كيف تكيَّفت «حلوى المولد» مع التضخّم في مصر؟

أسعارها شهدت زيادات «مقبولة» رغم موجة الغلاء

أحد المحال الفاخرة يبيع «حلوى المولد» (الشرق الأوسط)
أحد المحال الفاخرة يبيع «حلوى المولد» (الشرق الأوسط)
TT

كيف تكيَّفت «حلوى المولد» مع التضخّم في مصر؟

أحد المحال الفاخرة يبيع «حلوى المولد» (الشرق الأوسط)
أحد المحال الفاخرة يبيع «حلوى المولد» (الشرق الأوسط)

رغم ارتفاع أسعار «حلوى المولد النبوي الشريف» في مصر بنسبة نحو 15 في المائة مقارنةً بأسعار العام الماضي، وصف تجار وزبائن هذه الزيادة بأنها «مقبولة» في ظلّ التضخّم وغلاء الأسعار الذي تعانيه البلاد، لكن كيف تكيّف الزبائن مع تضخّم أسعار هذه الحلوى التي تشهد إقبالاً لافتاً حالياً؟

تتفاوت أسعار «حلوى المولد» وفق نوعية المتاجر والأحياء التي تُباع فيها؛ فبينما يبدأ سعر العلبة وزن كيلو من 130 جنيهاً (الدولار الأميركي يعادل 48.5 جنيه مصري) بالمناطق الشعبية، فإنّ أنواع الصناديق الفاخرة ببعض العلامات التجارية الشهيرة يصل متوسّط أسعارها إلى نحو 3 آلاف جنيه.

ورأى المستشار الإعلامي للغرفة التجارية المصرية، محمود العربي، أنّ «تراجع معدّلات التضخّم هذا العام مقارنةً بالعام الماضي، كان وراء ارتفاع أسعار هذه الحلوى بنسب مقبولة، بعدما استطاع صنّاعها الاستفادة من الاستقرار النسبي في الأسعار»، وفق تصريحه لـ«الشرق الأوسط».

حلواني في وسط القاهرة (الشرق الأوسط)

التفاوت اللافت في أسعار «حلوى المولد النبوي الشريف» بمصر، ردَّه العربي إلى «أسباب عدّة؛ من بينها نوعية الخامات المستخدمة في صناعتها، وجودتها، وإيجار المحال، وأجور العمال، وشكل تغليفها وتسويقها، بجانب زيادة أسعار الفستق، والكاجو والبندق وعين الجمل، وجميعها تُستَورد من الخارج بالعملة الصعبة».

وانخفض التضخّم السنوي العام إلى 25.7 في المائة، والأساسي إلى 24.4 في المائة بشهر يوليو (تموز) من العام الحالي، وذلك للشهر الخامس على التوالي. ورغم استمرار التضخّم المرتفع في السلع غير الغذائية، فإنّ الانخفاض الكبير في التضخّم السنوي للسلع الغذائية لا يزال يدفع التضخّم العام نحو الانخفاض، وفق بيان البنك المركزي المصري.

شادر بيع «حلوى المولد» في ميدان السيدة زينب (الشرق الأوسط)

وسجّل المعدّل السنوي لتضخّم السلع الغذائية 29.7 في المائة بشهر يوليو 2024، وهو أدنى معدّل له منذ نحو عامين، ما يعكس الأثر الإيجابي لفترة الأساس بعد معدّلات التضخّم المرتفعة خلال عام 2023.

وأفاد البنك المركزي المصري في بيان له يوم 5 سبتمبر (أيلول) الحالي، بأنَّ «التضخّم يسير حالياً في مسار نزولي، كما يشير تباطؤه إلى عودة معدّلات التضخّم الشهرية إلى نمطها المعتاد بفعل سياسات التشديد النقدي الأخيرة، مع تراجع تأثير صدمات سعر الصرف والعرض السابقة».

زيادات طفيفة في أسعار«حلوى المولد» (الشرق الأوسط)

وهو ما عدَّه تجار وخبراء اقتصاد سبباً رئيسياً لعدم تحقُّق القفزات في أسعار «حلوى المولد» هذا العام، فقد أعلنت متاجر بيع علبة تحتوي على «قرص حمص صغير، وقطعتي فولية وقطعتي سمسمية وقطعتي سوداني، وقطعة حمصية وقرص علف صغير وقطعتي لديدة و2 حمام و2 بسيمة سادة و2 نوغا و2 ملبن سادة و2 ملبن عين الجمل و2 بندقية وقطعة لوزية» بسعر 430 جنيهاً.

