انطلاق احتفاليات «طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2024»

الوزير المرتضى: هي مدينة لها قدرات تجعلها إسطنبول ثانية

أعلام الدول الشقيقة ترفرف في معرض طرابلس للمناسبة العربية
أعلام الدول الشقيقة ترفرف في معرض طرابلس للمناسبة العربية
TT

انطلاق احتفاليات «طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2024»

أعلام الدول الشقيقة ترفرف في معرض طرابلس للمناسبة العربية
أعلام الدول الشقيقة ترفرف في معرض طرابلس للمناسبة العربية

أطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فعاليات «طرابلس عاصمة للثقافة العربية» في احتفال رسمي استضافه «معرض رشيد كرامي الدّولي» في طرابلس، بمشاركة المدير العام لـ«الألسكو» الوزير ولد أعمر، ووزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ووزراء ونواب وسفراء وشخصيات.

جانب من الحضور

ورأى وزير الثقافة المرتضى أنها فرصة تاريخية للبنان وطرابلس، قائلاً في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هي مناسبة لنكتشف جميعاً ما تختزنه طرابلس من ثروات على مستوى الإمكانيات البشرية والمعالم التي لا نظير لها. أنا نفسي مذهولٌ من حجم القدرات البشرية والطبيعية. سترون جميعاً في طرابلس، ما لم ترونه في أي مكان آخر بدءاً من اليوم، علماً بأننا نعمل بصفر تمويل».

وزير الثقافة محمد المرتضى أثناء إلقاء كلمته

عدم وجود ميزانية، لا يفتّ من عضض العاملين لإنجاح المناسبة. ثمة مجموعات من المتطوعين الشباب، لا همّ لهم سوى الخروج من هذا الاستحقاق فائزين بتجاوز التّحديات. والمراهنون على المناسبة ينظرون إلى الأشهر المقبلة، على أنها فرصة يجب أن تحقق للمدينة نقلة نوعية. وإن كان بعضهم لا يشعرون بهذا التفاؤل، ويعتقدون أن نقص التمويل كان يجب أن يدفع إلى تأجيل الاحتفالية. لذلك تبقى الآراء منقسمة، لأن الرأي الآخر يقول إن هذا هو تحديداً الوقت المناسب، كي تُعطى طرابلس أخيراً جرعة من الأكسجين لتنتعش. «طرابلس هُشّمت وهُمّشت، وضحايا هذا السلوك ليسوا الطرابلسيين وحدهم وإنما اللبنانيون جميعاً. والآن مع بدء النشاطات سينتبهون لما حُرموا منه عن عمد، طوال هذه السنين».

الأطفال شاركوا في المناسبة

ستنطوي السنة على مجموعة كبيرة من النشاطات، بدأ بعضها منذ أشهر، وتنشط المنافسة في تنظيم البرامج الثقافية في المدينة من قبل هيئات وجمعيات، إلا أن المحطات الأهم قد تكون الأسابيع الثقافية التي ستنظمها دول عربية عدة. وأكدت كلٌ من قطر، وتونس، والجزائر، والعراق، وفلسطين، والمغرب، والعراق، وسوريا، وسلطنة عُمان، على تنظيم أسابيعها الخاصة، مما سيتيح لأهالي المدينة ولبنان كله، الاطلاع على هذه النشاطات، التي ستتوالى تباعاً. وبدءاً من بداية الشهر المقبل، سترسل الدول المشاركة اقتراحاتها وطروحاتها.

الطموح كبير، والوزير المرتضى، لا يريد للسنة الحالية أن تكون مجرد احتفاليات مؤقتة تنتهي في حينها، بل هي بالنسبة له محطة تأسيسية لتكريس طرابلس «عاصمة دائمة للثقافة في لبنان».

