أحمد عبد الكريم يراهن على «أبجدية دهشور» في معرضه الجديد

جدارية ضخمة تضم رموزاً فرعونية وموتيفات شعبية

«أبجدية دهشور» تتضمن معظم الرموز التي استخدمها الفنان في مشواره (الشرق الأوسط)
«أبجدية دهشور» تتضمن معظم الرموز التي استخدمها الفنان في مشواره (الشرق الأوسط)
TT

أحمد عبد الكريم يراهن على «أبجدية دهشور» في معرضه الجديد

«أبجدية دهشور» تتضمن معظم الرموز التي استخدمها الفنان في مشواره (الشرق الأوسط)
«أبجدية دهشور» تتضمن معظم الرموز التي استخدمها الفنان في مشواره (الشرق الأوسط)

بمجرد الدخول إلى معرض الفنان المصري أحمد عبد الكريم تخطف عينيك تلك الجدارية الضخمة، أو لنقل العمل المركب على طريقة التجهيز في الفراغ، تحت اسم «أبجدية دهشور». إنه عمل ملحمي مشحون بالطاقة الكامنة في الرموز الفرعونية والموتيفات الشعبية.

المعرض الذي يحمل عنوان «سيميوطيقا الفنون البصرية» يستعيد مشوار الفنان المصري بمناسبة الاحتفال ببلوغه عامه السبعين، ويضمّ أعمالاً منتقاة من مشواره الفني على مدى 40 عاماً، تمثل مراحل ومدارس وأفكاراً مختلفة في الفنون البصرية.

يراهن عبد الكريم في هذا المعرض الذي يقام في قاعة «أفق» الملحقة بـ«متحف محمد محمود خليل وحرمه»، على إبراز التنوع والثراء في مراحل مختلفة من مشواره الفني، لكنه يكاد يلخص هذا التنوع في «أبجدية دهشور» التي تتصدر المعرض ويراهن عليها باعتبارها تضم معظم الرموز التي استخدمها في أعماله.

وعن هذا العمل الملحمي يقول: «كنت أسكن دهشور، ودائماً ما كنت أمر على آثار دهشور وأشعر أمامها بالضعف، حتى قرّرت دخول هذا العالم، وحين دخلت هذا العالم لم أعد أستطيع الخروج منه».

استعادة الفن المصري القديم في أعمال الفنان أحمد عبد الكريم (الشرق الأوسط)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «(أبجدية دهشور) جاءت نتيجة شغفي بقراءة المراجع والكتب عن الفن المصري القديم، هي تشبه هذا الفن، لكنها ليست فناً مصرياً قديماً، تشبهه ربما في بعض الرموز وفي الخطوط الرأسية والعرضية، لكن تتداخل فيها الخطوط العربية والنجمة الإسلامية والموتيفات الشعبية، خصوصاً أنني أصلاً من حي السيدة زينب، فتأثرت كثيراً بالموالد والطقوس الشعبية الموجودة في السيدة».

على مدى 40 عاماً قدم عبد الكريم نحو 55 معرضاً عبر مراحل مختلفة وفي دول متعددة، وفي كل مرحلة كان يسعى دائماً لتقديم أعمال جديدة.

عن بداياته يروي: «أول معرض نظمته عام 1983 كان بعنوان (معماريات وجدانية) بأتيليه القاهرة، وتواصل مشواري حتى قدمت دهشور والهرم والنيل والنخيل، ومن ثم مراكب ورق حين اغتربت وسافرت إلى إحدى الدول العربية، ودخلت مرحلة رسم الهدهد في معارض عدّة، ثم أقمت معرض (تحية للواسطي)، و(يا طالع الشجرة)، وهي معالجات بصرية لأدبيات توفيق الحكيم، وعملت معرض الأرض، و(سيميوطيقا الفنون البصرية) التي تتضمن كل الرموز والعلامات التي قدمتها في مشواري الفني بداية من مجسم البيت المعماري القديم مروراً بمراكب الورق والعروسة المجسمة والنخلة التي قمت بأنسنتها لتصبح سيدة جميلة».

