«استدامة القطاع الثقافي» محور النسخة الـ5 من تقرير الحالة الثقافية في المملكة

يرصد الحراك الثقافي السعودي عبر 6 فصول في الإصدار

النسخة الخامسة من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2023» (وزارة الثقافة)
النسخة الخامسة من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2023» (وزارة الثقافة)
TT

«استدامة القطاع الثقافي» محور النسخة الـ5 من تقرير الحالة الثقافية في المملكة

النسخة الخامسة من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2023» (وزارة الثقافة)
النسخة الخامسة من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2023» (وزارة الثقافة)

اختارت وزارة الثقافة في السعودية، موضوع استدامة القطاع الثقافي عنواناً للنسخة الخامسة والجديدة من تقرير «الحالة الثقافية» في المملكة الذي اعتادت الوزارة إصداره سنوياً؛ لرصد الحراك الثقافي السعودي خلال العام المنصرم، مع حصر أهم وأبرز تطوراته، ومنجزاته، والتحديات التي تواجهه.

وأصدرت وزارة الثقافة (الثلاثاء) النسخة الخامسة من تقرير «الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2023»، وأتاحت لجميع المهتمين الاطّلاع على تفاصيله التي تتوزع عبر أكثر من 300 صفحة، تقدم قراءة منهجية للحالة الثقافية تُبيّن التحديات، وترصد المنجزات، عبر 6 فصول هي: الإدارة والصون، والإبداع والإنتاج الثقافي، والمعارف والمهارات، والمشاركة الثقافية، والاقتصاد الإبداعي، والاستدامة في القطاع الثقافي.

ويُشير مفهوم الاستدامة في القطاع الثقافي إلى الجهود المبذولة من قِبل جميع الفاعلين لحماية وصَون التراث الثقافي والطبيعي من أخطار التلف والتدهور والاندثار، والعمل على تعزيز الجدوى الاقتصادية للأنشطة والمهن ذاتِ الصلة بالثقافة والتراث، وتوسيع دائرة المشاركة الثقافية لمختلف فئات المجتمع.

وقد دأَبَ تقريرُ الحالة الثقافية منذ نسخته الأولى في عام 2019 على رصد إسهام القطاع الثقافي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بجوانبها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، حيث يرصد فصلُ الإدارة والصون جهود حفظ وتوثيق التراث الثقافي والطبيعي، في حين يرصد فصل المشاركة الثقافية تنوُّعَ وشمولَ فُرصِ الانخراط في المجال الثقافي لمختلف أطياف المجتمع، كما يُسلّط فصلُ الاقتصاد الإبداعيّ الضوءَ على الإسهامات الاقتصادية للقطاع الثقافي بمختلف مكوناته، والجهود المبذولة لتحفيز نموه.

وفي هذه النسخة من التقرير يأتي فصلُ الاستدامة امتداداً لهذا الاهتمام، ومُكمِّلاً لما ترصده بقيةُ فصول التقرير، حيث يتركز اهتمام هذا الفصل على العلاقة بين المجال الثقافي والبيئة المحيطة به، تأثُّراً وتأثيراً، لا سيّما في ظل التغيرات البيئية والمناخية التي تشكل خطراً على مختلف أوجه النشاط البشري، ويُسلّط الضوءَ على واقع الاستدامة البيئية في مختلف مكونات القطاع الثقافي؛ مستعرضاً الآثار المحتملة للتغير المناخي على التراث الثقافي، وأبرز المبادرات السّاعية إلى التخفيف من هذه الآثار، كما يتناول واقع الاستدامة في القطاعات الثقافية كالأزياء، والعمارة، والتّصميم، وفنون الطهي، مُركِّزاً على التحديات التي تحدُّ من التبنّي الواسع لممارسات الاستدامة، والسبل الممكنة لتعزيزها.

وقد بُنيت بقيةُ فصول التقرير في نسخته الحالية على الأبعاد نفسها التي طُوّرت في التقرير السابق، حيث يتناول التقريرُ كل بُعدٍ في فصل مستقل؛ بدءاً من تقييم واقع الإدارة المستدامة للتراث الثقافي، وخدمة اللغة العربية، إضافةً إلى كفاءة البنية التحتية، وتطوّرات الأُطر التنظيمية والدّعم في فصل «الإدارة والصون». أما الفصل الثاني «الإبداع والإنتاج الثقافي» فيقيس مستويات الإنتاج الثقافي، سواءً في النشر، أو الإنتاج السّمعي والبصري، أو الفنون والتّصاميم والمسرح وفنون الأداء، إلى جانب رصد الجوائز التي حاز عليها المبدعون محلياً ودولياً.

وأُفرد الفصل الثالث لـ«المعارف والمهارات»، متناولاً تطوّرات ومؤشرات التعليم والتدريب في المجالات الثقافية؛ نظراً للأهمية البالغة للتعليم الثقافي، ويُقدّم الفصلُ الرابع «المشاركة الثقافية» صورةً متعددة الأبعاد لمستويات المشاركة، ومدى قدرة القطاع الثقافي على الوصول إلى أطياف المجتمع المتنوعة، ولا يقتصر على سلوك المشاركة الفردية، وإنما يتلمّس مدى حيوية الانخراط الاجتماعي في القطاع عبر تناول الأنشطة غير الربحية فيه، وخُصّص خامس فصول التقرير لـ«الاقتصاد الإبداعي»، مستعرضاً ومُحلّلاً للمؤشرات الاقتصادية للقطاع من إحصائيات العمل إلى الأعمال، والسياحة، والإنفاق، والطلب.



