طارق يعقوب: الغناء ليس هدفي... والمسرح شغفي

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن تجربة تعكس الواقع اللبناني

يستبعد دخول مجال الغناء واتّخاذه مهنةً (صور طارق يعقوب)
يستبعد دخول مجال الغناء واتّخاذه مهنةً (صور طارق يعقوب)
TT

طارق يعقوب: الغناء ليس هدفي... والمسرح شغفي

يستبعد دخول مجال الغناء واتّخاذه مهنةً (صور طارق يعقوب)
يستبعد دخول مجال الغناء واتّخاذه مهنةً (صور طارق يعقوب)

يخوض الممثل اللبناني طارق يعقوب تجربة فنّية مختلفة تتمثّل بإطلاقه أغنية بعنوان «على شكلو»؛ تُعدّ من نوع الغناء الكلامي المُرتكز على إيصال رسالة ضمن نصّ محبوك، فيُدندنها محاولاً مخاطبة اللبنانيين ليعيدوا حساباتهم بشأن أسلوب حياتهم.

يروي يعقوب لـ«الشرق الأوسط» قصة هذه الأغنية: «كتبتُها عندما كنت في سنّ الـ14. يومها ولّدت مشكلات بيني وبين أهلي لحَمْلها انتقاداً لاذعاً لأحد أفراد العائلة. وعندما طالعتُها من جديد، أدركتُ أنها تصلُح لتكون أغنية تواكب سلوك اللبناني وإيقاع حياته اليوم. فأصدرتها بالتعاون مع (فرقة من الشعب)؛ وقد لحّنها وائل جوبيتر، قائد الفرقة».

تحمل «على شكلو» رسائل تسخر من واقع اللبناني، فتقول كلماتها: «على شكلو شكشكلو، هوي هيك بيلبقلو. لا تقلو شو مالك، شو اللي غيّر أحوالك؟ خلّي ضميرك راسمالك وبعّد عن اللي متلو».

يكتب طارق يعقوب الشِّعر منذ صغره، ويعدُّ الكتابة نوعاً من العلاج النفسي: «تُساعد على الفضفضة وإخراج ما يزعج صاحبها أو ما يحبّه من أعماقه. الأغنية نقدٌ ذاتي أمارسه انطلاقاً من نفسي. فالاختلاف موجود، وعلينا احترامه. وتقبُّل الآخر ضرورة، لكننا لسنا مجبرين على تقليده».

كتب الأغنية عندما كان في سنّ الـ14 (صور طارق يعقوب)

تدفع الأغنية سامعها إلى مساءلة ذاته، وتعرُض عليه إمكان التغيير بأسلوب سهل. فلحنُها المعاصر وكلماتها البسيطة يؤلّفان خلطتها الساخرة وخفيفة الظلّ في آن. وعما إذا بات اليوم يتّجه نحو الغناء بعد التمثيل، يردّ: «لا أعتقد، فشغفي الأول والأخير هو المسرح والسينما. سبق أن أدّيتُ أغنيتين ضمن مسرحية نقدّمها اليوم في باريس. فالغناء جزء من فنون المسرح، وعشقي للكتابة أوصلني إليه».

مفتونٌ باللغة العربية، يحبّ الغوص بها والتعمُّق في معانيها. يبرز في أي عمل يقدّمه لكونه صاحب صوت يليق بالأداء المسرحي: «لا أعلم ماذا يخبّئ لي المستقبل في هذا الصدد. فالكتابة مسألة أساسية عندي، وليس ضرورياً أن يشكّل الغناء الأمر عينه. ربما إذا هذّبتُ صوتي بشكل أفضل، وواظبتُ على تمارين (الفوكاليز)، فقد يصبح الأمر أكثر حرفية. لكنني أستبعد دخولي هذا المجال واتّخاذه مهنة».

