معرض باريسي عن تاريخ الميداليات الأولمبية... والفائز يقضم طرفها بأسنانه

الحصول عليها هو الإنجاز الأقصى لعشاق الرياضة ومحترفيها

لاعبة الجمباز الأميركية سيموني بيليس تقضم ميداليتها في دورة ريو 2016 (رويترز)
لاعبة الجمباز الأميركية سيموني بيليس تقضم ميداليتها في دورة ريو 2016 (رويترز)
TT

معرض باريسي عن تاريخ الميداليات الأولمبية... والفائز يقضم طرفها بأسنانه

لاعبة الجمباز الأميركية سيموني بيليس تقضم ميداليتها في دورة ريو 2016 (رويترز)
لاعبة الجمباز الأميركية سيموني بيليس تقضم ميداليتها في دورة ريو 2016 (رويترز)

هي الطيف الذي يداعب أجفان مئات الآلاف من عشاق الرياضة ومحترفيها. والحصول عليها هو الإنجاز الأقصى لأي منهم. بل إنّ بينهم مَن نالها مرتين أو ثلاث أو أربع. وبمناسبة انعقاد دورة الألعاب الأولمبية الـ33 في باريس، أراد المشرفون على متحف العملة والمسكوكات الإضاءة على فنّ الميدالية الأولمبية وتاريخها. إنّ الميداليات الرياضية هي من القطع التي تعرفها جيداً دار سكّ العملة في فرنسا، بكونها الجهة التي تتولّى تصنيعها. من هنا يكتسب هذا المعرض جاذبيته لكلّ عشاق الرياضة والمنافسات العالمية الدورية.

في عام 1896، وبمناسبة انعقاد أول دورة للألعاب الأولمبية في العصر الحديث في أثينا، طرحت دار سكّ العملة في باريس أول ميدالية أولمبية. وهو ما تكرّر في دورات عام 1900، ثم في 1924، ومرّة ​​أخرى في عام 1968.

ملصق يانصيب فرنسي لتشجيع الأولمبياد (صور المعرض)

ومن العصور القديمة حتى يومنا هذا، يسعى المعرض إلى تقديم لحظات النصر والمكافأة، وهي حكاية ممتعة يمكن سردها، لا من خلال الميدالية عينها فحسب، بل أيضاً من خلال المقتنيات والصور والتسجيلات والأرشيفات التي ترد في هذا السياق. لقد تطوّرت تلك اللحظة الأهم في حياة كل رياضي، فتتجدّد مع رؤيته للميدالية وتلمُّس معدنها على مرّ السنوات، كما تطوّر تصميم الميداليات، فبات يشهد على تطوُّر الألعاب نفسها، وبالتالي التحوّلات التي عاشها العالم.

لكن من المدهش أن تبدو الرياضة غائبة إلى حدّ كبير عن الميدالية الأولمبية لمصلحة الرمز الخالد المؤلَّف من دوائر متداخلة ترمز إلى قارات العالم. وبالتالي، كان لا بدّ لاستكمال المعرض بمجموعة مختارة من الأدوات المستخدمة في صناعة الميداليات الرياضية. فقد أتيحت الفرصة لمجموعة من الفنانين للتعبير بحرّية أكبر عن رؤيتهم للعمل والجهد المبذولين في المنافسة الرياضية، وكذلك في صناعة الميدالية.

يبدأ المعرض بنماذج مصوَّرة عما كانت عليه المباريات القديمة. فقد تأسّست الألعاب الأولمبية في اليونان في القرن الثامن قبل الميلاد تكريماً للإله زيوس. واستمرّت تُقام كل 4 سنوات لمدة 1000 عام تقريباً. ورغم عظمتها، لم يبقَ منها سوى مخلّفات أثرية أعيد اكتشافها في القرنين الـ18 والـ19. وهي تنقيبات أعادت إحياء ذاكرة الألعاب القديمة وفضائلها المادية والسياسية.

معروضات دار المسكوكات (صور المعرض)

لم يكن الفرنسي بيير دي كوبرتان، البارون النبيل المتحمِّس للرياضة، أول مَن حاول تجديد الألعاب الأولمبية. لكنه نجح في تحقيق ذلك عن طريق التفاوض وحسن الإقناع. وهو الذي يقف وراء إنشاء اللجنة الأولمبية الدولية عام 1894 في باريس، وبعد سنتين دورة الألعاب الأولمبية الأولى في العصر الحديث في أثينا. ثم جاء الدور على باريس عام 1900. لكنها كانت دورة فاشلة. ورغم هذا تمكّن بيير دي كوبرتان واللجنة الأولمبية الدولية من الحصول على موافقة فرنسا على تنظيم الألعاب ثانية في عام 1924، إنما مع تحديث ملحوظ يقضي بتنظيم دورة صيفية في باريس، وأخرى شتوية في منتجع شاموني للتزلج على الجليد، والواقع على سفح الجبل الأبيض شرق فرنسا.

