معرض «العابر» لأليدا طربيه... وقفة مع الذات بحثاً عن الإنسانية

في رحلة حياة ضمن منحوتات من البرونز والريزين

ركن من المعرض في المركز الثقافي الإسباني في بيروت (القيّمون على المعرض)
ركن من المعرض في المركز الثقافي الإسباني في بيروت (القيّمون على المعرض)
TT

معرض «العابر» لأليدا طربيه... وقفة مع الذات بحثاً عن الإنسانية

ركن من المعرض في المركز الثقافي الإسباني في بيروت (القيّمون على المعرض)
ركن من المعرض في المركز الثقافي الإسباني في بيروت (القيّمون على المعرض)

كلنا عابرون في هذه الحياة نسير في طريق طويلة بخطوات نرسمها بعفوية مرات، وباعتباطية مرات أخرى. وحين يأتي وقت جردة الحساب لشريط حياتنا يحضر سؤال واحد في رأسنا: «لماذا؟»، وهنا ندرك أننا عانينا مرات كثيرة من غباشة بسبب أقنعة ارتديناها. ليس من باب التزييف فحسب، بل ارتكاز على سلوك منضبط، فالقدرة على التحليق بحرية أمر شائك وصعب ويستلزم الشجاعة. ولكن الفنانة التشكيلية أليدا طربيه من خلال معرضها الفني «العابر» تطلب منّا التوقف. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا طريق مفبركة أو عشوائية نسلكها. نحن وحدنا من يصنعها». معرضها «العابر» في المركز الثقافي الإسباني (سرفانتيس) المؤلف من مجموعة منحوتات برونزية وأخرى من الريزين يترجم فكرتها هذه.

في المعرض يتملّك الزائر إحساسٌ وكأنه يشاهد مراحل من حياته أيضاً. فأليدا طربيه عرفت كيف تقدم شريط حياتها ليكون نموذجاً عن حيوات كثيرين في قالب إنساني بامتياز.

وتستهل أليدا طربيه المعرض بمقدمة مكتوبة استوحتها من الشاعر الإسباني أنطونيو ماتشادو: «لا طريق لك، أيها العابر اخلق الطريق بخطواتك». عبارات أيقظت عند أليدا طربيه كمية من المشاعر والأحاسيس. ومعها طرحت مجموعة أسئلة وجدانية. تأتي إجاباتها من خلال منحوتات تستوقفك بالفعل. تذكرك بضرورة الالتفات إلى الذات. وبالتالي الالتحاق بدرب الإنسانية الواضحة والمفقودة معالمها في عالمنا اليوم.

منحوتات أليدا طربيه في معرضها «العابر» (القيّمون على المعرض)

وانطلاقاً من منحوتات تستقبل الزائر عند باب حديقة المركز، مروراً بالسلالم الحجرية، ووصولاً إلى صالة العرض، تبدأ القصة التي تستهلها أليدا من منحوتة «كامينانتي» (العابر).

وفي رحلة الزيارة هذه تظهر منحوتة «المرأة مع الحقيبة»، معلنة العودة إلى وطنها مع شنطتها المفتوحة. وعلى مقربة منها «فتاة البالونات»، و«فتاة القناع». وفي صالة العرض تنتصب منحوتة «العابر المقنع» الضخمة.

ويكمل الزائر مشواره متنقلاً بين عروستين إحداهما ترتدي الأبيض والثانية مغطّسة بالأسود. هما دلالة على خياراتنا المتحكمة بطريقنا. نفلح في اجتيازها بنجاح أحياناً، ونفشل فيها أحياناً أخرى.

وتسأل «الشرق الأوسط» أليدا طربيه اللبنانية - الفنزويلية، عمّا دفعها للقيام بهذه الوقفة مع الذات، وترد: «شعرت بضرورة التوقف لأتمكن من خلع الأقنعة. وساعدتني كلمات الشاعر ماتشادو في تنفيذ هذه الخطوة. حملت حقيبتي وعدت إلى لبنان. مواسم هجرة كثيرة عشتها، ولكن حنيني إلى بلدي غلبني. لقد رغبت في تحذير مجتمعاتنا من الإسراف بعيش حياة كاذبة. فنحن بخطر لأن الإنسانية تتسرّب منها كمياه تفلت من ثقوب منخل. إننا نخسرها بسرعة هائلة مع زحف التّطور التكنولوجي علينا. لذلك أدق ناقوس الخطر وأقول: (قفوا لاستعادة الإنسانية وإلا هلكنا)».

