الحالة الثقافية في السعودية تسجل نمواً في الإنتاج الثقافي بقطاعاته المختلفة

استقرار مستويات المشاركة الثقافية وتراجع نشاط النشر الأدبي

معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2023 (واس)
معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2023 (واس)
TT

الحالة الثقافية في السعودية تسجل نمواً في الإنتاج الثقافي بقطاعاته المختلفة

معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2023 (واس)
معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2023 (واس)

كشف تقرير حديث للحالة الثقافية في السعودية عن أن عام 2023 اتّسم بغزارة في الإنتاج الثقافي في معظم المجالات، كما تظهره إحصائيات نمو الإنتاج المسرحي والسينمائي وفي العروض الأدائية، وهو ما يمكن ربطه بشكل مباشر بفاعلية ودور الدعم والتمكين الذي يتمتع به القطاع الثقافي في السعودية اليوم.

ولفت التقرير إلى أن السّمة الأبرز للحالة الثقافية خلال عام 2023، هي العودة إلى البناء التدريجي، وترسخ ممارسات التمكين والصون في القطاع الثقافي، وأن النمو لم يأتِ في شكل اندفاعة سريعة ووقتية، بل يأتي استقراراً في معظم مجالاته، مع بوادر لثمار العمل المؤسسي الذي انطلق منذ بضعة أعوام.

تظهر إحصائيات التقرير نمو الإنتاج المسرحي والسينمائي والعروض الأدائية خلال 2023 (واس)

وأورد التقرير عن ارتفاع مساهمة القطاع الثقافي في الاقتصاد السعودي، بنمو تجاوز 20 في المائة، لافتاً إلى قدرة القطاع على الخروج من الارتباط بالتحديات الاستثنائية التي واجهها منذ عام 2020، بسبب تأثيرات جائحة «كورونا»، وهو ما يظهر في تعافي مساهمة القطاع الذي وصل إلى 35 مليار ريال، تمثل 1.49 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، مقترباً من حجم إسهامه عام 2019، وهي البيانات التي تنشر لأول مرة؛ لتؤكّد سرعة اتجاه التعافي في عام ما بعد الجائحة. واستعرضت النسخة الخامسة من تقرير الحالة الثقافية في المملكة 2023، الذي أصدرته وزارة الثقافة في السعودية، الثلاثاء، تحت عنوان «الاستدامة في القطاع الثقافي»، مؤشرات العام الماضي من النشاط الثقافي الذي انعكس في زيادة مشجعة لمستويات الإقبال على الخدمات والمنتجات الثقافية، والفرصة الواعدة لتحوِّل المشاريع الثقافية إلى أعمالٍ مستدامة ذات مردود مالي سريع النمو.

ضاعفت وزارة الثقافة من جهود تطوير القدرات الثقافية للسعوديين (واس)

عكست مؤشرات الإنتاج في النشر والترجمة السعودية مستويات متفاوتة خلال عام 2023، ففي حين رصد التقرير تراجعاً في نشاط النشر الأدبي، وانخفاضاً لمعدلات النشر الأدبي للمؤلفين السعوديين، وصل إلى أدنى مستوياته منذ عام 2019، شهدت نسبة النشر الخارجي للمؤلفين السعوديين اتجاهاً إيجابياً، حيث بلغت 22 في المائة من إجمالي النشر الأدبي للعام الحالي. وبلغ الإنتاج البحثي والنشر العلمي في الحقول الثقافية أعلى مستوى له خلال السنوات الأربع الماضية؛ حيث نُشر 405 بحوث في مجلات علمية محكمة، ويعود 82 في المائة منها لباحثات وباحثين ينتسبون إلى الجامعات ومؤسسات داخل المملكة، ونشرت غالبيتها في المجلات العلمية الصادرة عن الجامعات السعودية. في حين جاء معظم الإسهام البحثي الدّولي في المجلات العلمية الصادرة عن المراكز البحثية والمؤسسات السعودية بنسبة 36 في المائة، والأمر نفسه مع إسهامات الباحثين المستقلين التي بلغت 7 في المائة، في حين سجلت مبادرة «ترجم» أعلى نسبة نمو منذ انطلاقها، بلغت 74 في المائة، وبمشاركة ضعف عدد دور النشر المشاركة في العام الماضي.

تمثل حماية وصون التراث الثقافي والطبيعي أبرز التحديات البيئية التي تواجه القطاع (واس)

وسلط التقرير الضوء على عدد من التحديات التي تتطلّب مزيداً من الجهود لمعالجتها، والتي يمكن تأطيرها من خلال مفهوم الاستدامة الشامل؛ حيث تتمثل التحديات في تحقيق التوازن بين الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ابتداءً من تحديات المركزية الجغرافية وضعف التوازن في توزيع الأنشطة الثقافية، مروراً بمدى قدرة القطاع الثقافي لأن يكون مساحة لجميع الفئات الاجتماعية بشكل متكافئ، بالإضافة إلى البعد الاقتصادي الذي لا يزال قطاعه بحاجة إلى استكمال توفير البيئة التنظيمية لتشجيع الاستثمار فيه.

وأشار التقرير إلى أن واحداً من أبرز التحديات البيئية التي تواجه القطاع، تتمثل في حماية وصون التراث الثقافي والطبيعي في ظل التغيرات البيئية والمناخية، إذ يتنامى الإدراك الدولي بما يمثله التغير المناخي من تهديد المواقع التراثية، وبالتالي ضرورة العمل بشكل استباقي لحماية هذه المواقع التي تحمل قيمة ثقافية وتاريخية مهمة.


