البودكاستر محمد إسلام... «جو روغان» السعودية

يستضيف الأميركي غاري فاينرتشوك... ويقول لـ«الشرق الأوسط»: بلغنا العالمية

لقاء محمد إسلام مع غاري فاينرتشوك في الرياض (الشرق الأوسط)
لقاء محمد إسلام مع غاري فاينرتشوك في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

البودكاستر محمد إسلام... «جو روغان» السعودية

لقاء محمد إسلام مع غاري فاينرتشوك في الرياض (الشرق الأوسط)
لقاء محمد إسلام مع غاري فاينرتشوك في الرياض (الشرق الأوسط)

يمكن تشبيه البودكاستر محمد إسلام بأنه النسخة السعودية من الأميركي الشهير جو روغان، المعروف بحواراته المطوّلة مع ضيوفه، فيتابع قناته عبر «يوتيوب» أكثر من 16 مليون مشترك. يقدّم إسلام بودكاست «ذا مو شو» على طريقة روغان، فيحاور ضيوفاً مهمّين من مختلف المجالات. بدأ حلقته الأولى في سبتمبر (أيلول) 2020، وهو يُعدّ أول بودكاست سعودي باللغة الإنجليزية يتابعه اليوم عشرات الملايين من العالم.

يتحدث إسلام لـ«الشرق الأوسط» عن قصة البداية، ويُخبر أنه انطلق موظّفاً في شركة، وكان مستاء من قيود الوظيفة ومتاعب واجهها مع مديره، إلى أن سمع حلقة من برنامج جو روغان «The Joe Rogan Experience» كان يحاور فيها رائد الأعمال نافال رافيكانت، فألهمه فكرة إعادة النظر في حياته، ليقرّر تحدّي الظروف والاتجاه لإنتاج البودكاست.

نقطة التحوّل

يتابع: «شعرتُ حينها بالاحتراق الوظيفي، وفي أغسطس (آب) 2020، وأثناء حظر التجوّل إبان الجائحة، شاهدتُ هذه الحلقة من برنامج جو روغان، وبعدها بأسبوع بدأت بتسجيل أول حلقة من البودكاست، وكان ضيفي فيها أحد أصحابي».

لم يقرّر إسلام الاستقالة فوراً، بل انتظر نحو 3 سنوات. وفي يوليو (تموز) الماضي، تواصلت معه وزارة الإعلام ليكون ضمن الوفد الإعلامي المرافق لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في زيارته إلى دلهي، بمناسبة «G20». «من هنا ازدادت ثقتي بما أفعل، وقرّرت التفرّغ لشغفي».

ماذا يقول من خلال هذا البودكاست؟ يجيب: «كنت مستاء من الصورة المغلوطة حيال بلدي السعودية، خصوصاً أنني منذ سنّ الـ11 عشتُ في بريطانيا، وبعدها انتقلت إلى أميركا. طوال تلك الأعوام، لاحظتُ نظرة الغرب القاصرة تجاه المملكة واختزالها بالصحراء والإبل والتطرُّف الديني، مما استفزّني جداً. لم يدركوا ما نعيشه من نهضة وتفوّق، ولا يريدون خلع النظارة السوداء التي يروننا من خلالها».

رسالة محمد إسلام إيصال القوّة الناعمة السعودية إلى العالم (الشرق الأوسط)

القوّة الناعمة

يتطلّع إسلام إلى أن يكون برنامجه منصّة للتعبير عن القوّة الناعمة للسعودية، مستثمراً إتقانه اللغة الإنجليزية لإيصال المعلومات الصحيحة للغرب، التي يصعب وصولها عبر قنواته الإعلامية المركزية. من هذه الرؤية انطلقت الحلقة الأولى من «ذا مو شو» الذي يصل مجموع حلقاته اليوم إلى 115.

بسؤاله عن إمكان إطلاق لقب «جو روغان السعودية» عليه، يقول: «ليس ذلك هدفي، رغم تعلُّمي كثيراً مما فعل. أخذت من طريقة حواره وأسلوبه في إعداد الحلقات، وأحاول فعل هذا كلّه بطريقتي. إن أُطلِق هذا اللقب عليَّ، فسأكون سعيداً، لأنه مؤثّر في الإعلام الغربي».

