معرض «لكل طاولة قصة» رحلات العمر في قطع مبعثرة

يصوّرها خشبة مسرح شهدت أدواراً لأشخاص مختلفين

ألوان فاقعة تسود بعض لوحاته (الشرق الأوسط)
ألوان فاقعة تسود بعض لوحاته (الشرق الأوسط)
TT

معرض «لكل طاولة قصة» رحلات العمر في قطع مبعثرة

ألوان فاقعة تسود بعض لوحاته (الشرق الأوسط)
ألوان فاقعة تسود بعض لوحاته (الشرق الأوسط)

يتعلّق الإنسان بأغراضه اليومية لتصبح جزءاً لا يتجزأ من مشوار حياة، تذكّره أحياناً بموقف حرج، ومرات أخرى بلحظات حزينة أو جميلة. ويحمل بعضهم أغراضه في ترحاله من منزل إلى آخر أو من بلد إلى آخر، لكن الرّسام التشكيلي غيلان صفدي حمّلها مشهدية فنية، فقد وضع طاولات مختلفة بين حشود من الناس، وراح يروي بريشته قصة كلّ واحدة منها في معرضه «لكل طاولة قصة».

برزت في لوحات غيلان صفدي علاقة حميمة بين الإنسان وأشيائه في غاليري «آرت أون 56»، ويقول إنه استمد الفكرة من طاولته الخاصة، «إنها ترافقني في عملي اليومي. أضع عليها لوحات الألوان وريشتي وجهازي الخلوي ومفاتيح بيتي. وكل ما يمكن أن أستخدمه في لحظة شغف المهنة. أحفظ مكان كلّ غرض من أغراضي عليها. إنها ذاكرتي وصديقتي ومكان ثابت في حياتي. أشعر أني إذا فقدتها قد تنقلب حياتي رأساً على عقب. إنها وبكل بساطة رفيقة درب من نوع آخر».

غيلان صفدي أمام إحدى لوحات معرضه (الشرق الأوسط)

عمد غيلان صفدي إلى استعراض طاولات مختلفة تتوزّع على الأماكن، في منزل أو في مكتب عمل، وفي مقهى أو في مطبخ وصالون. جميعها تروي قصص أصحابها في فترة انتظار أو وحدة يعيشونها. وكذلك تنقل لحظات الفرح والرومانسية والتواصل المباشر. فعندما تحضر الطاولة ندرك أن هناك جلسة ما ستُعقد حولها؛ مرات يخوضها الإنسان وحيداً، ومرات أخرى مع مجموعة أشخاص، وتبقى لحظات الفراق والخصومة والحب والقرار مطبوعة عليها. فمهما مرّت الأيام نستعيد تلك اللحظات لمجرد رؤيتنا لهذه الطاولة أو تلك. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها المهد لمشاعر غمرتنا، نتوقف عندها في كل مرة تطالعنا. هي بالفعل خشبة مسرح من نوع آخر، نضع عليها حواراتنا ونقاشاتنا وزعلنا وضحكاتنا».

استخدم الفنان صفدي، الأبيض والأسود للإشارة إلى طاولة من الماضي. وفي لوحات أخرى ركن إلى ألوان فاقعة تلفت النظر. «أردتها كذلك لتجمّل ما نعيشه. أتعبنا السواد كما أتعبتنا الهموم والحروب. والألوان هذه من زهري وبرتقالي وأخضر وأحمر تبهر العين وتمد المشاهد جرعة أمل».

ولّد غيلان صفدي للطاولة مبادئ يمكن تعميمها، أهمها بأنها تساوي بين الناس مهما اختلفت انتماءاتهم الاجتماعية.

