رحيل محمد آل الشيخ بعد مشوار من سجالات التنوير ونبذ التطرف

الكاتب الصحافي محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ
الكاتب الصحافي محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ
TT

رحيل محمد آل الشيخ بعد مشوار من سجالات التنوير ونبذ التطرف

الكاتب الصحافي محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ
الكاتب الصحافي محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ

بعد عمر زاخر قضاه في صناعة الأفكار وسجالات التنوير ومواجهة لا تلين مع التطرف، فكراً وجماعاتٍ، رحل الكاتب السعودي محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، اليوم (الثلاثاء)، بعد معاناة طويلة مع المرض، وودّعه الكثير من أبناء الوسط الصحافي والفكري العربي، مشيدين بمسيرته الصحافية وشجاعته في نشر الوعي والمواجهة في ذروة حقبة التطرف التي عصفت بالمنطقة، وأبطأت نموها الثقافي والحضاري.‏

ونعى وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري، الكاتب آل الشيخ، وقال في تغريدة على منصة «إكس»: «رحم الله الكاتب الصحافي والمثقف الأستاذ محمد بن عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، الذي توفاه الله اليوم الثلاثاء، بعد رحلة عطاء إعلامية زاخرة، أسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان».

شاهد على المجتمع

وكانت الرحلة الطويلة التي قضاها الراحل في كتابة المقالات الصحافية، من على منبره في صحيفة «الجزيرة» السعودية، قد مكنته من التزامن مع تحولات المجتمع السعودي، ومعالجة الأفكار والأحداث، وتعميق مفهوم الوطنية ومعانيها في أذهان ووجدان قرائه، حيث عاصر محمد آل الشيخ التحولات الفكرية للمجتمع السعودي، وكان شاهداً على مرحلة الفتنة، عندما برزت أشواك «الصحوة»؛ الحقبة التي طالما وجّه إليها الكاتب سهام مقالاته ونصل كلماته، وتعرض خلالها مثل سواه من الكتاب والمفكرين لحملات تشويه ممنهجة استهدفت تكميم الكلمات والمقالات.

ودّعه الكثير من أبناء الوسط الصحافي والفكري العربي مشيدين بمسيرته الصحافية وشجاعته في نشر الوعي (إكس عثمان العمير)

وكان عموده الصحافي ميداناً لتمحيص الأفكار الشاذة وتعميق البعد الوطني، وقد صوّر وزير الشؤون الإسلامية في السعودية الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ الظروف التي عاصرها الكاتب الراحل، ورياح التطرف التي كانت تعصف بالمنطقة ولم ينبرِ لها إلا أفراد من الأقلام الجسورة لمواجهتها. ووصف الوزير عبر حسابه في منصة «إكس»، الكاتب الراحل محمد آل الشيخ، بالمفكر الشجاع وصاحب القلم المخلص المحب لدينه ولوطنه وقيادته.

وأضاف وزير الشؤون الإسلامية: «كان (رحمه الله) سداً منيعاً وطوداً شامخاً أمام تجار الفتن، والإخوانيين الصحويين، والغلاة، والمتطرفين الإرهابيين، في وقت كان الكثير يخشى مجابهتهم ومحاربتهم وكشف حقيقتهم، وسخر قلمه في محاربة أصحاب المناهج الفاسدة والأفكار الضالة، بكل قوة وشجاعة وحجة وبرهان وفكر مستنير، عبر كتاباته وأطروحاته خلال مسيرته الصحافية الطويلة».

وأشار الوزير عبد اللطيف آل الشيخ إلى الأذى الذي نال الراحل في سبيل مواجهة التطرف، الأمر الذي زاده ثباتاً بمواقفه الوطنية، والدفاع عن أمن الوطن وقيادته.

كان محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ يكتب بلغة سهلة متباسطاً إلى قرائه مع حدة في مواجهة الأفكار المتشددة (الشرق الأوسط)

الشعر والتجارة والأفكار

كان محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ يكتب بلغة سهلة، وسلسة، متباسطاً إلى قرائه، ومستنداً إلى خبرته عن مجتمع عفوي قبل أن تطرأ عليه عوادي الأفكار المتشددة، ومع لغته البسيطة لم يتراخ في حدته تجاه التطرف، إذ طالما كتب بعريكة لا تلين لتبكيت صور التشدد فكراً وجماعات.

وكتب الصحافي والناشر السعودي عثمان العمير، أحد مجايلي الكاتب الراحل، في وقت سابق، عن رحلته في مواجهة التطرف، بقلم وقلب مسكون بوطنية سخية، يقول العمير: «كانت السعودية⁩ تسكنه وكان تغييرها إلى الأفضل هو هاجسه، وكان الحلم صغيراً لكن تصوره كان كبيراً، كان نضاله ضد فكر الظلاميين فاعلاً ومؤثراً، فكان بيته مأوى من يزور الرياض من مختلف الموانئ، وكان يغدق عليهم وعلينا التفاؤل والطموح والنهوض».

