«الملعبة».. رؤية فنية تجسد جمالية وبهجة الفلكلور السعودي

البازعي لـ«الشرق الأوسط» جمعت الفنون الأدائية من مختلف المناطق

فن الخبيتي من المنطقة الغربية (الشرق الأوسط)
فن الخبيتي من المنطقة الغربية (الشرق الأوسط)
TT

«الملعبة».. رؤية فنية تجسد جمالية وبهجة الفلكلور السعودي

فن الخبيتي من المنطقة الغربية (الشرق الأوسط)
فن الخبيتي من المنطقة الغربية (الشرق الأوسط)

ثمة تضافر جميل بين الفن والتراث، وهو ما يبدو جلياً مع غزارة وتنوّع الموروث السعودي الذي يُلهم الفنانين، ليأتي الفلكلور الشعبي بوصفه من أكثر المواضيع الغنية بمضامين البهجة والفخر والتفرّد، الذي اشتغلت عليه الفنانة السعودية علياء سعد البازعي عبر 11 عملاً، زيَّنت معرضها المقام حالياً في العاصمة السعودية الرياض، تحت عنوان «المعلبة»، الذي استطاعت من خلاله توثيق أهم الفنون الأدائية لمناطق المملكة، لتبدو لوحاتها كأنها رقصات حيّة من العرضة النجدية إلى الدحة الشمالية، مروراً بالخطوة الجنوبية وغيرها.

البازعي أوضحت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن الملعبة، مصطلح دارج ومتوارَث لمساحة اللعب المعدَّة للاحتفال بالنصر أو للتعبير عن الفخر بتجمع الأهل والعزوة، مشيرةً إلى أن معرضها هذا يأتي كجزء من مشروعها في رسالة الماجستير التي أتمّتها عام 2012 في ولاية بوسطن الأميركية. مضيفةً أن ما دفعها إلى التفكير في الأمر بعد مرور ما يقرب من عقد من الزمن على تخرجها، وتحديداً عام 2022، هو التحاقها بالمعهد الملكي للفنون التقليدية، حيث وجدت نفسها داخل منشأة تعليمية فنية تركز على الاحتفاء وتوثيق الفنون التقليدية وفق تعبيرها.

فن الخبيتي في عمل آخر خلال المعرض (الشرق الأوسط)

سرد روائي

هذه النقلة، حسب البازعي، أعادت لها الرغبة في تحويل مشروعها العلمي إلى سلسلة فنية، وأردفت قائلة: «شعرت بالرغبة في البدء في روايتي الجديدة، فأنا أؤمن بضرورة أن أبني معارضي الفنية على هيئة روايات متسلسلة، ولا أرى أن يقام المعرض ثم يتوقف، ومن هنا يأتي معرض الملعبة؛ ليكون الفصل الأول من روايتي الجديدة التي تتناول الفنون الأدائية في المملكة».

11 لوحة

تتابع البازعي: «دخلت إلى عالم الحركات والإيقاعات والألوان، وبدأت في محاولة جعلها أكثر تشويقا للعالم، بما يساعدهم على التعرف أكثر على الفنون الأدائية لدينا»، مبينةً أنها تعمل حالياً على الفصل الثاني في معرض آخر تعتزم إطلاقه العام المقبل. وعن معرضها الذي ستبقى أبوابه مفتوحة للزوار حتى 17 فبراير (شباط) الجاري، في «غاليري 015». توضح البازعي أنها حاولت تغطية جميع مناطق المملكة، فمن المنطقة الشرقية قدمت لعبة «دق الحَب» وفنون البحر، ومن نجد «العرضة» و«سامري عنيزة»، ومن المنطقة الشمالية «الدحة» التي شكّلتها في عملين، ومن المنطقة الغربية فن «الخبيتي المجرور الطائفي»، ومن الجنوب «الخطوة الجنوبية»، إلى جانب فن «الزامل» لمنطقة نجران.

⁨فنون البحر من المنطقة الشرقية (الشرق الأوسط)⁩

سيرة الفنانة

جدير بالذكر أن علياء سعد البازعي هي فنانة سعودية معاصرة، ومصممة غرافيك، تركز على توثيق الحياة من خلال الرسم والطلاء. وتقول عن نفسها: «أدرك أن الفن له تأثير هائل على صحة العواطف، وأشعر بالحماس لاستكشاف كيف يمكن للفن أن يُلهمني، حيث بدأت رحلتي الفنية في سن مبكرة، وكان الفن بالنسبة لي وسيلة للتواصل وترجمة أفكاري ومشاعري».

ومنذ أن أقامت معرضها الفردي الأول «بين الأوراق» عام 2014، اكتسبت أعمال البازعي شهرة واسعة، حيث تمكنت من ترجمة رؤيتها باستخدام الأوراق القديمة وبُن القهوة. كما أقامت 3 معارض فردية في الرياض، بين عامي 2014 و2017 قدمت خلالها روايتها الأولى بعنوان «البدايات»، مجزَّأة إلى 3 فصول، هي: «بين الأوراق»، و«قالت»، و«أنا». وفي عام 2018 أقامت معرضها الفردي الرابع في الكويت واستعرضت من خلاله قصة قصيرة بعنوان «بينهما» تتحدث فيها عن الارتباط والتداخل بين المكتبة والمرسم والفن والشعر، وجسدت هذه القصة من خلال أعمال فنية مستوحاة من أشعار كبار الشعراء.

