خطر آخر لذوبان جليد القطب الشمالي... «قنبلة زئبقية عملاقة» تنتظر الانفجار

تُظهر هذه الصورة منظراً لنهر يوكون بالقرب من الحدود الكندية وإيغل بألاسكا بالولايات المتحدة في 31 مارس 2021 (رويترز)
تُظهر هذه الصورة منظراً لنهر يوكون بالقرب من الحدود الكندية وإيغل بألاسكا بالولايات المتحدة في 31 مارس 2021 (رويترز)
TT

خطر آخر لذوبان جليد القطب الشمالي... «قنبلة زئبقية عملاقة» تنتظر الانفجار

تُظهر هذه الصورة منظراً لنهر يوكون بالقرب من الحدود الكندية وإيغل بألاسكا بالولايات المتحدة في 31 مارس 2021 (رويترز)
تُظهر هذه الصورة منظراً لنهر يوكون بالقرب من الحدود الكندية وإيغل بألاسكا بالولايات المتحدة في 31 مارس 2021 (رويترز)

رأى علماء أن ذوبان التربة الصقيعية في القطب الشمالي يطلق الزئبق السام في نظام المياه، مما قد يؤثر على السلسلة الغذائية.

وتذوب التربة الصقيعية في القطب الشمالي بمعدلات سريعة، مما قد يُعرِّض السلسلة الغذائية والمجتمعات التي تعتمد عليها «لخطر جسيم»، وفق الباحثين في جامعة جنوب كاليفورنيا الذين درسوا نقل الرواسب في نهر يوكون في ألاسكا.

وفي هذا السياق، قال جوش ويست، أستاذ علوم الأرض والدراسات البيئية في كلية «دورنسيف للآداب والفنون والعلوم» بجامعة جنوب كاليفورنيا، في بيان: «قد تكون هناك قنبلة زئبقية عملاقة في القطب الشمالي تنتظر الانفجار».

مع تدفق نهر يوكون غرباً عبر ألاسكا إلى بحر بيرنغ، فإن التربة الصقيعية المتآكلة على طول الطريق تضيف رواسب مدمجة بالزئبق إلى الماء، وفقاً لدراسة نُشرت يوم الخميس في مجلة «Environmental Research Letters». وقال العلماء إن الزئبق ربما عُزل في التربة الصقيعية لآلاف السنين.

قام الباحثون بتحليل الزئبق في الرواسب على ضفاف الأنهار والحواجز الرملية، مستغلين طبقات التربة العميقة. كما استخدموا بيانات الاستشعار من بُعد من الأقمار الاصطناعية لمراقبة مدى سرعة تغيير نهر يوكون مساره -وهو أمر مهم لأنه يؤثر في مقدار الرواسب المحمَّلة بالزئبق التي تتآكل من ضفاف الأنهار وتترسب على طول الحواجز الرملية، وفقاً للورقة البحثية.

وقالت إيزابيل سميث، مرشحة الدكتوراه في جامعة جنوب كاليفورنيا دورنسيف والمؤلفة المشاركة بالدراسة، في بيان: «يمكن للنهر أن يحشد بسرعة كميات كبيرة من الرواسب المحتوية على الزئبق».

كما تعمل الأنهار على إعادة دفن كمية كبيرة من الزئبق، مما دفع الباحثين إلى تأكيد أهمية فهم كل من عمليات التآكل وإعادة الدفن. ووجد الباحثون أن إضافة المعادن السامة تشكل تهديداً بيئياً وصحياً لما لا يقل عن 5 ملايين شخص يعيشون في القطب الشمالي.

وأكد ويست أن خطر التلوث من خلال مياه الشرب ضئيل. وقال: «نحن لا نواجه موقفاً مثل فلينت بولاية ميشيغان. يأتي معظم التعرض البشري للزئبق من خلال النظام الغذائي».

ولكن التأثيرات طويلة المدى قد تكون مدمرة، خصوصاً بالنسبة لمجتمعات القطب الشمالي التي تعتمد على الصيد وصيد الأسماك، كما قال الباحثون.

ومن المتوقع أن يتراكم التأثير بمرور الوقت مع تراكم المعدن في السلسلة الغذائية، خصوصاً من خلال الأسماك والحيوانات البرية التي يستهلكها البشر.

وقال سميث: «إن عقوداً من التعرض، خصوصاً مع زيادة المستويات مع إطلاق مزيد من الزئبق، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على البيئة وصحة أولئك الذين يعيشون في هذه المناطق».

غالباً ما يُعد القطب الشمالي الخط الأمامي لتغير المناخ، حيث تشير الأبحاث الحالية إلى مجموعة كبيرة من التأثيرات التي سيخلِّفها ذوبان القطب الشمالي على بقية الكوكب.

ووجدت ورقة بحثية نُشرت في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم العام الماضي أن المنطقة تذوب بسرعة أكبر مما كان متوقعاً. ووجدت دراسة نُشرت في دورية (وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم) في يوليو (تموز) أن الأيام أصبحت أطول مع ذوبان القطبين، مما يؤدي إلى إعادة توزيع كتلة المياه التي تسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر.