خطوات عملاقة تدلّك إلى طريق المعرض (القيّمون على المعرض)

تشدّد أليدا طربيه في منحوتاتها على ضرورة التصالح مع النفس: «إنها نتاج تجارب شخصية مررتُ بها وتوقفت عند كل واحدة منها. تصوري أنني نفذت هذه المنحوتات بظرف ستة أشهر. كنت كمن يحمل الأثقال ويرغب في التخلص منها. وبالفعل شعرت بالراحة وتخلّصت ممّا كان يحجب عني الرؤية الواضحة».

ومن القطع الفنية اللافتة في المعرض «المتوازيان»، اللذان يشيران إلى ازدواجية هويتنا المتمثلة في أقنعة نرتدي الواحد منها تلو الآخر، في مواقف عدة.

أليدا طربيه مع منحوتتها «العروس» (القيّمون على المعرض)

في رحلة العودة إلى الذات تختلط موضوعات كثيرة، من بينها المطالبة بالاختلاف والنضال من أجل الحرية، كما تحضر المواجهات والتحديات، وتطل على ذكريات ومراحل حياة، وتوعي فينا أفكاراً مختلفة من آراء وعقائد ومبادئ وديمقراطيات زائلة. تتبنى أليدا نهجاً يهدف إلى التذكير بأن الديمقراطيّات والحريات مهدّدة بشدّة، إن لم ندافع عنها. وتلملم قطع «البازل» الخاصة بمشوارها لتنهي المعرض بمنحوتات «التوأم» و«الوجه» و«قبضة اليد».

وتختم أليدا طربيه لـ«الشرق الأوسط»: «بغض النظر عن الصح أو الخطأ، والحلو والمر في حياتنا، فإننا مطالبون اليوم بالالتفات إلى مصايرنا على كوكب الأرض. ولادة جديدة لأعماقنا تساهم في الغوص بذاتنا، ومعها نستطيع الوصول إلى برّ الأمان».


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

تركي آل الشيخ و«براذرز ديسكفري» يكشفان عن «هاري بوتر: مغامرة موسم الرياض»

ستقدم للزوار رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة (منصة ويبوك)
ستقدم للزوار رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة (منصة ويبوك)
TT

تركي آل الشيخ و«براذرز ديسكفري» يكشفان عن «هاري بوتر: مغامرة موسم الرياض»

ستقدم للزوار رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة (منصة ويبوك)
ستقدم للزوار رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة (منصة ويبوك)

في حدث يجمع المتعة والأنشطة التفاعلية والأجواء الغامضة، سيكون زوار موسم الرياض 2024، نهاية الأسبوع الحالي، على موعد في «بوليفارد سيتي» مع رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة «هاري بوتر: موسم الرياض» في الموسم الترفيهي الأضخم في المنطقة والعالم.

وأعلن تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، وشركة «وارنر براذرز ديسكفري غلوبال إكسبيرينسز»، عن تفاصيل الحدث المنتظر «هاري بوتر: مغامرة موسم الرياض».

وستبدأ هذه التجربة المؤقتة، الأولى من نوعها في السعودية، بعروضها المحدودة لعشاق السلسلة في نهاية الأسبوع الحالي في «بوليفارد سيتي» كجزء من موسم الرياض 2024. ويتاح للجمهور الحجز للعروض الاستباقية عبر منصة «Webook».

ويعِد الحدث المؤقت المعجبين برحلة فريدة لمحبي السلسلة السينمائية الشهيرة، حيث يمكن للزوار استكشاف مناطق مميزة داخل قلعة هوجوورتس وحولها، بما في ذلك مواقع أيقونية مثل القاعة الكبرى والسلالم المتحركة.

الحدث ستحتضنه منطقة «بوليفارد سيتي» إحدى المناطق الترفيهية لموسم الرياض الأضخم عالمياً (واس)

كما تتضمن الأنشطة فرصة لتجربة لعبة رمي الكوافل في ملعب الكويدتش، والتقاط الصور أمام خلفية القلعة الشهيرة، والتسوق في المتاجر مثل متجر «أوليفاندرز» للعصي السحرية، حيث يمكن شراء عصا جديدة لأول مرة.

ويمكن للزوار أيضاً زيارة متجر «مدام مالكين» للأزياء وشراء منتجات حصرية لا تُتاح إلا في «هاري بوتر: مغامرة موسم الرياض».

إضافة إلى ذلك، سيتمكن الزوار من الاستمتاع بحلوى «هوني دوكس» وتجربة الأطباق البريطانية المستوحاة من السلسلة في قاعة الطعام «ثري برومستيكس». كما يمكنهم تناول مشروب «باتر بير» الشهير والاستمتاع بالحلوى المستوحاة من عالم هاري بوتر في ركن مخصص.