حيوان عاش قبل 250 مليون عام يقدم صورة عن بدايات تطور أدمغة الثدييات

صورة تخيلية نشرتها جامعة إدنبرة لهيئة الحيوان الذي أطلق عليه العلماء اسم جوردونيا (رويترز)
صورة تخيلية نشرتها جامعة إدنبرة لهيئة الحيوان الذي أطلق عليه العلماء اسم جوردونيا (رويترز)
TT

حيوان عاش قبل 250 مليون عام يقدم صورة عن بدايات تطور أدمغة الثدييات

صورة تخيلية نشرتها جامعة إدنبرة لهيئة الحيوان الذي أطلق عليه العلماء اسم جوردونيا (رويترز)
صورة تخيلية نشرتها جامعة إدنبرة لهيئة الحيوان الذي أطلق عليه العلماء اسم جوردونيا (رويترز)

قبل أكثر من 250 مليون سنة كانت أسكوتلندا ذات طبيعة صحراوية تغطيها الكثبان الرملية بعكس الضباب والمطر اللذَين يميزانها في وقتنا هذا.

واستوطن تلك البيئة الصعبة في ذلك الوقت حيوان ينتمي إلى فصيلة الثدييات يشبه الخنزير، وله وجه قريب من ملامح كلاب البج، ونابان طويلان، أطلق عليه العلماء اسم «جوردونيا».

واستخدم باحثون التصوير ثلاثي الأبعاد عالي الدقة على حفرية جوردونيا الذي عاش خلال العصر البرمي لرؤية تجويفه الدماغي، واستنساخ صورة رقمية مطابقة من الدماغ تعرض نظرة ثاقبة على حجم وتكوين هذا العضو الحيوي خلال مرحلة مبكرة من تطور الثدييات، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

مقدمة لتشكل الذكاء البشري

يختلف دماغ جوردونيا كلياً عن الثدييات الحديثة، إلا أن حجمه مقارنة بجسمه بدا مقدمة للذكاء الذي ساعد الثدييات في وقت لاحق في الهيمنة على الأرض.

وينتمي جوردونيا، الذي عاش قبل نحو 252 إلى 254 مليون سنة، إلى فصيلة من الثدييات الأولية التي احتفظت بسمات أسلاف الزواحف.

وقال هادي جورج، طالب الدكتوراه بعلم الحفريات في جامعة بريستول وكبير مُعدي الدراسة التي نشرت هذا الأسبوع بدورية «لينيان» لعلم الحيوان: «دماغ جوردونيا عموماً أقرب إلى الزواحف من الثدييات، وذلك رغم قربه إلينا أكثر من جميع الزواحف الحديثة الحية».

وأوضح جورج أن الجزء الأمامي من دماغ جوردونيا أصغر نسبياً مقارنة بجميع الثدييات الأخرى.

وأضاف أنه في حين أن دماغ جوردونيا لا تختلف عموماً عن أسلاف الثدييات، فإن الغدة الصنوبرية المسؤولة عن التمثيل الغذائي كبيرة للغاية.

دماغ جوردونيا أقرب إلى الزواحف والجزء الأمامي منه أصغر نسبياً مقارنة بجميع الثدييات الأخرى (رويترز)

أنبوب طويل مقوس

قال ستيف بروسات، عالم الحفريات بجامعة إدنبرة وأحد المعدين الرئيسين للدراسة: «ما نراه هو دماغ يبدو مختلفاً تماماً عن دماغنا، فهو ليس كرة كبيرة تشبه البالون، بل أنبوب طويل مقوس. ورغم شكله الغريب، نرى عند قياس حجمه أنه كان كبيراً جداً مقارنة بحجم الجسم».

وأضاف بروسات: «من الصعب جداً قياس الذكاء لدى الحيوانات الحديثة، والأصعب قياسه لدى الأنواع المنقرضة منذ فترة طويلة والتي لم نتمكن من ملاحظتها مباشرة. ولكن يمكننا على الأقل القول إنه كان كائناً ذكياً في عصره على الأرجح. من خلال حجم دماغه الكبير مقارنة بالحيوانات الأخرى في ذلك الوقت، يمكننا لمس الجذور التطورية المبكرة لأدمغتنا الضخمة».

