عبد اللطيف العواد... رسم خريطة النجاح ثم رحل

الراحل عبد اللطيف العواد يتمتع بمحبة وكرم ووقفات وأعمال خيرية (حسابه على منصة إكس)
الراحل عبد اللطيف العواد يتمتع بمحبة وكرم ووقفات وأعمال خيرية (حسابه على منصة إكس)
TT

عبد اللطيف العواد... رسم خريطة النجاح ثم رحل

الراحل عبد اللطيف العواد يتمتع بمحبة وكرم ووقفات وأعمال خيرية (حسابه على منصة إكس)
الراحل عبد اللطيف العواد يتمتع بمحبة وكرم ووقفات وأعمال خيرية (حسابه على منصة إكس)

برحيل عبد اللطيف بن محمد بن عبد الرحمن العواد، فقد قطاع المال والأعمال في السعودية واحداً من أبرز الشخصيات التي تعد نموذجاً فريداً لرحلة الكفاح والعصامية، برسم استراتيجية ووضع أهداف للوصول إلى النجاح.

من اليتم المبكر، ترك والده الراحل الشيخ محمد بن عبد الرحمن العواد، عائلة تتكون من أم وأبناء وبنات صغار يضمهم بيت في حي شعبي بالرياض، بعد رحيل الزوج وجدت الأم أنها أمام تحدٍّ كبير لتربية هؤلاء الأبناء، في ظروف العوز والفاقة والإمكانات المتواضعة في المجتمع قبل عقود عدة، ونجحت في تسيير حياة الأسرة.

والراحل عبد اللطيف العواد وقف المئات من المعزين في صفوف طويلة للتعزية في رحيله، والصلاة عليه بمسجد المهيني في الرياض، عصر السبت، بعد موت مفاجئ وهو يقضي أياماً سياحية في أبها المصيف الأشهر بالسعودية.

وعكس هذا الحضور في المسجد والمقبرة ما يتمتع به الراحل من محبة، وكرم، ووقفات وأعمال خيرية دون إضافة إلى سجله وسيرته العطريْن، ورحلة الكفاح والعصامية التي تقدم للأجيال للوصول إلى النجاحات، حيث رسم للجيل الجديد خريطة الطريق إلى تحقيق الذات والنجاح.

اشتهر الراحل بدخوله مجال العقار والبناء والتشييد وقطاع التكييف من خلال: «متممون للعقار»، و«العواد للتكييف»، بشعار: الصدق والجودة، وخلقوا بيئة عمل ناجحة، في الشركتين وفروعهما في مختلف مناطق المملكة، حيث يقام كل عام اتصال سنوي بمزرعة الأسرة في قرية الجبيلة (شمال غربي الرياض)، يحضره المئات من المسؤولين والعاملين في الشركتين والعملاء.



أحياء مصرية تأبى النوم مبكراً رغم قرار «ترشيد الكهرباء»

كورنيش القاهرة يشهد نشاطاً لافتاً خلال المساء (عبد الفتاح فرج)
كورنيش القاهرة يشهد نشاطاً لافتاً خلال المساء (عبد الفتاح فرج)
TT

أحياء مصرية تأبى النوم مبكراً رغم قرار «ترشيد الكهرباء»

كورنيش القاهرة يشهد نشاطاً لافتاً خلال المساء (عبد الفتاح فرج)
كورنيش القاهرة يشهد نشاطاً لافتاً خلال المساء (عبد الفتاح فرج)

وسط نسمات صيفية شاردة، كان السائق فرج محمد، 33 عاماً، في طريقه إلى حي فيصل بالجيزة، قادماً من إحدى قرى محافظة القليوبية (شمال القاهرة) مع اقتراب حلول منتصف الليل، ولدى وصوله أدهشته حركة السيارات التي لا تتوقف والمقاهي والمتاجر التي لا تلتزم بقرار الإغلاق.

ووصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، العاصمة المصرية القاهرة خلال زيارتها لمصر في عام 2022 بأنها «المدينة التي لا تنام أبداً؛ حيث تنساب الموسيقى وتصدح الأغاني المختلفة وتُسمع أبواق السيارات».

ورغم قرار إغلاق المتاجر والكافيهات والمقاهي الذي طبقته الحكومة المصرية بداية من أول شهر يوليو (تموز) الحالي، فإن ثمة أحياء شعبية تأبى النوم مبكراً خلال الصيف الساهر؛ حيث تواصل المقاهي صخبها حتى «مطلع الفجر»، في تلبية لطلبات زبائنها الساهرين الذين يزجون الوقت وهموم المعيشة بأكواب الشاي والقهوة والأراجيل، ويتوسلون بعضاً من نسمات الهواء الليلي على المقهى بعد قيظ يوم طويل.

القاهرة توصف بأنها «المدينة التي لا تنام» (عبد الفتاح فرج)

ويتضمن قرار «ترشيد الكهرباء الحكومي» إغلاق جميع المحال التجارية (المنفردة بالطرق والشوارع والمولات) في تمام الساعة الـ10 مساءً، وإغلاق المطاعم والمقاهي في تمام الساعة 12 مساءً.

