«راعي الأجرب»... دراما ملحمية تستعرض قصة مؤسس الدولة السعودية الثانية

شقّ طريقه وحيداً ضارباً أروع الأمثلة في الشجاعة والإقدام

«راعي الأجرب» فيلم قصير عن إمام سطّر قصة النور في الليالي المظلمة بشجاعة (وزارة الإعلام)
«راعي الأجرب» فيلم قصير عن إمام سطّر قصة النور في الليالي المظلمة بشجاعة (وزارة الإعلام)
TT

«راعي الأجرب»... دراما ملحمية تستعرض قصة مؤسس الدولة السعودية الثانية

«راعي الأجرب» فيلم قصير عن إمام سطّر قصة النور في الليالي المظلمة بشجاعة (وزارة الإعلام)
«راعي الأجرب» فيلم قصير عن إمام سطّر قصة النور في الليالي المظلمة بشجاعة (وزارة الإعلام)

«وأنا والله تركي... ردّاد أرضي»... يستعرض الفيلم الدرامي التاريخي القصير «راعي الأجرب» قصة الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية قبل أكثر من 200 عام، الذي شقّ طريقه وحيداً إلا من سيفه الأجرب، وسطّر قصة النور في الليالي المظلمة بشجاعة.

يأتي الفيلم، الذي أطلقته وزارة الإعلام، تزامناً مع احتفاء السعوديين بـ«يوم التأسيس» الموافق 22 فبراير (شباط) من كل عام، إحياءً لذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ / 1727م، ليثري هذا العمل الدرامي المحتوى المحلي بأعمال نوعية تزيد اعتزاز السعوديين بتاريخهم الممتد لأكثر من 3 قرون.

ويروي «راعي الأجرب» قصة الإمام تركي بن عبد الله بعد تدمير الدرعية، وسقوط الدولة السعودية الأولى، وما تبع ذلك من أحداث استعرضها الفيلم، صوّرت مدى قدرته في الدفاع عن أرضه، وتخطيطه المستمر لهزيمة العدو، وجهوده في جمع مناصريه، والمضي قدماً لاستعادة الدولة ودخول الرياض، وهو ما تحقق له في نهاية المطاف.

«راعي الأجرب» يروي الفترات الأولى من تأسيس الدولة السعودية الثانية (وزارة الإعلام)

فبعد حصار الدرعية عام 1233هـ / 1818م، وتضحية الإمام عبد الله بن سعود (آخر أئمة الدولة السعودية الأولى) لحقن دماء المسلمين، ذاع صيت رجل بين الناس خفيّ بتحركّاته، مُدَوٍّ بأفعاله، عُرِفَ بأنه الإمام القادم (تركي بن عبد الله)، الذي شقّ طريقه وحيداً إلا من سيفه «الأجرب». واستطاع بعد نشاط متواصل استمر 7 سنوات أن يدخل الرياض، وأسس الدولة السعودية الثانية عام 1240هـ / 1824م، واضعاً لبنة جديدة راسخة من لبنات البقاء والثبات.

وأعاد الفارس «تركي» توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية خلال مدة قياسية، ضارباً بذلك أروع الأمثلة في الشجاعة والإقدام، واستمرت «الدولة الثانية» على الأسس ذاتها التي قامت عليها «الأولى»، مركّزة على حفظ الأمن والتعليم والعدل، والقضاء على الفرقة والتناحر، والبدء في العلاقات السياسية مع القوى العظماء بالمنطقة، حيث أثبت قادتها المقدرة الفائقة على التواصل مع الدول، وظلت تحكم حتى عام 1309هــ / 1891م.

 

قصة رفيق الدرب

ويعد «الأجرب»، الذي سُمِّيَ بذلك نسبة إلى الصدأ الموجود على النصل، أشهر السيوف التي استُخدمت في العصور المتأخرة، واكتسب أهمية خاصة لدى السعوديين نظراً إلى رمزيته التي كان لها تأثيرها الكبير على دعم تأسيس الدولة السعودية؛ إذ استطاع به الإمام تركي أن يستعيد ملك آبائه وأجداده، ويوطد دعائم الدولة، وينشر الاستقرار في أنحاء الجزيرة العربية، بعد أن عمت الفتن والقلاقل جميع أرجائها.

