كيف يؤثر تعاطي الكوكايين على الدماغ؟

رسم توضيحي للتغيرات في التواصل الدماغي بعد فترات التوقف عن الكوكايين (هسو)
رسم توضيحي للتغيرات في التواصل الدماغي بعد فترات التوقف عن الكوكايين (هسو)
TT

كيف يؤثر تعاطي الكوكايين على الدماغ؟

رسم توضيحي للتغيرات في التواصل الدماغي بعد فترات التوقف عن الكوكايين (هسو)
رسم توضيحي للتغيرات في التواصل الدماغي بعد فترات التوقف عن الكوكايين (هسو)

أظهرت دراسة جديدة، أجراها فريق بحثي من كلية الطب بجامعة نورث كارولينا الأميركية، الآثار الضارة للاستخدام المزمن والمستمر للكوكايين على الشبكات الوظيفية في الدماغ.

وكشفت النتائج عن أن استمرار تعاطي الكوكايين يؤثّر على كيفية تواصل الشبكات العصبية المهمة في الدماغ بعضها مع بعض، مسبباً كثيراً من التغييرات التي يمكن أن تؤثّر على مدى استجابة مدمني الكوكايين لمواقف الحياة اليومية.

وتُظهر النتائج المنشورة (الأربعاء) في دورية «علم الأعصاب» أن استمرار تعاطي الكوكايين يؤثر على كيفية تواصل الشبكات العصبية المهمة في الدماغ، بما في ذلك شبكة الوضع الافتراضي (DMN) التي تنشط بشكل خاص عند الانخراط في الأفكار الدّاخلية، كأحلام اليقظة، أو التفكير في الماضي، أو المستقبل، أو التصورات عن النفس، والمسؤولة أيضاً عن التفكير الإبداعي، والشبكة البارزة (SN) التي تعمل على الكشف عن محفزات التفكير وتصفيتها، والشبكة القشرية الجانبية (LCN) المسؤولة عن الوظائف الحسّية الجسديّة والحركيّة لدى البشر.

تطوير العلاجات

ووفق البيان الصحافي، الصادر (الأربعاء)، يوفّر هذا العمل رؤى جديدة لعمليات الدّماغ، التي تكمن وراء إدمان الكوكايين، ويخلق فرصاً لتطوير الأساليب العلاجية، وتحديد علامات التصوير الدالة على اضطرابات تعاطي الكوكايين.

ويعمل الدماغ مثل الأوركسترا، إذ يكون لكل عازف دور خاص حاسم في إنشاء مقطوعة موسيقية متماسكة. وتحتاج أجزاء معينة من الدماغ إلى العمل معاً لإكمال كثير من المهام الحياتية المختلفة.

وهو ما علّق عليه الدكتور لي مينغ هسو، الأستاذ المساعد في علم الأشعة، والمؤلف الرئيسي للدراسة قائلاً: «إن تعطيل الاتصال بين تلك الشبكات الدّماغية يمكن أن يزيد من صعوبة التركيز أو التحكم في النبضات أو الشعور بالمحفزات الخارجية والداخلية». وأضاف: «يمكن أن تؤثّر هذه التغييرات على مدى استجابة المدمنين لمواقف الحياة اليومية، كما أنها تجعل التعافي ومقاومة الرغبة الشديدة للإدمان أكثر صعوبة».

احتاج الباحثون إلى نموذج حيواني (الفئران) لفهم العلاقة بين اتصال الدّماغ وتطور الاعتماد على الكوكايين. إذ يمكّن النهج السلوكي، المقترن بتقنيات التصوير العصبي المتقدمة، من فهمٍ أعمق لتكيّف الدّماغ مع تعاطي المخدرات لفترات طويلة، ويسلّط الضوء على كيف يمكن للمواد المسببة للإدمان أن تغيّر عمل شبكات الدماغ الحيوية.

رؤى مفيدة

من جانبه، أكد هسو على أن «التحليل الطولي التفصيلي لتغيرات معينة في شبكة الدّماغ، قبل عمليات التعاطي للكوكايين وبعدها، أظهر رؤى جديدة ومفيدة».

وكان فريق البحث قد استخدم فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفية لاستكشاف التغيرات التي تحدث في ديناميكيات شبكة الدّماغ على النماذج التي تتعاطى الكوكايين.

وقد لاحظ الباحثون تغييرات كبيرة في اتصالات الشبكة، خصوصاً بين «شبكة الوضع الافتراضي» و«الشبكة البارزة». وكانت هذه التغييرات أكثر وضوحاً مع زيادة تعاطي الكوكايين على مدى 10 أيام من التعاطي المستمر.

ووفق الدراسة، توفِّر النتائج هدفاً محتملاً للحدّ من الرغبة الشديدة في تعاطي الكوكايين، وبالتالي مساعدة أولئك الذين يرغبون في التعافي من الإدمان. كما يمكن أن تكون التغييرات في اتصالات هذه الشبكات أيضاً بمثابة مؤشرات تصوير حيوية مفيدة لتتبّع عمليات إدمان الكوكايين.


