مهرجان لبنان المسرحي الدولي بتحية للمرأة المناضلة

يُكرّم رائدات لبنانيات تألّقن في الدراما وعلى الخشبة

يحمل الحدث شعار «المرأة المناضلة» (صور المهرجان)
يحمل الحدث شعار «المرأة المناضلة» (صور المهرجان)
TT

مهرجان لبنان المسرحي الدولي بتحية للمرأة المناضلة

يحمل الحدث شعار «المرأة المناضلة» (صور المهرجان)
يحمل الحدث شعار «المرأة المناضلة» (صور المهرجان)

أدّت نساء لبنانيات على مدى عقود أدواراً بارزة على الخشبة اللبنانية، فحُفرت أسماؤهن في الأذهان بوصفهنّ رائدات في عالمَي المسرح والدراما. نستذكر من بينهن، لطيفة ملتقى، وتيودورا الراسي، ورضا خوري، فيما لا تزال أسماء أخرى تقدّم عطاءات في هذا المجال، منهنّ نضال الأشقر، ورندا الأسمر، ولينا أبيض...

في هذا السياق، يُكرّم مهرجان لبنان المسرحي الدولي لمونودراما المرأة، في دوراته كل عام، بعض تلك القامات، بعدما كان في نسخاته السابقة قد قدّم لفتات تكريمية لكل من رينيه الديك، وجوليا قصّار، وغيرهن.

يُقام المهرجان سنوياً للاحتفاء بالمرأة وبعملها الفنّي، ومن أجل المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية، وتمكينها في المجتمع.

الإمارات تُشارك مع دفعة من خرّيجيها لهذا العام (صور المهرجان)

انطلقت أولى الدورات عام 2019، وهذا العام، تُقام تحت شعار «تحية للمرأة المناضلة». ومن مدينة طرابلس الشمالية، تنطلق فعالياته من 28 يونيو (حزيران) الحالي حتى 30 منه. ومن المُنتَظر أن يخصّص أحد أيامه لمدينة صور، فيوضح رئيس جمعية «تيرو للفنون» قاسم إسطنبولي أنّ ذلك منوط بالوضع اللبناني. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «علينا إقامته هناك أيضاً، لنقدّم تحية للمرأة الجنوبية. فهي رمز للنساء المكافحات اللواتي تجاوزن المصاعب بصلابتهن».

تُكرّم الدورة الرابعة للمهرجان ممثلات لبنانيات، تأكدت بينهن اسما منى كريم وختام اللحام. اختيارهما جاء على خلفية دورهما البارز في الدراما المحلّية والعربية، فيوضح إسطنبولي: «إنهما تمثلان نموذجاً لدور المرأة اللبنانية في مجالها. عطاءاتهما مهمّة، ولهما تاريخ طويل في المجالَيْن المسرحي والدرامي».

اسمان آخران سيكرّمهما المهرجان لم تُعلن هويتهما بعد؛ وفي المقابل، يقدّم أيضاً عروضاً مسرحية من لبنان ودول عربية مختلفة. الجديد هنا هو إتاحته الفرص أمام المتخرّجين الشباب؛ ومن بين العروض المرتكزة على هذا المبدأ، عرضٌ لطلاب «جامعة الشارقة للفنون الأدبية»، يقدّمونه بالإنجليزية، فيتناولون قضايا المرأة الخليجية، لتصبّ المسرحية في خانة عملهم التخرّجي، وهي من إخراج علاء حمّاد بمشاركة مجموعة من طالبات الدفعة.

«بيّة» مسرحية تونسية تُشارك في الحدث (صور المهرجان)

عرض مسرحي تونسي يتضمّنه المهرجان أيضاً، بعنوان «بيّة»، يحاكي معاناة المرأة فيها والتحدّيات التي واجهتها، خصوصاً بعد الثورة.

ومن البحرين، يستضيف الحدث مسرحية «عجيج فاطمة»، من تأليف محمد الحجيري وإخراجه، وتمثيل لمياء الشويخ، فيضيء على القوانين المنوطة بحقوق المرأة في البلاد والعالم العربي.

أما «علب»، فيشكّل عنوان العرض المسرحي الجزائري؛ من تأليف خيرت بوعتو وإخراجه. ويروي قصة امرأة جزائرية تجمع العلب منذ الصغر، ويراودها حلم يتكرّر بأنها تُمزّقها. تستفيق في أحد الأيام لتُحقق هذا الحلم، ليبقى السؤال: لماذا تأخذ قرارها هذا؟ وماذا يوجد في داخلها؟

من البحرين تُعرض مسرحية «عجيج فاطمة» (صور المهرجان)

5 عروض مسرحية بينها من لبنان ومصر، ستقف أمام لجنة لتتنافس على الجوائز. وفي المسابقة الرسمية التي تشهدها كل دورة من المهرجان، ستُقدم هذه الجوائز تحت عناوين مختلفة، من بينها أفضل نصّ، وسينوغرافيا، وإخراج، وتمثيل، وأزياء، وأفضل عمل متكامل. ومن أعضاء التحكيم الدكتورة جنى الحسن، الأستاذة الأكاديمية في معهد الفنون، وهند الصوفي ابنة طرابلس والناشطة في المجال الثقافي بمدينتها.

