معرض «آرت بازل» اختبار لصحة سوق الفن عالمياً

معرض «آرت بازل» بسويسرا 13 يونيو (إ.ب.أ)
معرض «آرت بازل» بسويسرا 13 يونيو (إ.ب.أ)
TT

معرض «آرت بازل» اختبار لصحة سوق الفن عالمياً

معرض «آرت بازل» بسويسرا 13 يونيو (إ.ب.أ)
معرض «آرت بازل» بسويسرا 13 يونيو (إ.ب.أ)

شهد معرض «آرت بازل» للفن المعاصر المُقام هذا الأسبوع في سويسرا، مرة جديدة، مبيعات ضخمة تخفي تطوّراً غير منتظم لسوق الفن التي لا تزال في «وضع سيئ»، بحسب بعض الخبراء.

وهذا العام، افتتح المعرض الذي يستمر حتى يوم غد (الأحد) في مدينة بازل السويسرية، وسط حالة من الإرباك بعد تراجع شهدته سوق الفن في عام 2023، بسبب أسعار الفائدة والبيئة الجيوسياسية غير المستقرة.

وخلال الأيام المخصصة لهواة الجمع، حقّقت المعارض الكبيرة مبيعات بلغت عشرات الملايين. والثلاثاء، عثرت صالة عرض ديفيد زويرنر على مشترٍ للوحة «دوار الشمس» للأميركي جوان ميتشل لقاء 20 مليون دولار.

وباع معرض «هاوزر أند ويرث» الألماني عملاً بالفحم والباستيل لأرشيل غوركي مقابل 16 مليون دولار، ولوحة لجورجيا أوكيف لقاء 13.5 مليون دولار، ولوحة زيتية على قماش لفيليب غوستون بـ10 ملايين دولار.

وقال جيمس كوخ، المدير التنفيذي لـ«هاوزر أند ويرث» الذي عرض أعمالاً لأسماء بارزة من القرن العشرين وفنانين حديثين، بينهم إيمي شيرالد التي اشتهرت بفضل رسم لميشيل أوباما: «كان المعرض جيداً جداً».

وشكّل المعرض فرصة للقاء «هواة الجمع الجادين» الذين يشترون «على المدى البعيد»، بعدما «فقدت السوق القليل من جانب المضاربة الخاص بها، وهذا أمر مهم جداً لأنّ الحديث يتركز مرة جديدة على الفن»، بحسب كوخ.

ومع ذلك، «لا تمثل» هذه المبيعات الكبيرة «المعرض بأكمله»، على قول هانز لينين، المتخصص في سوق الفن لدى شركة «أكسا إكس إل» للتأمين لأوروبا وآسيا والمحيط الهادئ.

وأضاف لوكالة الأنباء الفرنسية: «يبرز في بعض السنوات اتجاه واضح جداً من المعرض. لكن هذا العام، من الصعب تحديده»، فالانطباع العام غامض بصورة أكبر هذه المرة.

وأشار إلى «وجود دائم للمبيعات الكبيرة»، لكن «بعض أصحاب المعارض يقولون إن السوق أصعب بعض الشيء». وبشكل عام، تبدو السوق «مستقرة إلى حد ما، من دون تدهور أو تحسن»، بحسب قوله.

تأجيل الاستثمارات

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت رئيسة سوق الفن لدى شركة «هيسكوكس» للتأمين في فرنسا جولي هيوز: «السوق حالياً في وضع سيئ، كما هي الحال في قطاع العقارات، إذ يلجأ المشترون إلى الانتظار، ويؤجلون الاستثمارات إلى وقت لاحق».

وقالت: «في وضع اقتصادي غير مستقر كالسائد اليوم، يبرز ميل للتحوّل نحو الاستثمارات الآمنة كالذهب أو الأعمال الفنية»، بل نحو «الاستثمارات الآمنة جداً»، على غرار «الأعمال الغنية القديمة أو الحديثة» بدلاً من «الفن المعاصر الذي يواجه تقلبات قوية».

ومع ذلك، لاحظت هيوز «عمليات بيع جيدة» فيما يسمى شرائح الأسعار «المعقولة»، «بدءاً من 50 ألف يورو (53.59 ألف دولار)»، ما يوفر نقطة دخول «للاطلاع على أعمال الفنانين الشباب الناشئين» وتحديد مَن «أدرجتهم المعارض الكبيرة في لوائحها».

وبحسب دراسة أجراها مصرف «يو بي إس» وشركة «آرتس إكونوميكس»، انخفضت سوق الأعمال الفنية بنسبة 4 في المائة عام 2023، لتصل إلى نحو 65 مليار دولار، إذ كان هواة الجمع أكثر حذراً قبل إنفاق مبالغ كبيرة أو عرض قطع باهظة الثمن للبيع. ومع ذلك، ظلت شرائح الأسعار المعقولة ديناميكية، بحسب التقرير.

