الفطرة الإنسانية بأعمال 14 فناناً في معرض بالإسكندرية

مبدعون دون الـ30 عاماً يشاركون نتاجهم لـ«أول مرة»

إحدى اللوحات ضمن المعرض (مكتبة الإسكندرية)
إحدى اللوحات ضمن المعرض (مكتبة الإسكندرية)
TT

الفطرة الإنسانية بأعمال 14 فناناً في معرض بالإسكندرية

إحدى اللوحات ضمن المعرض (مكتبة الإسكندرية)
إحدى اللوحات ضمن المعرض (مكتبة الإسكندرية)

في محاولة لاكتشاف أبعاد الفطرة الإنسانية، والبحث عن جذور البراءة والتلقائية، شارك 14 فناناً في معرض بعنوان «أول مرة #30»، المُقامة دورته الـ18 في قاعات مكتبة الإسكندرية، والمُستمر حتى 21 من أغسطس (آب) الحالي.

جميع الفنانين المُشاركين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً، وجاءت مشاركاتهم معبِّرةً عن تجارب متنوّعة في مجالات التصوير والنحت والحفر والرسم والخزف والتصوير الفوتوغرافي، عبر رؤى تشكيلية عن بداية الخلق وظهور الإنسان على الأرض.

ومن الأعمال المُشاركة، ما قدّمه الفنان إبراهيم عوض، مُستخدماً خامة الطين، إذ رآها تناسب تماماً فكرة منحوتاته التي تكشف ملامحها عن رغبة في العودة إلى أصل الحياة على الأرض، والخلاص من التشوُّهات المتراكمة في النفس البشرية عبر العصور.

مجموعة خزفية للفنانة دعاء عيد (مكتبة الإسكندرية)

بينما صوّر الفنان إيهاب فراج الإنسان في أطوار عدّة؛ مرة في سعيه للانعتاق من القيود والانطلاق لاكتشاف المجهول، وأخرى في تحرُّكه للحصول على قوت يومه. وقد استعان بصورة واحدة لشخص صنعه من المعدن، فارغ الطول، ذي ملامح حادّة، وجعله تارة محاطاً بشبكة عنكبوتية يسعى إلى تحطيمها، وأظهره تارةً بالشبكة عينها، ضمن وضعية مختلفة، ليبدو كأنه خارج على قارب يستخدمه في رحلة صيد ليكسب من خلاله لقمة عيشه.

انطلقت الدورة الأولى من المعرض عام 2006 لتجسيد فكرة جديدة لمشروع تحتضنه مكتبة الإسكندرية بعرض أعمال فنانين شباب أصحاب تجارب حديثة. وهو يختلف عن معارض الشباب الأخرى بإعطاء مساحة كبيرة لمشاركين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً لعرض تجاربهم باستفاضة، كأنّ كلاً منهم يحظى بفرصة إقامة معرض فردي خاص به.

لوحات حفر في معرض «أول مرة» (مكتبة الإسكندرية)

من الأعمال اللافتة أيضاً لوحات الفنان آدم موسى باللونين الأبيض والأسود، إذ بدت شخصياته كأنها منحوتات على سطح الأوراق؛ ملامحها بريئة وقد صوّرها بملابس شعبية كأنها قادمة من زمن قديم، تحاول استعادته من شرفاتها، بينما تنصت إلى مذياع يستعير وجوده من أثير بلا تشوّهات، بعيداً عن زمن مواقع التواصل.

الروح عينها تبدو في لوحة أخرى صوَّر فيها موسى طفلاً شارداً يجلس على كرسي في ساحة، بينما تبدو البيوت مختفيةً خلف غابة ضبابية تختلط فيها ملامح الأشياء والتفاصيل.

وإلى التصوير الفوتوغرافي، تنقلنا أعمال الفنان أحمد كوته بواقعيتها، فيصوّر مَشاهد حيّة من العاصمة المصرية، منها ما يُظهر جموع الزحام في محطة لمترو الأنفاق، فتبدو الشخصيات كأنها جزر منعزلة، كلٌ مشغول بنفسه. كما يتفاعل الظلّ والنور في اللوحات، ويترك تأثيراته في ملامح الشخوص.

وتبرز أعمال الفنانة دعاء عيد الخزفية المبهجة التي ركزت فيها على محبّة الحياة، فتبدو بخفّتها كأنها تطير في فضاء آمن، أو تنام في حراسة عرائس ملائكية، جعلت منظّمي المعرض، وفق الدكتور جمال حسني، مدير إدارة المعارض والمقتنيات بمكتبة الإسكندرية، يبرزون عرضها داخل القسم الخاص بها.