مقالات ذات صلة

الضوء الاصطناعي يهدد نوم النحل

يوميات الشرق الضوء الاصطناعي يهدد قدرة النحل على تلقيح المحاصيل (رويترز)

الضوء الاصطناعي يهدد نوم النحل

توصَّل الباحثون إلى أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يعطل دورات النوم لدى نحل العسل، وهو ما يؤثر سلباً على دوره الحيوي بصفته مُلقحاً للنباتات والمحاصيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك معاناة الأطفال من الربو تؤثر في ذاكرتهم على المدى الطويل (رويترز)

دراسة: الربو عند الأطفال يزيد فرص إصابتهم بالخرف في الكبر

ربطت دراسة جديدة بين معاناة الأطفال من الربو وخطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك المشي ولو لمدة قصيرة مساءً له فوائد صحية جمّة (رويترز)

من بينها التصدي لسرطان الأمعاء والسكري... الفوائد الصحية للمشي مساءً

كشفت مجموعة من الدراسات العلمية أن المشي ولو لمدة قصيرة مساءً، له فوائد صحية جمّة، من تحسين عملية الهضم إلى تنظيم نسبة السكر في الدم والتصدي للسرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة تزداد فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

علاجات طبيعية لنزلات البرد والإنفلونزا

مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة تزداد فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا، ويبحث كثير من الأشخاص عن علاجات طبيعية لهذه المشكلات بشكل مستمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك العزلة قد تفيد الأشخاص من الناحية الصحية (رويترز)

قلة عدد أصدقائك قد تكون أفضل لصحتك

كشفت دراسة جديدة أن العزلة وقلة عدد الأصدقاء قد تكونان مفيدتين للصحة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مهرجان البحر الأحمر» بانوراما للسينما العربية والعالمية

الفيلم السعودي القصير «ملكة» (البحر الأحمر)
الفيلم السعودي القصير «ملكة» (البحر الأحمر)
TT

«مهرجان البحر الأحمر» بانوراما للسينما العربية والعالمية

الفيلم السعودي القصير «ملكة» (البحر الأحمر)
الفيلم السعودي القصير «ملكة» (البحر الأحمر)

تشهد الدورة المقبلة لـ«مهرجان البحر الأحمر» في جدة، بالمملكة العربية السعودية، تطوّراً إيجابياً مهمّاً في عداد تحويل المهرجان إلى بيت للسينما العربية ومحطة أساسية لسواها في المنطقة.

الدورة الرابعة التي ستُقام ما بين الخامس والرابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) هذا العام تحتوي على عشرات الأفلام العربية أو ذات الإنتاجات العالمية التي قام سينمائيون عرب بتحقيقها.

هذا ما يجعل المهرجان ثرياً بتلك الإنجازات العربية (أو العربية المشتركة فيما بينها أو مع دول غربية) التي باتت تهدف لأن تشترك في المهرجان السعودي سواء داخل المسابقة أو خارجها.

نافذة عريضة

في المسابقة الأولى وحدها هناك تسعة أفلام عربية الإخراج من أصل 20 فيلماً يتنافسون على الجوائز الأولى. لجانبها أفلام من الهند ومنغوليا والولايات المتحدة وهولندا والنمسا وفرنسا وسويسرا وكثير منها، بدوره، إنتاجات أوروبية مشتركة بات من الصعب التفرقة بينها على أساس الحصص المالية التي وفّرتها كل دولة، مما يحد من جدوى التصنيف.

أفلام المسابقة نافذة بانورامية على ما قامت لجنة الاختيار بانتخابه ليدخل هذا القسم المهم من أقسام المهرجان (كلها في الواقع ذات أهمية لكن يبقى لهذا القسم رونقه الخاص).

يتطرق الفيلم السعودي «صيفي» للمخرج وائل أبو منصور إلى أحداث تقع في عام 2000 حول رجل تثقل عليه الديون فيعتمد للحيلة لسدّها دون نجاح.

من الفيلم السعودي الطويل «صيفي» (البحر الأحمر)

اللبناني مهدي فليفل يشترك في فيلمه «إلى عالم مجهول»، الذي يتناول مصائر لبنانيين وسوريين في المهجر يخططون للوصول، بأي طريقة ممكنة، إلى ألمانيا.

فيلمان مصريان لافتان هما «سنو وايت» لتغريد أبو الحسن و«البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور. فيلم جزائري مضاف إلى هذه التشكيلة بعنوان «بين وبين» لمحمد لخضر تاتي وفيلمان تونسيان هما «عائشة» لمهدي م. برصاوي و«الذراري الحمر» للطفي عاشور.

المخرج عدي رشيد يقدّم باسم العراق فيلمه الجديد «أناشيد آدم» وهو من الأفلام التي شاركت السعودية المتعددة في إنتاجها هذا العام.

من الفيلم المصري «سنو وايت» (البحر الأحمر)

أفلام قصيرة ملهمة

لا يجب أن تلهينا كل هذه الأفلام الطويلة (والعديد سواها) عما رصفه مهرجان «البحر الأحمر» في مجال مسابقة الفيلم القصير الذي يحتوي على 26 فيلماً متنوّعاً آتية من مضارب مختلفة.

