استعادة «صحراء شادي عبد السلام» بروح عصرية

في عرض مسرحي راقص للمخرج اللبناني وليد عوني

محاكاة راقصة لفيلم «المومياء» (وليد عوني)
محاكاة راقصة لفيلم «المومياء» (وليد عوني)
TT

استعادة «صحراء شادي عبد السلام» بروح عصرية

محاكاة راقصة لفيلم «المومياء» (وليد عوني)
محاكاة راقصة لفيلم «المومياء» (وليد عوني)

تستدعي فرقة «الرقص المسرحي الحديث» بدار الأوبرا المصرية أعمال المخرج المصري الراحل شادي عبد السلام (1930-1986) في عرض راقص يُعيد إلى الأذهان الكادرات الشهيرة لصاحب فيلم «المومياء» بروح عصرية.

يحمل العرض، الذي يقام على مسرح الجمهورية بوسط القاهرة، اسم «صحراء شادي عبد السلام»، ويُوظف لغة المسرح وسينوغرافيا الحركة، كامتداد إيقاعي للمشروع الفني الخاص بالمخرج السينمائي الراحل.

تكوين جماعي من العرض (وليد عوني)

يقول مُصمم العرض ومخرجه اللبناني وليد عوني إنه «حالة مستلهمة من ثلاثة أفلام لشادي عبد السلام، هي تحديداً (المومياء)، و(الفلاح الفصيح)، و(إيزيس)»، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هذا العرض يأتي بالتزامن مع ذكرى ميلاد شادي عبد السلام في مارس (آذار) الحالي.

على مدى 75 دقيقة هي مدة العرض، تتناوب على مسرح «صحراء شادي عبد السلام» تكوينات جماعية وفردية راقصة مستوحاة من الدراما المصرية القديمة، التي طالما شغلت مُخيلة المبدع الراحل.

ويستعيد عوني فيلم «الفلاح الفصيح» قائلاً: «شادي عبد السلام استطاع في هذا الفيلم أن يُحوّل بردية الفلاح الفصيح إلى قصيدة سينمائية كلماتها الحق والعدل».

ويضيف أن العرض المسرحي الراقص يسعى لمُحاكاة شكوى الفلاح من خلال التعبير الجسدي عن محاولاته التخلص من الظلم، إلى أن يأتي العدل والحق الذي يعبر عنه الجسد من خلال الرقص فرحاً، وكأنها قصيدة مأخوذة من ورق البردي.

وتؤدي شاشة العرض في المسرح دوراً بصرياً تكاملياً، حيث تعرض كادرات من أفلام شادي عبد السلام، تحاور التصميمات الراقصة التي تبدو وكأنها خرجت من الشاشة وعُمقها السينمائي، ويلفت عوني إلى أنه «أراد إظهار الرقص المحاكي لفيلم (المومياء) مشبعاً بروح صوفية».

ويبدو الراقصون وهم يدخلون واحداً تلو الآخر إلى خشبة المسرح، وكأنهم يستكشفون أماكنهم حسب سيناريو فيلم «المومياء»، يتفقدون المجسم المستقر في وسط المسرح، الذي بدا كما لو كان قاعة محكمة أو حلبة مصارعة.

تحاور بين الفيلم والعرض المسرحي (وليد عوني)

ويقول عوني: «أضفت شخصية الموت في العرض، فهو ذلك الكائن الذي يبدو وكأنه يحرك الجميع ولا يراه أحد، ليصبح المحور الذي يربط الماضي بالحاضر».

واحتفت الكثير من المهرجانات العالمية بفيلم «المومياء»، من إنتاج عام 1969، الذي كتبه وأخرجه شادي عبد السلام، وصُنف ضمن أفضل 100 فيلم عربي في تاريخ السينما المصرية والعربية في القرن العشرين، وكان من بطولة أحمد مرعي، وظهرت فيه الفنانة الراحلة نادية لطفي ضيفة شرف.

ويقدم العرض المسرحي لوحات راقصة مُستوحاة من الفيلم التسجيلي «إيزيس» الذي بدأه شادي عبد السلام ولم يستكمله، حسبما يوضح مخرج العرض: «كان الراحل قد بدأ في فيلم تسجيلي لم يستكمله مستوحى من بردية عن إيزيس»، مضيفاً: «استعنت في العرض بمقطع يُحاكي عثور إيزيس وأختها (نفتيس) على الطفل حورس ابن إيزيس وأوزوريس، الذي لسعه العقرب في أرض إدفو، حيث أنقذه من الموت الإله رع، وسُمي هذا المشهد (إيزيس وبنات إدفو) الذين يمثلون القمح والنيل»، على حد تعبيره.

مشهد من العرض يستلهم الفلاح الفصيح (وليد عوني)

وذكر عوني أنه استعان في هذا الجزء بأستاذ التصوير وخبير الأرشيف بمعهد السينما الدكتور مجدي عبد الرحمن، الذي أكمل عدة أفلام لشادي عبد السلام لتوثيق الأعمال التي لم يستكملها.

ودرس الفنان وليد عوني الغرافيك والفنون التشكيلية في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة ببروكسل، وأسس فرقة الرقص المسرحي الحديث في مصر عام 1993، التي شاركت في مهرجانات عالمية عدة، كما قدمت عروضها فى معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة والصين وغيرها من دول العالم.

وتحتفل عدد من المؤسسات في مصر بذكرى ميلاد شادي عبد السلام الـ94، منها مكتبة الإسكندرية، التي تضم معرضاً دائماً بعنوان «عالم شادي عبد السلام»، يضم مقتنياته الشخصية ومكتبته الخاصة، كما يضم لوحات و«اسكتشات» للفنان، وعدداً من اللقطات السينمائية المأخوذة من الأفلام التي أخرجها وشارك بها.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».