غاري فاينرتشوك خلال اللقاء (الشرق الأوسط)

الأميركي غاري فاينرتشوك

يستضيف «ذا مو شو» في أحدث حلقاته رائد الأعمال الأميركي غاري فاينرتشوك الذي يتابعه الملايين من العالم. بسؤاله عن ترتيبات هذا اللقاء، يبدو لافتاً ما ذكره محمد إسلام بأنّ فريق غاري هو مَن تواصل معه. يضيف: «أخبروني أنه سيكون موجوداً في الرياض لـ48 ساعة، وسألونا إذا كنا نرغب في استضافته عبر البودكاست، فشعرت بأننا بلغنا العالمية».

صُوِّرت الحلقة في الطبقة 61 في «مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض، فيبدو من هذا الارتفاع جمال المباني والحياة الديناميكية المدهشة التي تعيشها العاصمة. يقول إسلام: «عندما انتهينا من التصوير، عانقني وقال لي إنّ ما أفعله هو شيء ممتاز وبمستوى أقوى بودكاست شاهده في أميركا، مما أعطاني دفعة معنويّة جميلة».

لقاء مع الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية جيري إنزيريلو (الشرق الأوسط)

ضيوف مؤثّرون

ضيوف ظهروا في البرنامج لهم تأثيرهم الكبير، ومن الصعب استضافتهم في برامج حوارية اعتيادية، فما السرّ؟ يجيب: «النيّة الصافية هي الأساس. أنطلق دائماً من الرغبة الصادقة بتمثيل وطني بشكل مشرّف». وبسؤاله عن أحب الحلقات إليه، يشير إلى لقائه مع سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأميركية الأميرة ريما بنت بندر، قائلاً: «كانت حلقة صعبة، فبذلت جهداً كبيراً في الإعداد لرغبتي في أن تكون تاريخية، وكان تفاعل الضيفة رائعاً خلالها».

جانب من تصوير لقائه مع الأميرة ريما بنت بندر (الشرق الأوسط)

إعلام غير تقليدي

يمتاز محمد إسلام بالأسلوب الودّي الهادئ، ما يجعل الضيف يتحدّث بارتياح شديد معه. يقول: «ربما لأنني لستُ إعلامياً في الأصل، فمن الملاحَظ اليوم على مستوى العالم أنّ أفضل مَن يمارس الإعلام هم ليسوا إعلاميين، ولا يتّبعون الطرق التقليدية». ويوضح أنه لا يميل إلى نوعية الأسئلة المباشرة على طريقة «سؤال وجواب»، بل يفضّل الدردشة.

بسؤاله عن جمهور «ذا مو شو»، يردّ أنه في العامين الأوّلين، كان نحو 80 في المائة منه من داخل السعودية، وإنما النِّسب تغيّرت اليوم، لتصل نسبة الجمهور من خارج المملكة إلى نحو 70 في المائة من دول عربية وأميركا وبريطانيا وأوروبا الغربية، وكذلك الهند وأستراليا وجنوب أفريقيا، ما دفعه للحرص على ترجمة كل حلقة لتصل إلى فئات أكبر.

⁨وزير الرياضة السعودي الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل حلَّ ضيفاً (الشرق الأوسط)⁩

النهضة السعودية

على مدى حلقاته، سأل البرنامج عدداً كبيراً من الضيوف إن كانوا يدركون حجم التغيّرات النهضوية في السعودية، ومدى استيعابهم لذلك. يقول محمد إسلام: «أول سؤال طرحته على غاري كان: هل استطاعت الإنجازات في المملكة الوصول إلى رجل في نيويورك؟، فأجاب: (لو لم تصل إليَّ، لما جئتُ إلى الرياض!)». يتابع أنه كان متحمِّساً جداً لزيارة السعودية ومشاهدة ما يحصل في الواقع: «اليوم، وأكثر من أي سنة عشتُها في حياتي، صرت ألحظ أنّ ما يحدث في المملكة هو محطُّ أنظار العالم، بما يشدُّ الاهتمام نحونا».


