مصر لإحياء مسار خروج «بني إسرائيل»

جبال جنوب سيناء من الأعلى (عبد الفتاح فرج)
جبال جنوب سيناء من الأعلى (عبد الفتاح فرج)
TT

مصر لإحياء مسار خروج «بني إسرائيل»

جبال جنوب سيناء من الأعلى (عبد الفتاح فرج)
جبال جنوب سيناء من الأعلى (عبد الفتاح فرج)

تسعى مصر لإحياء مسار خروج «بني إسرائيل» في سيناء، وقد كُلف الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، الخميس، العمل على إحيائه لتنظيم رحلات سياحية به، بالتزامن مع الانتهاء من أعمال التطوير في موقع التّجلي الأعظم، بسانت كاترين (جنوب سيناء) كما وجّه بتكثيف الدّعاية والترويج لهذا المسار، وهذه الرحلة.

جاء ذلك خلال متابعة مدبولي لمشروعات تطوير موقع التّجلي الأعظم في مدينة سانت كاترين بجنوب سيناء مع عدد من الوزراء والمسؤولين، حيث شدّد على أهمية سرعة تشغيل الفنادق التي نُفّذت، وكذلك النزل البيئي، والتوسع في تقديم الخدمات المختلفة لرائدي هذا المكان الفريد، موجهاً بأهمية الانتهاء ممّا يُنفّذ من أعمالٍ لتطوير المدينة القديمة.

وقال عمرو القاضي، رئيس هيئة تنشيط السياحة، إنه تم التنسيق مع «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» للترويج للمزارات الدينية والسياحية في مدينة سانت كاترين.

إحدى بوابات طريق الصعود إلى جبل موسى (الشرق الأوسط)

ووفق خبير الآثار، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة، ومدير عام البحوث والدّراسات الأثرية والنشر العلمي في جنوب سيناء السابق، فإن رحلة خروج بني إسرائيل في سيناء تبدأ بمنطقة عيون موسى 35 كيلومتراً جنوب شرقي السويس، حيث أثبتت الدراسات الحديثة التي أجراها فيليب مايرسون أن المنطقة من السويس حتى عيون موسى منطقة قاحلة جداً وجافة، ما يؤكد أن بني إسرائيل استبد بهم العطش بعد اجتيازهم كل هذه المنطقة، حتى تفجرت لهم العيون، وكان عددها 12 عيناً بعدد أسباط بني إسرائيل.

مسار خروج بني إسرائيل يوجد في جنوب سيناء وفق علماء (عبد الفتاح فرج)

وأشار إلى أن «المحطة الثانية هي منطقة معبد سرابيت الخادم 138 كيلومتراً جنوب شرقي السويس، التي مرّ عليها بنو إسرائيل، وهي المنطقة الوحيدة التي تقع في طريقهم من عيون موسى بها تماثيل، حيث طلب بنو إسرائيل من نبي الله موسى أن يجعل لهم إلهاً من هذه التماثيل».

والمحطة الثالثة هي «طور سيناء 280 كيلومتراً جنوب السويس، وهي مدينة ساحلية عبدوا فيها العجل الذي صنعه السامري». وفق ريحان.

بئر أثرية في جنوب سيناء (الشرق الأوسط)

وأضاف ريحان مؤلف كتاب «التجليات الرّبانية في الوادي المقدس طوى» لـ«الشرق الأوسط» أن «المحطة الرابعة من مسار الخروج هي منطقة الجبل المقدس (سانت كاترين حالياً)، وهي المنطقة الوحيدة في سيناء التي تتجمع فيها جبال عدّة مرتفعة، مثل جبل موسى 2242 متراً فوق مستوى سطح البحر، وجبل كاترين 2642 متراً، وجبل المناجاة. وثار جدل واسع في مصر في الآونة الأخيرة بشأن إنكار علماء آثار وجود أدلة علمية ومادية على وجود أنبياء في مصر القديمة، لكن ريحان يرد على ذلك قائلاً: «تاريخ مصر القديمة كان يُمليه الكهنة على الكتّاب لتسجيله، وكان من المستحيل أن يسجّلوا دعوة أي نبي يدعو إلى الله الواحد الأحد».

ويؤكد ريحان أن «مسار نبي الله موسى يتضمن 4 أدلة أثرية واضحة على صحة المسار، وهي: شجرة العليقة المقدسة وعيون موسى وجبل موسى وجبل التّجلي».