الكتابة تزوّد طارق يعقوب بالقدرة على التعبير، فيُعلّق: «عادة، أجد صعوبة في إجراء حديث مع الآخر، فأفكاري تسبقني. علمياً، كل شخص يتكلّم نحو 120 كلمة في الدقيقة يتناول 3 أفكار، لكنني أتمتّع بكثافة أفكار لا تخوّلني التقيُّد بهذه القاعدة. لذلك أجد في الكتابة مساحة أكبر للتعبير عن مشاعري وأفكاري».

يقول إنّ معالجته النفسية نصحته بالإبقاء على ممارسة هذه الهواية. «أكدت لي أنها نوع من العلاج، وساعدتني على كيفية توظيفها من هذا الاتجاه. قالت إنّ دوائي يكمن في الكتابة وهو ما أمارسه بالفعل».

تحمل الأغنية انتقاداً لأسلوب حياة بعض اللبنانيين (صور طارق يعقوب)

ينشغل بتقديم عمله المسرحي، «أوردالي» (غسق)، على مسارح فرنسا. لكنه في الوقت عينه يملك فكرة وافية عن الأعمال المسرحية القائمة في بيروت: «إنها حركة ثقافية جميلة بعد مرحلة شلل فرضتها الجائحة. شاهدتُ أكثر من عمل، وأُعجبت بمجموعة منها. فمسرحية (فيزيا وعسل) من بطولة آلان سعادة وريتا حايك، وإخراج لينا خوري لفتتني. هذا النوع من الأعمال يزوّدنا بجرعات راحة وترفيه نحتاج إليها، وأعدُّه نوراً يضيء أيامنا القاتمة. بيروت كانت ولا تزال منارة ثقافية نفتخر بها. وهذه الأعمال تُسهم في إعادتها إلى دورها الطبيعي. هناك كمٌ من المسرحيات لبناني الصنع بامتياز، إذ يغيب عنه الاقتباس أو الترجمة؛ والنتيجة تكون أعمالاً نشتاق إليها».

شارك طارق يعقوب مؤخراً في مسرحية «تحت رعاية زكور» من إخراج غبريال يمين، ضمن تحيّة للمسرحي اللبناني الكبير الراحل ريمون جبارة. يختم: «كانت لفتة رائعة يستحقها أحد عمالقة المسرح اللبناني. وأتمنّى أن أعود إلى الخشبة اللبنانية بأعمال تُقنعني بمحتواها. فالمسرح هو الباب الذي انطلقتُ منه إلى جميع الثقافات».


مقالات ذات صلة

صيف الفنّانين... حفلات وإصدارات ومفاجآت نجوى «بالأبيض»

يوميات الشرق صيف الفنّانين... حفلات وإصدارات ومفاجآت نجوى «بالأبيض»

صيف الفنّانين... حفلات وإصدارات ومفاجآت نجوى «بالأبيض»

أحداث شخصية وفنية افتتح بها المطربون العرب صيفهم، على رأسهم نجوى كرم التي أعلنت خبر زواجها أمام الجمهور خلال حفل أحيته في رومانيا.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد حماقي أكد اقتراب طرح ألبومه الجديد (الشركة المنظِّمة)

كاظم الساهر ومحمد حماقي ينثران البهجة في فضاء القاهرة

بعد غياب الحفلات الكبرى عن القاهرة في موسم عيد الأضحى، استضافت العاصمة المصرية حفلين ضخمين لكاظم الساهر ومحمد حماقي، نثرا في فضائها البهجة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الملصق الترويجي لحفل «ليلة وردة» (الهيئة العامة للترفيه)

جدة تُحيي «ليلة وردة»... ونجلها يُثمّن «المبادرة الجميلة»

ثمَّن رياض قصري، نجل الفنانة الجزائرية الراحلة وردة، تنظيم «الهيئة العامة للترفيه» السعودية ليلة تكريمية لوالدته في جدة، واصفاً الحفل بـ«المبادرة الجميلة».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق أمسيتان حلّقتا بالغناء والموسيقى وأبهجتا الحضور (الشرق الأوسط)

ملحم زين ورودج في «الجامعة الأميركية ببيروت»: تحليق الغناء والموسيقى

علت الأيدي واشتدَّ التصفيق، لتشهد حلقة «الدبكة» على التشابُك وتسارُع الخفقان مع خبطة القدم.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تُكرّم في «عيون السود» صباح وعبد الحليم حافظ (صور تينا يمّوت)

تينا يمّوت: «النوستالجيا» تعيدنا إلى الأعمال القديمة

لتأثُّر الفنانة اللبنانية تينا يمّوت بأغنيات العمالقة، أصدرت أغنية بعنوان «عيون السود»، مشتقّة من أغنيتَي «جيب المجوز» لصباح، و«جانا الهوا» لعبد الحليم حافظ.