ويعتبر زياد أسامة، 24 سنة، قاطن في حي عابدين بمحافظة القاهرة ويعمل في مجال الاتصالات، أن الالتزام بهذا التوقيت أمر «صعب»؛ خصوصاً خلال موسم الصيف، فالمقهى هو المكان الأيسر والأرخص الذي يمكن تمضية الوقت فيه في فترة السهر الصيفي، وتحديداً مع متابعة مباريات «اليورو».

وتعد المقاهي والمطاعم من بين أهم علامات السهر في الأحياء المصرية، فالمقاهي التي تتمدد ليلاً وتستحوذ على مساحات شاسعة من الشوارع العامة، يتردد زبائنها على المطاعم المجاورة لالتهام الأكلات السريعة ذات الروائح الشهية.

المقاهي الشعبية (الشرق الأوسط)

ويرى متابعون أنه يصعب تطبيق قرار الإغلاق بالمدن الساحلية التي تشهد نشاطاً مكثفاً خلال الليل في موسم الصيف، وطالب عدد من مسؤولي اتحاد الغرف التجارية، باستثناء المحافظات الساحلية من قرار إغلاق المحال التجارية والمولات.

وتكفل الكثير من المقاهي في مصر خدمة الاشتراك في القنوات الرياضية المشفرة التي تعرض الدوريات العالمية، علاوة على مباريات الدوري المصري، وعادة ما تشهد المقاهي ازدحاماً لافتاً وسط صيحات تشجيعية حماسية تتصاعد مع مباريات القمة المصرية، والأندية والمنتخبات الغربية التي تتمتع بشعبية واسعة.

ويعتاد أحمد عبد الله، 38 عاماً، ويعمل في شركة تجارية، التردد على المقهى المجاور لبيته بمدينة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة) أغلب أيام الأسبوع، ويقول: «المقاهي التي تتمتع بطابع شعبي تحديداً ترتبط بفكرة السهر؛ خصوصاً مع انتهاء فترات العمل المسائي لمعظم الناس في فترات متأخرة من الليل، فأنا أنتهي من عملي في التاسعة مساءً أو بعد ذلك، لذلك يكون الجلوس على المقهى بعد يوم عمل طويل هو كسر الروتين الوحيد في اليوم».

المقاهي إحدى أبرز وجهات مشاهدة المباريات في الأحياء الشعبية (الشرق الأوسط)

وأضاف أن «حاله يشترك فيها عدد كبير من الناس؛ حيث يكون بدء الجلوس على المقهى أحياناً بداية من الحادية عشرة مساءً، ونصطحب على المقهى عادة الطعام من عربات الكبدة أو مطاعم الفول المجاورة للمقهى في ساعات متأخرة من الليل، لذلك من الصعب أن تغلق المقاهي أبوابها في هذا التوقيت الجديد»، كما يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

ويلجأ بعض أصحاب المتاجر والكافيهات إلى التحايل على قرارات الإغلاق المبكر، كأن يتم إغلاق الأنوار على الواجهة الأمامية، بينما يتم تقديم الخدمات بالداخل، لا سيما في المقاهي التي تتمركز في شوارع جانبية، مع عدم تكثيف الحملات التفتيشية التي تتحرى تنفيذ القرارات الحكومية الجديدة.

وأثار قرار الحكومة المصرية بإغلاق المحال التجارية في تمام العاشرة مساءً، ردوداً متباينة، فبينما رأى مؤيدو القرار أنه يساعد في ترشيد استهلاك الكهرباء في ظل أزمة نقص الطاقة التي تواجه البلاد، قال معارضوه إنه سيؤدي إلى تراجع المبيعات، لا سيما في ظل ارتفاع درجة الحرارة وانقطاع الكهرباء نهاراً.

أحد أحياء الجيزة ليلاً (الشرق الأوسط)

وترى الدكتورة سارة عبد الحميد، مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنصورة، أن فرض موعد لإغلاق المقاهي «أمر غير دارج في الثقافة المصرية». وتقول سارة عبد الحميد لـ«الشرق الأوسط»: «المقاهي الشعبية تحديداً ترتبط في ثقافتنا بالسهر، فهي تعد مصدراً للترويح عن النفس بأسعار قليلة نسبياً، وذلك ما يجعلها مزدحمة بصورة أكبر في الأحياء المعتادة على السهر وارتفاع معدلات الزحام والمرور بها في ساعات متأخرة من الليل مثل الهرم وفيصل والسيدة زينب وبولاق وغيرها من المناطق التي ترتفع فيها نسبة ارتياد المقاهي؛ خصوصاً مع تحسن درجات الحرارة في الساعات المتأخرة».

وترى سارة عبد الحميد أن «قرار الإغلاق لم يراعِ الطبيعة المصرية المختلفة بالضرورة عن الطبيعة الغربية، لذلك فإن مقاومة الناس وأصحاب المقاهي الشعبية لتفعيل هذا القرار، خصوصاً في موسم الصيف، أمر متوقع».