مع زحف الأيام الأخيرة لشهر رمضان، تسود شوارع مصر حالة من الصخب تمتد إلى المحلات التجارية ومراكز التسوّق، في حركة تتّصل بطقوس شراء ملابس جديدة للعيد، لا سيما للأطفال، حيث تحتفي التقاليد بارتدائها صباح اليوم الأول لعيد الفطر.
وتسعى الأسر المصرية إلى الحفاظ على طقس شراء ملابس العيد بما يحمل من بهجة خاصة، رغم الأعباء الاقتصادية المتمثّلة بارتفاع أسعار مختلف السلع، بما فيها الملابس والأحذية، ما يجعل كثيرين يحدّدون خريطة الشراء وفقاً لأماكن تتيح أسعاراً أقل نسبياً من غيرها.
ياسمين غنيم، مُعلمة في مدرسة خاصة وأُم لطفلين، ومقيمة في القاهرة، غيَّرت هذا العام الأماكن التي اعتادت الشراء منها، فتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أشتري منذ سنوات ملابس أطفالي من ماركات تجارية مُستورَدة معروفة بجودتها وبأسعارها المعقولة، لكنني تراجعتُ هذا العام عن ذلك، لمضاعفتها أسعار الملابس أخيراً بشكل ضخم وغير معقول. ثم اتّجهتُ للشراء من محلات تتيح أسعاراً أقل، رغم تراجُع الجودة، لكنها وسيلة للموازنة بين فرحة العيد، والظروف الاقتصادية الضاغطة».
وكان البنك المركزي المصري قد أعلن في مارس (آذار) الماضي تحرير سعر صرف الجنيه ضمن قرارات اقتصادية أخرى، ثم تبعته قفزة جديدة في أسعار السلع باختلافها، مدفوعةً بتراجع قيمة العملة المصرية أمام الدولار (يعادل 47.35 جنيه مصري)، ما أدّى في المقابل إلى ضعف الحركة الشرائية، وفق تجار من بينهم محمود عبد العظيم؛ صاحب محل ملابس في منطقة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة).
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «بات تاجر الجُملة يحصل على البضاعة بسعر مرتفع من المصدر، الأمر الذي يجعلنا نضع هامش ربح ضعيفاً لنستطيع البيع والمحافظة على الحركة الشرائية؛ لذلك يصعب إفساح المجال للخصومات الكبيرة على الملابس، وسط هامش الربح الضعيف».
رغم ذلك، يؤكد أنّ «حركة الإقبال على الشراء معقولة، وإنْ كان ارتفاع الأسعار يجعل المشتري يتّجه لتقليل خياراته، والحدّ من القِطع التي يشتريها».
وبدورها، تشير عضوة مجلس إدارة شعبة الملابس الجاهزة في «غرفة القاهرة التجارية» سماح هيكل إلى أنّ «أسعار ملابس العيد متفاوتة بشكل كبير بما يضمن وصولها إلى فئات اجتماعية مختلفة»، وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «إنتاج الملابس الصيفية لهذا العام بدأ منذ أكثر من 6 أشهر، ما جعل أسعارها لا تتأثر بارتفاع الدولار أخيراً؛ كما أنّ الملابس الصيفية بشكل عام معروفة بأنها أرخص من الشتوية، فخاماتها أخفّ وأكثر تنوّعاً».
وتضيف: «تشهد الأسواق إقبالاً واسعاً على شراء الملابس لتزامن أعياد المسلمين مع أعياد المسيحيين في بداية الموسم الصيفي، حيث تُطرَح التشكيلة الجديدة. ويُمثّل الإقبال الأكبر على السوق المحلّية، ليقلّ على الملابس المُستورَدة نسبياً. يساعد على ذلك أنّ أسعار الملابس المصنوعة محلّياً أقل، وكذلك ارتفاع جودتها بشكل أكبر خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يمكن رصده من خلال الحركة الكبيرة في الأسواق هذه الأيام».
وطرحت الحكومة المصرية، مُمثّلة في الغرف التجارية، بالتعاون مع مديريات التموين، ملابس العيد في خيم «أهلاً رمضان»، المخصَّصة لبيع مستلزمات السلع الرئيسية على مدار الشهر الكريم، وانضمّت إلى تلك السلع تشكيلات من الملابس، والحقائب، والأحذية، سعياً إلى جذب الزبائن قبل العيد.
ويُرجع رئيس شعبة الملابس الجاهزة في الغرفة التجارية بالإسكندرية أشرف جويا، ارتفاع أسعار الملابس هذا العام مقارنة بالماضي، إلى ارتفاع أسعار الخامات بنحو 40 في المائة.
ويضيف في تصريحات صحافية أنّ «أجور الأيدي العاملة ارتفعت بشكل مضاعف في المصانع، بالإضافة إلى زيادة أسعار المرافق والكهرباء والإيجارات، ما يرفع أسعار الملابس الجاهزة بوصفها المُنتَج النهائي»، مشيراً إلى تراجُع القوة الشرائية في الإسكندرية بشكل كبير نتيجة الارتفاعات غير المبرَّرة في أسعار الملابس الجاهزة، خصوصاً للأطفال، والتي تخطّت أسعار ملابس الشباب والرجال والنساء هذا العام.