انطلاق مهرجان «ربيع بيروت» بـ«زيارة» تكريماً للمدينة

افتُتح بتحية لمؤسِّسته الراحلة جيزيل خوري الغائبة عنه للمرّة الأولى

ضيوف سلسلة الوثائقي «زيارة» تكريماً لبيروت على المسرح («إنستغرام» المهرجان)
ضيوف سلسلة الوثائقي «زيارة» تكريماً لبيروت على المسرح («إنستغرام» المهرجان)
TT

انطلاق مهرجان «ربيع بيروت» بـ«زيارة» تكريماً للمدينة

ضيوف سلسلة الوثائقي «زيارة» تكريماً لبيروت على المسرح («إنستغرام» المهرجان)
ضيوف سلسلة الوثائقي «زيارة» تكريماً لبيروت على المسرح («إنستغرام» المهرجان)

بتأثُّر شديد، أعلنت مديرة «مهرجان بيروت»، رندة الأسمر، افتتاح فعالياته من «ساحة الشهداء» بوسط المدينة. وبكلمة مختصرة، عبّرت عن حزنها لغياب مؤسِّسته الإعلامية جيزيل خوري للمرّة الأولى عنه. بعدها، عُرض فيلم قصير عن إنجازات الراحلة في نسخ المهرجان منذ عام 2009.

كانت المقاعد وسط الساحة قد ازدحمت بروّاد هذا الحدث قبل ساعات من انطلاق برنامجه الذي استُهلَّ بعرض 12 فيلماً قصيراً للوثائقي «زيارة» تكريماً لبيروت. وفي 9 و10 يونيو (حزيران) الحالي، تُعرض مسرحية «صمت» للكويتي سليمان البسام، أما في 15 منه، فيُحيي الفنان زياد سحاب حفلاً موسيقياً بعنوان «تحية لفلسطين وأهلها»، على أن يختتم فعالياته في 20 يونيو بـ«تحية إلى جيزيل خوري»، ليعكس شخصيتها بالقول وبالفعل، كما ذكرت رندة الأسمر في كلمتها الافتتاحية؛ فجيزيل خوري كانت قد أطلقت هذا الحدث السنوي منذ نحو 16 عاماً لإحياء ذكرى زوجها الراحل سمير قصير. ومنذ ذلك الوقت، صار موعداً سنوياً ينبض في قلب العاصمة.

البرنامج يتضمّن تحية لفلسطين («إنستغرام» المهرجان)

حلّت سلسلة «زيارة إلى بيروت» أوّل ضيف على البرنامج، فوثّقت علاقة 12 فناناً لبنانياً مع المدينة.

اصطفَّ في المقاعد الأمامية للحفل بعض هؤلاء الفنانين؛ فغالبيتهم، كما ذكرت منتجة السلسلة دنيز جبور، موجودون خارج البلاد. ومن بين الحاضرين، جورجيت جبارة، ورندة كعدي، ورفعت طربيه، وفايق حميصي، ورندة الأسمر. وأشارت دنيز جبور إلى أنّ خيار إقامة العرض الأول للأفلام الـ12 وسط «ساحة الشهداء»، يرتبط برمزيتها؛ فهي الشاهد الحيّ على أحداث لبنانية قلبت معادلات مهمّة في البلد، وتابعت: «نشعر بالحزن عندما نرى بيروت ترقد في العتمة كأنها مدينة أشباح. ولأننا بصدد تكريمها، فإننا رغبنا في الحضور إلى هذه الساحة لنعيد إليها الحياة كما تستحق».

الحلقات الـ12 من «زيارة إلى بيروت» تضمّنت لقاءات مع 12 فناناً عاصروا المدينة في أيام الرخاء، وشهدوا على تألّقها الثقافي والفنّي. نُفِّذ العمل بدعم من صندوق «بيريت» التابع لـ«اليونيسكو»؛ وهو من إخراج موريال أبو الروس التي تتولّى هذه المهمّة منذ النسخة الأولى.

ترك «الوثائقي» خليطاً من مشاعر الحزن والفرح، فما ذكره بعض الفنانين، أمثال روجيه عساف عن دمار بيروت، وانطفاء شعلتها كان مؤثراً؛ فقد حرص في نهاية حلقته - التي استغرقت 5 دقائق، مثل بقية حلقات السلسلة - على ذكر أصعب مرحلة عاشها، فقال إنها تعود إلى عام 2019، عندما انطفأت الثورة، وانطفأ معها كل شيء، لتدخل بيروت في مرحلة الصراع من أجل البقاء.

أما الفنانة ميراي معلوف، فأجرَت مقارنة بين بيروت وبرودواي؛ فالعاصمة اللبنانية كانت تضجّ بالنشاطات الفنية والثقافية، وشكّلت ملتقى الشعراء والأدباء، و«اليوم نعيش الكآبة وزمن الدمار الشامل».

كذلك مدَّت إطلالة الفنانة جورجيت جبارة في السلسلة الحضورَ بجرعة أمل. ذلك عندما روت قصتها مع مدرستها للرقص. وكان حُبّها الكبير لبيروت قد حفّزها على التمسّك بزرع الحياة بدل الموت في أوْج الحرب اللبنانية: «كنت أبني أحجار مدرستي للرقص، بينما اللبنانيون يغادرون وطنهم بالبواخر».

رندة الأسمر خلال افتتاحها النسخة الـ16 من «ربيع بيروت» («إنستغرام» المهرجان)

من ناحيتها، حمّلت الممثلة رندة كعدي الحرب وزر كسر أحلامها الطفولية، فقالت: «لديّ غضب على هذا الوطن؛ فالوطن أمٌّ، ولكن ما هذه الأم التي لا تحضن أولادها؟»، بينما وصف الممثل نقولا دانيال بيروت بأنها «كانت أجمل مدينة للعيش. كانت تعجّ بالحياة، وتنعم بالازدهار، واليوم تبدّلت ملامحها؛ ما جعل الحياة فيها غربة».