فمن المبكر جداً معرفة ما يكفي حولها وعما قد يكون أفضلها، فإن التنويعة الواردة في ملخصات تلك الأفلام تشي باختيارات لمواضيع حرّة ومنفتحة توظف الفيلم القصير لاكتشاف الهوية الفنية الطموحة كما تتبدّى كتمهيد للنقلة الموعودة صوب الفيلم الطويل، بالنسبة لكثيرين على الأقل.

فيلم «ملكة» فيلم سعودي عن العلاقة الخاصة بين فتاة صغيرة اسمها سلمى وجدتها التي تقوم بسرد حكايات تأخذ الفتاة إلى عالم خيالي رحب. أحد تلك الحكايات ستؤدي لانطلاق الفتاة بحثاً عن دواء شافٍ لجدتها.

فيلمان لبنانيان في هذا البرنامج هما «فزر» لراني نصر. هنا رجلان صديقان لكن كل منهما لديه وجهة نظر سياسية مختلفة. أولهما عصام الذي غضب أهل القرية عليه عندما قام بمهاجمة محافظ البلدة لأن هذا قتل قطته. الآخر يشاركه الشعور لكنه لن يتخلى عن موقفه الخاص.

الفيلم الثاني من مخرج برهن عن موهبته هو كريم الرحباني. الفيلم بعنوان «آخر واحد» والموضوع يطرق باب وحدة رجل حزين يحاول اكتشاف لذّة الحياة من جديد ويفشل.

في «القرية» للتونسي أنيس بن دالي موضوع صعب نأمل إن يكون اجتاز صعوبته بسلام: قرية لا يسكنها إلا الأولاد اليتامى أو الذين تخلى عنهم أولياؤهم وكيف أن أحدهم يكتشف في شخصه مشاعر الأبوّة.

وهناك موضوع آخر يميل إلى الغرابة آت من الكويت وعنوانه «الإشارة» حول ذلك الرجل الواقف عند الإشارة الكهربائية وعيناه تتطلعان إلى السماء. تمر الدقائق ثم الساعات وهو ما زال في مكانه بلا حراك، مما يثير الجدل ليس من حوله فقط، بل المتاعب من قِبل من لم يتعود أن يرى شخصاً يبحلق في السماء طويلاً.

تطوّر مشهود

خارج هذا السرب... من الأفلام هناك فيلم مصري ثالث في قسم «اختيارات عالمية» بعنوان «الفستان الأزرق» لجيلان عوف (من إنتاج محمد حفظي الذي يكاد أن يكون فارس السينما المستقلة الوحيد في مصر منذ سنوات).

في برنامج «روائع عربية» هناك مزيد من الأفلام السعودية من بينها «هوبال» لعبد العزيز الشلاحي و«ليل نهار» لعبد العزيز المزيني و«سلمى وقمر» لعهد كامل (إنتاج سعودي - بريطاني مشترك). إلى ذلك يوجد فيلم سعودي - جزائري (التعاون الثاني في عامين بعد فيلم «الملكة الأخيرة» لعديلة بن ديمراد وداميان عنواري).

عنوانه «الصف الأول» وهو الفيلم الجديد من المخرج الجزائري مرزاق علواش الذي يصوّر أفلامه ما بين فرنسا والجزائر في وقت ازدادت فيه هجرة السينمائيين المغاربة إلى الدول الأوروبية كما اتضح من خلال الإنتاجات الكثيرة التي غمرت المهرجانات العربية والدولية.

هذا واحد من بضعة أمور يضعها المهرجان السعودي موضع بحث لمن يرغب في المزيد عن معرفة اتجاهات السوق العربية. من الأمور الأخرى، اختيارات المخرجين من المواضيع التي كثيراً ما تتنوّع، وكثيراً ما تصب في الغاية ذاتها، وهي خطف جوائز أولى في أي من المهرجانات التي تعرض فيها.

مسألة تقييم هذه الإنتاجات بميزان واحد فيه نوع من التعسّف ولو أن هناك منها عدداً لا بأس به من تلك التي تجاري سياسات السوق التجارية التي يطلبها الشريك الأوروبي.

الأمر الأهم في كل ذلك، أن السعودية تمد يدها للمشاركة في تمويل أفلام عربية (مصرية، عراقية، أردنية، لبنانية ومغاربية... إلخ) في الوقت الذي تنجح في بناء سينماها الخاصّة، وهو ما يؤكد أن السينما السعودية كسبت معركتها مع السوق المحلية فقط، بل في المهرجانات الدولية («مندوب الليل» للمخرج السعودي علي كلثمي المعروض حالياً في مهرجان Asia World Film Festival في لوس أنجليس) أيضاً.

إلى ذلك، أكّدت أن هناك من المواهب من سيواصل النهوض بهذه السينما إلى مصافات أعلى في هذه البيئة الفنية الملائمة التي تشهدها المملكة.