سُمِّيَ السيف بـ«الأجرب» نسبة إلى الصدأ الموجود على النصل (واس)

واشتهر الإمام تركي بن عبد الله، بالشجاعة والشهامة، ورُويت عنه وقائع تشبه الأساطير، ويعد شاعراً متميزاً وبارزاً، وأُطلق عليه «شاعر الأمراء»، وقد أورد رفيق دربه السيف في قصيدته التي أرسلها إلى ابن عمه مشاري بن سعود وهو بمصر قبل نحو قرنين:

سريا قلم واكتب على ما تورا... أزكى سلام لابن عمي مشاري... إن سايلوا عني فحالي تسرا... قبقب شراع العز لو كنت داري يوم أن كل من عميله تبرا... حطيت (الأجرب) لي عميل مباري نعم الرفيق إلا سطا ثم جرا... يودع مناعير النشاما حباري رميت عني برقع الذل برا... ولأخير فيمن لا يدوس المحاري يبقى الفخر وأنا بقبري معرا... وأفعال تركي مثل شمس النهاري.

قصيدة الإمام تركي إلى ابن عمه مشاري وفيها تاريخ لكفاح أئمة آل سعود وذكر للسيف الأجرب (الشرق الأوسط)

ويذكر الدكتور علي أبا حسين في دراسة عن العلاقات السعودية - البحرينية في مجلة «الوثيقة» التي تصدر عن مركز الوثائق التاريخية بالمنامة، أن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - مؤسس الدولة السعودية الثالثة عام 1319هـ/ 1902م - عندما زار الظهران بمناسبة استخراج النفط عام 1939م، علم الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة بقدومه إلى المنطقة الشرقية، فقرر الذهاب إليه للسلام عليه، ودعوته لزيارة البحرين، وكان في معيته إخوانه وأولاده وأبناء عمه وحشد كبير من أتباعه. واستقبل الملك عبد العزيز الضيوف استقبالاً يليق بهم، وقدّم الشيخ حمد هدية له، وهي السيف «الأجرب»، ولكن الملك عبد العزيز قال: «هذا ذكرى منا عندكم فأبقوه لديكم»، وقبل الشيخ حمد بهذا الأمر منه.

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن في ضيافة الشيخ حمد بن عيسى بن علي بالبحرين عام 1939 (بنا)

وفي عام 1431هـ/ 2010م، تسلّم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - سادس ملوك السعودية - «الأجرب»، من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة خلال حفل أقيم في المنامة، بعد أن ظل نحو 140 عاماً أمانة لدى أسرة آل خليفة منذ أن أهداه الإمام عبد الله بن فيصل إليها. ولأهميته التاريخية كرمز مهم أسهم في تدعيم الدولة السعودية مع بداياتها، وارتباطه ببطولات صاحبه؛ فإن الأسرة المالكة اعتنت به عناية خاصة.

الملك عبد الله بن عبد العزيز تسلّم السيف من الملك حمد بن عيسى (واس)

يشار إلى أن إنتاج فيلم «راعي الأجرب» يأتي امتداداً لإنتاجات مبادرة «كنوز السعودية» في الوزارة، الهادفة إلى توثيق البطولات والقصص التاريخية، وتقديمها للجمهور المحلي والدولي بأفضل المعايير الفنية والمواصفات الدولية.

وتندرج «كنوز» ضمن مبادرات برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج «رؤية 2030»؛ لتوثيق الثراء الثقافي والإسهام الحضاري، وإبراز قصص نجاح المواطن على كل الأصعدة، عبر إنتاج الأفلام الوثائقية والقصيرة والرسوم المتحركة، ومن أعمالها «مرحلة صعبة، ونورس العرب، وعلى حد سواء، وماذا يأكل السعوديون، وأطلس السعودية، وهورايزون، والمحطة سبعة».


مقالات ذات صلة

الاتحاد السعودي يجتمع غداً... وهوساوي والداود مرشحان لخلافة «الصادق»

رياضة سعودية صالح الداود (الشرق الأوسط)

الاتحاد السعودي يجتمع غداً... وهوساوي والداود مرشحان لخلافة «الصادق»

يعقد الاتحاد السعودي لكرة القدم اجتماعاً، الأربعاء، سيكون أحد أبرز ملفاته، تحديد بديل حسين الصادق الذي قدم اعتذاره من عدم الاستمرار في منصبه مديراً للمنتخب.