مقالات ذات صلة

ثعبان عملاق يُنغّص على بريطانية استمتاعها باحتساء القهوة

يوميات الشرق للصدمة أشكال عدّة (مواقع التواصل)

ثعبان عملاق يُنغّص على بريطانية استمتاعها باحتساء القهوة

أُصيبت بريطانية بصدمة كبيرة بعد اكتشافها ثعباناً من فصيلة الأصلة العاصرة، طوله 5.5 قدم (1.6 متر) مختبئاً في حديقة منزلها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «جاك سبارو» في المستشفى (إ.ب.أ)

«القرصان» جوني ديب يُفاجئ أطفالاً في مستشفى إسباني

فاجأ الممثل جوني ديب النزلاء في جناح علاج الأطفال بأحد المستشفيات الإسبانية، وهو يرتدي ملابس شخصية «جاك سبارو» من سلسلة الأفلام الشهيرة «قراصنة الكاريبي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق متسوق في سوبر ماركت بلندن بريطانيا (إ.ب.أ)

لماذا يضع الناس أموالاً داخل علب طعام الأطفال في أميركا وبريطانيا؟

سلّطت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية الضوء على ظاهرة جديدة بدأت تنتشر بالمتاجر البريطانية وهي أن الناس يضعون أموالاً داخل علب طعام الأطفال والحفاضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تتعدّد أشكال رفع الصوت (غيتي)

دفاع فنّي عن ناشطتَيْن لطّختا لوحة فان غوخ بحساء الطماطم

لم يحدُث أي تلف أو ضرر للوحة، التي تُعدّ إحدى أشهر لوحات الرسام الهولندي، وتُقدَّر بملايين الجنيهات الإسترلينية، بل مجرّد ضرر بسيط أصاب إطارها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعض الرسائل لا يصل (إكس)

طفل عملاق يُخيف بريطانيين

وصف مارّة مذهولون دمية طفل عملاقة ظهرت وسط بلدتهم بأنها «مخيفة» و«أبشع طفل» شاهدوه على الإطلاق... فما القصة؟

«الشرق الأوسط» (لندن)

«فانتازيا الوشاحي»... معرض استعادي لـ«سلطان النحت الطائر»

أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)
أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)
TT

«فانتازيا الوشاحي»... معرض استعادي لـ«سلطان النحت الطائر»

أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)
أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)

«التماثيل هي الوسيلة المُثلى لتنمية الحسّ الجمالي لدى الجماهير»، عبارة برزت في بهو غاليري «آزاد» بالقاهرة، الذي استقبل زُوّار المعرض الاستعادي للفنان المصري الراحل عبد الهادي الوشاحي بعنوان «فانتازيا الوشاحي»، المستمرّ حتى 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

بإعادة النظر إلى أعمال الفنان، تتجدّد الحالة التي يتركها لدى المتلقّى من حوار فلسفي وأفكار غرائبية يقدّمها عادة في قالب يمزج بين الواقعية والفانتازية لتحقيق الجمال الذي يصبو إليه؛ وهي الفلسفة التي يمكن الوقوف على أبعادها في عدد من أقواله، من بينها الجملة التي تصدَّرت بهو المعرض.

المعرض يضمّ اسكتشات بجانب المنحوتات (الشرق الأوسط)

ويُعدّ عبد الهادي الوشاحي (1936 - 2013) أحد أبرز النحاتين والفنانين التشكيليين في العالم العربي، ويضمّ المعرض الاستعادي أعماله المختلفة، بدايةً من تمثاله الصرحي الشهير لعميد الأدب العربي طه حسين، وعدد من تماثيله ولوحاته التي تُعرض للمرة الأولى، بجانب الاسكتشات والدراسات النحتية التي تطرح رؤية بانورامية لمسيرته الفنية منذ بدء مشاركته في الحركة التشكيلية المصرية عام 1959، وحتى رحيله عن 77 عاماً.