ويقول توماس أوتويلير، وكيل التأمين الفني في شركة بالواز، أحد الشركاء في المعرض، «إنها فرصة للفنانين الشباب».

وتمنح مجموعة التأمين السويسرية هذه سنوياً جائزة تفتح أبواب المتاحف الكبرى أمام الفنانين الشباب، وتكافئ هذا العام الفنانة المتحدرة من هونغ كونغ تيفاني سيا والفنان السوداني النرويجي أحمد عمر.

ويقول أويتويلر إنّ «آرت بازل حدث مميز»، نظراً إلى جودة الأعمال المعروضة فيه.

ويضيف: «هذا غيض من فيض سوق الفن»، مشيراً إلى صعوبة استخلاص استنتاجات فيما يتعلق بالسوق كلها.


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق المعرض يشهد استحداث ممر تكريمي للشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن (وزارة الثقافة)

تجلّيات الثقافة والفكر تُزيّن معرض الرياض الدولي للكتاب

المعرض يُعدّ تظاهرة ثقافية وفكرية سنوية بارزة بالمنطقة تجسّد منذ عقود الإرث الثقافي للمملكة وترسّخ ريادتها في صناعة الثقافة وتصدير المعرفة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)

«فانتازيا الوشاحي»... معرض استعادي لـ«سلطان النحت الطائر»

جاء العرض البصري لـ«فانتازيا الوشاحي» بشكل يُتيح الاقتراب من عالم النحّات الراحل، إذ تُجاور أعماله الجوائز الدولية والمحلّية التي حصل عليها على مدى مشواره.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق زائرات يشاهدن بعض لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

«سبيل الغاب» يناجي الصحراء في أبوظبي

يتقاطر محبو الفن التشكيلي، زرافاتٍ وفرادى، إلى «مَجمع 421 للفنون» في أبوظبي لمشاهدة لوحات وأعمال 19 فناناً من جنوب آسيا، وجنوب غربي آسيا، وأفريقيا.

مالك القعقور (أبوظبي)
يوميات الشرق الرئيس الفرنسي والمصوّر عمار عبد ربه

المصوّر السوري عمار عبد ربه يشارك في «نظرات على الإليزيه»

المصور السوري الفرنسي عمار عبد ربه مساهم منتظم مع «الشرق الأوسط»، يشتهر بقدرته على التقاط لحظات قوية بوضوح مدهش، وامتدت مسيرته المهنية لأكثر من 3 عقود.

«الشرق الأوسط» (باريس)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
TT

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة، بل عاشت معاناة على مدى 10 سنوات معه، بيد أن هذا لم يُزعزع ثقتها أبداً، مؤكدةً في حوار مع «الشرق الأوسط» أنها شَرَعت في العمل على فيلم جديد، وتعكف حالياً على كتابة عملٍ روائيٍّ طويل مُستمَداً من الواقع.

وأشارت أسماء المدير إلى أنها لا تضع نفسها تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يحظى فيلمها المقبل بقدر نجاح «كذب أبيض»، وأن هذا حدث مع كبار مخرِجي السينما في العالم.

وحرصت المخرجة الشابة على حضور المهرجان الدولي لفيلم المرأة الذي يُقام بمدينتها «سلا» بالمغرب، وقد استقبلها الجمهور بحفاوة، وأقام المهرجان حواراً معها بحضور المخرجين الشباب، وطلبة مدارس السينما.

ووضع فيلم «كذب أبيض» أسماء المدير في مكانة سينمائية جيدة، بعدما طافت معه على مدى عام في مهرجانات عدة، حاصداً جوائز كثيرة، فما وقْعُ ذلك كله عليها؟

تجيب أسماء المدير: «لم أتغيّر، لكن مسيرتي المهنية تغيّرت، فقد تحقّق جزء كبير من أحلامي السينمائية، من بينها وصول الفيلم لمهرجان (كان) وفوزه بجائزتين، وتمثيله لبلادي بالأوسكار، وقد حقّقت ما أردته من أن يكون إنتاجاً عربياً خالصاً، من المغرب والسعودية وقطر، كما نجاحه بوصفه أول فيلمٍ مغربي يحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان (مراكش)، وترشّحي لجائزة (الروح المستقلة) مع سينمائيين كبار، على غرار مارتن سكورسيزي، وجوستين تريت؛ مخرجة فيلم (تشريح سقوط)، لا شك أن (كذب أبيض) فتح أمامي أبواب السينما العالمية».