الأبيض والأسود لحكايات تدور حول طاولة الماضي (الشرق الأوسط)

في مجموعته المنمنمة المؤلفة من عدة لوحات رسمها بالأبيض والأسود يدخل الفنان التفاصيل، فيقرأ مشاهدها قصصاً متتالية لنساء ورجال يجلسون حول طاولة مع أحلامهم وأفكارهم. بينهم من يضع عليها زهور الربيع لتؤنس وحدته، وبينهم من حوّلها إلى سند يتكئ عليه. هنا مفتاح منزل وهناك باخرة سفر، وعلى أخرى ميزان، وهرّة سوداء على طاولة ثالثة. في حين تحمل بعضها آلات موسيقية ومساحيق ماكياج ومواجهة مع الذات. ويعلّق غيلان صفدي لـ«الشرق الأوسط»: «سيتفاعل الزائر مع الطاولة التي يحب. فأي منها سيختار؟ لا أعلم. ولكنه سيجد بينها ما يشبه قصصه مع طاولة معينة».

ركن من أركان المعرض (الشرق الأوسط)

السخرية أيضاً تحضر في لوحات «لكل طاولة قصة»، وفي لوحة «آخر الأقوياء»، مجموعة على شفاهها ابتسامة صفراء وساخرة، يتحلقون حول طاولة فيها حفرة، حيث يتمدّد أحد الأشخاص، فيرمون الأحكام عليه، يشرّحون خطاياه ويهزأون منه.

وطاولة أخرى تشهد سقوط الأقنعة لمن حولها عنونها غيلان «طاولة القناع»، ولوحات أخرى من بينها «سمكة وصبّار»، و«سلة البيض» و«باليرينا»، و«كرة السحر»، و«طاولة الصبّار» وغيرها. يقدّمها برسوم تنبض بالحياة. ومهما كبر أو صغر حجمها تبقى ذكرى وعبرة لصاحبها.


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
TT

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

كرّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في 4 فروع رئيسية، بجوائز بلغت قيمتها 1.6 مليون ريال، ونال كل فائز بكل فرع 200 ألف ريال، وذلك برعاية وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس أمناء المجمع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان.

وتشمل فروع الجائزة تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها، وحوسبة اللُّغة وخدمتها بالتقنيات الحديثة، وأبحاث اللُّغة ودراساتها العلميَّة، ونشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة.

ومُنحت جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد، ولدار جامعة الملك سعود للنَّشر من المملكة العربيَّة السُّعوديَّة في فئة المؤسسات، فيما مُنحت في فرع «حوسبة اللُّغة العربيَّة وخدمتها بالتقنيات الحديثة»، لعبد المحسن الثبيتي من المملكة في فئة الأفراد، وللهيئة السُّعوديَّة للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» في فئة المؤسسات.

جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد (واس)

وفي فرع «أبحاث اللُّغة العربيَّة ودراساتها العلمية»، مُنحَت الجائزة لعبد الله الرشيد من المملكة في فئة الأفراد، ولمعهد المخطوطات العربيَّة من مصر في فئة المؤسسات، فيما مُنحت جائزة فرع «نشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة» لصالح بلعيد من الجزائر في فئة الأفراد، ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من الإمارات في فئة المؤسسات.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُويَّة اللُّغويَّة، وترسيخ الثَّقافة العربيَّة، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبلٍ زاهرٍ للُّغة العربيَّة، وتأكيد صدارتها بين اللغات.

وجاءت النتائج النهائية بعد تقييم لجان التحكيم للمشاركات؛ وفق معايير محددة تضمَّنت مؤشرات دقيقة؛ لقياس مدى الإبداع والابتكار، والتميز في الأداء، وتحقيق الشُّمولية وسعة الانتشار، والفاعليَّة والأثر المتحقق، وقد أُعلنت أسماء الفائزين بعد اكتمال المداولات العلمية، والتقارير التحكيميَّة للجان.

وأكد الأمين العام للمجمع عبد الله الوشمي أن أعمال المجمع تنطلق في 4 مسارات، وهي: البرامج التعليمية، والبرامج الثقافية، والحوسبة اللغوية، والتخطيط والسياسة اللغوية، وتتوافق مع استراتيجية المجمع وداعمةً لانتشار اللغة العربية في العالم.

تمثل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع لخدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

وتُمثِّل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع؛ لخدمة اللُّغة العربيَّة، وتعزيز حضورها، ضمن سياق العمل التأسيسي المتكامل للمجمع، المنبثق من برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق «رؤية المملكة 2030».