فيفيان حداد (بيروت)

لهذه الأسباب تذيّل فيلم «أهل الكهف» الإيرادات في مصر

خالد النبوي في أحد مشاهد المعارك (الشركة المنتجة)
خالد النبوي في أحد مشاهد المعارك (الشركة المنتجة)
TT

لهذه الأسباب تذيّل فيلم «أهل الكهف» الإيرادات في مصر

خالد النبوي في أحد مشاهد المعارك (الشركة المنتجة)
خالد النبوي في أحد مشاهد المعارك (الشركة المنتجة)

أثار تذيل فيلم «أهل الكهف» قائمة إيرادات موسمي عيد الأضحى والصيف السينمائيين في مصر تساؤلات عدة، فرغم جودة قصة الفيلم وإنتاجه الضخم وأسماء نجومه البارزين، احتل المرتبة الأخيرة في القائمة بعد أفلام «ولاد رزق 3»، و«اللعب مع العيال»، و«عصابة الماكس».

وتم تصوير بعض مشاهد الفيلم في كل من تركيا والمغرب، وضم نخبة من الفنانين من بينهم خالد النبوي، وغادة عادل، ومحمد ممدوح، ومحمد فراج، وصبري فواز، ومصطفى فهمي، وبيومي فؤاد، وريم مصطفى، وأحمد عيد، وأحمد وفيق، والفنان جميل برسوم، الذي رحل قبل عرض الفيلم، وتم إهداء العمل له.

الفيلم مأخوذ عن مسرحية «أهل الكهف» للأديب توفيق الحكيم، وكتب المعالجة والسيناريو والحوار أيمن بهجت قمر، فيما وضع موسيقاه فاهير أتاكوجلو، وهو أميركي من أصول تركية، ومن إخراج عمرو عرفة، وإنتاج محمد رشيدي.

مصطفى فهمي يتوعد النبوي وممدوح (الشركة المنتجة)

وكان الفيلم قد شهد توقفات إنتاجية، وكتب المؤلف أيمن بهجت قمر عبر حسابه على «فيسبوك» أنه «سلم أول نسخة سيناريو من الفيلم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، وقام بتسليم تعديلات آخر مشهدين في أغسطس (آب) 2023، إذ انتهى بهما تصوير الفيلم الذي وصفه بأنه أكبر فيلم كتبه في حياته».

وعدّ الفنان رشوان توفيق أن الفيلم قُدم بمستوى عالمي، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه فيلم مأخوذ عن عمل لأديب كبير، وقد تضافرت له عناصر فنية متميزة في التصوير والكتابة والتصوير والموسيقى، مشيداً بأبطاله من الممثلين بلا استثناء.

مؤكداً أن «المخرج عمرو عرفة بذل جهوداً كبيرة، وأن المنتج محمد رشيدي تصدى لإنتاجه في وقت كان يجب أن تتصدى فيه الدولة لإنتاج مثل هذه الأعمال التاريخية؛ كونها تتطلب ميزانيات لا يقدر عليها المنتج الخاص».

محمد ممدوح في أحد مشاهد الفيلم (الشركة المنتجة)

ويرجع رشوان ضعف إيرادات الفيلم لموجة الحر الأخيرة التي جعلت الناس تبقى في منازلها، قائلاً إنه «فيلم يختلف عن الأفلام الأخرى»، مرجحاً «تحقيقه إيرادات أكبر خلال الفترة المقبلة»، متطلعاً لاختياره لتمثيل مصر بمسابقة (الأوسكار)، ومشاركته بمهرجانات كبرى، مؤكداً أنه «رغم تعرضه لفترة تاريخية بعيدة لكنه يرمي أيضاً للحروب التي تهدد الإنسانية في الزمن الحالي».