جانب من الحفل الفني الذي أقيم في المعرض

الوزير لا يحلم، بل يبني على معطيات واقعية، ومن إيمانه بأن طرابلس مدينة فريدة، وفيها «معرض رشيد كرامي» الذي انطلقت منه الاحتفالية، وهو تحفة معمارية من مخيلة باني مدينة برازيليا، الراحل أوسكار نيماير، صمّمه في ستينات القرن الماضي. وتمتد أرض المعرض على مساحة قدرها 70 هكتاراً وتقع بين المركز التاريخي لمدينة طرابلس وميناء مدينة المينا. ويضم صالة مؤتمرات لا مثيل لها، وأبنية ذات وظائف متكاملة، ومسرحاً تجريبياً له إمكانات صوت وضوء طبيعيين فريدين. كل هذا دفع «اليونيسكو» لأن تضع هذه الجوهرة المعمارية على قائمة التراث العالمي، وقائمة التراث العالمي المعرّض للخطر، بقرار صدر في يناير (كانون الثاني) 2023 عبر إجراء مستعجل، بسبب حالة المعرض «المثيرة للقلق ونقص الموارد المالية اللازمة لصيانته والمخاطر الكامنة في مقترحات تطوير المجمَّع التي قد تضر بسلامته».

وفي طرابلس أسواق مملوكية هي الثانية في المساحة بعد القاهرة، مما يجعل المدينة بالفعل متحفاً حياً لمتعة الناظر، خصوصاً أن أسواقها ومنازلها تعج بالسكان.

وطرابلس هي المدينة اللبنانية الوحيدة التي يمر بها نهر، وعلى مبعدة قصيرة من شواطئها جزر أصبحت محميات طبيعية بديعة. كما أن للمدينة مرفأ من بين الأهم على ساحل شرق المتوسط، إن لم يكن الأهم، خصوصاً بوجود المنطقة الاقتصادية التي تمتد من المرفأ حتى الحدود السورية، ومن هناك إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا. هذا عدا وجود مطار شبه جاهز قرب المدينة ومحيطها الطبيعي الخلاّب. ويعتقد المرتضى أن «كل هذا يمكن أن يجعل من طرابلس إسطنبول ثانية، وهدفاً لتكون المركز الأول للسياحة الثقافية في لبنان». لأن فيها ما لا يمكن أن يراه السائح في أي مكان آخر. وهي بذلك لا تنقذ نفسها، وتؤمن مداخليها، بل يمكنها أن تدرّ الأرباح على لبنان كله. «نحن نبدأ من هنا من هذه الاحتفالية العربية، لكن الخواتيم يفترض أن تأخذنا إلى تلك الخواتيم التي لا نراها صعبة المنال». يقول لنا الوزير المرتضى ويكمل: «أنا وزير ثقافة، أقارب ملفي الوظيفي ببثّ الوعي بين الناس، ومقتنع بأن خلاص لبنان هو وحدويّ، بخلاف كل ما يُقال. وطرابلس مؤهّلة لتأدية أهم الأدوار في هذا الموضوع».

وخلال حفل إطلاق طرابلس عاصمة للثقافة العربية، وقّع الوزير المرتضى مع السفير الفلسطيني أشرف دبور ممثلاً وزير الثقافة الفلسطيني، اتفاق توأمة بين طرابلس والقدس عاصمتين للثقافة العربية، وتسلّم الوزير مرتضى درعاً تذكارية من دبور. وسلم ولد أعمر درع العاصمة الثقافية إلى وزير الثقافة بحضور الرئيس ميقاتي.

ووجهت خلال الحفل: «تحيّة من طرابلس إلى الأشقاء في العالم العربي».


مقالات ذات صلة

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

يوميات الشرق مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

أغنية «الحق ما بموت» التي لحّنها هشام بولس وكتبها سمير نخلة وغناها جوزيف عطية نجحت في الامتحان. وهي اليوم تعدّ من ريبرتوار الأغاني الوطنية الأشهر في لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

شكّلت جدران الجبل الجليدي الضخمة حاجزاً، كما لو كانت باباً فاصلاً، بين مستعمرة خليج هالي والبحر، مما جعل صغار البطاريق مُحاصَرة في الداخل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق منظر جوي يُظهر قصراً من القصرين المغطيين بالغرافيتي (غيتي)