كانت دورة الألعاب الأولمبية في أمستردام، 1928، مسرحاً لطقوس جديدة لم تتغيّر منذ ذلك الحين، أبرزها وقائع توزيع الجوائز. فقد جرى الاتفاق على أن تُسلَّم الميداليات في وقت المباراة ومكانها، وليس في نهاية الألعاب. اختير نموذج الميدالية الذي صمّمه جوزيبي كاسيولي واستمر لنحو 40 عاماً. وفي دورة الألعاب الصيفية في لوس أنجليس، والشتوية في ليك بلاسيد، 1932، ظهرت منصّة التتويج ذات الدرجات الثلاث التي نعرفها.

على عكس ميداليات الألعاب الصيفية، لا تخضع الميداليات الشتوية للقواعد الموحَّدة الخاصة باللجنة الأولمبية الدولية. إنها تتيح مزيداً من البحث والابتكار وتمنح للفنانين فرصة يتسابقون على اغتنامها لنقش وجهَي الميدالية الأولمبية بالرموز الخاصة ببلدانهم، ووفق الاتجاهات الجمالية السائدة في كل وقت. ومع حلول عام 1972، تُركت الميداليات الصيفية للاختيار الحرّ لكل لجنة منظّمة. ومع ذلك، التزمت النقوش بالرموز الأولمبية المعروفة، مثل إكليل الغار والشعلة وغيرهما. في عام 1992، جرت محاولة في دورة ألعاب برشلونة للخروج على الرمزيات السابقة.

ومع بداية التسعينات، ومن ثم الانتقال إلى القرن الـ21، اشتدَّ هبوب رياح الحرّية على الميداليات الأولمبية الشتوية. وبالإضافة إلى التصاميم الأكثر جرأة والتقنيات المبتكرة، ظهرت تعبيرات عن قضايا مجتمعية وبيئية. وبعيداً عن الأكاديمية التي تظلّ ميدالية الألعاب الصيفية مقيّدة بها، فإنّ ميدالية الألعاب الشتوية راحت تتألّق بجرأتها الفنية والتزامها الرمزي. ومع حلول العقد الأول من قرننا الحالي، تعزّزت ابتكارات الفنانين المصمّمين لتلك الميداليات والحرّية المتاحة لهم. والواضح أنّ رغبة عميقة في التجديد ظهرت منذ السبعينات. وفي سنوات تالية، أخذت بعض القضايا الاجتماعية والبيئية أهمية متزايدة. لقد أصبحت الميدالية الأولمبية مرآة لمجتمعاتنا بقدر ما هي وعاء لتاريخنا.

إذا كان هناك من مثاليات باقية في العالم الراهن، فإنّ الميدالية الأولمبية قيمة مثالية. إنها الحلم الأقصى لأي رياضي ورياضية. تهفو أعينهم نحو الذهب، بالدرجة الأولى، فإذا لم يحالفهم الحظّ بالمعدن الأصفر، فلا بأس بالفضة أو البرونز. ولعلّها واحدة من أجمل لحظات العمر هي تلك الصور التي يبدو فيها الأبطال على منصّة التتويج، وهم يقضمون طرف ميدالية الفوز بأسنانهم.


مقالات ذات صلة

براونلي بطل الأولمبياد مرتين يعتزل لعبة «الثلاثي»

رياضة عالمية أليستير براونلي (أ.ب)

براونلي بطل الأولمبياد مرتين يعتزل لعبة «الثلاثي»

أعلن أليستير براونلي، الفائز بذهبيتين أولمبيتين في الثلاثي وبطل العالم مرتين، اعتزاله في عمر الـ36 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية آدم بيتي (رويترز)

بيتي: لست مستعداً لاتخاذ قرار المشاركة في «أولمبياد 2028»

قال السباح البريطاني آدم بيتي، بطل الأولمبياد 3 مرات، إنه غير مستعد الآن لاتخاذ قراره بشأن المشاركة في أولمبياد لوس أنجليس 2028، وذلك بعدما أصيب بالإحباط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية الوكالة الدولية للاختبارات أن 10.3 في المائة من الرياضيين لم يتم اختبار تعاطيهم للمواد المنشطة في الأشهر الـ6 (أ.ف.ب)

67 فائزاً بميداليات لم يخضعوا لاختبارات المنشطات قبل «أولمبياد باريس»

ذكر تقرير صادر من الوكالة الدولية للاختبارات أن 3.‏10 في المائة من الرياضيين، بما في ذلك 67 رياضياً فازوا بميداليات.