ويضمّ المعرض عدداً كبيراً من اللوحات التي تعبر عن هذه المراحل المختلفة في مشواره الفني، فهناك مجموعة عن الهدهد، وأخرى عن المراكب الورقية، وثالثة عن الأهرامات والفن المصري القديم، ورابعة عن النخيل وتجليات الأرض.

رموز نباتية وحيوانات وبشر في أعمال الفنان (الشرق الأوسط)

ويعدّ الفنان الطبيعة والبيئة المحيطة به هي المخزون الأساسي الذي يتشكل منه العمل الفني: «منذ البداية وجدت أن الفنانين العالميين ومن قبلهم الفنان المصري القديم، جميعهم تعلّموا من الطبيعة؛ لذلك حين نشاهد أعمالهم نقول (هذا فن الفراعنة) باللغة الدارجة، وهو فن الحضارة المصرية القديمة، وتعلمت منهم الكثير، كما قررت أن تكون أعمالي الفنية نابعة من البيئة التي أعيش فيها، ودراستي الأكاديمية للفن الإسلامي والفن المصري القديم أمدتني بمخزون من الثقافة البصرية الثرية جداً».

يتضمن المعرض كثيراً من اللوحات ذات الطابع الإسلامي أو الموتيفات الإسلامية، وتظهر تأثيرات الفن الإسلامي من خلال الرسوم النباتية والهندسية والنزوع نحو التجريد.

الفنان أحمد عبد الكريم إلى جوار إحدى لوحاته بالمعرض (الشرق الأوسط)

ويوضح: «حين أعددت رسالة الماجستير والدكتوراه في الفن الإسلامي، عرفت ما يمثله من فترة مهمة جداً في الفن، فأصبح التجريد والتناغم مع الطبيعة بالرسوم الهندسية والرموز النباتية يشكل طابعاً خاصاً لهذا الفن، مع العلم أن كل مكان جغرافي في الدولة الإسلامية كان له خصوصيته؛ فالفن الإسلامي في مصر يختلف عنه في العراق، يختلف عن الموجود في سوريا، وكذلك عن المغرب والهند وإيران».

وعن استعادته للفنان محمود بن يحيى الواسطي قال إنه «فنان عبقري فريد على مستوى العالم كله، وهو فنان هندي ممن رسموا (ألف ليلة وليلة). الفرس استعانوا به ليرسم لهم العتبات المقدسة، وأسس مدرسة التصوير العربي في إيران، ومن ثم أخذته الدولة العباسية، ورسم (مقامات الحريري)، وترك 55 مخطوطة وُزّعت على العالم من بينها مخطوطتان في مصر، لكنه رسم بطريقة تحمل أُسس التّصميم بها المنظور الإيهامي والفعلي والرسم الواقعي والرسم المميز للشخوص، فللحرامي هيئة وللتاجر هيئة وهكذا، وقد أعجبت جداً بهذا الفنان الذي يمثل حالة خاصة في الفنون الإسلامية».

الفنون الإسلامية من الروافد المهمة لدى الفنان (الشرق الأوسط)

ويظل الحضور المصري القديم في لوحات المعرض وفي مسيرة عبد الكريم عموماً من أبرز السمات؛ إذ يقول: «حوّلت الهرم من مقبرة للموت إلى مسرح حياة، وضعت المثلث الذي يمثل الهرم وفي داخله حياة، نعم الفراعنة ماتوا، ولكن تركوا لنا حياة وفكراً وفلسفة، تركوا لنا أبعاداً روحية في التصوف وفي العلوم، والمخفي من هذه الحضارة أكثر مما اكتشفناه، حتى اليوم ما زلنا نكتشف الجديد عنها كل يوم».

وأوضح أنه من أخذ مرسمه في دهشور عام 1990، وهو يصحو من النوم فيجد أمامه الأهرامات الثلاثة الموجودة في دهشور، وهي هرم سنفرو المنكسر، وهرم تحتمس الرابع، ثم هرم دهشور الأحمر.

وعدّ عبد الكريم أن كل معرض جديد كان يمثل مرحلة جديدة من القياس العقلي والوجداني والحضاري بالنسبة للتعامل مع الطبيعة في مصر.


