معرض فني يجسّد الإبداع والابتكار في إرث عمراني عريق

أطلقه «المعهد الملكي للفنون التقليدية» في «بيت نصيف» بـ«تاريخية جدة»

يضم المعرض نحو 100 عمل في مختلف فنون البناء (الشرق الأوسط)
يضم المعرض نحو 100 عمل في مختلف فنون البناء (الشرق الأوسط)
TT

معرض فني يجسّد الإبداع والابتكار في إرث عمراني عريق

يضم المعرض نحو 100 عمل في مختلف فنون البناء (الشرق الأوسط)
يضم المعرض نحو 100 عمل في مختلف فنون البناء (الشرق الأوسط)

عبر تفاصيل متفردة ظلت شاهدة على التاريخ الغني بالإبداع والابتكار في الفن المعماري لمنطقة جدة التاريخية، يروي «معرض فنون البناء التقليدي» نبذة عن هذا الإرث وما يضم من نموذج فريد من نوعه في العمارة؛ بدءاً بالنقوش والزخارف التي تزين واجهات المباني الداخلية والخارجية، وانتهاءً بتصميم المباني الذي راعى العوامل المناخية وخصوصية قاطنيها.

يقام المعرض في «بيت نصيف» الذي يعد تحفة معمارية فريدة في جدة التاريخية (الشرق الأوسط)

ويسلط المعرض؛ الذي يقيمه «المعهد الملكي للفنون التقليدية»، الضوء على أعمال الدفعة الأولى لخريجي «برنامج دبلوم فنون البناء التقليدي» في مختلف الفنون؛ بما في ذلك الرسم الهندسي والنباتي والتناغم في الألوان، والرسم المعماري، ونجارة الخشب، ونحت الجبس، والرسم الزخرفي بالأصباغ الطبيعية. كما يركز المعرض على أهمية الحفاظ على نقل تقنيات الفنون التقليدية والهندسة المعمارية إلى الأجيال المقبلة.

خريجو الدفعة الأولى من برنامج «دبلوم فنون البناء التقليدي»... (الشرق الأوسط)

ويشهد المعرض المقام في «بيت نصيف»، الذي يعدّ تحفة معمارية فريدة في وسط جدة، إقبالاً كبيراً من الزوار والسياح من مختلف دول العالم على مدار الأسبوع؛ للتعرف على مختلف فنون البناء التقليدي.

ويضم المعرض الذي دشن في 7 ديسمبر (كانون الأول) الماضي ويمتد إلى 2 مارس (آذار) المقبل، أعمالاً تقليدية عالية الجودة بسياق معاصر لأبرز معالم المباني العمرانية، إلى جانب معروضات متعددة صممت بعناية وحرفية عالية.

الطلاب يشاركون في المعرض بعدد من القطع الخاصة بهم في جميع الحرف (واس)

بينما تولى طلبة الدفعة الأولى من الخريجين مهمة الشرح لزوار المعرض عن الأعمال الفنية والهندسية، والتي صممتها أناملهم، والمستوحاة من تلك المباني التاريخية المحيطة بالمنطقة التي تروي جماليات البناء والأسلوب والتكنيك في هذه الطفرة العمرانية التي تجاوزت مئات السنيين.

100 عمل فني في المعرض

أوضحت إيمان الأنصاري، إحدى الخريجات، لـ«الشرق الأوسط» أن المعرض يضم نحو 100 عمل في مختلف فنون البناء، إلى جانب الصور التي تحاكي جمالية الفن المعماري للمباني التاريخية، مشيرة إلى مشاركة عدد من الطلاب في المعرض بعدد من القطع الخاصة بهم في جميع الحرف؛ بدءاً من القمرية والألوان الطبيعية والمنجور والتعشيق والتطعيم والجبس والحفر، والنجارة، والتذهيب... وغيرها، إلى جانب مشروع التخرج الذي عمل عليه جميع طلاب الدفعة.

وعن الصعوبات التي واجهتها، قالت: «رغم أن أعمال النجارة متعبة ومرهقة، فإننا حرصنا على التعلم واكتساب المعرفة والمهارة المهنية اللازمة لتقديم أعمال ذات جودة عالية»، مشيرة إلى أن العمل على القطع الحرفية يتطلب الصبر والهدوء والدقة العالية.