فهد العيسى (الرياض)
يوميات الشرق يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي (الشرق الأوسط)

ولي العهد السعودي يتلقى رسالة خطية من رئيس جنوب أفريقيا

تلقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، رسالة خطية، من سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا، تتصل بالعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 04:12

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

«مؤتمر التوائم الملتصقة»، الذي يُسدل الستار على أعماله الاثنين، ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم.

غازي الحارثي (الرياض)

«كلب» من القرن الـ18 بمليونَي إسترليني

«الكلب الإسباني» (سوذبيز)
«الكلب الإسباني» (سوذبيز)
TT

«كلب» من القرن الـ18 بمليونَي إسترليني

«الكلب الإسباني» (سوذبيز)
«الكلب الإسباني» (سوذبيز)

لم يشاهد الجمهور لوحة «الكلب الإسباني» منذ عام 1972، عندما بِيعت بمبلغ 30 ألف جنيه إسترليني. ومن المقرَّر عرض هذه اللوحة الشهيرة لجورج ستابس، للبيع، في مزاد علني تنظّمه دار «سوذبيز» للمرّة الأولى منذ ذلك العام.

ووفق «الغارديان»، تُعرض اللوحة العائدة إلى القرن الـ18، للبيع بسعر يتراوح بين مليون و500 ألف، ومليونَي جنيه إسترليني؛ وقد بِيعت آخر مرّة في مزاد بمبلغ 30 ألف جنيه إسترليني عام 1972. وقبل ذلك، بِيعت بـ11 جنيهاً إسترلينياً عندما طُرحت بمزاد عام 1802.

يشتهر الفنان المولود في ليفربول، والراحل عن 81 عاماً عام 1806، بإنجازه أقل من 400 لوحة طوال حياته المهنية؛ وهو يُعرف برسم الحيوانات، خصوصاً الخيول.

وإذ يُعتقد أنّ لوحة «الكلب الإسباني» رُسمت بين 1766 و1768؛ وهي أقدم لوحة للكلاب أبدعها الفنان، يُعدُّ عقد ستينات القرن الـ18 غزير الإنتاج بمسيرة ستابس المهنية. ففيها أبدع بعض أشهر لوحاته، منها لوحة «ويسل جاكيت» المعروضة في المعرض الوطني.

اللافت أنّ لوحة «الكلب الإسباني» لم تُعرض رسمياً سوى مرّة واحدة فقط في لندن عام 1948، ضمن المعرض الوطني للرياضة والتسلية. أما المرّة الأخيرة التي أُتيحت للجمهور فرصة مشاهدتها، فكانت عام 1972 داخل دار «سوذبيز» للمزادات.

وشهد القرن الـ18 اهتماماً لافتاً بالكلاب في الثقافة البريطانية، بفضل تفاقُم شعبية الرياضات الميدانية، خصوصاً الرماية الشائعة بين النخب الثرية آنذاك.

في هذا الصدد، قال المتخصِّص في اللوحات البريطانية، المدير الأول بـ«سوذبيز»، جوليان جاسكوين: «الأمر مثيرٌ لعدة أسباب؛ أولاً لأنها لوحة مفقودة، إنْ رغبنا في استخدام وصف درامي، منذ السبعينات».

وأضاف أنّ حالتها كانت لا تزال «رائعة»، بعكس كثير من أعمال ستابس التي «لم تصمد أمام اختبار الزمن».

وتابع: «تعود إلى العقد الأول من حياته المهنية؛ منتصف ستينات القرن الـ18؛ الفترة التي شكَّلت ذروة حياته المهنية، ففيها رسم لوحة (ويسل جاكيت)، وعدداً من لوحاته الأكثر شهرة؛ وكان استخدامه الفنّي للطلاء أكثر صلابة. بفضل ذلك، حافظت هذه اللوحة على حالة جميلة، وهو ما لم يحدُث مع كثير من أعماله الأخرى».

ومن المقرَّر عرض اللوحة للمشاهدة، مجاناً، ضمن جزء من معرض للوحات الأساتذة القدامى والقرن الـ19 في دار «سوذبيز» بغرب لندن، من 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.