لقطة من فيلم «كذب أبيض» (إدارة مهرجان «سلا»)

لم يكن نجاح الفيلم لحظياً، فالنجاح في رأي أسماء مجموعة من المحطات عبر الزمن، وسنوات تتخلّلها مراحل سقوط ونهوض، تُعِدّ نفسها كما لو كانت في سفر ووصلت إلى المحطة التي تبغيها، مثلما تقول: «قد يجعلني ذلك لا أشعر بنشوة النجاح سوى مع مرور الوقت، حين ألتقي بصُنّاع أفلام كبار يقولون لي: لقد نجحت».

هل يكون النجاح الباهر عائقاً أمام تجربتها السينمائية المقبلة، ومتى تبدأها؟

تجيب أسماء، ذات الـ34 عاماً، قائلة: لقد «بدأتها بالفعل، أعمل على فكرة فيلم روائي مرتبط بقصة حقيقية، ولكن بطريقتي، وأحاول أن أستمد أفلامي من الواقع، ولا أضع نفسي تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يكون العمل المقبل بنجاح (كذب أبيض)، نعم سأشتغل عليه بالجدية نفسها، لكنني لا أتحكم في النجاح، فقد لا يعجب الجمهور مثلاً، وليس معنى ذلك أنني فشلت، بل عليّ أن أُجرّب شكلاً آخر، ومَن يخشى التجربة يفتح لنفسه باب الفشل».

وتضيف موضّحةً: «مُخرِجون كبار حدث معهم هذا، ومنهم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي قدّم أفلاماً قوية، ومن ثمّ قدّم فيلماً لم يكتب عنه ناقد واحد، حتى المخرج يوسف شاهين تعجبني بعض أفلامه، وبعضها ليس على المستوى نفسه، وأذكر حين زارنا المخرج محمد خان خلال دراستنا السينما، قال إنه يصنع أفلامه كما يريدها، وهذا كل شيء، لذا أقرأ النقد وأدَعُه جانباً، فقد انتهى الفيلم بالنسبة لي».

تأثّرت أسماء المدير بمخرجين مغاربة كبار، ومن بينهم حكيم بلعباس في كل أفلامه، ومحمد المعنوني بفيلمه «الحال»، وفوزي بن سعيدي في «ألف شهر».

المخرجة المغربية أسماء المدير (إدارة مهرجان سلا)

عاشت أسماء المدير رحلة معاناة تَعُدُّها رحلة صحية، قائلة: «عانيت مع الفيلم 10 سنوات، كبرت خلالها معه سعياً وراء الإنتاج الذي حلمت به في كل تفاصيله، المونتاج والإخراج والكتابة، وقد بدأته في 2016، وفي عام 2020 وصلنا لآخر محطة تصوير، وخلال عامَي 21 و22 كان المونتاج، ليصدر الفيلم في 2023، قبل ذلك عشت مراحل من الفشل والنجاح، كنت أقدّم ملف الفيلم لصناديق دعم فترفضه، لكنني كنت واثقة أنني أصنع فيلماً حقيقياً، فلم يتزعزع إيماني به، ولم أستسلِم لثقة اكتسبتها، فأنا لا أعرف شيئاً آخر سوى السينما، هي شغفي ودراستي ومهنتي، ومجالي الذي اخترته وتخصصت فيه، وصارت الهواية مهنة، وعندي دائماً نظرة بعيدة أتجاوز بها العراقيل، وأتطلّع لما بعد».

تنظر لما مرّت به بشكل إيجابي، قائلة: «أرى أن هذه الرحلة تجربة صحية، فلو حصلت على دعم كبير في البداية كنت سأجد صعوبة في تحقيق ما وصلت إليه في النهاية، بالنسبة لي هي أشياء صحية لأي مبتدئ، وأغلب صُنّاع الأفلام يواجهون ذلك في البداية».

وتنحاز المخرجة المغربية للأفلام الوثائقية، مؤكّدة: «إنه مجال خصب، وبه حرية أكبر وأشكال كثيرة ممكن تجريبها، الأفلام الروائية أحياناً تكون متشابهة، ومنذ زمن لم نشاهد تجارب مبهرة تخرج عن المألوف، لكن الوثائقي لا يزال خصباً».

فرحتها الكبيرة حين تُوِّج فيلمها بالجائزة الكبرى في «مراكش» (إدارة مهرجان سلا)

لحظات سعادة عاشتها أسماء المدير مع الفيلم في مدن عدة، لكن أسعدها يوم عُرض في مهرجان «مراكش»، تقول: «أجمل ما سمعت عن الفيلم كان في مراكش أيضاً، الجمهور المغربي كان رائعاً في استقباله للفيلم، وقد حظي بنجاح أسعدني، كما عُرض في مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، والآن هناك موزّع سينمائي في مصر يتفاوض على عرضه بالقاهرة مع الجهات التي تملك حقوق توزيعه».