تدور أحداث «أهل الكهف» عام 250 الميلادي من خلال سبعة أشخاص يتعرضون لاضطهاد ديني ومطاردات من الإمبراطور الروماني وأعوانه مما يضطرهم لدخول أحد الكهوف ليستيقظوا بعد أكثر من ثلاثة قرون دون أن يدركوا الزمن، حيث يبحثون عن ذويهم فلا يجدونهم، ويواجهون صعوبة في البقاء وسط صراعات سياسية ودينية، فيعودون إلى الكهف من جديد.

وتضمنت مقدمة الفيلم بياناً من صناعه بأنه ليس مأخوذاً عن قصة أهل الكهف التي وردت في القرآن الكريم، وإنما عن مسرحية توفيق الحكيم، كما تضمن إشارة إلى أنه تمت مراجعته من قبل الأزهر الشريف.

الملصق الدعائي للفيلم (الشركة المنتجة)

فيما وصفت الناقدة ماجدة موريس «أهل الكهف» بأنه فيلم مهم وجيد الصنع، وأنه تضمن عناصر متميزة على جميع المستويات، مبررة ضعف إيراداته بأنه «لم يتم عمل دعاية مناسبة توازي قيمة الفيلم في عصر صارت الدعاية هي كل شيء للجمهور».

وترى موريس أن «خالد النبوي أجاد في تقديم دوره بشكل كبير، كذلك غادة عادل التي بدت ملائمة للدور، كما برع محمد فراج في شخصيتي التوأم»، فيما أشارت إلى أن المؤلف أيمن بهجت قمر كان عليه أن يجتهد في السيناريو بشكل أكبر من حيث بناء الشخصيات الرئيسية، وأن يعمل على تبسيط القصة للجمهور.

غير أنها لا تنفي أنه «قدم رؤية مهمة تربط الحاضر بالماضي حول أهمية الحرية وقيمتها في حياة الإنسان في كل الأزمان»، مشيرة إلى أن اختيارات المخرج عمرو عرفة كانت جيدة على كل المستويات.

وكان المخرج عمرو عرفة قد أعرب عبر حسابه بمنصة «إكس» عن فخره بإخراج الفيلم وكتب: «سنين وتعب وشقا لكنني أفتخر به»، فيما ذكر بطله الفنان خالد النبوي في تصريحات صحافية أنه يراهن على «أهل الكهف» كفيلم مختلف، ولا تشغله المنافسة، مؤكداً أنه «من الضروري أن تلتفت السينما لتقديم أعمال كتابنا العظام على غرار هذا الفيلم لأجل الأجيال الجديدة».

أهل الكهف بعد خروجهم منه (الشركة المنتجة)

ويتضمن الفيلم عدة مشاهد جمعت أعداداً كبيرة من المجاميع خلال المعارك التي دارت رحاها إبان تلك الفترة التي برع فيها «سبيل» (خالد النبوي) «وبولا» (محمد ممدوح)، اللذان يتعرضان لانتقام الإمبراطور «ديقيانوس» (مصطفى فهمي)، فيقيم مبارزة للتخلص منهما، فينتصر فيها «سبيل» و«بولا» ويقرران الهرب إلى مكان ناء ومعهما «عم خشبة» رشوان توفيق، وابنته (هاجر أحمد) التي تموت بعد أن تضع طفلها، بينما يرتبط «سبيل» بقصة حب مع «بريسكا» (غادة عادل) ابنة الإمبراطور بالتبني، والتي تظهر بشخصيتين، كما يظهر محمد فراج بشخصيتين توأمين «نور ونار» المختلفين في توجهاتهما، واللذين ينضمان لفريق أهل الكهف، فيما يتحدث الأبطال بالعامية المصرية الحالية.