أحد المحال الفاخرة يبيع «حلوى المولد» (الشرق الأوسط)

وفي إحدى سلاسل المتاجر الشهيرة، بلغ سعر علبة «صينية المولد» 34 قطعة 2700 جنيه مصري، وسعر «صندوق المحروسة» 78 قطعة 2950 جنيهاً مصرياً.

ووفق العربي، فإنّ «حلوى المولد» التي تُباع في شوادر ومحال تجارية بمناطق متوسّطة وشعبية تكون أسعارها منخفضة لعدم تحمّلها تكاليف إضافية، بل يصبح الموسم فرصة لتحقيق أرباح جيدة مع حرص المصريين على شراء هذه الحلوى المميّزة.

وأكد رئيس مجلس إدارة شعبة الحلويات بالغرف التجارية، صلاح العبد، في تصريحات صحافية، «ارتفاع أسعار حلويات المولد النبوي هذا العام مقارنة بالعام الماضي بنسبة 10 في المائة للحلوى التي تقلّ أسعارها على 400 جنيه للكيلو، و15 في المائة للحلوى الفاخرة التي تزيد على 500 جنيه للكيلو»، مضيفاً أنّ «ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من السكر ومختلف أنواع المكسرات هو السبب وراء زيادة الأسعار».

وبلغ سعر السكر في السوق المصرية بيوليو (تموز) الماضي، نحو 21 جنيهاً للكيلو، لكنَّ سعره زاد ليبلغ في الوقت عينه من العام الحالي 36 جنيهاً للكيلو، وهو ما يعدُّه المحلّل الاقتصادي إلهامي الميرغني، أحد أسباب ارتفاع أسعار «حلوى المولد»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «وفقاً لنشرة الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن يوليو 2024، يتّضح أنّ الأسعار ارتفعت بنسبة 28.6 في المائة لمجموعة الطعام والشراب ما بين يوليو 2023 ويوليو 2024، كما ارتفعت مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 22.2 في المائة عن العام الماضي».

وتشتهر أماكن في القاهرة ببيع «حلوى المولد»، منها ميدان السيدة زينب العتيق الذي تجوّلت فيه «الشرق الأوسط»، ورصدت تجاور الشوادر التي تضمّ أصنافاً مختلفة من المكوّنات والنكهات والألوان في مشهد يفتح الشهية ويبعث البهجة في النفس.

وفي ميدان المنيب (جنوب الجيزة)، ثمة شادر كبير لبيع «حلوى المولد»، تتراوح أسعار علب الحلوى فيه بين 150 و250 جنيهاً، وتتأثر أسعار العبوات وفق ربيع سعد، صاحبه، بمستوى الجودة، ونوع الخامات التي تدخل في تصنيعها، كما يقول لـ«الشرق الأوسط».

شوادر «حلوى المولد» تمتد في ميدان السيدة زينب (الشرق الأوسط)

بدورها، تشهد منطقة باب البحر إقبالاً كبيراً من التجار والمستهلكين لشراء «حلوى المولد»، إذ تُعدّ قبلة لجميع التجار والمواطنين لشرائها بأسعار مخفَّضة.

يُذكر أنّ الفاطميين هم أول مَن احتفل بالمولد النبوي في مصر خلال حكمهم قبل نحو ألف عام.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري يصل إلى أبوظبي ويؤكد مناقشة ملفات إقليمية مع الإمارات

الخليج بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة المصري (وام)

وزير الخارجية المصري يصل إلى أبوظبي ويؤكد مناقشة ملفات إقليمية مع الإمارات

أكد عبد العاطي على هامش زيارته للإمارات، اليوم، عمق العلاقات بين مصر والإمارات، لافتاً إلى النمو والتطور المستمرين اللذين تشهدهما على مختلف الأصعدة.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة المفاوضات حول السودان التي عقدت في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لفتح معابر حدودية إضافية

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان»، السبت، دعوتها الأطراف السودانية لفتح معابر حدودية إضافية بما في ذلك معبر «أويل» جنوب السودان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

مصر: هل يُمكن أن تتصدى الفتاوى الدينية لمسائل ينظمها القانون؟

مرة أخرى تتصدر الفتاوى الدينية الجدل في مصر، إثر إحالة أستاذ بجامعة الأزهر للتحقيق في فتواه بـ«إباحة سرقة الكهرباء والمياه والغاز».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال لقاء وزيري «الري» و«الأوقاف» بهدف التوعية بالمياه (الري المصرية)

