لتقاليد المجتمع المحافظ الذي يعيشون فيه، منتقدين بعض العادات والممارسات الاجتماعية السيئة عبر عروضهم في الشارع.

وأعربت ندى رياض مخرجة الفيلم، عن سعادتها بأن يكون العرض الأول للفيلم في مصر والمنطقة من خلال مهرجان الجونة السينمائي، بعد عرضه في مهرجان كان، وقالت في كلمة تضمنها بيان المهرجان أن «مهرجان الجونة السينمائي احتضن العمل منذ كان مشروعاً في مرحلة ما بعد الإنتاج».

فيما أبدى المخرج أيمن الأمير حماسه للمشاركة بالفيلم في مهرجان الجونة، وعدّ هذه المشاركة الخطوة الرئيسية الأولى قبل عرض الفيلم على نطاق واسع في دور العرض المصرية.

فيلم «رفعت عيني للسما» يناقش قضايا متنوعة في صعيد مصر (إدارة مهرجان الجونة)

وتدور أحداث الفيلم الروائي «الفستان الأبيض» حول عروس تدعى وردة تبحث عن فستان أبيض في الليلة التي تسبق زفافها، الأمر الذي يقودها لخوض مغامرة لإعادة اكتشاف المدينة وعلاقتها بها.

وعن الفيلم تقول مخرجته جيلان عوف: «هذا الفيلم، كما يوحي عنوانه بالإنجليزية، The Inevitable Journey to Find a Wedding Dress كان بمثابة رحلة مليئة بالتقلبات بالنسبة لشخصياته من ناحية، وبالنسبة لنا بصفتنا صُنَّاعه من ناحية أخرى، حتى ننجزه ونرى سحره يتكشَّف أمامنا على الشاشة». معبرة عن سعادتها بأن يكون العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان الجونة السينمائي.

ويسعى المهرجان إلى عرض الأفلام المصرية ذات الموضوعات الإنسانية المتفردة التي تتخطى حدود مجتمعاتها المحلية وتتواصل مع الثقافات المغايرة، وفق البيان. ويهدف مهرجان الجونة السينمائي إلى عرض مجموعة متنوعة من الأفلام من جميع أنحاء العالم، مع التركيز على السينما العربية، كما يسعى إلى تعزيز التواصل بين الثقافات من خلال فن صناعة الأفلام.

كما يستهدف ربط صناع الأفلام من المنطقة بنظرائهم الدوليين بروح التعاون والتبادل الثقافي، وأيضاً يعمل على توفير منصة لصناع الأفلام لعرض أعمالهم، بالإضافة إلى اكتشاف مواهب فنية جديدة تثري صناعة السينما.