أرياف المرتفعات في السعودية وجهة سياحية بطابع تراثي

تستهدف السعودية تطوير القطاع السياحي وتنمية سياحة المناطق الزراعية والريفية (واس)
تستهدف السعودية تطوير القطاع السياحي وتنمية سياحة المناطق الزراعية والريفية (واس)
TT

أرياف المرتفعات في السعودية وجهة سياحية بطابع تراثي

تستهدف السعودية تطوير القطاع السياحي وتنمية سياحة المناطق الزراعية والريفية (واس)
تستهدف السعودية تطوير القطاع السياحي وتنمية سياحة المناطق الزراعية والريفية (واس)

بين الجبال التي اكتست باللون الأخضر، والأودية التي نبتت على امتدادها القرى الريفية التي لم يخالطها زحام المدينة ولا ضوضاؤها، يختار زوار مدن المرتفعات الباردة في السعودية أن يستقر بهم المقام بين أحضان الطبيعة لخوض تجربة سياحية ريفية بطابع تراثي فريد.

وأضحت مناطق الأرياف في المرتفعات السعودية، بما تحويه من آثار للحياة القديمة وطرازها وعمرانها التقليدي، خياراً مفضلاً لدى الكثير من السياح والمصطافين من داخل وخارج البلاد، إذ يجد فيها السائح فرصةً للعيش وسط طبيعة بِكر مجهزة بمشاريع نُزل مخصصة لعشاق السياحة الريفية، تشركهم في خوض تجارب الحياة الريفية بكل أشكالها، وتضيف إلى تجربتهم بُعداً آخر.

هذه الاتجاهات الجديدة سلطت الضوء على عدد من القرى التي كانت منطويةً في كنف الجبال ووسط الأودية الفسيحة، إلا أنها اليوم أضحت وجهةً لها شهرة واسعة وتشهد إقبالاً كثيفاً من السياح الراغبين في الغوص في الطبيعية الممزوجة بأدق التفاصيل العمرانية التي حافظت عليها مع مرور الزمن.

تحولت بعض القرى الأثرية والقلاع والمزارع الجبلية إلى وجهات سياحية استثنائية (واس)

يقول عبد الله بن محمد، القادم من مكة المكرمة، عن زياراته المتكررة إلى قرى بني مازن في منطقة عسير: «لقد كانت حتى وقت قريب مكاناً غير مكتشف للكثير من المصطافين، لكنها اليوم أصبحت مكتظةً بالزوار الذين يفضلون رؤية الطبيعة البكر، ويستمتعون بأجواء المكان خلال فترة فصل الصيف، وتحت زخات المطر ونسيم المكان الذي حافظ على هيئته الأولى».

وتطلّ قرى بني مازن على مدينة أبها، وتبعد عنها حوالي 8 كيلومترات غرباً، وتتمتع ببساط أخضر يغطي مجمل مساحتها التي تقع على نحو 4500 كيلومتر، وتجمع المنطقة التي تمتد بمحاذاة قرى السودة أعلى نقطة في السعودية وجبل «تهلل» جنوباً، الطبيعة البكر والمدرجات الزراعية والأودية المشعة بالحياة والماء، كما أنها تعدّ نافذة تاريخية من خلال بيوتها التراثية التي احتفظت بطابعها العمراني التقليدي، وبعض الآثار العريقة مثل مسجد يزيد بن معاوية المبني من الحجر، الذي يرجح سكان المنطقة أن تاريخ بنائه يعود إلى عام 70 للهجرة النبوية.

مساجد تاريخية في عسير تحتفظ بطرازها العمراني التقليدي (واس)

ويتابع هاوي رحلات «الهايكنج» عبد الله محمد «أن هناك اتجاهاً للاصطياف في القرى الباردة في المرتفعات السعودية، فهي أكثر خضرةً وأقل ازدحاماً من المدن، وبدأت تشهد ازدياداً في عدد المشاريع العائلية من أهل القرى لاستقبال الناس في نُزل وأكواخ ومنازل محلية لها طابع تراثي ريفي، وأصبح هناك انتشار لمقاطع فيديو وصور جميلة لعدد من المواقع بقرى بني مازن في عسير وآل موسى في الباحة وغيرها من القرى والأرياف التي تقدم تجرية سياحية وتراثية ممتعة».