وجاء العرض البصري لـ«فانتازيا الوشاحي» بشكل يُتيح الاقتراب من عالم النحّات الراحل، إذ تُجاور أعماله الجوائز الدولية والمحلّية التي حصل عليها على مدى مشواره، وكان آخرها جائزة الدولة التقديرية لعام 2011، بما يتيح التجوّل بين الأعمال وذكريات المنحوتات والتعرّف إلى سياقها الزمني والتاريخي بالتوازي مع سيرته.

الفنان الراحل عبد الهادي الوشاحي مع أحد الأعمال النحتية (أسرة الفنان)

ونسَّقت أسرة الراحل وغاليري «آزاد»، المعرض، ليقدّم «رؤية متحفية شاملة تُغطي إلى جانب الأعمال النحتية جوانب أخرى تُلقي كثيراً من الضوء على شخصية الوشاحي»، كما تقول أميرة فهمي، والدة سيف الوشاحي نجل الفنان.

وتضيف في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ضمن تلك الرؤية، عرضنا جزءاً من مكتبته الخاصة التي تكشف عن تنوّع قراءاته واهتمامه بالشأن العام، وكذلك ورشة الفنان التي حرصت الأسرة ومنظّمو المعرض على الحفاظ عليها وعرضها لمحبّيه وتلامذته لاستلهام طريقة عمله».

وتُقارب تلك الرؤية المتحفية الفلسفة النحتية التي تعبّر عن مدرسة الوشاحي، وفق تصريحات أميرة فهمي، فأسرة الفنان «اختارت عنوان المعرض (فانتازيا الوشاحي) لتماهيه مع العالم الفنّي لمنحوتاته، وتلخيصه لفلسفته في النحت»، موضحةً: «هو فنان مُتمرد لا على القوالب الاجتماعية والسياسية فحسب، بل تمرَّد أيضاً على القوانين الهندسية وقانون الجاذبية ذاته، لذلك أخذت منحوتاته أحياناً شكل الهرم المقلوب، فأحبَّ أن يأخذ الكتلة إلى أقصى نقطة يمكنها أن تذهب إليها في الفراغ المحيط بها من دون أن تفقد اتّزانها، ولهذا لم يكن مُستغرباً أن يقدّم لنا 3 منحوتات تحت اسم مسلسل (محاولة لإيجاد توازن)، وكذلك تمثال القفزة المستحيلة للاعب القفز بالزانة».

وتشير هنا إلى أنّ «نقاداً تشكيليين يقارنون بين عمل النحّات الراحل محمود مختار (الخماسين) ومنحوتة الوشاحي (استشراف)، وحين أزيح الستار عن تمثال الوشاحي الصرحي لطه حسين عام 2014، خلال المعرض الاستعادي الأول له، طُرحت فكرة وضع التمثال في نقطة مقابلة لتمثال مختار (نهضة مصر)».

تمثال طه حسين في استقبال زوار معرض عبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)

يقودنا هذا التمثال تحديداً للحديث عن مصيره، وفق أميرة: «هذا التمثال المُبهر لا يزال بخامة البوليستر، وهي مادة غير نهائية في انتظار صبّه في خامة البرونز، وهو ما لم تضطلع به الدولة حتى الآن رغم حرص سيف الوشاحي، الابن الوحيد للفنان الراحل، على إهدائه لها لتصبّه في خامة البرونز تمهيداً لعرضه الميداني».

جانب من زوار المعرض (الشرق الأوسط)

ووظّف منظّمو المعرض الجدران لخلق أفق فنّي يستعرض الألقاب التي أطلقها النقّاد على الوشاحي، وأشهرها «سلطان النحت الطائر»؛ وكذلك أشهر الأقوال التي عبّر فيها عن نظرته الذاتية والفنّية للنحت، ومنها: «أمارس النحت مثل مضاد حيوي أحافظ به على إنسانيتي»، و«أكاد أجزم أنني أتحدّث بلغة الشكل»، وهي العبارات التي يمكن سماع أصدائها تتردّد بلسان أعماله في المعرض بعد أكثر من 10 سنوات على رحيله.