«معظم النار من مستصغر الشرر»... كيف تضبط رد فعلك تجاه «الأمور الصغيرة»؟

ليس من الجيد بالضرورة أن نفكر جدياً في كل الأشياء الصغيرة ونبالغ برد فعلنا في كل مرة نشعر فيها بالانزعاج (رويترز)
ليس من الجيد بالضرورة أن نفكر جدياً في كل الأشياء الصغيرة ونبالغ برد فعلنا في كل مرة نشعر فيها بالانزعاج (رويترز)
TT

«معظم النار من مستصغر الشرر»... كيف تضبط رد فعلك تجاه «الأمور الصغيرة»؟

ليس من الجيد بالضرورة أن نفكر جدياً في كل الأشياء الصغيرة ونبالغ برد فعلنا في كل مرة نشعر فيها بالانزعاج (رويترز)
ليس من الجيد بالضرورة أن نفكر جدياً في كل الأشياء الصغيرة ونبالغ برد فعلنا في كل مرة نشعر فيها بالانزعاج (رويترز)

يقول الدكتور هانز سيلي: «ليس التوتر الذي نعانيه هو الذي يقتلنا، بل رد فعلنا عليه». وهذا بالفعل ما يحصل مع الكثير منا؛ إذ نبالغ جميعاً في بعض الأحيان، على الأقل، في رد فعلنا تجاه الأشياء الصغيرة، وفي كثير من الأحيان دون أن ندرك ذلك.

وتشرح الدكتورة إيلين س. كوهين، وهي معالجة نفسية ومدونة، وتقوم بالتدريس في جامعة باري الأميركية، ضمن تقرير نشره موقع «سايكولوجي توداي»: «إذا وجدت نفسك غاضباً أو منزعجاً أو دفاعياً بشكل مفرط بسبب أشياء صغيرة، فاشعر بالارتياح عندما تعرف أن هناك إجراءات يمكنك اتخاذها لإدارة مشاعرك بشكل أكثر فاعلية».

وتضيف: «من المقبول تماماً أن تشعر بمشاعرك وترغب في التعبير عنها في بعض الأحيان، لكن الطريقة المبالغ بها في التعامل مع المواقف ليست صحية... السماح لأنفسنا بالاعتراف بالمآزق المزعجة ثم إيجاد طرق بنّاءة للتعبير عنها والتعامل معها يخدمنا بشكل أفضل على المدى الطويل».

وأشارت الدكتورة إلى أنه إذا حدث شيء مزعج حقاً، فمن المعقول تماماً أن تشعر بالانزعاج. ومع ذلك، ليس من الجيد بالضرورة بالنسبة لنا أن نفكر جدياً في كل الأشياء الصغيرة ونبالغ في رد فعلنا في كل مرة نشعر فيها بالانزعاج.

وتشرح كوهين: «تبدأ المشكلات الحقيقية في الظهور عندما نتفاعل بشكل أكثر من اللازم في ظل هذه الظروف. على سبيل المثال، لا يعد شخص ما يقطع طريقك أثناء القيادة سبباً للصراخ. لقد مررنا جميعاً بذلك بالطبع، لكن الحقيقة هي أن ردة الفعل المبالغة ليست مفيدة جداً».

ردود الفعل المبالغ فيها لا تجعل الأوضاع أفضل أبداً؛ في الواقع، عادة ما تجعلها أسوأ. يمكن للتوتر في حياتنا أن يخلق الظروف المناسبة لنا للمبالغة في رد فعلنا. ولكن على الرغم من أن القيام بذلك قد يخفف التوتر في الوقت الحالي، فإنه لا يحل المصدر الحقيقي للمشكلة، بحسب كوهين. ومن المفارقة أن كل ما يفعله ذلك هو خلق المزيد من التوتر والقلق؛ لذا عندما تجد نفسك متوتراً بسبب الأمور الصغيرة، فقد يكون ذلك علامة على وجود مشكلات أخرى أعمق لا تتعامل معها.

والمبالغة في رد الفعل يمكن أن تؤثر على سعادتك إلى درجة أنها تعوق الأشياء التي تريد فعلها حقاً، وفقاً للتقرير.

اكتشف ما يزعجك أو يستفزك

تفيد كوهين بأنه لدينا جميعاً محفزات يمكن أن تقودنا إلى المبالغة في رد الفعل في بعض الأحيان.