أوقات فريدة من السياحة في كنف الطبيعة (واس)

وشجعت الحركة السياحية الكبيرة والإقبال على الأرياف التي تشهدها عسير، أبناء المنطقة، على تطوير مشاريع سياحية متنوعة، وتحولت بعض القرى الأثرية والقلاع والمزارع الجبلية إلى علامات تجارية ونزل ريفية مخدومة، ووجهات سياحية استثنائية، تستثمر في روح المكان، ببعده التراثي وطابعه الريفي، خصوصاً في متنزهات السودة وجبل نهران وقرى بني مازن، وسط غابات العرعر والمدرجات الزراعية.

وافتتح بعض رواد الأعمال مقاهي ريفية عائلية، توفر خدمات سياحية مختلفة، مثل الجولات السياحية في أحضان الطبيعة للتعريف بأبرز المعالم التاريخية والأثرية في المنطقة تقدم أكلات شعبية تقليدية من منطقة عسير، وتفتح المجال لتدريب الأطفال على زراعة بعض المنتجات والمحاصيل المعروفة محلياً.

شجعت الحركة السياحية الكبيرة والإقبال على الأرياف التي تشهدها عسير أبناء المنطقة على التوسع والتطوير في مشاريع سياحية فريدة (واس)

وتستهدف السعودية تطوير القطاع السياحي وتحقيق تنوع في الخيارات والوجهات، وتنمية سياحة المناطق الزراعية والريفية، كأحد تحولات السياحة السعودية للمساهمة في إثراء التجربة السياحية المحلية، وإيجاد عناصر للترفيه في المزارع، حيث أضحت السعودية واحدةً من أهم الوجهات السياحية الواعدة في المنطقة، وتصدرت نتيجة عدد من المبادرات والخطوات غير المسبوقة لدعم القطاع قائمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية في نمو عدد السياح الدوليين عام 2023، وفقاً للموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

السعودية وبريطانيا لتنمية العلاقات في المجالات كافة

الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

السعودية وبريطانيا لتنمية العلاقات في المجالات كافة

أشاد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وكير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني، بتميز العلاقات التي تربط البلدين وشعبيهما.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد الأمير عبد العزيز بن سلمان لدى استقباله الوزير بيرابان سالير اثافيبهاغ (الطاقة السعودية)

السعودية وتايلاند تبحثان فرص التعاون في مجالات الطاقة

بحث وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، مع نظيره التايلاندي بيرابان سالير أثافيبهاغ، فرص التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج السعودية اكدت في بيان لوزارة خارجيتها وقوفها مع حكومة وشعب الصومال (الشرق الأوسط)

السعودية تُدين الهجوم الإرهابي في الصومال

أعربت السعودية عن إدانتها واستنكارها الهجوم الإرهابي الذي وقع في مقديشو عاصمة الصومال، وأدى إلى وفاة وإصابة العشرات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج يوجد في منطقة المواصي غرب خان يونس مئات الآلاف من النازحين (واس)

السعودية تواصل الإسقاط الجوي للمساعدات الغذائية على غزة

واصلت السعودية عبر ذراعها الإنسانية «مركز الملك سلمان للإغاثة»، عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات الغذائية النوعية للمتضررين في قطاع غزة، بالتعاون مع الأردن.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«بالارد بارتنرز» الأميركية تعتزم افتتاح أول مكتب للمحاماة وتحكيم الأعمال في السعودية

أعلنت شركة «بالارد بارتنرز»، إحدى شركات المحاماة الكبرى في الولايات المتحدة، عن اعتزامها لافتتاح أول مكتب للمحاماة في الرياض.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«رمسيس وذهب الفراعنة» يجذب آلاف الزوار في ألمانيا

معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزوار في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزوار في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

«رمسيس وذهب الفراعنة» يجذب آلاف الزوار في ألمانيا

معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزوار في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزوار في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

حلّ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» ضيفاً على مدينة كولون الألمانية، في محطته الخامسة حول العالم، متضمناً 180 قطعة أثرية منتقاة بعناية من المتاحف والبعثات الأثرية؛ لتعبّر عن الحضارة المصرية القديمة بعصورها المختلفة.