إغلاق فيلا «هوليوود هيلز» المغطاة بالغرافيتي

اعتُقل شخصان يوم الأربعاء فيما يتعلق بالتخريب في فيلا «هوليوود هيلز» المهجورة التي يملكها ابن مالك مشارك في نادي فيلادلفيا فيليز.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق للصدمة أشكال عدّة (مواقع التواصل)

ثعبان عملاق يُنغّص على بريطانية استمتاعها باحتساء القهوة

أُصيبت بريطانية بصدمة كبيرة بعد اكتشافها ثعباناً من فصيلة الأصلة العاصرة، طوله 5.5 قدم (1.6 متر) مختبئاً في حديقة منزلها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «جاك سبارو» في المستشفى (إ.ب.أ)

«القرصان» جوني ديب يُفاجئ أطفالاً في مستشفى إسباني

فاجأ الممثل جوني ديب النزلاء في جناح علاج الأطفال بأحد المستشفيات الإسبانية، وهو يرتدي ملابس شخصية «جاك سبارو» من سلسلة الأفلام الشهيرة «قراصنة الكاريبي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
TT

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة، بل عاشت معاناة على مدى 10 سنوات معه، بيد أن هذا لم يُزعزع ثقتها أبداً، مؤكدةً في حوار مع «الشرق الأوسط» أنها شَرَعت في العمل على فيلم جديد، وتعكف حالياً على كتابة عملٍ روائيٍّ طويل مُستمَداً من الواقع.

وأشارت أسماء المدير إلى أنها لا تضع نفسها تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يحظى فيلمها المقبل بقدر نجاح «كذب أبيض»، وأن هذا حدث مع كبار مخرِجي السينما في العالم.

وحرصت المخرجة الشابة على حضور المهرجان الدولي لفيلم المرأة الذي يُقام بمدينتها «سلا» بالمغرب، وقد استقبلها الجمهور بحفاوة، وأقام المهرجان حواراً معها بحضور المخرجين الشباب، وطلبة مدارس السينما.

ووضع فيلم «كذب أبيض» أسماء المدير في مكانة سينمائية جيدة، بعدما طافت معه على مدى عام في مهرجانات عدة، حاصداً جوائز كثيرة، فما وقْعُ ذلك كله عليها؟

تجيب أسماء المدير: «لم أتغيّر، لكن مسيرتي المهنية تغيّرت، فقد تحقّق جزء كبير من أحلامي السينمائية، من بينها وصول الفيلم لمهرجان (كان) وفوزه بجائزتين، وتمثيله لبلادي بالأوسكار، وقد حقّقت ما أردته من أن يكون إنتاجاً عربياً خالصاً، من المغرب والسعودية وقطر، كما نجاحه بوصفه أول فيلمٍ مغربي يحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان (مراكش)، وترشّحي لجائزة (الروح المستقلة) مع سينمائيين كبار، على غرار مارتن سكورسيزي، وجوستين تريت؛ مخرجة فيلم (تشريح سقوط)، لا شك أن (كذب أبيض) فتح أمامي أبواب السينما العالمية».

لقطة من فيلم «كذب أبيض» (إدارة مهرجان «سلا»)

لم يكن نجاح الفيلم لحظياً، فالنجاح في رأي أسماء مجموعة من المحطات عبر الزمن، وسنوات تتخلّلها مراحل سقوط ونهوض، تُعِدّ نفسها كما لو كانت في سفر ووصلت إلى المحطة التي تبغيها، مثلما تقول: «قد يجعلني ذلك لا أشعر بنشوة النجاح سوى مع مرور الوقت، حين ألتقي بصُنّاع أفلام كبار يقولون لي: لقد نجحت».