وتتابع: «إذا عرفنا ما هي تلك المحفزات، يمكننا أن نتعلم أن نكون أكثر تحكماً في أنفسنا عندما يتم الضغط علينا. أنا شخصياً أبالغ في رد فعلي وأشعر بالإثارة عندما أعمل بجد على شيء ما، وينتقده شخص ما. أنا إيجابية للغاية ومشجعة، ويمكنني أيضاً قبول النقد البنّاء. ومع ذلك، إذا اعتقدت أن شخصاً آخر ينتقد بشكل غير عادل، فمن السهل بالنسبة لي أن أخسر ذلك».

وتضيف المعالجة النفسية: «بمعرفة ذلك عن نفسي، أصبحت أكثر وعياً بردود فعلي وأحاول الرد بهدوء أكبر على الأشخاص عندما يوجهون لي انتقادات».

إذا لم تكن على دراية تامة بما يحفزك، فقد يكون من المفيد التفكير في الأسبوع الماضي وفي كل الأوقات التي أزعجك فيها شيء ما، بحسب كوهين.

وأضافت: «سواء كان ذلك مبرراً أو لا، حدد الأشياء التي أزعجتك أكثر. قد تكون رفضاً أو انتقاداً أو حتى شيئاً لا علاقة له بك، مثل أن يتحدث شخص ما في السياسة. من المهم أيضاً أن تفكر فيما إذا كنت متعباً أو جائعاً أو قلقاً بشأن العمل في تلك اللحظات. آخر مرة بالغت فيها في رد فعلك، ما الذي حدث معك؟ هل كنت تشعر بالجوع؟ هل كانت نهاية أسبوع مزدحم؟ إذا تمكنت من معرفة ما يثيرك والتعرف على الظروف المحيطة بتلك المحفزات، فقد تتمكن من إدارة نفسك بشكل أفضل عندما يزعجك شيء ما في المستقبل».

وأشارت كوهين إلى أن ذلك يمنحك هذا الوقت لاكتساب بعض المنظور حول ما حدث بالفعل خلال تلك اللحظات التي فقدت فيها أعصابك. ومن المهم أن تنظر إلى الوراء، ليس لمعاقبة نفسك على المبالغة في رد الفعل، ولكن لتتعلم من التجربة.

تنصح كوهين أيضاً بالتحقق من توقعاتك، والتأكد من أنها واقعية. وقالت: «يمكن أن تتحرك الحياة بسلاسة في بعض الأحيان، ولكن المضايقات أمر لا مفر منه. لا يمكن التنبؤ بالأشخاص والمواقف دائماً. وفكر في الطريقة التي قد يشعر بها الآخرون تجاه الأشياء. تحدث ردود فعل مبالغ فيها أحياناً عندما نركز بشكل مفرط على أنفسنا وعواطفنا. لا يحق لأحد منا أن يعيش حياة مثالية. ومن خلال تخصيص بعض الوقت لإدارة توقعاتنا، يمكننا تقليل فرص المبالغة في رد الفعل تجاه العيوب بشكل كبير».

ومن الطرق التي قد تساعدك، الاحتفاظ بمذكرة، وكتابة ما يزعجك، وفعل كل ما يلزم للتحدث عنها. ليس سراً أن الحياة يمكن أن تصبح صعبة، وعندما لا تسير الأمور في صالحنا، فمن السهل أن نفقد الصبر. حاول إدارة نفسك من خلال النصائح الواردة أدناه، حتى تتمكن من الاستجابة بشكل مناسب للمواقف التي تنشأ في حياتك، واحدة تلو الأخرى، وفقاً لكوهين:

- توقف للحظة: لاحظ التغيرات بداخلك (توتر في رقبتك، سخونة في خدودك، ارتفاع معدل ضربات القلب). استمر في التنفس بعمق، ثم حاول أن تشعر بالهدوء.

- فكر بعقلك: فكر فيما حدث للتو بشكل عقلاني من خلال تقريب نفسك من الحقيقة الموضوعية بدلاً من تجربتك الذاتية. ابحث عن طريقة لتكون رحيماً، وتجنب إضفاء الطابع الشخصي على ما حدث لك.

- التصرف: عبّر عن نفسك بعبارات «أنا» أو أخرج نفسك من الموقف. إذا كنت لا تزال منزعجاً، ابحث عن طريقة لإعادة توجيه ما تشعر به.



حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)
تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)
TT

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)
تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، ممثلة في عدة حفلات لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب، يستضيف مسرح معهد الموسيقى العربية حفلاً جديداً لتقديم أعمال الموسيقار الراحل.