«الري المصرية» تستعين بالمؤسسات الدينية للحض على ترشيد المياه

قررت وزارة الري المصرية الاستعانة بالمؤسسات الدينية في البلاد، لتكثيف حملات التوعية بترشيد استخدامات المياه.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق أعمال المعرض استدعت اللوحات المصرية القديمة (الشرق الأوسط)

مقتنيات المتحف المصري تُلهم 86 فناناً عربياً وأجنبياً مجد الحضارة

من بين الأعمال المميّزة في المعرض لوحة تمثّل فتاة ترتدي الأزرق، يشبه زيّها الزيّ البدوي، مُمثِّلةً التداخل بين الأزياء المصرية القديمة والفلسطينية والبدوية.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«برك موت» في قاع البحر تقتل كل شيء «فوراً»

أعماق البحار تطفح بالأسرار (ناسا)
أعماق البحار تطفح بالأسرار (ناسا)
TT

«برك موت» في قاع البحر تقتل كل شيء «فوراً»

أعماق البحار تطفح بالأسرار (ناسا)
أعماق البحار تطفح بالأسرار (ناسا)

قد تساعد أعماق البحر الأحمر المظلمة في الإضاءة على أصول الحياة بفضل اكتشاف مذهل توصّل إليه العلماء مؤخراً.

ووفق «الإندبندنت»، توصّل فريق من الباحثين في جامعة ميامي بالولايات المتحدة إلى قاع البحر الضيّق الواقع بين شبه الجزيرة العربية وأفريقيا، واكتشفوا هناك بحيرات كثيفة ومالحة تُعرف بـ«برك الموت».

ويبدو هذا الاسم المثير للقلق مناسباً؛ نظراً إلى أنّ هذه البرك النادرة تُعدُّ من بين أكثر البيئات تطرُّفاً على وجه الأرض، حيث تتشكّل في قاع البحر، وتتّسم بدرجة ملوحة عالية جداً إلى حدّ لا يمكن تخيّله، كما أنها لا تحتوي على أي أكسجين.

هذه بيئة غير مضيافة على الإطلاق؛ فأي حيوان يضلُّ طريقه إلى مياهها المالحة يُصاب بصدمة أو يُقتل على الفور. ومع ذلك، فإنها لا تزال مليئة بالميكروبات الحيّة، مما قد يوفّر رؤى حول كيفية بدء الحياة على كوكبنا، وكيف يمكن أن تتطوّر الكائنات في البيئات الغنيّة بالماء خارجه.

وفي تصريح لمجلة «لايف ساينس»، قال أستاذ الجيولوجيا البحريّة في جامعة ميامي الذي قاد دراسة حول هذه الاكتشافات، سام بوركيس: «فهمنا الحالي هو أنّ الحياة نشأت على الأرض في أعماق البحر، ومن المرجّح بشدّة أنّ ذلك حصل في ظروف خالية من الأكسجين»، مضيفاً: «تُعدُّ البرك المالحة في أعماق البحر نظيراً رائعاً للأرض في بدايتها. ورغم أنها خالية من الأكسجين وارتفاع نسبة الملوحة فيها، فإنها تعجُّ بمجتمع غنيّ من الميكروبات التي تُسمَّى بالميكروبات المتطرِّفة، وهي تلك التي تفضّل الظروف القاسية».

وتابع: «تتيح دراسة هذا المجتمع لمحة عن شكل الظروف التي ظهرت فيها الحياة للمرّة الأولى على كوكبنا، كما أنها قد توجّه البحث عن الحياة في عوالم مائية أخرى في نظامنا الشمسي وما وراءه».

ومضى بوركيس يقول إنه إذا لم يكن كل ذلك كافياً، فإنّ هذه البرك قد تؤدّي أيضاً إلى اكتشافات ميكروبية يمكن أن تقود إلى تطوير أدوية جديدة.

وأوضح: «عُزلت بعض الجزيئات التي تتمتّع بخصائص مضادة للبكتيريا والسرطان سابقاً من ميكروبات أعماق البحر التي تعيش في البرك المالحة».

ووفق «لايف ساينس»، اكتُشف عدد قليل فقط من البرك المالحة في أعماق البحر بجميع أنحاء العالم، وتتراوح مساحتها من بضعة آلاف من الأقدام المربّعة إلى نحو ميل مربع (2.6 كيلومتر مربع). وعلاوة على ذلك، ثمة 3 مسطّحات مائية فقط من المعروف أنها تحوي هذه البرك النادرة، وهي خليج المكسيك، والبحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر.