فرضية تحاكي «تعطل قطار المشاعر» قبل موسم الحج

نقل 1.4 مليون حاج افتراضياً عبر 36 ألف رحلة

قطار المشاعر إحد أهم وسائل النقل بين المشاعر المقدسة خلال موسم الحج (واس)
قطار المشاعر إحد أهم وسائل النقل بين المشاعر المقدسة خلال موسم الحج (واس)
TT

فرضية تحاكي «تعطل قطار المشاعر» قبل موسم الحج

قطار المشاعر إحد أهم وسائل النقل بين المشاعر المقدسة خلال موسم الحج (واس)
قطار المشاعر إحد أهم وسائل النقل بين المشاعر المقدسة خلال موسم الحج (واس)

طرح فرضية تعطل قطار المشاعر المقدسة في أثناء فترات التصعيد والنفرة بـ«موسم الحج»، كان خياراً مهماً في فهم تلك الأحداث الطارئة ومباشرتها من الجهات المعنية التي خرجت بجملة نقاط حول كيفية التعامل معها حال حدوثها لوسيلة نقل مهمة خلال أيام معدودة تترتب عليها أعباء مختلفة في التأخر والنقل ما بين المشاعر الثلاثة.

تأتي هذه الخطوة الاستباقية ضمن أحداث التجربة الفرضية الثالثة لنقل وتفويج الحجاج، التي أطلقتها وزارة الحج، الأربعاء، إذ تركز على التعامل مع كل ما قد ينشأ خلال الموسم، ومنها تعطل القطار في أثناء نقله قرابة 316 ألف حاج، من أماكن وجودهم في المحطة أو المخيمات إلى مواقع أخرى لإكمال النسك، كذلك آلية ومتابعة عملية التفويج ومراقبة مقرات الإقامة بالمشاعر المقدسة.

وزير الحج ونائبه خلال انطلاق الفرضية في المشاعر المقدسة (الشرق الأوسط)

من جانبه، قال الدكتور توفيق الربيعة، وزير الحج والعمرة، إنهم يتعاملون مع تجمع بشري يحدث مرة واحدة في العام، لذلك يجب أن يكونوا مستعدين له، ويعملوا مثل هذه الفرضيات لتلك الحركة، لكي يتعاملوا مع أي حالات طارئة لم يعلموا عنها أو لم يتدرب عليها الكثير، موضحاً أن آلية الحركة والقيادة كلها تحتاج إلى تطوير الخبرات وأساليب التعامل.

وتحدث الوزير عن أهمية التعامل مع المخاطر أو الأحداث غير المتوقَّعة، ومنها تعطل «قطار المشاعر» وهو ينقل 316 ألف حاج، وغير ذلك من الحالات الطارئة التي يمكن أن تحدث، لذا هناك حاجة إلى تلك الفرضيات التي بدأت خلال العام الماضي، وجرى التوسع فيها، ووجدوا لها أثراً كبيراً في تجويد العمل وتحسينه للخروج بموسم حج مميز وآمن.

د.توفيق الربيعة خلال متابعته برنامج الفرضية الثالثة (الشرق الأوسط)

من ناحيته، قال الدكتور عايض الغوينم، وكيل الوزارة لشؤون الحج، إنه منذ نهاية الموسم الماضي جرى رسم ملامح خريطة الطريق لجاهزية موسم هذا العام، مبيناً أنه كان من أهم المكتسبات الواجب الحفاظ عليها العمل على محاكاة الحج في أكثر من خدمة للتحقق من عكس جميع الخطط التي جرى العمل عليها مكتبياً، وكذلك التوأمة مع الجهات الأخرى على أرض الميدان، والتحقق من جاهزيتها، والكشف عن أي فجوات تشغيلية في التنفيذ.

واعتمدت الفرضية على نقل 1.4 مليون حاج افتراضياً، وفقاً للغوينم، الذي قال إنه «من خلال محاكات نقلهم من مساكنهم بمكة المكرمة إلى المشاعر المقدسة، حرصنا على أن توجد جميع أنماط النقل جاهزةً في هذه الفرضية عبر 5 عمليات تفويج و14 مسار حركة»، لافتاً إلى أن «التجربة ستنفذ 65200 رحلة، وهي ضِعف عدد الرحلات التي جرت سابقاً والمقدرة بنحو 36 ألف رحلة، في حين يشارك نحو 110 كيانات لتقديم الخدمة، ونحو 20 ألف شخص من جميع الجهات المعنية».