ويأتي هذا الحفل ضمن خطة وزارة الثقافة المصرية لإعادة إحياء التراث الفني، حيث تقيم دار الأوبرا برئاسة الدكتورة لمياء زايد، حفلاً تُحييه الفرقة القومية العربية للموسيقى، بقيادة المايسترو حازم القصبجي لاستعادة تراث عبد الوهاب.

وفق بيان للأوبرا المصرية، يتضمن الحفل مجموعة من أعمال الموسيقار، التي تغنى بها كبار نجوم الطرب في مصر والوطن العربي، ومن بينها «لا مش أنا اللي أبكي»، و«يا خلي القلب»، و«سكن الليل»، و«الحب جميل»، و«تهجرني بحكاية»، و«توبة»، و«هان الود»، و«خايف أقول اللي في قلبي»، و«أيظن»، و«القريب منك»، و«كل ده كان ليه»، يقوم بغنائها آيات فاروق وإبراهيم رمضان ومي حسن ومحمد طارق.

وأوضح البيان أن سلسلة حفلات «وهابيات»، والتي تقام بشكل دوري، في إطار دور الأوبرا، تهدف إلى تنمية الذوق الفني في المجتمع، وتعريف الأجيال الجديدة بتراث الرموز الخالدة وروائع الموسيقار محمد عبد الوهاب.

حفل وهابيات لاستعادة أعمال موسيقار الأجيال (دار الأوبرا المصرية)

ويعدّ عبد الوهاب من أهم الموسيقيين العرب، وقد وُلد في حي باب الشعرية الشعبي بوسط القاهرة عام 1898، والتحق بفرق غنائية وموسيقية ومسرحية في بداية القرن العشرين، وعُرف بقربه من فنان الشعب سيد درويش، وشارك في فرقته المسرحية وعمل في مسرحيتي «الباروكة» و«شهر زاد»، وفق المعلومات الببليوغرافية في متحف محمد عبد الوهاب بمعهد الموسيقى العربية.

وعدّ الناقد الموسيقي المصري أحمد السماحي «إحياء التراث وسلسلة (وهّابيات) من الأدوار المهمة التي تقوم بها وزارة الثقافة ممثلة في دار الأوبرا المصرية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التقليد ليس مصرياً فقط، ولكن عربياً وعالمياً، فكبار الموسيقيين العالميين مثل بيتهوفن وباخ وموتسارت يتم استعادة أعمالهم للأجيال الجديدة»، مضيفاً: «هذا التقليد مهم؛ لأن الأجيال الجديدة لا تعرف رموز الغناء والموسيقى، وأتمنى من الأوبرا أن تعيد أيضاً إحياء تراث كبار المؤلفين الموسيقيين، بداية من ميشيل يوسف وأندريه رايدر وفؤاد الظاهري وميشيل المصري، هؤلاء وغيرهم نحتاج إلى الاستماع لأعمالهم ليتعرف عليهم الأجيال الجديدة».

وعمل عبد الوهاب بالغناء والتمثيل إلى جانب التلحين، وغنى له كبار نجوم الطرب من أجيال مختلفة، ومن بينهم أم كلثوم وليلى مراد وفيروز وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وشادية ووردة، وقدم عدداً من الأفلام ذات الطابع الغنائي مثل «الوردة البيضاء»، و«يحيا الحب»، و«يوم سعيد»، و«رصاصة في القلب».

وتابع الناقد الموسيقي أنه «كما يتم إحياء تراث كبار المطربين والموسيقيين مثل عبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الأطرش ومحمد فوزي وغيرهم، أتمنى أيضاً إحياء تراث كبار المؤلفين والموزعين الموسيقيين؛ لأن ما قدموه يعدّ أحد الروافد التي تغذي الروح والوجدان في ظل الصخب الغنائي الذي نعيشه حالياً».

وحصل عبد الوهاب على العديد من الأوسمة والتكريمات، خصوصاً بعد قيامه بتوزيع النشيد الوطني لمصر، كما لحن النشيد الوطني الليبي في العهد الملكي، وحصل على وسام الاستحقاق من الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، وعلى الجائزة التقديرية في الفنون عام 1971.

يشار إلى أن عبد الوهاب رحل عن عالمنا في 4 مايو (أيار) عام 1991 عن عمر ناهز 93 عاماً، وودعته مصر في جنازة عسكرية؛ تقديراً لقيمته الفنية وإبداعاته التي امتدت على مدى أجيال.