حياة زينات صدقي تُلهم مسرحيين مصريين محاكاة حزن مشوارها

عرض «الأرتيست» استعادة لمعاناة الفنان مع عائلته وظروفه

مشهد من عرض «الأرتيست» (صفحة المسرحية في «فيسبوك»)
مشهد من عرض «الأرتيست» (صفحة المسرحية في «فيسبوك»)
TT

حياة زينات صدقي تُلهم مسرحيين مصريين محاكاة حزن مشوارها

مشهد من عرض «الأرتيست» (صفحة المسرحية في «فيسبوك»)
مشهد من عرض «الأرتيست» (صفحة المسرحية في «فيسبوك»)

من وحي معاناة الفنانة المصرية زينات صدقي في حياتها، قبل الشهرة مع عائلتها، أو بعد عزوف الأضواء عنها في سنواتها الأخيرة، استلهم صنّاع مسرحية «الأرتيست» تجربتهم الجديدة التي تُعرَض في مركز «الهناجر للفنون» في القاهرة.

تدور الأحداث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 1976، قبل يوم من الاحتفال بعيد الفنّ الأول، فتتلقّى زينات صدقي اتصالاً من رئيس الجمهورية محمد أنور السادات يدعوها لحضور الحفل لتكريمها في وقت كانت تعاني ضائقة مالية شديدة.

تجسّد الممثلة هايدي عبد الخالق دور زينات صدقي في مراحلها المختلفة، فتمرُّ حياتها المرتبكة، والظروف التي جعلتها تتخلّى عن كثير من أساسيات الحياة؛ من ملابسها الراقية، مروراً بالطبّاخ وعاملة المنزل.

جانب من العرض المسرحي (صفحة المسرحية في «فيسبوك»)

لنحو 90 دقيقة، نشاهد ذكريات زينات باسمها الحقيقي، زينب، سواء في طفولتها مع إرغامها على الزواج مبكراً، ومعاناتها مع عائلتها لإقناعهم برغبتها في التمثيل، حتى سفرها إلى لبنان لتعمل «أرتيست» هرباً من ملاحقتهم.

جوانب يستعرضها العمل بإيقاع سريع، منها فشل زواجها الثاني بسبب حبّها للفن، ورفضها اعتزال التمثيل من أجل زوجها الذي ينفصل عنها، مروراً بعلاقتها المضطربة مع شقيقها الذي تربّي أبناءه، وتعدُّهم أبناءها بعد وفاة والدتهم.

يبرز العمل، عبر مواقف مختلفة، جوانب حياة زينات صدقي، واهتمامها الزائد بالنظافة، واعتناءها بالمحيطين بها وحرصها على تلبية رغباتهم. فعاملة المنزل التي تركتها لعدم قدرة الممثلة المصرية على دفع أجرتها، تأتي إليها بين الحين والآخر لتساعدها وفاء لها.

اختار كاتب العرض ومخرجه محمد زكي لحظة النهاية بصوت زينات صدقي الحقيقي في يوم تكريمها بـ«عيد الفنّ»، ودعائها عبر التلفزيون بالقول: «ربنا ينصر الفنانين على أهاليهم اللي مش معترفين بالفنّ»، مبديةً سعادتها لتكريم الرئيس لمسيرتها الفنية.

يقول زكي لـ«الشرق الأوسط» إنّ اختيار هذا المقطع جاء لكونه الأصدق في التعبير عن فكرة المسرحية المرتبطة بمعاناة الفنانين في مجال عملهم وبعلاقتهم مع عائلتهم، ولكونها أيضاً التعبير الأصدق عما عاشته زينات صدقي.

ملصق ترويجي للعرض (صفحة المسرحية في «فيسبوك»)

يضيف أنه سعى إلى إبراز معاناتها الشخصية حتى خلال تقدمها أعمالها الكوميدية، مؤكداً أنه لا يرى العرض وثائقياً، بل معالجة فنية لإبراز مأساة عاشها بشكل أو بآخر فنانون في جيلها. ويشير إلى أنه لم يبحث عما إذ كان الكلام عن أنها «كادت أن تتغيّب عن حضور (عيد الفنّ) لعدم وجود فستان مناسب تظهر به أمام الرئيس»، حقيقة أم شائعة، لكنه وظَّفه أسوةً بتفاصيل أخرى خدمةً للفكرة.

ويلفت زكي إلى العمل على النص لنحو 5 سنوات جرّاء بعض المعوقات الإنتاجية، مشيراً إلى أنّ اعتماد العرض على مشاعر الممثل جعله يدقّق في اختيار فريق العمل الذي قدَّم أداء حصد إشادات.

«الأرتيست»، من بطولة هايدي عبد الخالق، وفاطمة عادل، وإيهاب بكير، ومحمد زكي، وأحمد الجوهري، وآخرين؛ وشارك في التأليف أسماء السيد، وكتابة محمد زكي وإخراجه.

يشيد الناقد المسرحي باسم صادق بـ«طريقة المعالجة والتناول الدرامي المميز في السرد، والتوظيف الجيد للإضاءة والملابس والماكياج»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، «تألُّق أداء هايدي عبد الخالق لشخصية زينات صدقي وقدرتها على الاحتفاظ بروح الدعابة التي ميّزت الراحلة».

هايدي عبد الخالق تقدّم شخصية زينات صدقي (صفحة المسرحية في «فيسبوك»)

ويضيف أنّ صناع العمل نجحوا في ألا يكون العرض استعراضاً لحياة زينات صدقي، بل «قدّموه برؤية تجعل مَن يشاهده يحبّها ويقدّر فنّها، خصوصاً مع تمسكها بحلمها وإصرارها على تجاوُز الصعوبات».

الفنانة الراحلة زينات صدقي (أرشيفية)

ولنحو 3 عقود، قدّمت زينات صدقي (1913 -1978) عشرات الأعمال الفنية ذات الطابع الكوميدي بمعظمها. ورغم أنها لم تقدّم البطولة السينمائية، تركت بصمة في أدوارها؛ ومن أشهرها «حميدة» في فيلم «ابن حميدو»؛ وقد خصَّص لها السادات راتباً استثنائياً لظروفها المالية الصعبة في أيامها الأخيرة.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».