وزارة الحج أطلقت الفرضية الثالثة لنقل وتفويج الحجاج في المشاعر المقدسة (الشرق الأوسط)

بدوره، تناول الدكتور محمد القرني، المشرف العام على مركز التفويج والعمليات المشتركة في الوزارة، بُعداً آخَر وهو يشرح عملية ربط التجربة الفرضية بتعطل القطار لنقل 316 ألف حاج في أثناء «التصعيد من منى إلى عرفة، ثم الإفاضة منها إلى مزدلفة، فالنفرة منها إلى منى».

وقال القرني إن هناك خطة لنقل الحجاج في حال تعطل القطار خلال أيٍّ من هذه العمليات، وكل منها تتم وفق آلية وبرامج لضمان ذلك من خلال مسارات عدة، تشمل الخروج من عرفة إلى مزدلفة، والصعود من منى إلى عرفة، التي تعتمد على النقل الترددي لنقل الحجاج، موضحاً أن هناك 33 ألف جدول لكل فوج لمنشأة الجمرات، وجدولة القطار بالأفواج لرحلة 316 ألفاً من خلال 5 آلاف جدول توضح رحلات التصعيد والتفويج، والإفاضة والعودة إلى مشعر منى، و«هذا أعطانا قدرة على التعامل وحوكمة العمل».

حضور مختلف القطاعات المعنية بأعمال الحج في التجربة الفرضية (الشرق الأوسط)

وأضاف أنه يشارك في التجربة قرابة 500 مسكن بمكة المكرمة، و390 مركز ضيافة، و1050 موقعاً في المشاعر المقدسة، وقد بدأت من عصر الثلاثاء في الجاهزية والتنظيم والاستعداد، وانطلقت مرحلة التصعيد الأربعاء، من مكة إلى مشعر منى، مؤكداً تحقق مستهدفات الفرضية مع مساعيهم لزيادتها، و«أكبر عمل جرى يتمثل في ارتباط المكانات والجداول الزمنية لرحلة الحاج»، التي تمر بـ26 مرحلة منذ لحظة قدومه حتى مغادرته الأراضي السعودية، وكل منها لها شركاء ومسؤولون، ومستهدفات ومؤشرات أداء.


مقالات ذات صلة

القطاعات الاقتصادية واللوجيستيات تدفع جدة السعودية لمنافسة المدن العالمية

الاقتصاد جانب من جلسات غرفة جدة حول ريادة الأعمال (الشرق الأوسط)

القطاعات الاقتصادية واللوجيستيات تدفع جدة السعودية لمنافسة المدن العالمية

تشهد مدينة جدة، غرب السعودية، حراكاً كبيراً في القطاعات الاقتصادية والسياحية كافة، فيما يدفع قطاع اللوجيستيات المدينة للوصول لمستويات عالية في تقديم هذه الخدمة.

سعيد الأبيض (جدة)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
يوميات الشرق التنوع البيئي وجماليات الشعب المرجانية في البحر الأحمر (واس)

ابيضاض الشعب المرجانية يضرب العالم... والبحر الأحمر الأقل تضرراً

تعدّ الشُّعَب المرجانية رافداً بيئياً واقتصادياً لكثير من الدول؛ فقد نمت فيها عوائدها لمليارات الدولارات؛ بسبب تدفّق السياح للاستمتاع بسواحلها وبتنوع شعبها.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد هيئة المنافسة السعودية توافق على 116 طلباً للاستحواذ

هيئة المنافسة السعودية توافق على 116 طلباً للاستحواذ

أصدرت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية، قرارات بتحريك الدعوى الجزائية بحق 24 منشأة، منذ بداية العام، في حين بلغ عدد الشكاوى الواردة للهيئة 299 شكوى.

سعيد الأبيض (جدة)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

«الإليزيه»: ماكرون يزور السعودية بين 2 و4 ديسمبر القادم

يزور الرئيس إيمانويل ماكرون السعودية في الفترة بين الثاني والرابع من ديسمبر المقبل، حسبما أعلن قصر الإليزيه.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».