وبلغ طول جوردونيا نحو ثلاثة أقدام (متر واحد) ووزنه ما يقرب من 21 كيلوغراماً. وكان وجهه طويلاً وعريضاً، وامتلك بنية قصيرة تشبه الخنزير باستثناء أرجله التي كانت أقل طولاً.

وقال جورج إن بنية الوجه والأنياب «سهّلت نمط الحياة المعتمد على أكل العشب، وخاصة قطف الجذور الرطبة من الصحراء التي اتخذها موطناً له».

انقراض جوردونيا وهيمنة أقاربه من الثدييات

ينتمي جوردونيا إلى فصيلة من أسلاف الثدييات عُرفت باسم (دايساينودونت) ظهرت لأول مرة قبل نحو 265 مليون سنة، وانقرضت منذ قرابة 200 مليون سنة.

ونجت فصيلة «دايساينودونت» من أسوأ انقراض جماعي في تاريخ الأرض منذ 252 مليون سنة في نهاية العصر البرمي، والذي يُعتقد أنه كان نتيجة لنشاط بركاني هائل في سيبيريا، إلا أن حيوان جوردونيا نفسه لم ينج من تلك الظاهرة.

وفي أعقاب تلك الكارثة ظهرت الديناصورات الأولى منذ ما يقرب من 230 مليون سنة. وظهرت الثدييات في مرحلة لاحقة قبل نحو 210 ملايين سنة، وكانت صغيرة جداً مقارنة بالديناصورات.

ولم تحصل الثدييات على فرصة للهيمنة إلا مع انقراض منافسيها بعد اصطدام نيزك بالأرض منذ 66 مليون سنة.

واكتُشفت حفرية جوردونيا في عام 1997، وهي عبارة عن كتلة من الحجر الرملي تحتوي على بقايا للجمجمة والفك السفلي.

وقال جورج: «يوجد شبه ضئيل بين دماغ جوردونيا وأدمغة الثدييات الحديثة، غير أنه لا يمتلك السمات الفريدة التي تميز الثدييات. ويسلط ذلك الضوء على رحلة التطور التي مر بها دماغ الثدييات وصولاً إلى ما هو عليه اليوم».


مقالات ذات صلة

الحيوانات الأليفة باتت عرضة للطفيليات طوال السنة بفعل التغير المناخي

يوميات الشرق يمكن للطفيليات أن تكون مؤذية جداً للحيوانات الأليفة (رويترز)

الحيوانات الأليفة باتت عرضة للطفيليات طوال السنة بفعل التغير المناخي

تطول تبِعات تغير المناخ الكلاب والقطط الأليفة أيضاً إذ باتت عرضة على مدار السنة للبراغيث والقراد والطفيليات الماصة للدم التي يمكن أن تنقل إليها أمراضاً قاتلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا أداء الحكومة الهندية اليمين الدستورية في القصر الرئاسي بنيودلهي (أ.ف.ب)

لماذا أثار قط الريبة خلال مراسم أداء الحكومة الهندية اليمين الدستورية؟

تبيّن أن حيواناً يشبه الفهد شوهد مباشرة على الهواء خلال أداء الحكومة الهندية اليمين الدستورية مساء الأحد، كان في الواقع «قطة»، على ما أفادت الشرطة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق في هذه الصورة غير المؤرخة... عائلة من الفيلة الأفريقية في محمية سامبورو الوطنية بكينيا (أ.ب)

دراسة: الأفيال الأفريقية تنادي بعضها بعضاً وتستجيب للأسماء الفردية

أظهرت دراسة جديدة نُشرت الإثنين أن الأفيال الأفريقية تنادي بعضها بعضاً وتستجيب للأسماء الفردية، وهو أمر لا تفعله سوى قِلة من الحيوانات البرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ثعبان ضخم أُمسك به في إندونيسيا سابقاً (أرشيفية - أ.ف.ب)

ثعبان بطول 5 أمتار يبتلع امرأة في إندونيسيا

عُثر على امرأة ميتة داخل بطن ثعبان ابتلعها في وسط إندونيسيا، على ما أفاد مسؤول محلي، اليوم السبت.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
يوميات الشرق كلابٌ ضحايا الإنسان (الجمعية الملكية لمنع القسوة ضد الحيوانات)

سجن بريطانية ربَّت 191 كلباً في ظروف «بائسة»