يضم المعرض نحو 100 عمل في مختلف فنون البناء (الشرق الأوسط)

أسرار الفن المعماري

تقول الأنصاري إن تعلم أسرار الفن المعماري للمباني التاريخية كان هاجساً لها منذ طفولتها، وأضافت: «مع الإعلان عن دبلوم لفنون البناء التقليدي، وجدته فرصة لا تعوض لمعرفة أسرار الفن المعماري الذي جسد تراث الآباء والأجداد في بناء المباني القديمة والمصممة بطريقة فنية فريدة من نوعها، عبر تنوعها اللافت في أقواسها ونوافذها المطلة على الحياة، ومراعاتها جميع العوامل المناخية لتمثل تاريخاً غنياً بالإبداع والابتكار».

جرى نحت الخشب بأشكال متعرجة وبأنماط ونماذج هندسية معقدة لإخراجه في هيئة زخارف متشابكة (واس)

الروشان

ويعدّ المشروع النهائي للطلاب من أبرز معالم المعرض؛ حيث أنشأ الطلاب أحد المعالم الرئيسية للمباني القديمة، المسماة «الروشان»؛ وهو فن خشبي يوضع بالنوافذ، ويعتمد على حفر الخشب ورسم شبكة من الأشكال الهندسية المتقاطعة، لإنشاء تصميم مُتكامل مزين بنقوش زخرفية فنية ملونة، تتجانس به روح العمارة التقليدية.

وعن ذلك، تقول الأنصاري إن العمل على المشروع استغرق نحو 6 أشهر بمشاركة 11 طالباً وطالبة، يمثلون الدفعة الأولى من خريجي الدبلوم، مشيرة إلى أن «التصميم استغرق شهرين، بينما التنفيذ تتطلب 4 أشهر كاملة؛ بدءاً من نحت الخشب بأشكال متعرجة وبأنماط ونماذج هندسية معقدة، لإخراجه في هيئة زخارف متشابكة ومتداخلة للقيام بالمهام ذاتها المعروفة عن الرواشين بمنح الخصوصية لأهل المنزل من خلال حجب الرؤية من الخارج وتوفير التهوية الطبيعية، وتخفيف درجات الحرارة».

تطلّب تنفيذ أعمال النحت 4 أشهر كاملة (الشرق الأوسط)

وأوضحت أن «الروشان» كان ولا يزال يمثل أصالة الزمان والمكان للطراز المعماري، مشيرة إلى تميز رواشين المباني في جدة التاريخية بأنها الأكثر ارتفاعاً والأكبر حجماً من مرادفاتها في العالم الإسلامي.

وتطلعت الأنصاري للمشاركة في مشروع إعادة إحياء جدة التاريخية، الذي يضم كثيراً من المشاريع والمبادرات التطويرية عبر المساهمة مع زملائها في الدفعة الأولى لـ«دبلوم فنون البناء التقليدي»، بترميم المباني التاريخية والعمل على المحافظة عليها.

يشهد المعرض إقبالاً كبيراً من الزوار والسياح من مختلف دول العالم على مدار الأسبوع (الشرق الأوسط)

دبلوم للفنون

ويقدم «المعهد الملكي للفنون التقليدية» برنامج دبلوم فنون البناء بهدف تمكين الكوادر الوطنية من خلال الإعداد المعرفي والمهني، وذلك لمدة عامين دراسييّن، حيث يتضمن البرنامج مجال التصميم بتعلم الطريقة الفنية لهندسة الزخارف التقليدية في جدة التاريخية ومهارات الرسم والتخطيط والحرف عن طريق التدرب على المهارات الحرفية في مختلف الأعمال، وذلك بتعميق فهم طريقة بناء وتصميم المباني التقليدية للحفاظ على الموروث الثقافي عبر أسس علمية موثقة ودراسات بحثية عميقة.