يُستهل الافتتاح من المسرح الوطني اللبناني بطرابلس ضمن كرنفال موسيقي، فقد اختيرت المدينة لاستضافة الحدث السنوي بعد تسميتها «العاصمة الثقافية العربية 2024». وإلى العروض المسرحية، تُقام احتفالات تُعنى بنضال المرأة قد تمتدّ إلى مدينة صور الجنوبية. وتُقدَّم تحيات خاصة للنازحات السوريات ولنساء الجنوب.


مقالات ذات صلة

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

يوميات الشرق أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق الإعلان عن تفاصيل الدورة الجديدة لمهرجان الموسيقى العربية في دورته الـ32 (دار الأوبرا المصرية)

مصر: 115 فناناً يشاركون في مهرجان الموسيقى العربية

أهدت دار الأوبرا المصرية الدورة الـ32 لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية المقرر عقدها بين 11 إلى 24 أكتوبر (تشرين الأول) إلى اسم «فنان الشعب سيد درويش».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق مسابقات اختيار أفضل جواد وفرس (محافظة الشرقية)

مصر: مهرجان الخيول العربية الأصيلة يلفت الاهتمام

للعام الـ28، تستضيف محافظة الشرقية (دلتا مصر)، مهرجان الخيول العربية الأصيلة، ليتسابق نحو 200 جواد عربي أصيل على لقب الأفضل.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق داليا تشدّد على أنها لن تطلب العمل من أحد (الشرق الأوسط)

داليا البحيري لـ«الشرق الأوسط»: لن أطرق باب أحد من أجل العمل

قالت الفنانة المصرية داليا البحيري إن التكريم الذي يحظى به الفنان يكون له وقع رائع على معنوياته إذ يُشعره بأنه يسير في الطريق الصحيح.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق الفنان المصري محمود حميدة (صفحته على «فيسبوك»)

«الجونة السينمائي» يكرّم محمود حميدة بجائزة الإنجاز الإبداعي

أعلن مهرجان «الجونة السينمائي» في مصر عن تكريم الفنان محمود حميدة بمنحه جائزة الإنجاز الإبداعي في الدورة السابعة من المهرجان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
TT

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

للرجلِ الذي يلفظ آخر أنفاسه في الغرفة المجاورة خلف الباب الموارب، ثلاث بناتٍ بطباعٍ على درجة عالية من التناقض. يتلاقين على انتظار موت والدهنّ ويتباعدن لأسباب كثيرة.

يدخل فيلم «His Three Daughters» (بناتُه الثلاث) ضمن خانة الدراما العائلية النفسية، وهو صنفٌ سينمائيّ وتلفزيونيّ مرغوب في الآونة الأخيرة. وبما أن نتفليكس لا تتأخر في اقتناص كل ما هو رائج، فقد تفرّدت المنصة العالمية بعرض الفيلم الذي كتبه وأخرجه الأميركي أزازيل جاكوبس. الأخير معروف بقلمه وكاميرته اللذَين يضعان العلاقات العائلية على طاولة التشريح، من دون تجميل ولا تسطيح.

على ما يشي العنوان، فإنّ البنات الثلاث هنّ محور الحكاية. أما باقي الشخصيات فيمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة؛ الممرضان المنزليان اللذان يعالجان الوالد، وحارس المبنى حيث شقة الرجل المريض، إضافةً إلى صديق إحدى البنات.

كبراهنّ، كايتي (تؤدّي دورها كاري كون)، ذات شخصية متحكّمة. تريد أن تمسك بزمام الأمور متسلّحةً بصرامتها وبلسانها القادر على الكلام لدقائق طويلة، من دون توقّفٍ أو إفساحٍ في المجال لسواها في الردّ. تركت كايتي عائلتها على الضفة الأخرى من مدينة مانهاتن الأميركية، وانضمّت إلى شقيقتَيها بعد انقطاع طويل بين الثلاث.

الممثلة كاري كون بدور الابنة الكبرى كايتي (نتفليكس)

ثم تأتي كريستينا (إليزابيث أولسن)، الفائقة الحساسية والهشاشة. تبدو مسالمة، وتستعين بجلسات اليوغا للحفاظ على سكينتها. لكنّ ذلك الهدوء يخفي تحته الكثير من القلق. أحد أسباب توتّر كريستينا أنها فارقت طفلتها في ولاية بعيدة، من أجل الاعتناء بوالدها.

أما ريتشل (ناتاشا ليون) فمقيمة دائمة في البيت الوالديّ، وهي التي كانت تملك حصرية الاهتمام بالأب قبل انضمام كايتي وكريستينا إليها. لكن منذ حضرتا، امتنعت هي عن دخول غرفته وآثرت الغرق في عزلتها، وفي رهانات سباق الخيل، وفي سجائر الحشيش. لا يفصل بينها وبين ضيفتَيها اختلاف الطبع فحسب، بل رابط الدم كذلك، إذ يتّضح خلال الفيلم أنّها ابنة الزوجة الثانية للأب، التي تزوّجها بعد وفاة الأولى.