هل يكون النجاح الباهر عائقاً أمام تجربتها السينمائية المقبلة، ومتى تبدأها؟

تجيب أسماء، ذات الـ34 عاماً، قائلة: لقد «بدأتها بالفعل، أعمل على فكرة فيلم روائي مرتبط بقصة حقيقية، ولكن بطريقتي، وأحاول أن أستمد أفلامي من الواقع، ولا أضع نفسي تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يكون العمل المقبل بنجاح (كذب أبيض)، نعم سأشتغل عليه بالجدية نفسها، لكنني لا أتحكم في النجاح، فقد لا يعجب الجمهور مثلاً، وليس معنى ذلك أنني فشلت، بل عليّ أن أُجرّب شكلاً آخر، ومَن يخشى التجربة يفتح لنفسه باب الفشل».

وتضيف موضّحةً: «مُخرِجون كبار حدث معهم هذا، ومنهم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي قدّم أفلاماً قوية، ومن ثمّ قدّم فيلماً لم يكتب عنه ناقد واحد، حتى المخرج يوسف شاهين تعجبني بعض أفلامه، وبعضها ليس على المستوى نفسه، وأذكر حين زارنا المخرج محمد خان خلال دراستنا السينما، قال إنه يصنع أفلامه كما يريدها، وهذا كل شيء، لذا أقرأ النقد وأدَعُه جانباً، فقد انتهى الفيلم بالنسبة لي».

تأثّرت أسماء المدير بمخرجين مغاربة كبار، ومن بينهم حكيم بلعباس في كل أفلامه، ومحمد المعنوني بفيلمه «الحال»، وفوزي بن سعيدي في «ألف شهر».

المخرجة المغربية أسماء المدير (إدارة مهرجان سلا)

عاشت أسماء المدير رحلة معاناة تَعُدُّها رحلة صحية، قائلة: «عانيت مع الفيلم 10 سنوات، كبرت خلالها معه سعياً وراء الإنتاج الذي حلمت به في كل تفاصيله، المونتاج والإخراج والكتابة، وقد بدأته في 2016، وفي عام 2020 وصلنا لآخر محطة تصوير، وخلال عامَي 21 و22 كان المونتاج، ليصدر الفيلم في 2023، قبل ذلك عشت مراحل من الفشل والنجاح، كنت أقدّم ملف الفيلم لصناديق دعم فترفضه، لكنني كنت واثقة أنني أصنع فيلماً حقيقياً، فلم يتزعزع إيماني به، ولم أستسلِم لثقة اكتسبتها، فأنا لا أعرف شيئاً آخر سوى السينما، هي شغفي ودراستي ومهنتي، ومجالي الذي اخترته وتخصصت فيه، وصارت الهواية مهنة، وعندي دائماً نظرة بعيدة أتجاوز بها العراقيل، وأتطلّع لما بعد».

تنظر لما مرّت به بشكل إيجابي، قائلة: «أرى أن هذه الرحلة تجربة صحية، فلو حصلت على دعم كبير في البداية كنت سأجد صعوبة في تحقيق ما وصلت إليه في النهاية، بالنسبة لي هي أشياء صحية لأي مبتدئ، وأغلب صُنّاع الأفلام يواجهون ذلك في البداية».

وتنحاز المخرجة المغربية للأفلام الوثائقية، مؤكّدة: «إنه مجال خصب، وبه حرية أكبر وأشكال كثيرة ممكن تجريبها، الأفلام الروائية أحياناً تكون متشابهة، ومنذ زمن لم نشاهد تجارب مبهرة تخرج عن المألوف، لكن الوثائقي لا يزال خصباً».

فرحتها الكبيرة حين تُوِّج فيلمها بالجائزة الكبرى في «مراكش» (إدارة مهرجان سلا)

لحظات سعادة عاشتها أسماء المدير مع الفيلم في مدن عدة، لكن أسعدها يوم عُرض في مهرجان «مراكش»، تقول: «أجمل ما سمعت عن الفيلم كان في مراكش أيضاً، الجمهور المغربي كان رائعاً في استقباله للفيلم، وقد حظي بنجاح أسعدني، كما عُرض في مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، والآن هناك موزّع سينمائي في مصر يتفاوض على عرضه بالقاهرة مع الجهات التي تملك حقوق توزيعه».