قبل أن يبدأ عرضه أول شهر رمضان والجمهور يترقب مسلسل «إمبراطورية ميم» الذي يعيد تقديم القصة القصيرة التي كتبها الأديب الراحل إحسان عبد القدوس، وقدمتها السينما المصرية قبل أكثر من نصف قرن عبر فيلم يعدّ من كلاسيكيات السينما المصرية، الذي لعبت بطولته فاتن حمامة أمام أحمد مظهر، وأخرجه حسين كمال عام 1972.
وقد فتح العمل الجديد باب المقارنة، ليس فقط بين الفيلم والمسلسل كما هو معتاد، بل بين أداء النجمة الراحلة فاتن حمامة بطلة الفيلم، والفنان خالد النبوي بطل المسلسل.
وفي حين يراهن المؤلف محمد سليمان عبد الملك على رؤية جديدة للقصة، ومعالجة عصرية عبر وسيط مختلف، فإنه لا ينكر الوقوع في فخ المقارنة مثلما يقول: «أعرف أننا سنقع في فخ المقارنة حتماً مع الفيلم، بوصفنا صنّاع عمل سبق تقديمه في فيلم سينمائي ناجح، لكنها ستتراجع مع كل حلقة جديدة، وقد تلقيت ردود أفعال عديدة يؤكد أصحابها اختلاف المسلسل عن الفيلم».
هذه المقارنة تؤكدها الناقدة ماجدة موريس قائلة: «من الواضح أن النبوي أحب الشخصية وعمل على أن تكون مختلفة تماماً عن شخصية الفنانة فاتن حمامة في الفيلم، ويبدو أن المسألة شغلته طويلاً شكلاً ومضموناً».
واعتمد المسلسل القصة الأصلية التي كتبها المؤلف وبطلها «مختار أبو المجد»، الذي يجسده خالد النبوي، وزوجته التي تؤدي دورها الفنانة السورية سولاف فواخرجي، وتطلّ ضيفة شرف على المسلسل عبر لقطات بطريقة «الفلاش باك»، وهما يتفقان على تكوين «إمبراطورية ميم» بإنجاب أكبر عدد من الأبناء تبدأ أسماؤهم بحرف الميم، لكن الزوجة ترحل مبكراً بعد إنجاب «ستة من الأولاد والبنات»، ليلعب مختار دور الأب والأم معاً بمساعدة شقيقته التي لم تتزوج، والتي تؤدي دورها الفنانة نشوى مصطفى، ويواجه الأب مشاكل وأزمات أولاده بحبٍ لا يخلو من الحسم، ويبدو قلبه مغلقاً على حب زوجته الراحلة ومخلصاً لها.
يظهر خالد النبوي مرتدياً نظارة طبية ليبدو أكبر من سنه، بشخصية ذات تركيبة مختلفة تحمل كوميديا وطرافة بأسلوب «اللايت كوميدي»، واختار المخرج محمد سلامة الأولاد الستة في أعمار مغايرة عن أولاد الفيلم ولكل منهم حضوره الخاص.
يعتمد المسلسل إيقاعاً سريعاً ومتغيراً من حلقة لأخرى، وتصويراً متجدداً بين الديكور الرئيسي في بيت الأسرة والأماكن الخارجية، مضيفاً شخصيات جديدة وخطوطاً درامية مختلفة عبر أحداث يعيشها أبطال العمل، بينما تنضم لهم شخصيات جديدة مثل حلا شيحة في شخصية الجارة التي يبدو ثمة علاقة في الأفق ستجمعها بالأب، وطليقها ووالد طفلتها محمد محمود عبد العزيز، والعمة نشوى مصطفى في عودة مهمة لها، ليخرج العمل من نطاق الفيلم ويقدم دراما عائلية بروح عصرية، وعبر وسيط مختلف بوصفه مسلسلاً تدور أحداثه في 30 حلقة.
ويؤكد المؤلف أن المسلسل لا يعيد تقديم الفيلم، لكنه يستلهم القصة الأصلية بمعالجة جديدة تماماً، قائلاً: «لم أضع الفيلم في حسباني لأنني أحبه جداً، فهو فيلم أيقوني في تاريخ السينما المصرية، وأي محاولة للاستلهام منه ستكون ضد العمل الجديد وليس في صالحه، وكنت حريصاً على عدم التأثر به، بل أراهن على رؤية جديدة تعتمد على الاختلاف الزمني وشكل الدراما وأسلوب الحكي نفسه مختلف».
ويرفض المؤلف فكرة «الإفلاس» التي يردّدها البعض مع كل عمل سبق تقديمه، مؤكداً أن «الاستلهام من (ألف ليلة وليلة) يحدث من ألف سنة كما كلاسيكيات الأعمال الأدبية العالمية أيضاً». مشيراً إلى أنه يقدم أعمالاً لكبار الكتاب من منطلق المحافظة على التواصل مع أجيال جديدة لم تشاهد أعمالهم السابقة، مثلما قدم من قبل «راجعين يا هوى» لأسامة أنور عكاشة، و«مذكرات زوج» للكاتب أحمد بهجت، مؤكداً: «هذا مشروع بدأته وسأستمر فيه تحية لمبدعين كبار».
وترى الناقدة ماجدة موريس أن هناك اختلافاً واضحاً بين الفيلم والمسلسل بدءاً من شخصية البطل الذي جاء أكثر تفاعلاً مع أولاده، وكذلك في شخصيات الأطفال والخطوط الدرامية، التي أضافها مثلما تقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك شخصيات جديدة وأحداث مختلفة، ومتغيرات عديدة يفرضها التناول الزمني الحالي، فأولاد البطل يعبّرون عن زمنهم ويتآمرون عليه ويشكلون تحالفاً ضده».
وعن أداء خالد النبوي للشخصية يقول المؤلف: «وصل لمرحلة من النضج الفني والتألق. فكل شخصية ينحت تفاصيلها بدقّة، وهو مجتهد ودؤوب ومثقف، وأنا أستمتع بالعمل معه منذ قدمنا معاً مسلسل (ممالك النار)».
في حين ترى موريس أن المخرج محمد سلامة أعطى مساحة اهتمام كبيرة بكل الشخصيات وحتى الأطفال.
وبدوره، يؤكد عبد المالك أن سلامة صاحب موهبة بارعة في الدراما العائلية و«اللايت كوميدي»، ويعطي روحاً مختلفة للعمل تجعله أكثر جمالاً على الشاشة. مشدداً على أنه مع الوقت وتوالي الحلقات سيرى الجمهور أن هناك مناطق جديدة ومختلفة تماماً في المسلسل، وتضيف موريس أن العمل خرج من دائرة المقارنة مع الفيلم وسيخرج أكثر في الحلقات المقبلة في ظلّ أزمات عديدة تفجرت، والصراع المادي على منزل الأسرة، لذا تطالب الجمهور بألّا يتسرّع في الحكم عليه.