مصر: رفض رسمي لإعادة «كساء» الهرم الأصغر

بعد جدل وانتقادات أثارها المشروع

هرم منكاورع بالجيزة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
هرم منكاورع بالجيزة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: رفض رسمي لإعادة «كساء» الهرم الأصغر

هرم منكاورع بالجيزة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
هرم منكاورع بالجيزة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

حسمت اللجنة العلمية التي شكلتها وزارة السياحة والآثار المصرية الجدل الدائر بشأن مشروع لإعادة كساء الهرم الأصغر (منكاورع) بالغرانيت، وقررت بإجماع أعضائها «رفض إعادة تركيب أي من الكتل الغرانيتية الموجودة حول الهرم»، في حين وافقت مبدئياً على تنفيذ أعمال تنقيب أثري في الموقع، شريطة تقديم خطة شاملة قبل بدء العمل، بحسب إفادة رسمية من وزارة السياحة والآثار المصرية، الخميس.

ونهاية الشهر الماضي، انتقد أثريون إعلان وزارة السياحة والآثار «تنفيذ مشروع لدراسة وتوثيق الأحجار الغرانيتية التي تمثل الكساء الخارجي لهرم الملك منكاورع والموجودة بمنطقة أهرامات الجيزة، تمهيداً لإعادة تركيبها»، بالتعاون مع البعثة الأثرية اليابانية برئاسة د. يوشيمورا ساكوجي.

وبينما وصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، الدكتور مصطفى وزيري، المشروع بأنه «مشروع القرن». وعدّه «هدية مصر للعالم تزامناً مع الافتتاح الوشيك للمتحف المصري الكبير»، حيث «يسهم في رؤية هرم الملك منكاورع لأول مرة كاملاً بالكساء الخارجي له كما بناه المصري القديم»، رفض أثريون ما أسموه «تبليط الهرم»، وعدّوه «تشويهاً للأثر»، ما دفع وزارة السياحة والآثار لتشكيل لجنة علمية لدراسة المشروع برئاسة عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق الدكتور زاهي حواس، وعضوية 6 من كبار العلماء والخبراء المتخصصين في مجالات الآثار والهندسة من المصريين والأجانب من الولايات المتحدة، وجمهورية التشيك، وألمانيا.

وخلصت اللجنة العلمية، في تقريرها، الذي أعلنت الوزارة تسلمه، الخميس، وبإجماع الأعضاء، إلى «عدم الموافقة على إعادة تركيب أي من الكتل الغرانيتية الموجودة حول جسم هرم (منكاورع)، وضرورة الحفاظ على حالة الهرم الحالية دون أي إضافات لما له من قيمة أثرية عالمية استثنائية»، مشيرة إلى أنه «يمكن الاستدلال على شكل الكساء الأصلي للهرم من خلال المداميك (الصفوف) السبعة الموجودة حالياً على جسم الهرم منذ آلاف السنين».

وشددت اللجنة على أنه «من المستحيل التأكد من المكان الأصلي والدقيق لأي من هذه الكتل الغرانيتية على جسم الهرم، وأن إعادتها سوف يغطي الشواهد الموجودة لطرق وكيفية بناء المصريين القدماء للأهرامات».

جاء قرار اللجنة عقب اجتماعات «مكثفة» عقدتها على مدار الأسبوعين الماضيين، لمناقشة النظريات العلمية المختلفة، إضافة إلى زيارات قامت بها لهرم منكاورع.

وأبدت اللجنة «موافقتها المبدئية على القيام بأعمال التنقيب الأثري للبحث عن حُفر مراكب هرم منكاورع، على غرار تلك الموجودة بجوار هرمي خوفو وخفرع، شريطة أن تكون هناك أسباب علمية واضحة ومفصلة يتم تقديمها في دراسة تعرض على اللجنة العلمية العليا قبل البدء في الحفائر، وألا تقتصر الأعمال على فكرة البحث عن حُفر المراكب أو المراكب فقط».

وأيدت المشروع العلمي الأثري المقدم للدراسة والرفع المساحي لهرم منكاورع وتنظيم الكتل الغرانيتية المكونة للكسوة الخارجية المتساقطة منه، والقيام بأعمال الحفائر للكشف عن باقي الكتل ذات الزوايا المائلة حول الهرم، إضافة إلى تنظيف وتنظيم الموقع للزيارة. لكنها أكدت «ضرورة عدم البدء بأي أعمال علمية أو أثرية في المشروع إلا عقب تقديم مقترح تفصيلي متكامل يتضمن خطة عمل علمية شاملة، تتم مناقشتها أمام اللجنة العلمية، التي ستتولى بدورها رفع تقرير علمي لوزارة السياحة والآثار للتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، واللجنة الدائمة للآثار المصرية».

واشترطت اللجنة «تضمين الخطة جدولاً زمنياً لتنفيذ المشروع، إضافة إلى أسماء أعضاء فريق العمل من الآثاريين، الذين يجب أن يتمتعوا بخبرة في مجال التسجيل والتنقيب الأثري ودراسة طبقات الأرض، على أن يضم فريق العمل مهندساً ذا خبرة في مجال التراث الثقافي والترميم، ومهندساً معمارياً يتمتع بخبرة في العمارة».