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
TT

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء والموهوبين في مجالات العلوم والتقنية والابتكار، ويشارك فيه أكثر من 300 موهوب ومتحدثون محليون ودوليون من أكثر من 50 دولةً، وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ونيابة عنه، افتتح الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر الذي تنظمه مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»، في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» بالعاصمة السعودية، وشهد توقيع عدد من الاتفاقيات بين «موهبة» وعدد من الجهات.

أمير الرياض خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر (واس)

ورفع أمين عام «موهبة» المكلف الدكتور خالد الشريف، كلمة رفع فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين على رعايته للمؤتمر، ودعمه المستمر لكل ما يُعزز ريادة السعودية في إطلاق المبادرات النوعية التي تمثل قيمة مضافة لمستقبل الإنسانية، مثمناً حضور وتشريف أمير منطقة الرياض لحفل الافتتاح.

وقال الدكتور الشريف: «إن قيادة السعودية تؤمن بأهمية الاستثمار برعاية الموهوبين والمبدعين باعتبارهم الركيزة الأساسية لازدهار الأوطان والطاقة الكامنة التي تصنع آفاقاً مستقبلية لخدمة البشرية»، مشيراً إلى أن العالم شاهد على الحراك الشامل لمنظومة تنمية القدرات البشرية في المملكة لبناء قدرات الإنسان والاستثمار في إمكاناته، في ظل «رؤية السعودية 2030»، بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية.

وأكد الدكتور الشريف أن هذا الحراك يواكب ما يزخر به وطننا من طاقات بشرية شابة موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، يتجاوز إبداعها حدود بلادنا ليصل إلى العالمية، وهو ما مكن المملكة من أن تصبح حاضنة لألمع العقول العالمية الموهوبة والمبدعة، وحاضرة إنسانية واقتصادية واعدة بمستقبل زاهر ينعكس على العالم أجمع.

وأوضح أن المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بنسخته الثالثة يشكّل منصةً ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم، لتستلهم معاً حلولاً مبتكرة تعزز جودة الحياة في مجتمعاتنا، وتبرز الفرص، وتعزز التعاون الإبداعي بين الشعوب.

انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي (واس)

ولفت النظر إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي؛ حيث أمضت 25 عاماً في دعم الرؤى بعيدة المدى للموهبة والإبداع، وباتت مشاركاً رئيسياً في المنظومة الداعمة لاكتشاف ورعاية الطاقات الشابة الموهوبة والمبدعة، بمنهجية تُعد الأكثر شمولاً على مستوى العالم لرعاية الأداء العالي والإبداع.

عقب ذلك شاهد أمير منطقة الرياض والحضور عرضاً مرئياً بمناسبة اليوبيل الفضي لإنشائها، وإنجازاتها الوطنية خلال الـ25 عاماً الماضية، ثم دشن «استراتيجية موهبة 2030» وهويتها المؤسسية الجديدة، كما دشن منصة «موهبة ميتا مايندز» (M3)، وهي منصة عالمية مصممة لربط ودعم وتمكين الأفراد الموهوبين في البيئات الأكاديمية أو قطاعات الأعمال، إلى جانب تدشين الموقع الإلكتروني الجديد لـ«موهبة»، الذي تواصل المؤسسة من خلاله تقديم خدماتها لجميع مستفيديها من الموهوبين وأولياء الأمور.

ويهدف المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع إلى إظهار إمكانات الموهوبين، وتطوير نظام رعاية شامل ومتكامل للموهوبين، وتعزيز التكامل والشراكات الاستراتيجية، وتحسين وتعزيز فرص التبادل والتعاون الدولي، ويشتمل المؤتمر على 6 جلساتٍ حوارية، و8 ورش عمل، وكرياثون الإبداع بمساراته الـ4، ومتحدثين رئيسيين؛ حيث يسعى المشاركون فيها إلى إيجاد الحلول الإبداعية المبتكرة للتحديات المعاصرة، إلى جانب فعاليات مصاحبة، تشمل معرضاً وزياراتٍ ثقافيةً متنوعةً على هامش المؤتمر.