يعدُّ النجم النيوتروني «J0205»، البالغ عمره 841 عاماً فقط، وحرارته 2.3 مليون درجة مئوية، بارداً جداً إلى حدّ لا يتوافق مع عدد كبير من النماذج التي تفسّر برودة هذه الأجسام الكونية الفريدة، وفق دراسة أجراها علماء فلك إسبان.
والنجم النيوتروني هو ما بقي من انفجار نجم ضخم في نهاية حياته. وإذا تجاوزت هذه البقايا كتلة معيّنة، تتحوّل ثقباً أسود. وما دون هذه الكتلة يصبح نجماً نيوترونياً. وهذا النجم جسم ذو كثافة هائلة، يعادل 1.4 شمس مضغوطة في كرة يبلغ قطرها من 20 إلى 30 كيلومتراً. وبدوران يبلغ 15 دورة في الثانية يولّد مجالاً مغناطيسياً قوياً، يصاحبه انبعاث أشعة سينية.
يحمل هذا الجزء الكوني الدوّار «معلومات فريدة عن خصائص المادة وسلوكها في الظروف القاسية للكثافة والمجالات المغناطيسية»، وفق الدراسة التي نشرتها مجلة «نيتشر أسترونومي»، ونقلتها وكالة الصحافة الفرنسية.
وهذه الظروف لا يمكن إنتاج ما يُشبهها في المختبر، وقد أنشأ الفيزيائيون نماذج لها، تُسمَّى معادلات الحالة. فهي تتيح وصف العمليات التي تحدث في قلب هذه النجوم، في الحالات التي تتفكّك فيها نوى الذرات، وتتصرّف مكوّناتها بطرق غريبة.
ومن خلال الاطّلاع على ما رصده التلسكوبان الفضائيان «إكس إم إم نيوتن»، و«تشاندرا» المخصَّصان لاكتشاف النجوم النيوترونية، حدَّد فريق علماء الفلك الإسبان 3 منها تتميّز عن البقية.
وأوضح المُعدّ المشارك للدراسة، عضو «معهد برشلونة لعلوم الفضاء»، الدكتور أليسيو مارينو، أنّ «درجة حرارتها مرتفعة جداً على الورق، لكنها باردة على نحو غير مألوف بالنسبة إلى صغر عمرها». وليس هذا الفارق قليلاً؛ لأنّ حرارتها تصل على الأقل إلى نصف حرارة النجوم النيوترونية من العمر عينه.
عادة، يولد النجم «عند حرارة تبلغ نحو 500 مليار درجة، وبعد دقائق، تنخفض إلى أقل من 10 مليارات درجة»، وفق مديرة البحوث في «المركز الوطني للبحوث العلمية» في «مرصد ستراسبورغ»، ميكايلا أورتيل، المتخصّصة في مجال الكائنات المدمجة. وتنخفض درجة الحرارة هذه بشكل حادّ مع تقدُّم عمر هذه النجوم، بعد مليون عام.
وفي النموذج الحالي، تولّى علماء الفلك احتساب منحنيات التبريد وفق العمر؛ مما يسمح بمقارنتها بالنجوم النيوترونية. وحدّدوا هذا العمر عبر مراقبة السحابة المتبقّية من الانفجار الأصلي الذي شهد ولادة النجوم.
وأظهرت حساباتهم أنّ أصغرها وهو «J0205»، يبلغ 841 عاماً، وهو تاريخ تؤكده الروايات التاريخية لمراقبي السماء في العصور الوسطى.
أما الآخران فيبلغ عمر الأول 7700 عام، والآخر بين 2500 و5000 عام، مع درجات حرارة تبلغ 1.9 و4.6 مليون درجة على التوالي، أي على الأقلّ ضعف حجم النجوم النيوترونية المعاصرة.
ومع ذلك، فإنّ «تبريد النجم أمر حساس حقاً لتركيبته الداخلية»، وخصوصاً نسبة النيوترونات مقارنة بالبروتونات، وفق ميكايلا أورتيل التي لم تُشارك في الدراسة.
وخلصت الدراسة إلى أنه بالنسبة إلى النجوم النيوترونية قيد النظر، يجب أن تتضمّن هذه النماذج آلية تبريد سريعة، مرتبطة بتركيبة النجم.
تتعلّق أهمية هذه الدراسة بالفيزياء الأساسية، وتكمن في كونها تتيح، خصوصاً فهم التفاعل القوي، وهو إحدى القوى الأساسية التي تحكم المادة في الصغر اللامتناهي. ولكن أيضاً الفيزياء الفلكية، وبالتالي الكبر اللامتناهي.