سيطرت القضايا الاجتماعية على عروض مهرجان جمعية الفيلم المصرية الذي يحتفي بمرور خمسين عاماً على إطلاقه، ويقيم دورته الذهبية تحت شعار «تحيا المقاومة... تحيا فلسطين»، حيث كشف عن اختيار 4 أفلام فقط تتنافس على جوائزه عبر استفتاء شارك به أعضاء الجمعية والنقاد، والمفارقة أنها تطرح جميعها قضايا اجتماعية، وهي أفلام «19 ب» للمخرج أحمد عبد الله السيد، الذي يتناول قصة حارس عقار قديم يعيش في فيلا قديمة يقتحم حياته شاب في مواجهة لم يتوقعها، و«بيت الروبي» إخراج بيتر ميمي، الذي يعرض لقضية سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على حياة الناس.
ويتنافس فيلم «وش في وش» للمخرج وليد الحلفاوي، الذي يروي قصة خلاف بين زوجين سرعان ما يتصاعد بتدخل أسرتيهما وأصدقائهما، و«فوي فوي فوي» للمخرج عمر هلال الذي يناقش قضية الهجرة عبر محاولة بطله السفر مع فريق من فاقدي البصر، بينما سيعرض خارج المنافسة فيلم «شماريخ» للمخرج عمرو سلامة.
ويُنظّم المهرجان برعاية وزارة الثقافة خلال الفترة من 1 إلى 12 يونيو (حزيران) المقبل، في دار الأوبرا المصرية، وقد اختارت إدارته الفنان حسين فهمي ضيف شرف دورته الجديدة، وإهداؤها لاسم الفنان الراحل صلاح السعدني، والمؤلف د.عصام الشماع.
وتخضع الأفلام الأربعة المتنافسة على الجوائز للجنة تحكيم برئاسة المخرج هاني لاشين، وتضم المونتيرة د. رحمة منتصر، ود. رانيا يحيى عميدة معهد النقد الفني، والمخرج عادل الأعصر، والنقاد طارق الشناوي، وماجدة خير الله، وماجدة موريس، ووليد سيف، والمخرج عمر عبد العزيز، ود. غادة جبارة رئيسة أكاديمية الفنون، ومدير التصوير د. محسن أحمد، ود. محمود محسن أستاذ الديكور في معهد السينما، ومهندس الصوت مجدي كامل.
ويفسر الناقد رامي المتولي، عضو مجلس إدارة جمعية الفيلم لـ«الشرق الأوسط» قلة عدد الأفلام المتنافسة (4 أفلام مصرية فقط من بين 42 فيلماً عرضت في 2023)، بأنه يعود لأزمة تواجهها السينما المصرية، التي تركّز منذ سنوات على الأفلام ذات الصبغة التجارية والتي لا يراعي أغلبها الشروط الفنية، لافتاً إلى «أن هناك أفلاماً من بين الأربعة المختارة تُعد تجارية، لكنها تتضمّن اهتماماً بكامل العناصر الفنية».
ويُرجع المتولي سيطرة الأفلام الاجتماعية إلى غياب التنوع الإنتاجي، قائلاً: «تسيطر الميلودراما والتراجيديا أو الكوميديا على الإنتاج المصري، في حين نفتقد مثلاً لأفلام الفانتازيا والواقعية السحرية، وآخر من قدمها كان المخرج الراحل رأفت الميهي».
ويؤكد المتولي على أهمية جوائز المهرجان التي تحظى باهتمام السينمائيين كل عام بوصفه مهرجاناً يتوجه للسينما المصرية، معززاً ذلك لطريقة اختيار الأفلام المتنافسة عبر مرحلتين، استفتاءً ومن ثمّ لجنة تحكيم شاملة لجميع فروع الفن السينمائي، وتضمّ العام الحالي أعضاء ممن شاركوا في لجان تحكيم سابقة منذ تأسيسه.
وفي إطار احتفاله باليوبيل الذهبي يعرض المهرجان 3 أفلام من بين الأفلام العربية، التي عُرضت في مصر، وقد فازت بتصويت الجمهور والنقاد في الاستفتاء، وهي الفيلم الفلسطيني «حمى البحر المتوسط» للمخرجة مها الحاج، والسوداني «وداعاً جوليا» للمخرج محمد كردفاني، واللبناني «علم» للمخرج فراس خوري، إذ يحضر بعضُ صناعه وتنظّم ندوة مع الجمهور عقب عرض كل فيلم.
وكشف د. محمود عبد السميع رئيس المهرجان عن إعادة تقديم جائزة أحسن فيلم أجنبي مرة أخرى بعد أن توقّفت منذ سنوات، موضحاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المهرجان سيُكرّم أنطوان زند، أقدم موزع للأفلام الأجنبية في مصر، وأيضاً الناقد سمير غريب الذي ساهم في استمرار المهرجان بحصوله على دعم وزارة الثقافة».
ويشير عبد السميع إلى أنه أسّس المهرجان مع الناقِدَين سامي السلاموني، وسمير فريد عام 1974، وكان مشرفاً عاماً على المهرجان على مدى دوراته ومن ثمّ رئيساً له. مشدداً على دور المهرجان في إثراء الثقافة السينمائية عبر مناقشة الأفلام بحضور أعضاء الجمعية وصنّاع الأفلام، وثقة السينمائيين بجوائزه منذ إطلاقه.