بدأ آل الشيخ في مجال التجارة ومنها انتقل إلى بحر الصحافة بأمواجها المتلاطمة ورياحها العاصفة (الشرق الأوسط)

ولم تكن حياة الراحل محمد آل الشيخ وقفاً على الكتابة والسجالات التي كانت تمور بالأفكار والسجالات وحدّة الخطاب، بل اتسمت بتنوع بدأه منذ كانت التجارة مجال اشتغاله واهتمامه أول الأمر، ومنها انتقل إلى بحر الصحافة بأمواجها المتلاطمة ورياحها العاصفة، يوم كان الميدان سخياً بالمواجهات في ذروة الحراك الفكري والمجتمعي السعودي.

ومن خلال اسمه الشعري المستعار «العابر»، كان يختلس من نفسه ووقته لحظات من المستراح الشعري، والكتابة للفن والحياة، ومن ذلك أغنيته «أسعد الله لو يجي جدّة حبيبي» التي تغنى بها الفنان عبد المجيد عبد الله، بالإضافة إلى النشر في الأدب الشعبي، في حقبة من حياته عمل فيها رئيساً لمجلس إدارة مجلة «قطوف» التي تهتم بالشعر الشعبي، ومجلة «حياة الناس»، لكنه آثر بنهاية المطاف أن يترك الشعر ويتفرغ للكتابة التي وجد نفسه من خلالها، واختار مواجهة العاصفة موقِناً أن لظلام التطرف نهاية، وقد آن.


مقالات ذات صلة

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

يوميات الشرق المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

كرّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في 4 فروع رئيسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
TT

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

عند إجراء مقابلة عمل، سواء كانت وجهاً لوجه أو مقابلة افتراضية، يجب أن تتبع آداب السلوك المناسبة.

تقول إميلي ليفين، نائبة الرئيس التنفيذي في شركة «كارير غروب كامبانيز»: «تأكد من أنك تتواصل بعينك بشكل جيد، وإنك تعرف متى يكون من المناسب التحدث، ومتى يكون الوقت مناسباً لطرح الأسئلة».

أجرت ليفين، وفقاً لموقع «سي إن بي سي»، آلاف المقابلات خلال مسيرتها المهنية، غالباً من أجل مشاهير من الدرجة الأولى يبحثون عن مساعدين شخصيين أو رؤساء للموظفين.

هذه مجموعة من أفضل نصائح ليفين لتجنب إثارة علامات تحذير خلال مقابلة العمل.

لا تصل مبكراً جداً

من المهم أن تتأكد من الوصول إلى المقابلة في الوقت المناسب، خصوصاً إذا كانت مقابلة شخصية وليست افتراضية.

وتتابع ليفين: «إذا وصلت متأخراً جداً، فإنك تخاطر بفقدان جزء من مقابلتك، مما يضيع وقت المحاورين ويجعل الانطباع سيئاً. ولكن إذا وصلت مبكراً جداً، فهذا سيجعلك تبدو متحمساً جداً، وقد يجعل المحاور يشعر بالضغط».

وتؤكد ليفين: «الوصول قبل موعدك بعشر دقائق هو الوقت المثالي للدخول إلى مكتب المحاور».

قدم نفسك بأكثر طريقة احترافية ممكنة

تشدد لفين على أنه سواء كانت المقابلة عبر الإنترنت أو شخصية: «لا تمضغ العلكة، ولا ترتدي نظارات شمسية» أثناء المقابلة، مضيفة: «هذه الأمور غير رسمية وغير مهنية».

وتشير: «إذا كانت المقابلة وجهاً لوجه، فتأكد أن رائحة دخان السجائر لا تفوح منك ولا تضع عطراً فواحاً»، موضحة: «الكثير من الناس حساسين للروائح النفاذة».

لا تكشف عن معلومات سرية

تشدد ليفين على ضرورة تجنب التحدث بسوء عن أصحاب العمل السابقين، أو «الكشف عن الكثير من المعلومات السرية أو الخاصة بأماكن العمل السابقة».

تؤكد ليفين أن بعض عملائها يجعلون موظفيهم يوقعون اتفاقيات عدم الإفشاء، وعندما يخبرها أحد المرشحين أنه وقَّع على هذه الاتفاقية ومع ذلك يكشف عن معلومات سرية حول صاحب عمل سابق، فإنها تعد علامة مقلقة.