مقالات ذات صلة

فيصل بن فرحان يبحث مع بوريل وسيجورنيه المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

فيصل بن فرحان يبحث مع بوريل وسيجورنيه المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع جوزيب بوريل ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، الأربعاء، التطورات على الساحة الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جانب من مراسم إعلان المشاريع التنفيذية والتخطيطية المشتركة بين وزارة الثقافة وهيئة الترفيه (الشرق الأوسط)

شراكة سعودية بين «الثقافة» و«الترفيه» لتنمية القدرات وتعزيز جودة الحياة

كشفت وزارة الثقافة وهيئة الترفيه في السعودية عن باقة من المشاريع التنفيذية والتخطيطية المشتركة بينهما، التي سيتم تنفيذها وفق أربعة مسارات رئيسية.

«الشرق الأوسط»
الخليج ولي العهد السعودي خلال أدائه صلاة الميت على الأميرة لطيفة بنت عبد العزيز في جامع الإمام تركي بالرياض (واس)

ولي العهد السعودي يؤدي صلاة الميت على لطيفة بنت عبد العزيز

أدّى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الأربعاء، في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، صلاة الميت على الأميرة لطيفة بنت عبد العزيز.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيرته الأسترالية بيني وونغ (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وأستراليا يبحثان سبل تعزيز العلاقات الثنائية

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيرته الأسترالية بيني وونغ، الأربعاء، سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج محور فيلادلفيا المحاذي للحدود المصرية مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

السعودية تدين التصريحات الإسرائيلية بشأن «محور فيلادلفيا»

دانت السعودية واستنكرت بشدة التصريحات الإسرائيلية بشأن محور فيلادلفيا، والمحاولات العبثية لتبرير الانتهاكات المتواصلة للقوانين والأعراف الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كشف أسباب بقاء هياكل الديناصورات سليمة لملايين السنين

عملية ترميم جزء من بقايا أحد الديناصورات (جامعة لشبونة)
عملية ترميم جزء من بقايا أحد الديناصورات (جامعة لشبونة)
TT

كشف أسباب بقاء هياكل الديناصورات سليمة لملايين السنين

عملية ترميم جزء من بقايا أحد الديناصورات (جامعة لشبونة)
عملية ترميم جزء من بقايا أحد الديناصورات (جامعة لشبونة)

كشفت دراسة جديدة لعلماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأميركية عن سر بقاء هياكل الديناصورات سليمة لملايين السنين، رغم احتواء الهياكل إلى جانب الكولاجين على روابط كيميائية عمرها الافتراضي لا يزيد على 500 عام.

الدراسة التي أجراها البروفسور رون رينز وزملاؤه ونشرت، الأربعاء، في مجلة «إيه سي إس سنترال ساينس»، أماطت اللثام عن سرٍّ خفي لهذه الكائنات المثيرة للإعجاب؛ فالقوة الفريدة للكولاجين قد تكون ناتجة عن بنية جزيئية تحمي هذه الروابط الضعيفة من الهجوم بواسطة الماء الموجود في البيئة.

والكولاجين هو البروتين الأكثر وفرة في الحيوانات، ويوجد في الجلد والأنسجة الضامة، مثل الغضاريف والعظام.

وسبق أن استخرجت شظايا الكولاجين من عظام حفريات عمرها 68 مليون عام من الديناصور «تيرانوصور ريكس» (Tyrannosaurus rex)، وكذلك اكتُشفت في هيكل عظمي للديناصور «لوفينجسوصورس» (Lufengosaurus) الذي يبلغ عمره 195 مليون عام.

ويتكون الكولاجين من خيوط بروتينية - سلاسل من الأحماض الأمينية - تشكل معاً حلزونات ثلاثية، وعلى غرار الحبل، تتشابك هذه الحلزونات بدورها لتكوين مادة ليفية قوية. وعند تعرضها للماء، تتحلّل الروابط الببتيدية التي تربط الأحماض الأمينية عادة في عملية تعرف باسم التحلل المائي، ولكن عند دمج الببتيدات في الكولاجين، لا تحدث هذه العملية المدمرة.

تصوّر فني يظهر تيرانوصور ريكس في كامل هيئته (جامعة بورتسموث)

وشاعت تفسيرات مختلفة، لكن رون رينز وزملاءه شعروا بأن هذه النظريات تفتقر إلى أساسٍ فيزيائي وكيميائي لمقاومة الروابط الببتيدية في الكولاجين، مثل تلك المحفوظة في عظام الديناصورات القديمة. ليبدأ الفريق من خلال الدراسة الأخيرة في ملء هذه الروابط المفقودة.

وباستخدام الأساليب التجريبية والحسابية، فحص رون رينز وزملاؤه سلوك محاكيات الجزيئات الصغيرة لببتيدات الكولاجين. وعلى وجه الخصوص، درسوا التفاعلات بين إحدى المجموعات الكيميائية الفعالة في الجزيئات، التي تحتوي كل منها على ذرة كربون مرتبطة برابطة مزدوجة بذرة أكسجين. ووجدوا أن كل مجموعة تشارك جزئياً إلكتروناتها مع مجموعة كيميائية أخرى مجاورة.

وأشارت النتائج إلى أن مثل هذه التفاعلات تحمي كل رابطة ببتيدية في حلزون ثلاثي الكولاجين من التحلّل المائي، وبالتالي تظلّ هذه البنية العجيبة قادرة على البقاء سليمة.

ويقول الباحثون إن الدروس المستفادة من الاستقرار الذي توفره هذه التفاعلات يمكن أن تساعد في تصميم مواد أخرى جديدة طويلة العمر بشكل استثنائي.