«واسجد واقترب»... أول فيلم كرتون سعودي في مهرجان فينيسيا السينمائي

لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)
لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)
TT

«واسجد واقترب»... أول فيلم كرتون سعودي في مهرجان فينيسيا السينمائي

لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)
لوحة الفنانة نبيلة أبو الجدايل التي استُلهم منها الفيلم (إنستغرام الفنانة)

محملاً بـ31 جائزة من مهرجانات سينمائية متعددة، حقق الفيلم السعودي القصير «واسجد واقترب» خطوة جديدة نحو العالمية، بعد عرضه ضمن فعاليات مهرجان فينيسا السينمائي الدولي، يوم الجمعة الماضي. الفيلم من إخراج وإنتاج الكاتبة ثريا الشهري وابنتها الفنانة التشكيلية نبيلة أبو الجدايل.

في حديث مع «الشرق الأوسط» تؤكد ثريا الشهري أن «واسجد واقترب» يعد أول فيلم سعودي للرسوم المتحركة يشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، مبينة أن الفيلم حاز جائزة فينيس للرسوم المتحركة في برنامج سوق الأفلام في «فينيسيا برودكشن بريدج»، وجائزة «الرسوم المتحركة ذات الأهمية» في مهرجان كان السينمائي الدولي، في دورته الأخيرة.

ثريا الشهري وابنتها نبيلة أبو الجدايل في الدورة 81 من مهرجان فينيسيا السينمائي (الشرق الأوسط)

خروج عن التقليدية

تتحدث ثريا الشهري عن الفيلم، قائلة: «طريق السينما عادة ما يحبذ القصص الاجتماعية المتشابهة حول العالم، ويندر أن يختار موضوعاً دينياً؛ لأنه عادة ما تكون الشركات المعنية بالإنتاج لا ترغب في المجازفة والخروج عن المعيار التقليدي؛ لكن فيلم (واسجد واقترب) أنتجته شركتنا (الثريا للإنتاج الفني)، وهي مؤسسة من قبلي وقبل ابنتي الفنانة التشكيلية نبيلة أبو الجدايل، وبالتالي فنحن من دعم واختار موضوع فيلمنا لقوة رسالة (واسجد واقترب)».

وتوضح ثريا الشهري أن فكرة هذا الفيلم جاءت استلهاماً من اللوحة الأصلية التي رسمتها نبيلة أبو الجدايل، وحملت عنوان «واستجد واقترب»، عام 2020، إبان جائحة «كورونا»، ولاقت أصداءً بعيدة إسلامياً وعربياً؛ حيث تناولت خلو ساحات المسجد الحرام من المصلين، نتيجة الاحترازات التي اتخذتها الحكومة السعودية آنذاك. وتتابع بالقول: «نحن لا نملك أفلاماً تتحدث عن مكة المكرمة والمسجد الحرام، نظراً لحساسية هذا الموضوع وصعوبة اختيار القصة المناسبة، ولكنها تظل مسؤوليتنا نحن المسلمين في إظهار هذا الجانب الأهم في حياتنا وديننا، فليس هنالك ما هو أهم من تجسيد الروايات والقصص التي تمثلنا وتشرفنا».

الفنان جورج كلوني برفقة نبيلة أبو الجدايل ويظهر الفيلم في غلاف مجلة فرنسية شهيرة (إنستغرام الفنانة)

بين الكتابة والأفلام

وبسؤالها عن الانتقال من الكتابة إلى عالم صناعة الأفلام، تقول ثريا الشهري: «هو مجرد تغيير في الوسيلة لإيصال المعنى المطلوب، ففي النهاية الكتابة هي تعبير بفكرك، ومجال أفلام الرسوم المتحركة هو أيضاً تعبير، ولكن بالفكر والصوت والحركة، لرواية ما لا يُروى، وبطريقة تلقى عدداً أكبر من المشاهدات؛ خصوصاً في أوساط الجيل الصاعد الذي يفضل هذا النوع من التفاعل المرئي».

ويبدو غريباً أن يجذب هذا الفيلم جمهوراً عالمياً، عن ذلك تقول ثريا الشهري: «شكَّل موضوع فيلم (واسجد واقترب) عامل جذب كبير للمشاهد الأجنبي، لندرته وعدم اعتياده على رؤية الكعبة». وتشير إلى أن عين المشاهد الأجنبي لم تعتد على قصص من هذا النوع.

ابتهالات دينية

وتضيف ثريا الشهري: «كذلك فإن اختيار الموسيقى المصاحبة للفيلم كان له دور، فقد كانت عبارة عن ابتهال بالأصوات، خالٍ من الآلات الموسيقية، وصوت المؤدين -ضمن الأوركسترا الأندلسية بأمستردام- كان مؤثراً فيمن يسمعه، حتى لو لم يفهم المعنى، لوجود نغمة الحنين. مع الأخذ في الحسبان أن الأفلام عادة ما تروي حنيننا نحو المشاعر والأماكن، وعليه، فقد لعب الصوت دوره، وكان من المؤثرات التي ساهمت في فوز فيلم (واسجد واقترب) بهذا الكم من جوائز مهرجانات الأفلام الدولية في العالم».