والهرم الأصغر شيّد في عهد الملك منكاورع، خامس ملوك الأسرة الرابعة من عصر الدولة القديمة، نحو 2632 قبل الميلاد. ويقول آثاريون إنه نظراً للظروف الاقتصادية في عهد منكاورع لم يستطع بناء هرم بارتفاع هرمي جده وأبيه خوفو وخفرع المجاورين له، واكتفى بارتفاع بلغ نحو 66 متراً، وعمد إلى كساء الهرم بالغرانيت، لكنه توفى قبل استكمال هذه العملية.

ورحّبت الدكتورة مونيكا حنا، عميدة كلية الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، بقرار اللجنة. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار وقف المشروع يعد إعلاء لقيمة العلم».

وكانت حنا من بين من تزعموا حملة الانتقادات ضد المشروع، وعدّته «تدخلاً سافراً في عمل المصري القديم الذي لم يستكمل هذا الهرم، ما يؤثر بشكل صريح على موثوقية وأصالة الأثر»، وأشارت إلى أن «القطع الحجرية الغرانيتية بجانب هرم منكاورع غير مهذبة، ما يؤكد أنها لم تسقط منه، لأن المصري القديم هذب القطع عند تثبيتها في الهرم نفسه». وأكدت أنه «لا يوجد دليل أثري أو تاريخي منشور أو مكتشف على طريقة تثبيتها».

بينما أعرب عالم المصريات الدكتور باسم الشماع، الذي كان مؤيداً للمشروع، عن استيائه من قرار اللجنة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا القرار متعجل، وكان ينبغي على اللجنة دراسة المشروع». وأضاف: «يبدو أن اللجنة تأثرت بحالة الجدل بشأن المشروع»، مشيراً إلى أن «المشروع لم يتحدث عن تركيب أحجار الغرانيت مباشرة، بل بعد عام من الدراسة والمسح».


مقالات ذات صلة

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

سفر وسياحة متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

هذا الصيف، يتجه الجميع للاستمتاع بالاستجمام على شاطئ البحر، أو مطاردة سحر عواصم العالم المختلفة، أو مجرد الاسترخاء في وجهات مريحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

«ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

يمتلك مشروع «ساوث ميد» - أحدث مشروعات «مجموعة طلعت مصطفى» بالساحل الشمالي الغربي لمصر - كل المقومات اللازمة ليصبح وجهة عالمية جديدة بجنوب البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل (الشرق الأوسط)

«أبو سمبل» المصرية تستقبل السائحين بعد تحسن الطقس

استقبل معبد أبو سمبل الشهير (جنوب مصر) زواره مجدداً الأربعاء بعد تحسن حالة الطقس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مناظر طبيعية لافتة وجذابة في بحيرة قارون (صفحة فندق سياحي بالفيوم على «فيسبوك»)

مصر تسعى للاستفادة سياحياً من بحيرة قارون بالفيوم

تسعى مصر لوضع بحيرة قارون بالفيوم (جنوب القاهرة) على مؤشر الاستثمار السياحي، من خلال خطة لتنمية البحيرة وتنميتها والعمل على حفظ التوازن البيئي داخلها.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من حملة «مصر نابضة بالحياة 365» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تُبرز مقاصدها «النابضة بالحياة» لجذب السائحين العرب

في خطوة جديدة لتنشيط الحركة السياحية الوافدة من الدول العربية وتنميتها روّجت مصر لمقاصدها الشاطئية عبر حملة بعنوان «مصر نابضة بالحياة 365»

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

دراسة: التدخين لا يزال عامل الخطر الرئيسي للإصابة بسرطان الرئة

شركة «فايزر» قالت إنها حققت نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة بعد مضي خمس سنوات على العلاج (الشرق الأوسط)
شركة «فايزر» قالت إنها حققت نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة بعد مضي خمس سنوات على العلاج (الشرق الأوسط)
TT

دراسة: التدخين لا يزال عامل الخطر الرئيسي للإصابة بسرطان الرئة

شركة «فايزر» قالت إنها حققت نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة بعد مضي خمس سنوات على العلاج (الشرق الأوسط)
شركة «فايزر» قالت إنها حققت نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة بعد مضي خمس سنوات على العلاج (الشرق الأوسط)

أظهرت دراسة حديثة أن التدخين يشكّل أحد المخاطر الرئيسية للإصابة بسرطان الرئة؛ إذ يُعد مسؤولاً وحده عن 90 في المائة من حالات الوفاة المرتبطة باستخدام التبغ، بما في ذلك تدخين السجائر، والسيجار، والغليون.

وقالت الدراسة إن ثمة سبباً قوياً يدعو إلى القلق بشأن استخدام أجهزة التدخين الإلكترونية وسوائل التدخين الإلكترونية «الفيب»، إذ يُعد خطر إصابة المدخنين بسرطان الرئة أعلى كثيراً، مقارنة بخطر إصابة غير المدخنين بسرطان الرئة.