وتولي الحكومة المصرية اهتماماً كبيراً بمشروع «التجلي الأعظم»، وتسابق الزّمن للانتهاء منه تمهيداً لافتتاحه قريباً، ووفق مدبولي فإن هذا «المشروع يأتي في إطار مخططٍ عام لتطوير مدينة سانت كاترين ووضعها في مكانتها اللائقة، تعظيماً لما بها من مقومات سياحية متنوعة لجذب مزيد من حركة السياحة إليها، ولما تتمتع به من طابعٍ أثري وروحاني وديني وبيئي».


مقالات ذات صلة

مصر تراهن على مشروع «التجلي الأعظم» في سيناء لاجتذاب السائحين

يوميات الشرق رئيس الوزراء المصري يتفقّد مشروع «التجلي الأعظم» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تراهن على مشروع «التجلي الأعظم» في سيناء لاجتذاب السائحين

تُولي مصر أهمية كبيرة بمشروع «التجلي الأعظم» في مدينة سانت كاترين، حيث تسابق الحكومة المصرية الزمن للانتهاء منه وافتتاحه ووضعه على الخريطة السياحية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق محافظة أسوان تستقبل الموسم السياحي الشتوي (الشرق الأوسط)

احتفالات في مصر بـ«اليوم العالمي للسياحة»

مع انطلاق الموسم السياحي الشتوي، بالتزامن مع حلول اليوم العالمي للسياحة، أطلقت محافظتا الأقصر وأسوان بجنوب مصر احتفالات خاصة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق السياحة الشاطئية في مصر من عناصر الجذب للوافدين (الشرق الأوسط)

مصر لاجتذاب المزيد من سائحي شرق أوروبا في الشتاء

تسعى مصر لاجتذاب السائحين من دول شرق أوروبا خلال موسم الشتاء السياحي الذي يطرق الأبواب، وبدأت الاستعدادات لهذا الموسم باجتماعات وخطط مكثفة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزائرين في الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«السياحة المصرية» لتنظيم معارض أثرية في السويد

وسط زخم المعارض الأثرية المؤقتة التي تنظمها مصر تباعاً في أكثر من دولة حول العالم، تبحث وزارة السياحة والآثار المصرية تنظيم عدة معارض أثرية مؤقتة بالسويد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من الجناح المصري في روسيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تُراهن على تدفُّق السياح الروس رغم تداعيات حرب أوكرانيا

تطمح مصر إلى زيادة عدد السائحين فيها ليصل إلى 30 مليوناً، وكذلك العمل على زيادة إيراداتها من السياحة لتصل إلى 30 مليار دولار سنوياً.

محمد الكفراوي (القاهرة )

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
TT

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة، بل عاشت معاناة على مدى 10 سنوات معه، بيد أن هذا لم يُزعزع ثقتها أبداً، مؤكدةً في حوار مع «الشرق الأوسط» أنها شَرَعت في العمل على فيلم جديد، وتعكف حالياً على كتابة عملٍ روائيٍّ طويل مُستمَداً من الواقع.

وأشارت أسماء المدير إلى أنها لا تضع نفسها تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يحظى فيلمها المقبل بقدر نجاح «كذب أبيض»، وأن هذا حدث مع كبار مخرِجي السينما في العالم.

وحرصت المخرجة الشابة على حضور المهرجان الدولي لفيلم المرأة الذي يُقام بمدينتها «سلا» بالمغرب، وقد استقبلها الجمهور بحفاوة، وأقام المهرجان حواراً معها بحضور المخرجين الشباب، وطلبة مدارس السينما.

ووضع فيلم «كذب أبيض» أسماء المدير في مكانة سينمائية جيدة، بعدما طافت معه على مدى عام في مهرجانات عدة، حاصداً جوائز كثيرة، فما وقْعُ ذلك كله عليها؟

تجيب أسماء المدير: «لم أتغيّر، لكن مسيرتي المهنية تغيّرت، فقد تحقّق جزء كبير من أحلامي السينمائية، من بينها وصول الفيلم لمهرجان (كان) وفوزه بجائزتين، وتمثيله لبلادي بالأوسكار، وقد حقّقت ما أردته من أن يكون إنتاجاً عربياً خالصاً، من المغرب والسعودية وقطر، كما نجاحه بوصفه أول فيلمٍ مغربي يحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان (مراكش)، وترشّحي لجائزة (الروح المستقلة) مع سينمائيين كبار، على غرار مارتن سكورسيزي، وجوستين تريت؛ مخرجة فيلم (تشريح سقوط)، لا شك أن (كذب أبيض) فتح أمامي أبواب السينما العالمية».