«الشرق الأوسط» (لايبزغ)
رياضة عربية إيمان خليف وقعت ضحية جدل حول هويتها الجنسية منذ وصولها إلى باريس (رويترز)

الجزائرية إيمان خليف تتقدم بدعوى قضائية لمزاعم تسريب سجلات طبية

تقدمت الملاكمة الجزائرية ايمان خليف حاملة ذهبية وزن 66 كلغ في أولمبياد باريس الصيف الماضي بدعوى قضائية، الأربعاء، بسبب تقارير إعلامية عن سجلات طبية مسربة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية نواه لايلز (رويترز)

لايلز خارج قائمة المرشحين للفوز بجائزة أفضل رياضي على المضمار

لن يكون البطل الأولمبي في سباق 100 متر، الأميركي نواه لايلز، أحد مرشحَين نهائيَّين للفوز بجائزة أفضل رياضي على مضمار ألعاب القوى لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (باريس)

وزير الثقافة السعودي يلتقي مبتعثي «صناعة المانجا» في اليابان

وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)
وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)
TT

وزير الثقافة السعودي يلتقي مبتعثي «صناعة المانجا» في اليابان

وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)
وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)

حث الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الأدب والنشر والترجمة، السبت، الطلاب المبتعثين في برنامج أسس صناعة القصص المصورة «المانجا» في اليابان، على أهمية التأهيل العلمي والأكاديمي في التخصصات الثقافية للإسهام بعد تخرجهم في رحلة تطوير المنظومة الثقافية في بلادهم.

وأكد الأمير بدر بن عبد الله، خلال لقائه عدداً من الطلاب المبتعثين في مقر إقامته في طوكيو، دعم القيادة السعودية لكل ما من شأنه تنمية القدرات البشرية في المجالات كافة.

ويُقام البرنامج التدريبي بالتعاون بين هيئة الأدب والنشر والترجمة، وشركة «مانجا للإنتاج»، التابعة لمؤسسة محمد بن سلمان «مسك»، الذي يستهدف موهوبي فن المانجا ضمن برنامج تدريبي احترافي باستخدام التقنيات اليابانية؛ منبع هذا الفن.

حضر اللقاء الدكتور محمد علوان الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، والدكتور عصام بخاري الرئيس التنفيذي لشركة «مانجا للإنتاج»، وعددٌ من الطلاب والطالبات المبتعثين لدراسة فن المانجا في أكاديمية كادوكاوا، إحدى أكبر الأكاديميات في اليابان، التي تهتم بتدريب واستقطاب الخبرات والمهتمين بصناعة القصص المصورة.

يشار إلى أن البرنامج التدريبي يتضمن 3 مراحل رئيسية، بدءاً من ورش العمل الافتراضية التي تقدم نظرةً عامة حول مراحل صناعة القصص المصورة، تليها مرحلة البرنامج التدريبي المكثّف، ومن ثم ابتعاث المتدربين إلى اليابان للالتحاق بأكاديمية كادوكاوا الرائدة في مجال صناعة المانجا عالمياً.

كما تم ضمن البرنامج إطلاق عدد من المسابقات المتعلقة بفن المانجا، وهي مسابقة «منجنها» لتحويل الأمثلة العربية إلى مانجا، ومسابقة «مانجا القصيد» لتحويل القصائد العربية إلى مانجا، ومؤخراً بالتزامن مع عام الإبل 2024 أُطلقت مسابقة «مانجا الإبل» للتعبير عن أصالة ورمزية الإبل في الثقافة السعودية بفن المانجا.

وتجاوز عدد المستفيدين من البرنامج 1850 متدرباً ومتدربة في الورش الافتراضية، وتأهل منهم 115 للبرنامج التدريبي المكثّف، أنتجوا 115 قصة مصورة، وابتُعث 21 متدرباً ومتدربة إلى اليابان؛ لصقل مواهبهم على أيدي خُبراء في هذا الفن، إضافة إلى استقبال 133 مشاركة في مسابقة «منجنها»، وما يزيد على 70 مشاركة في مسابقة «مانجا القصيد»، وأكثر من 50 مشاركة في «مانجا الإبل».

يذكر أن هيئة الأدب والنشر والترجمة تقدم برنامج أسس صناعة القصص المصورة «المانجا» بالتعاون مع شركة «مانجا للإنتاج»، بهدف تأسيس جيل مهتم بمجال صناعة المانجا، وصقل مهارات الموهوبين، ودعم بيئة المحتوى الإبداعي في المملكة.