صدر حكمٌ بسجن بريطانية ربَّت 191 كلباً في ظروف «بائسة» بمقاطعة ديفون الكبيرة في جنوب غربي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحيوانات الأليفة باتت عرضة للطفيليات طوال السنة بفعل التغير المناخي

يمكن للطفيليات أن تكون مؤذية جداً للحيوانات الأليفة (رويترز)
يمكن للطفيليات أن تكون مؤذية جداً للحيوانات الأليفة (رويترز)
TT

الحيوانات الأليفة باتت عرضة للطفيليات طوال السنة بفعل التغير المناخي

يمكن للطفيليات أن تكون مؤذية جداً للحيوانات الأليفة (رويترز)
يمكن للطفيليات أن تكون مؤذية جداً للحيوانات الأليفة (رويترز)

تطول تبِعات تغير المناخ الكلاب والقطط الأليفة أيضاً، إذ باتت هذه الحيوانات المنزلية عرضة، على مدار السنة، للبراغيث والقراد والطفيليات الماصّة للدم التي يمكن أن تنقل إليها أمراضاً قاتلة.

وأوضح الطبيب البيطري المتخصص في الأمراض الجلدية وعضو الجمعية الفرنسية لبيطريي الحيوانات الأليفة، إيريك غاغير، أن تراجع حدّة الطقس في فصل الشتاء يؤدي في الواقع إلى ظهور الحشرات والعث، على مدار العام، وليس فقط في الصيف.

وشرح الاختصاصي أن «اجتماع حرارة تبلغ 18 درجة مع مستوى رطوبة متوسط» يجعل «البراغيث موجودة طوال العام، وهو ما ينطبق أيضاً تقريباً على القراد»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولاحظت المساعِدة البيطرية كارول أرشيه، خلال مؤتمر لشركة «إم إس دي سانتيه أنيمال» للأدوية عن الموضوع، أن «الناس كانوا في السابق يأتون لطلب المشورة بشأن هذا الموضوع في الربيع، لكنهم، اليوم، باتوا يأتون حتى في الشتاء».

ويمكن لهذه الطفيليات أن تكون مؤذية جداً للحيوانات الأليفة، ولا تقتصر مضارّها على الحكة وخطر الحساسية، إذ يمكن للقراد أن ينقل البكتيريا أو الطفيليات، من خلال اللدغات التي تؤدي إلى أمراض خطيرة في بعض الأحيان، كداء البيروبلازما (القاتل إذا لم يعالَج في الوقت المناسب)، أو مرض لايم.

وشدّد الطبيب البيطري، المتخصص في الأمراض الجلدية، أموري بريان، من هذا المنطلق على ضرورة اليقظة، داعياً أصحاب الحيوانات الأليفة إلى فحصها بعناية، وإلى المواظبة، طوال العام، على إعطائها العلاج المضاد للطفيليات.

ومع أن 90 في المائة من أصحاب الكلاب أكدوا أنهم سبق أن استخدموا منتجاً خارجياً مضاداً للطفيليات، لا يهتم سوى نصفهم بتجديد العلاج، وفقاً لاستطلاع «أوبينيون واي»، الذي أُجريَ في مارس (آذار) 2024، في فرنسا وشمل ألفاً من أصحاب الكلاب.

وفي المتوسط، تجري حماية الحيوانات لمدة 3.8 شهر فقط في السنة، وفقاً لتقديرات أصحابها.

ونبّه بريان إلى أن هذا ليس كافياً «لكسر دورة» تكاثر الطفيليات وحماية الحيوانات، مشدداً على ضرورة اللجوء إلى الأطباء البيطريين القادرين على تحديد العلاج الأنسب.

فمن غير الجائز مثلاً إعطاء القطة المنزلية جرعة أقل من عامل مضاد للطفيليات مخصص للكلاب، على حد قوله؛ إذ إن العلاجات الخارجية للكلاب، التي تعتمد على البيرميثرين، يمكن أن تكون قاتلة للقطط.

وشرح غاغير أن «العلاج ينبغي أن يتناسب مع نمط حياة الحيوان، فالعلاج لكلب الشقة الذي لا يسافر، لا يمكن أن يكون صالحاً لكلب الصيد الذي يعيش مع حيوانات أخرى ويذهب إلى الغابة».