قال حسني لـ«الشرق الأوسط»: «تتجاور الأعمال لتُظهر حالة بانورامية تتنوّع في اتجاهات قدّمها فنانون جاءوا من محافظات مختلفة؛ من قنا والقاهرة والإسكندرية والغردقة، وقد حظي كل فنان بمساحة عرض كبيرة تظهر تجربته بشكل ناضج، وتتيح فرصة لرؤيتها بشكل شبه متكامل. ومن هذه الأعمال ما قدّمته دعاء عيد ضمن 4 مجموعات من الفخار الملوَّن».

جانب من معرض «أول مرة» (مكتبة الإسكندرية)

ولفت إلى أنّ «أعمال التصوير الفوتوغرافي من الأبيض والأسود التي شارك فيها أحمد كوته تُظهر نوعاً من دراما تتشكّل من تعانُق الضوء والظلّ الذي تُظهره لوحات تُصوّر جوانب من حياة البشر خلال سعيهم اليومي في القاهرة».

لقطة من افتتاح معرض «أول مرة» (مكتبة الإسكندرية)

وتحدّث حسني عن لوحات آدم موسى صاحب الـ18 عاماً، قائلاً: «تبدو فيها حرفيته وموهبته المدهشة في رسم الشخصيات الممتلئة بالمشاعر والانفعالات التي تختزنها أرواحها، وتظهر واضحة على ملامحها التي تعاني اغترابها ومحاولاتها للبحث عن لحظات للتحقُّق».


مقالات ذات صلة

«حفلة»... فن سعودي ومجوهرات شرقية وخط عربي في لندن

يوميات الشرق لوحة الفنان عبد الحليم رضوي (سوذبيز)

«حفلة»... فن سعودي ومجوهرات شرقية وخط عربي في لندن

عرض نماذج من الثقافة العربية الغنية، نرى من خلال جولة في الدار بعضَها، منها معرض ضخم لأعمال فنية من السعودية، هناك أيضاً عرض للمجوهرات.

يوميات الشرق المنزل التراثي بحجره العتيق وَهَب شكله المُهدَّم إلى فكرة إعادة الإحياء (صور جوني فنيانوس)

«جبيل تحتضن بيروت» مدينة الأمل العنيد

الصمود تؤكّده لوحة تظلُ مُعلَّقة على جدران انهار ما حولها، وتجسّده موسيقى تُعزَف لتُطيّب الجراح، فيتسلّل نغمها إلى الفوضى والأرض المحروقة ليس بالنار وحدها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق لعب ومرح بخطوط عفوية (الشرق الأوسط)

«سكر نبات»... تعبّر فيه الفنانة نوران منصور عن ألم فقدان ابنتها الصغيرة

تعكس أعمال الفنانة المصرية نوران منصور شغفها بعالم الطفولة، وميلها إلى تجسيد مشاعرها وأفكارها بطريقة عفوية من خلال الرسم والحكي باللون والخط.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق يشمل الحدث برنامجاً متكاملاً مُصمَّماً لجميع الفئات (كتاب المدينة) play-circle 02:11

معرض المدينة المنوّرة للكتاب... إطلالة على عوالم معرفية جديدة

يُقام المعرض على مساحة 20 ألف متر مربّع خلف «مركز الملك سلمان الدولي للمؤتمرات والمعارض»، ويفتح أبوابه للجمهور طوال أيامه الـ7 حتى 5 أغسطس.

عمر البدوي (المدينة المنورة)
يوميات الشرق يأتي معرض المدينة بدورته الثالثة ضمن مبادرة معارض الكتاب في السعودية (واس)

فصول ثقافية ومعرفية تبدأ في معرض المدينة المنورة للكتاب

تنطلق اليوم الثلاثاء، فعاليات النسخة الثالثة من معرض المدينة المنورة للكتاب، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، في الفترة من 30 يوليو الحالي حتى 5 أغسطس.

عمر البدوي (المدينة المنورة)

سلوى محمد علي لـ«الشرق الأوسط»: لم أندم على أي دور

الفنانة المصرية سلوى محمد علي (صفحتها على فيسبوك)
الفنانة المصرية سلوى محمد علي (صفحتها على فيسبوك)
TT

سلوى محمد علي لـ«الشرق الأوسط»: لم أندم على أي دور

الفنانة المصرية سلوى محمد علي (صفحتها على فيسبوك)
الفنانة المصرية سلوى محمد علي (صفحتها على فيسبوك)

عدَّت الممثلة المصرية سلوى محمد علي تكريمها أخيراً في المهرجان القومي للمسرح «انتصاراً لجيلها» ولمسرح التسعينات في مصر.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا التكريم له مكانة خاصة عندي، بوصفه يسلط الضوء على الفِرَق التي قدمت عروضاً كثيرة خلال التسعينات، ولم تحظَ بتسليط الضوء عليها، رغم الانتعاشة الكبيرة التي شهدتها الحركة المسرحية خلال تلك الفترة».