لقطة من فيلم «كذب أبيض» (إدارة مهرجان «سلا»)

لم يكن نجاح الفيلم لحظياً، فالنجاح في رأي أسماء مجموعة من المحطات عبر الزمن، وسنوات تتخلّلها مراحل سقوط ونهوض، تُعِدّ نفسها كما لو كانت في سفر ووصلت إلى المحطة التي تبغيها، مثلما تقول: «قد يجعلني ذلك لا أشعر بنشوة النجاح سوى مع مرور الوقت، حين ألتقي بصُنّاع أفلام كبار يقولون لي: لقد نجحت».

هل يكون النجاح الباهر عائقاً أمام تجربتها السينمائية المقبلة، ومتى تبدأها؟

تجيب أسماء، ذات الـ34 عاماً، قائلة: لقد «بدأتها بالفعل، أعمل على فكرة فيلم روائي مرتبط بقصة حقيقية، ولكن بطريقتي، وأحاول أن أستمد أفلامي من الواقع، ولا أضع نفسي تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يكون العمل المقبل بنجاح (كذب أبيض)، نعم سأشتغل عليه بالجدية نفسها، لكنني لا أتحكم في النجاح، فقد لا يعجب الجمهور مثلاً، وليس معنى ذلك أنني فشلت، بل عليّ أن أُجرّب شكلاً آخر، ومَن يخشى التجربة يفتح لنفسه باب الفشل».

وتضيف موضّحةً: «مُخرِجون كبار حدث معهم هذا، ومنهم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي قدّم أفلاماً قوية، ومن ثمّ قدّم فيلماً لم يكتب عنه ناقد واحد، حتى المخرج يوسف شاهين تعجبني بعض أفلامه، وبعضها ليس على المستوى نفسه، وأذكر حين زارنا المخرج محمد خان خلال دراستنا السينما، قال إنه يصنع أفلامه كما يريدها، وهذا كل شيء، لذا أقرأ النقد وأدَعُه جانباً، فقد انتهى الفيلم بالنسبة لي».

تأثّرت أسماء المدير بمخرجين مغاربة كبار، ومن بينهم حكيم بلعباس في كل أفلامه، ومحمد المعنوني بفيلمه «الحال»، وفوزي بن سعيدي في «ألف شهر».

المخرجة المغربية أسماء المدير (إدارة مهرجان سلا)

عاشت أسماء المدير رحلة معاناة تَعُدُّها رحلة صحية، قائلة: «عانيت مع الفيلم 10 سنوات، كبرت خلالها معه سعياً وراء الإنتاج الذي حلمت به في كل تفاصيله، المونتاج والإخراج والكتابة، وقد بدأته في 2016، وفي عام 2020 وصلنا لآخر محطة تصوير، وخلال عامَي 21 و22 كان المونتاج، ليصدر الفيلم في 2023، قبل ذلك عشت مراحل من الفشل والنجاح، كنت أقدّم ملف الفيلم لصناديق دعم فترفضه، لكنني كنت واثقة أنني أصنع فيلماً حقيقياً، فلم يتزعزع إيماني به، ولم أستسلِم لثقة اكتسبتها، فأنا لا أعرف شيئاً آخر سوى السينما، هي شغفي ودراستي ومهنتي، ومجالي الذي اخترته وتخصصت فيه، وصارت الهواية مهنة، وعندي دائماً نظرة بعيدة أتجاوز بها العراقيل، وأتطلّع لما بعد».

تنظر لما مرّت به بشكل إيجابي، قائلة: «أرى أن هذه الرحلة تجربة صحية، فلو حصلت على دعم كبير في البداية كنت سأجد صعوبة في تحقيق ما وصلت إليه في النهاية، بالنسبة لي هي أشياء صحية لأي مبتدئ، وأغلب صُنّاع الأفلام يواجهون ذلك في البداية».

وتنحاز المخرجة المغربية للأفلام الوثائقية، مؤكّدة: «إنه مجال خصب، وبه حرية أكبر وأشكال كثيرة ممكن تجريبها، الأفلام الروائية أحياناً تكون متشابهة، ومنذ زمن لم نشاهد تجارب مبهرة تخرج عن المألوف، لكن الوثائقي لا يزال خصباً».

فرحتها الكبيرة حين تُوِّج فيلمها بالجائزة الكبرى في «مراكش» (إدارة مهرجان سلا)

لحظات سعادة عاشتها أسماء المدير مع الفيلم في مدن عدة، لكن أسعدها يوم عُرض في مهرجان «مراكش»، تقول: «أجمل ما سمعت عن الفيلم كان في مراكش أيضاً، الجمهور المغربي كان رائعاً في استقباله للفيلم، وقد حظي بنجاح أسعدني، كما عُرض في مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، والآن هناك موزّع سينمائي في مصر يتفاوض على عرضه بالقاهرة مع الجهات التي تملك حقوق توزيعه».