وأوضحت الدراسة، التي صدرت من شركة «فايزر» العالمية، أن التدخين السلبي قد يُسهم أيضاً في زيادة مخاطر الإصابة بهذا المرض؛ لأن الأفراد المحيطين بالمُدخن يستنشقون المواد الكيميائية نفسها التي يدخنها.

الأكثر شيوعاً

وقالت «فايزر»، إن سرطان الرئة يظلّ واحداً من أكثر أنواع السرطان شيوعاً؛ إذ سجل نحو 2.21 مليون حالة جديدة في عام 2020. وفيما يتسم هذا المرض بأحد أدنى معدلات النجاة، يبلغ متوسط معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمسة أعوام، بعد التعافي من سرطان الرئة، أقل من 20 في المائة على مستوى العالم.

وأوضحت الدراسة أن «هذا الرقم ينخفض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ يُقدر معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 أعوام بنحو 8 في المائة، ما يشير إلى أن تشخيص معظم المرضى بسرطان الرئة في المنطقة يتم في المراحل المتقدمة من المرض».

غير المرئي

يُوصف سرطان الرئة أحياناً بالسرطان «غير المرئي»؛ إذ لا تظهر أعراضه الملحوظة إلا بعد أن يكون المرض قد استفحل بالفعل. وفي عام 2020 سُجلت 51.316 حالة جديدة من حالات الإصابة بسرطان الرئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يجعله يحتل المرتبة الثانية من حيث أعلى معدلات الإصابة بالسرطان في المنطقة.

وارتفع معدل الإصابة بسرطان الرئة بصورة كبيرة في الأعوام الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ نتيجة عوامل سلوكية قابلة للتعديل، ما تسبّب في وفاة أكثر من 70 ألف شخص خلال عام 2020.

ولفتت «فايزر» إلى أن سرطان الرئة بهذا يأتي في المرتبة الثانية من حيث أكثر أنواع السرطانات فتكاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ يُمثل 10 في المائة من إجمالي الوفيات الناتجة عن مرض السرطان.

نتائج إيجابية

وأوضحت شركة «فايزر» تسجيل نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة، بعد مضي خمس سنوات على العلاج، إذ يُعد سرطان الرئة من أكثر أنواع السرطانات صعوبة في العلاج، نظراً إلى طبيعته المتنوعة والمعقدة، بالإضافة إلى وجود عدة أنواع عديدة منه، وذلك بسبب المتغيرات الجينية في الخلايا المتأثرة بالمرض والمسماة «المعلمات الحيوية».

وأوضحت «فايزر» أن أكثر أنواع سرطان الرئة شيوعاً هو «سرطان الرئة غير صغير الخلايا»، ومن أنواعه الفرعية سرطان الرئة غير صغير الخلايا إيجابي «إيه إل كيه» (ALK)، الذي يحدث بين 3 و5 في المائة من المرضى الذين يعانون من سرطان الرئة غير صغير الخلايا.

تطوير دواء دقيق

وأكدت أنه منذ ما يناهز العقد من الزمن، نجحت في تطوير دواء دقيق يستهدف بروتين «إيه إل كيه» (ALK) الشاذ، ما مكّن وقتها من إعداد خطط علاجية جديدة للمرضى المصابين بهذا النوع الفرعي من المرض.

وتابعت: «لسوء الحظ، لاحظ الباحثون تكوين أجسام العديد من المرضى المصابين بسرطان الرئة غير صغير الخلايا إيجابي (إيه إل كيه) ALK لمقاومة العلاجات الموجهة، لتبدأ الأورام السرطانية النمو والانتشار مجدداً. علاوة على ذلك، أُصيب العديد من المرضى بأورام دماغية، التي تُعرف باسم (نقائل الدماغ)».

وأشارت «فايزر» إلى أن أبحاث العلماء لديها واصلت دراسة جين «إيه إل كيه» (ALK)، والتعرف على دوره في تحفيز نمو السرطان، وبناءً على ما توصلت إليه، عكفوا على تصميم مثبط جديد له؛ للمساعدة في تخطي بعض من هذه التحديات، ووضعوا ابتكارهم الدوائي الجديد بمتناول المرضى في غضون فترة لم تتجاوز أربع سنوات، وهي فترة أقصر من الوقت اللازم لتطوير دواء جديد، حسب ما جاء في الأبحاث.

التوعية

وأكدت «فايزر» أن جهود التوعية بشأن سرطان الرئة تساعد في إنقاذ الأرواح، وتشمل مشاركة المعلومات بشأن السرطان أولاً، وأعراضه، وطرق الوقاية منه، وعلاجه.

وشددت على أهمية نشر المعرفة بشأن مخاطر سرطان الرئة وأعراضه، وكسر الوصمة المحيطة بهذا المرض، وتصحيح التصورات الخاطئة عنه وعن علاجه، والدعوة إلى تقليل استخدام التبغ في الأماكن العامة.