واستقبلت قاعة «ODYSSEUM» عدداً كبيراً من الزوار في افتتاح المعرض، واصطفّ الجمهور بالآلاف أمام قاعة العرض، وفق تصريحات الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر الذي حضر الافتتاح إلى جانب الدكتور زاهي حواس وزير الآثار المصري الأسبق وأمين المعرض، وخالد جلال السفير المصري لدى حكومة ألمانيا الاتحادية.

إقبال كبير على معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأكد خالد، في بيان نشرته وزارة السياحة والآثار المصرية، الأحد، أن المعرض شهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً، وتوافد عليه آلاف الزائرين من جميع المدن الألمانية، انتظروا دورهم لدخول المعرض والاستمتاع بمشاهدة بعض كنوز الملك رمسيس الثاني.

وكان المعرض قد شهد محطات بدأت في هيوستن، ومن ثَمّ سان فرنسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية عامي 2021 و2022، وانتقل بعدها للعاصمة الفرنسية باريس في 2023، وجذب أكثر من 800 ألف زائر، ثم توجه لمحطته الرابعة في العاصمة الأسترالية سيدني، وجاءت المحطة الخامسة في كولون الألمانية.

وعدّ خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار في المجلس الأعلى للثقافة في مصر، أن المعارض الخارجية هي خير سفيرة للدعاية لمصر؛ حيث يقبل على زيارتها عدد كبير من مواطني هذه الدول، ومنظمي الرحلات السياحية، وكثير من المهتمين بآثار مصر والولع بحضارتها.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «علاوة على أنها فرصة للتواصل الثقافي والحضاري مع الشعوب الأخرى، وهي فرصة لمزيد من التعريف بالحضارة المصرية، بالإضافة إلى ما تُدرّه من عوائد للمجلس الأعلى للآثار».

القطع الأثرية تمثل عصوراً مختلفة في الحضارة المصرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وبينما أشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إلى نفاد جميع تذاكر زيارة المعرض لليوم الأول، وبيع 35 ألف تذكرة حتى يوم الافتتاح، عدّه سيسهم بشكل كبير، خلال فترة عرضه التي تمتد حتى يناير (كانون الثاني) 2025، في الترويج للمقصد السياحي المصري، داعياً الشعب الألماني إلى «زيارة مصر ليتمتعوا بمشاهدة الحضارة المصرية العريقة».

ويضمّ المعرض 180 قطعة أثرية من مقتنيات المتحف المصري في التحرير من عصر الملك «رمسيس الثاني»، بالإضافة إلى تابوت الملك رمسيس الثاني من المتحف القومي للحضارة المصرية، وبعض القطع الأثرية الأخرى من مكتشفات البعثة المصرية في منطقة البوباسطيون في سقارة، ومجموعة من التماثيل، والحلي، وأدوات التجميل، واللوحات، والكتل الحجرية المزينة بالنقوش، بالإضافة إلى بعض التوابيت الخشبية الملونة، التي تُبرز خصائص الحضارة المصرية القديمة منذ الدولة الوسطى وحتى العصر المتأخر.

قطع مميزة من عصر الملك رمسيس الثاني شهدها المعرض (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح ريحان أن «هذه المعارض الخارجية تحظى باهتمام وحفاوة كبيرين من الجهات المنظمة»، وأشار إلى تجربته في هذا الصدد قائلاً: «رافقت من قبل أحد معارض المجلس الأعلى للآثار في برشلونة مع أيقونة من أيقونات دير سانت كاترين، وشاهد بنفسي على مدى حفاوة واهتمام الجهات العارضة بالآثار المصرية خصوصاً، رغم وجود قطع أثرية من دول كثيرة أخرى، ولكن أيقونة دير سانت كاترين كانت تتصدر الاهتمام في لوحات الإعلانات».

ويعدّ الملك رمسيس الثاني (1303 - 1213 قبل الميلاد) من أشهر ملوك مصر القديمة، فقد حكم مصر أكثر من 67 عاماً، وترك كثيراً من الآثار والمعابد والمسلات التي تسجل انتصاراته، ومن أشهر آثاره معبد أبو سمبل وبجواره معبد زوجته نفرتاري في أسوان (جنوب مصر).