ناتاشا ليون بدور ريتشل وإليزابيث أولسن بدور كريستينا (نتفليكس)

لولا خروج ريتشل بين الحين والآخر إلى باحة المبنى من أجل التدخين، لانحصرت الحركة داخل الشقة، وتحديداً في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة ريتشل. أما حجرة الوالد فلا تدخلها الكاميرا، لتقتصر الحركة منها وإليها على ابنتَيه والممرضين.

تكاد العين تحفظ تفاصيل المكان لفرط تركيز عدسة المخرج جاكوبس عليها. هنا لوحة الحائط، وهناك كرسي الوالد الذي تركه فارغاً، وتلك كنبة الصالون. جمادٌ يعكس الوقت الذي يمرّ بطيئاً وصامتاً في حضرة الموت الداهم. برز هذا النوع من الدراما الأحاديّة المساحة والمحدّدة الشخصيات، كردّة فعلٍ فنية على جائحة كورونا. وهنا، تجلس البنات الثلاث وجهاً لوجه، كما فعل جميع أفراد العائلات خلال الحجر المنزليّ.

الممثلات الثلاث مع المخرج أزازيل جاكوبس (إنستغرام)

ترمي كايتي وريتشل وكريستينا بخلافاتهنّ واختلافاتهنّ على الطاولة. وعندما لا يتواجهن، تدخل كل واحدةٍ إلى صومعتها؛ الكبرى تحضّر الطعام بانهماكٍ هستيريّ، والثانية تتفرّج دامعةً على فيديوهاتٍ لابنتها، فيما تجحظ عينا الثالثة غير الشقيقة في عالمها الموازي.

تقدّم الممثلات الثلاث أداءً قد يأخذ إحداهنّ بسهولة إلى الأوسكار، ولعلّ ناتاشا ليون «ريتشل» هي الأكثر ترشيحاً نظراً إلى فرادة الشخصية المركّبة التي لعبت، من دون التقليل من قيمة ما قدّمته زميلتاها كاري كون وإليزابيث أولسن. مسافة الفيلم مُفردةٌ بكاملها لأدائهنّ، فهنّ يستحوذن على المساحة وعلى السرديّة. وتأتي بساطة التنفيذ السينمائي والحوارات المتقنة، لتضع نفسها في خدمة البراعة التمثيلية.

الأداء الذي قدّمته ناتاشا ليون ربما يأخذها إلى ترشيح لجائزة أوسكار (نتفليكس)

يحتدم الصراع بين كايتي وريتشل على خلفية اتهام الأولى للثانية بقلّة المسؤولية وبإهمال الوالد. تدخل كريستينا بينهما كقوّة حلّ نزاع بما أنها الأكثر دبلوماسيةً، قبل أن تنفجر غضباً هي الأخرى. لعلّ ذلك الغضب يصبّ في مصلحة العلاقة «الأخويّة» التي تُرمَّم تدريجياً عبر الفيلم. فالبناء الدرامي ينطلق من الحقد الدفين والاتهامات المتبادلة، لينتقل من دون تسرّع إلى المصارحة والمصالحة.

كمَن يفكّك عَقد العلاقة بتأنٍّ، يعمل المخرج من دون أن يُغرق شخصياته في فيضٍ من العواطف. تصل الرسائل بلا استثارة مشاعر الجمهور، ما يدعم واقعيّة القصة. تأخذ كل شخصية وقتها في الكشف عن مكامن الظلام في نفسها، قبل أن ينجلي نورُها لاحقاً، وتتّضح الأسباب الكامنة وراء مواقفها الغريبة وتصرّفاتها المعقّدة.

يجري تفكيك الشخصيات وتمر السجالات بسلاسة، أي أنّ من يختارون متابعة «His Three Daughters» لن يشعروا بثقل المواقف ولن يختبروا مشاهد مزعجة، رغم أن زوايا الحكاية هي العلاقات العائلية السامة والمرض والموت.

بطلات الفيلم في جلسة تصوير ترويجية له (إنستغرام)

يهبط الفيلم في نصفه الثاني ويغرق في حوارات فلسفية طويلة، لكن سرعان ما يطرأ تطوّرٌ مفاجئ ينقذ الموقف من الملل ويكرّس المصالحة بين الأخوات، لا سيّما كايتي وريتشل.

لكنّ انزلاقاً سينمائياً صغيراً لا يلغي واقع أن «His Three Daughters» يقدّم تجربة درامية مميزة وفريدة، يستطيع أن يتماهى مع واقعيتها كل من اختبر خلافاتٍ عائلية. ولعلّ هذا الصدق في المعالجة إلى جانب بساطة التصوير، من بين الأسباب التي دفعت إلى حصول الفيلم على تصنيف ممتاز عبر مواقع تقييم الأفلام.