الفنانة أميمة الخليل غابت عن الحفل بجسدها، ولكن حضر صوتها يصدح بالنشيد الوطني في بدايته؛ فهي من بين الفنانين الـ12 المشاركين في سلسلة «زيارة إلى بيروت». وخلال حلقتها، وصفت المدينة بالحزينة، لكنها «الجميلة رغم كل شيء، ولا أعرف من أين تأتي بهذا السحر».

المعروف أنّ سلسلة «زيارة» الوثائقية تقدّم في حلقاتها قصصاً إنسانية تنبع من الواقع؛ حيث تلتقي أصحابها وتتركهم يبوحون أمام الكاميرا بمشاعرهم الحقيقية. وفي «زيارة إلى بيروت» الذي يشكل موسمها الثامن، لجأت إلى الأسلوب نفسه، فوفّرت لضيوفها مساحة يعبّرون فيها عن حبّهم للعاصمة اللبنانية على طريقتهم، والنتيجة «وثائقي» مشبَّع بأحاسيس 12 فناناً إزاء مدينتهم المُلهِمة.


مقالات ذات صلة

غياب منة شلبي عن تكريمها بـ«الإسكندرية السينمائي» يثير تساؤلات

يوميات الشرق لقطة جماعية للفائزين بمسابقة أفلام البحر المتوسط رفقة المخرج يسري نصر الله (إدارة المهرجان)

غياب منة شلبي عن تكريمها بـ«الإسكندرية السينمائي» يثير تساؤلات

اختتم مهرجان الإسكندرية السينمائي دورته الـ40، وهي الدورة التي عدّها نقاد وصناع أفلام «ناجحة» في ظل ظروف صعبة تتعلق بالميزانية الضعيفة والاضطرابات الإقليمية.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

تروي المسرحية قصة زوجة تستيقظ فجأة على نبأ وفاة زوجها، لكن تلك المصيبة لا تأتي بمفردها، بل تجرّ معها مصائب متلاحقة، ليصبح الأمر كابوساً.

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق تكريم فريدة فهمي في مهرجان الإسماعيلية (وزارة الثقافة المصرية)

مهرجان مصري يستعيد تاريخ نجمة الرقص الشعبي فريدة فهمي

استعاد مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية تاريخ نجمة الرقص الشعبي فريدة فهمي التي عدّها نقاد «أيقونة» لفرقة رضا للفنون الشعبية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق العرض المونودرامي «يوميات ممثل مهزوم» (إدارة المهرجان)

«يوميات ممثل مهزوم»... مسرحية النهايات الحزينة للمواهب الواعدة

استطاع العرض المسرحي «يوميات ممثل مهزوم» أن يلفت الانتباه بقوة ضمن المهرجان الدولي «أيام القاهرة للمونودراما»؛ لعدة أسباب منها موضوع العمل.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)

فنانون ونقاد لا يرون تعارضاً بين الأنشطة الفنية ومتابعة الاضطرابات الإقليمية

في حين طالب بعضهم بإلغاء المهرجانات الفنية لإظهار الشعور القومي والإنساني، فإن فنانين ونقاد رأوا أهمية استمرار هذه الأنشطة وعدم توقفها كدليل على استمرار الحياة.

انتصار دردير (القاهرة )

مدينة أوروبية حجرية قديمة تصل حرارتها إلى 27 درجة مئوية في أكتوبر

«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)
«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)
TT

مدينة أوروبية حجرية قديمة تصل حرارتها إلى 27 درجة مئوية في أكتوبر

«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)
«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)

عند التفكير في قضاء عطلة في إيطاليا، قد تخطر على بالك وجهات مثل روما، أو فلورنسا، أو ساحل «أمالفي» الرومانسي. ومع ذلك، ثمة جوهرة واحدة غير مُكتَشفة بإمكانها منافسة هذه الوجهات المزدحمة وهي «ماتيرا»، حسب «صحيفة ميترو» اللندنية.

تقع «ماتيرا» في إيطاليا، في منطقة بازيليكاتا، وتُعرف باسم «مدينة الحجر» بسبب شبكة كهوفها القديمة، وتعد واحدة من أقدم المدن في أوروبا. ووفقاً لبعض التقديرات، فهي ثالث أقدم مدينة في العالم.

ووصفها الروائي كارلو ليفي ذات مرة بـ«عار إيطاليا»، حيث نُفي إليها في ثلاثينات القرن العشرين، وشهد الظروف المعيشية المزرية لسكانها، الذين كان كثير منهم يعيشون في كهوف مع مواشيهم.

وأدّى الفقر المدقع والضياع الذي ميّز هذه الفترة إلى تدخل حكومي واسع النطاق وجهود لإعادة التوطين، ما جعل «ماتيرا» منسية إلى حد كبير على مدى سنوات كثيرة.

غير أن عمارتها الفريدة وتاريخها الغني ضمن لماتيرا عدم نسيانها بشكل كامل.

ومنذ ذلك الحين، شهدت المدينة تحولاً ملحوظاً، حيث تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1993 إلى أن تم اختيارها عاصمة الثقافة الأوروبية في عام 2019.

كما استغل صانعو الأفلام السينمائية جاذبية ماتيرا، وظهرت مناظرها الخلابة في بعض الأفلام، مثل: «لا وقت للموت» لجيمس بوند، و«آلام المسيح» لميل غيبسون.