ويعد «المعهد» جهة رائدة لإبراز الهوية الوطنية وإثراء الفنون التقليدية السعودية محلياً وعالمياً، والترويج لها، وتقدير الكنوز الحية والمتميزين وذوي الريادة في مجالات الفنون التقليدية، والمساهمة في الحفاظ على أصولها، ودعم القدرات والمواهب الوطنية والممارسين لها، وتشجيع المهتمين على تعلمها وإتقانها وتطويرها.



افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
TT

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

نحو إثراء المشهد العالمي لفنون الوسائط الجديدة عبر تقديم وجوه إبداعية من المنطقة، تجمع بين الفن، والتكنولوجيا، والابتكار، افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل أبوابه رسمياً، اليوم (الثلاثاء)، بوصفه أول مركز مخصص لفنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، متخذاً من منطقة الدرعية التاريخية المسجّلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي موقعاً له.

ويأتي المركز في مبادرة تجمع بين وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف، وشركة الدرعية في السعودية، في الوقت الذي انطلق ببرنامج متنوع يشمل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والاستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة.

وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة السعودية إن «مركز الدرعية لفنون المستقبل يجسّد التزامنا بتطوير الإنتاج الفني المبتكر واحتضان أشكال جديدة من التعبير الإبداعي، فمن خلاله نسعى إلى تمكين الفنانين والباحثين ودعمهم لإنتاج أعمال بارزة والخروج بأصواتهم الإبداعية إلى الساحة العالمية».

وأشارت إلى أن المركز سيُوظّف مساحاته للتعاون والإبداع لترسيخ مكانة المملكة في ريادة المشهد الثقافي والتأكيد على رؤيتها في احتضان أشكال التعبير الفني محلياً وعالمياً.

من جانبه، بين الدكتور هيثم نوار مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل أن افتتاح المركز يمثّل منعطفاً في السردية القائمة حول فنون الوسائط الجديدة، لكونه يخرج بالمرئيات والتصوّرات الإقليمية إلى منابر الحوار العالمية.

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

وقال: «إن المركز سيتجاوز حدود الإبداع المتعارف عليها نحو آفاق جديدة، وسيقدّم للعالم مساحة للابتكار والنقد الفني البنّاء عند تقاطع الفن والعلوم والتكنولوجيا».

وتتزامن انطلاقة مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول بعنوان «ينبغي للفنّ أن يكون اصطناعياً... آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» خلال الفترة من 26 نوفمبر (تشرين ثاني) إلى 15 فبراير (شباط) المقبل، حيث يستكشف المعرض، الذي أشرف عليه القيّم الفني جيروم نوتر، تاريخ فن الحاسوب منذ نشأته في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر، من خلال أعمال فنية متنوعة تحمل توقيع أكثر من 30 فناناً إقليمياً وعالمياً.

وسيحظى الزوار بفرصة استكشاف أعمال من صنع قامات في الفن أمثال فريدر نايك (ألمانيا) وفيرا مولنار (هنغاريا/فرنسا) وغيرهما من المُبدعين في ميادين الابتكار المعاصر مثل رفيق أناضول (تركيا) وريوجي إيكيدا (اليابان).

وسيكون للفنانين السعوديين لولوة الحمود ومهند شونو وناصر بصمتهم الفريدة في المعرض، حيث يعرّفون الزوّار على إسهامات المملكة المتنامية في فنون الوسائط الجديدة والرقمية.

وبالتزامن مع الافتتاح، يُطلق المركز «برنامج الفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة»، بالتعاون مع الاستوديو الوطني للفن المعاصر - لوفرينوا في فرنسا. ويهدف البرنامج، الذي يمتد لعام كامل، إلى دعم الفنانين الناشئين بالمعدات المتطورة والتوجيه والتمويل اللازمين لإبداع أعمال متعددة التخصصات.

وأعلن المركز عن برنامج «مزرعة» للإقامة الفنية، المخصص لفناني الوسائط الرقمية، في الفترة من فبراير (شباط) حتى أبريل (نيسان) 2025، ويهدف إلى استكشاف العلاقة بين الطبيعة والتكنولوجيا والمجتمع من خلال موارد المركز.

ويجسد مركز الدرعية لفنون المستقبل «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى تعزيز الابتكار، والتعاون العالمي، وترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة رائدة في الاقتصاد الإبداعي العالمي.