ووصفت سلوى هذه الفترة بـ«الثرية مسرحياً»، وعدَّتها «تشبه ما حدث في مسرح الستينات، مع وجود تيارات فكرية متعددة وعروض كثيرة وفرق مستقلة قدمت عروضاً مسرحية متميزة، لدرجة أن مسرحيين أوروبيين كانوا يحضرون إلى مصر، من أجل إعطاء ورشات مسرحية، وهو أمر لم ينل حظه في التوثيق المسرحي بالصورة الكافية».

سلوى محمد علي (حسابها على فيسبوك)

وأضافت أن «المسرح في التسعينات لم يكن قائماً على الإبهار، في ضوء أن غالبية المسرحيات كانت تُنتج بميزانيات محدودة؛ لكنه اعتمد على رؤية وثقافة صُنَّاعه، فكانت المسرحيات تحمل وجهة نظر صُنَّاعها، وحققت هذه العروض نجاحات كبيرة مع امتلاء المسارح بالجمهور لمشاهدتها».

وأشارت الممثلة المصرية إلى أن «مفهوم الثقافة نفسه اختلف في الوقت الحالي عن التسعينات التي اعتمدت على القراءة والاطلاع بشكل أساسي، على العكس من اليوم مع إتاحة المعلومات وتوفر (اليوتيوب)، فسيولة المعلومات حالياً لا تعطي الإنسان الفرصة أو الوقت الكافي للتأثر بالمعلومة والتأمل في الحياة».

وتقول سلوى محمد علي: «إن مسرح التسعينات والفِرَق التي قدمت عروضاً مميزة أفرزت نجوماً عدة على الساحة الفنية، منهم الراحل خالد صالح، بالإضافة إلى خالد الصاوي، وسيد رجب، وغيرهم من الفنانين الذين أشاد بهم الجمهور فور مشاهدتهم في أعمال سينمائية أو درامية، بينما هم في الحقيقة أبناء للمسرح».

وتؤكد الفنانة المصرية: «لم أشعر بالندم على أي عمل قدمته؛ سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما؛ لأنني استفدت من كل تجربة اشتركت فيها، حتى لو لم تخرج للنور بالشكل الذي توقعته»، لافتة إلى أن «هناك مشاهد صورتها في بعض الأعمال، وبذلت مجهوداً كبيراً فيها؛ لكنها لم ترَ النور بعد حذفها في المونتاج».

وذكرت أنها لم يكن لديها وقت لتقع فيما سمَّته «رفاهية الإحباط» لأن لديها أسرة والتزامات تسعى للوفاء بها، الأمر الذي جعلها تقدم أدواراً باستمرار حتى لو صغيرة، من أجل الوفاء بالالتزامات المفروضة عليها، وهي أدوار لم تندم عليها أيضاً لكونها وفرت لها دخلاً سددت به التزامات ضرورية، وفق قولها.

وترى سلوى أن «الحركة المسرحية تشهد حراكاً جيداً في الوقت الحالي، وبها عروض ومستوى جيد من الأداء التمثيلي، بجانب الكتابة المميزة؛ لكن في الوقت نفسه تفتقد وجود تيارات مسرحية تعبر عن أفكار، بجانب غياب الممثل النجم الذي يأتي إليه الجمهور من داخل وخارج مصر لمشاهدة أعماله، كما كان يحدث مع الفنان عادل إمام».

سلوى محمد علي مع الفنانة عايدة عبد العزيزة في مسرحية «أحلام شقية» (فيسبوك)

ومن أصعب المواقف التي تتذكرها سلوى محمد علي في عروضها المسرحية، أولى ليالي عرض مسرحية «الملك لير» مع الفنان يحيى الفخراني بقلعة صلاح الدين الأيوبي، موضحة: «مع الحضور الجماهيري الكبير ووجود أعداد كبيرة من الأطفال، حدثت مشكلة في الصوت، ولم يتمكن الحضور من الاستماع إليهم بشكل واضح، ما تسبب في تأخير تفاعل الجمهور مع العرض».

وتشير الفنانة المصرية إلى أن «أكثر ما يحمسني للمسرح هو أنه عمل دون مونتاج، فالجمهور يشاهد الممثل ويتفاعل معه في كل ليلة بطريقة مختلفة، وهو ما يشجعها ويحفزها لتقديم العروض المسرحية باستمرار».

وإلى جانب المسرح، شاركت الفنانة سلوى محمد علي في عدد كبير من الأفلام والأعمال الدرامية خلال مسيرتها الفنية، وكان آخرها المسلسل الكوميدي «أشغال شقة» الذي عُرض في رمضان الماضي.