وتشير دراسة حديثة للحفريات المشتقة من تحت الجرف الجليدي في غرينلاند إلى أن المنطقة كانت خالية من الجليد ذات يوم وأن الغطاء الجليدي ليس مستقراً كما كان يُعتقد سابقاً، وفقاً لدراسة نُشرت في وقت سابق من هذا الشهر في مجلة «ناتشر».

ووجدت ورقة بحثية نُشرت في مجلة «ناتشر» في عام 2019 أن ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند قد يُعرّض 400 مليون شخص لخطر الفيضانات.



أصحاب «أصح القلوب في العالم»... ماذا نعرف عن «شعب تسيماني»؟

أفراد من «شعب تسيماني» (رويترز)
أفراد من «شعب تسيماني» (رويترز)
TT

أصحاب «أصح القلوب في العالم»... ماذا نعرف عن «شعب تسيماني»؟

أفراد من «شعب تسيماني» (رويترز)
أفراد من «شعب تسيماني» (رويترز)

في أعماق غابات الأمازون المطيرة، على بُعد 600 كيلومتر شمال لاباز، أكبر مدينة في بوليفيا، يوجد «أصحاب أصح القلوب في العالم»، الذين يُعرَفون باسم «شعب تسيماني».

وبحسب شبكة «بي بي سي» البريطانية، يضم «شعب تسيماني» نحو 16 ألف شخص يمارسون القنص وصيد الأسماك والزراعة، حتى في سن الشيخوخة، حيث لاحظ العلماء أن لديهم نشاطاً قوياً جداً لا يتناسب مع أعمارهم.

وأظهرت دراسة أُجريت عام 2017 أنه لا يوجد أي شخص تقريباً من أبناء «شعب تسيماني» لديه علامات على انسداد الشرايين، حتى في سن الشيخوخة، لافتين إلى أن لديهم «أصح الشرايين التي تمت دراستها على الإطلاق، وأن أدمغتهم تتقدم في العمر بشكل أبطأ من أدمغة الناس في أميركا الشمالية وأوروبا وأماكن أخرى».

وقال فريق الدراسة إنهم «شعب لا يُصدَّق» يقضي أقل من 10 في المائة من ساعات النهار في أنشطة مستقرة، مقارنة بـ54 في المائة في المجتمعات الصناعية.

ويسير الرجال من أبناء هذا الشعب، الذين تقل أعمارهم عن 60 عاماً، نحو 17 ألف خطوة يومياً، والنساء 16 ألف خطوة. أما مَن تزيد أعمارهم على الستين فيسيرون أكثر من 15 ألف خطوة.

وبالمقارنة، يجاهد معظم الناس العاديين في مناطق أخرى من العالم للاقتراب من 10 آلاف خطوة في اليوم.

ويعيش «شعب تسيماني» على «نهر مانيكي»، على بُعد نحو 100 كيلومتر من أقرب مدينة، وهذا البُعد عن النشاط الصناعي قلل من وصولهم إلى الأطعمة المصنعة والكحول والسجائر.

ووجد الباحثون أن 14 في المائة فقط من السعرات الحرارية التي يتناولها هذا الشعب تأتي من الدهون، مقارنة بـ34 في المائة في الولايات المتحدة. كما أن أطعمتهم غنية بالألياف، بينما تأتي البروتينات من الحيوانات التي يصطادونها، مثل الطيور والقرود والأسماك. وعندما يتعلق الأمر بالطهي، فإن هذا الشعب لا يلجأ للقلي على الإطلاق.

ومع تقدم البشر في السن، يمكن أن يؤدي تراكم الدهون والكوليسترول والمواد الأخرى إلى سماكة الشرايين أو تصلبها.

وأظهرت الدراسة أن 65 في المائة من «شعب تسيماني» فوق سن 75 عاماً ليس لديهم أي كالسيوم في الشرايين التاجية. وبالمقارنة، فإن معظم الأميركيين في ذلك العمر (80 في المائة) لديهم علامات على ذلك.

وقال فريق الدراسة: «إن شرايين التسيمانيين الذين يبلغون من العمر 75 عاماً تشبه شرايين الأميركيين الذين يبلغون من العمر 50 عاماً».

وتم إجراء مرحلة ثانية من الدراسة في عام 2023، وقد وجدت أن التسيمانيين المسنين أظهروا ضموراً في المخ أقل بنسبة 70 في المائة عن الأشخاص في العمر نفسه في البلدان الصناعية مثل المملكة المتحدة واليابان والولايات المتحدة.

وقال الطبيب البوليفي دانييل عيد رودريغيز، الذي قاد فريق الدراسة: «لقد وجدنا صفر حالة من مرض ألزهايمر بين إجمالي السكان البالغين. إنه أمر رائع».

ويعتقد الباحثون بأن أفراد «شعب تسيماني» جميعاً قد أُصيبوا بنوع من العدوى بالطفيليات أو الديدان خلال حياتهم. كما وجدوا مستويات عالية من مسببات الأمراض والالتهابات، مما يشير إلى أن أجساد أفراد «شعب تسيماني» كانت تقاوم العدوى باستمرار.

وقد دفعهم هذا إلى التساؤل عمّا إذا كانت هذه العدوى المبكرة يمكن أن تكون عاملاً آخر - بالإضافة إلى النظام الغذائي وممارسة الرياضة - وراء صحة أفراد «شعب تسيماني» المسنين.