جانب من حضور المعرض (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

يوميات الشرق ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

مع انطلاق فعاليات الدورة الـ17 من «ملتقى الأقصر الدولي للتصوير» في مصر، الاثنين، بدأ الفنانون المشاركون في التفاعل مع فضاء مدينة الأقصر.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
TT

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

تُثابر أليس مغبغب منظمة مهرجان «بيروت للأفلام الفنية» (باف) على تجاوز أي مصاعب تواجهها لتنظيم هذا الحدث السنوي، فترفض الاستسلام أمام أوضاع مضطربة ونشوب حرب في لبنان. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «علينا الانتصاب دائماً ومواجهة كل من يرغب في تشويه لبنان الثقافة. نعلو فوق جراحنا ونسير بثباتٍ للحفاظ على نبض وطن عُرف بمنارة الشرق. كان علينا أن نتحرّك وننفض عنّا غبار الحرب. ندرك أن مهمتنا صعبة، ولكننا لن نستسلم ما دمنا نتنفس».

الصورة وأهميتها في معرض العراقي لطيف الآني (المهرجان)

انطلقت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي فعاليات مهرجان «بيروت للأفلام الفنية»، ويحمل في نسخته العاشرة عنوان «أوقفوا الحرب»، وتستمر لغاية 6 ديسمبر (كانون الأول). يعرض المهرجان 25 فيلماً، ويقيم معرض صور فوتوغرافية. ويأتي هذا الحدث بالتوازي مع الذكرى الـ50 للحرب الأهلية اللبنانية، وتجري عروضه في المكتبة الشرقية في بيروت.

وتتابع مغبغب: «رغبنا في لعب دورنا على أكمل وجه. صحيح أن كل شيء حولنا يتكسّر ويُدمّر بفعل حرب قاسية، بيد أننا قررنا المواجهة والمقاومة على طريقتنا».

تقع أهمية النسخة الـ10 بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية. ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها. فأُطلق في 25 نوفمبر معرض هادي زكاك عن صالات السينما في مدينة طرابلس، يحمل عنوان «سينما طرابلس والذاكرة الجماعية»، وذلك في المكتبة الشرقية في العاصمة بيروت. ويسلّط المعرض الضوء على هذه المدينة الثقافية بأسلوبه. كما عرض المهرجان في اليوم نفسه الوثائقي «أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي. وقد نال عنه مؤخراً جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الـ24 لمهرجان السينما الأثرية (FICAB) في مدينة بيداسوا الإسبانية.

يُختتم المهرجان بالفيلم اللبناني «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»

وفي السابعة مساءً، اختُتم أول أيام الافتتاح بعرض المهرجان لفيلم هادي زكاك «سيلّما»، ويوثّق فيه سيرة صالات السينما في طرابلس، يومَ كانت السينما نجمة شعبيّة في المدينة الشماليّة.

وكما بداية المهرجان كذلك ختامه يحمل النفحة اللبنانية، فيعرض في 6 ديسمبر (كانون الأول) فيلم فيروز سرحال «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»، وذلك في الذكرى الـ30 لرحيله. في الفيلم زيارة أماكن عدّة شهدت على حياة بغدادي وأعماله، والتقاء بالمقربين منه لتمضية يوم كامل معهم في بيروت، حيث يسترجعون مسيرة بغدادي المهنية في ذكريات وصور.

وتشير مغبغب، في سياق حديثها، إلى أن المهرجان ولّد حالة سينمائية استقطبت على مدى نسخاته العشر صنّاع أفلام عرب وأجانب. وتضيف: «تكثر حالياً الإنتاجات الوثائقية السينمائية. في الماضي كانت تقتصر على إنتاجات تلفزيونية، توسّعت اليوم وصار مهرجان (باف) خير عنوان لعرضها».

فيلم فؤاد خوري يُوثّق الحرب اللبنانية (المهرجان)

ومن النشاطات التي تصبّ في تعزيز الصورة الفوتوغرافية أيضاً، معرضٌ للعراقي لطيف الآني، يحكي قصة العراق منذ 50 سنة ماضية، ينقل معالمه ويومياته كما لم نعرفها من قبل. وتعلّق مغبغب: «أهمية الصورة الفوتوغرافية تأتي من حفاظها على الذاكرة. ولذلك سنشاهد أيضاً فيلم فؤاد خوري عن ذاكرة الحرب اللبنانية».

ويغوص فيلم خوري في مسار هذا الفنان الذي أخذ دور موثّق الحرب، والشاهد على النّزاعات في الشرق الأوسط.

مغبغب التي تأمل بأن تجول بالمهرجان في مناطق لبنانية بينها بعلبك وصور، تقول: «الناس متعطشة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الموضوعات الفنية. إنها تشكّل لهم متنفساً ليتخلصوا من همومهم ولو لبرهة. وهذه الأفلام الواقعية والموثقة بكاميرات مخرجين كُثر، تجذبهم بموضوعاتها الاجتماعية والجمالية».

تقول أليس مغبغب إن عملها في المهرجان كشف لها عدد أصدقاء لبنان من دول أجنبية وعربية. ولذلك نتابع عروضاً لأفلام أجنبية من بينها مشاركة من إنجلترا بعد غياب عن المهرجان لـ4 سنوات. وسيُعرض بالمناسبة «الرجل المقاوم» و«شكسبيرز ماكبث» ثاني أيام المهرجان في 26 نوفمبر.

ويُخصّص «بيروت للأفلام الفنية» أيام عرضٍ خاصة ببلدان أجنبية، من بينها الإيطالي والبلجيكي والسويسري والبرازيلي والإسباني والألماني.

«أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي (المهرجان)

ويبرز فيلما «لاماتوري» و«أخضر على رمادي» للإيطاليين ماريا موتي وإميليا أمباسز في المهرجان. وفي ذكرى مئوية الفن السوريالي تشارك إسبانيا من خلال المخرجَين بالوما زاباتا وكانتين ديبيو، فيُعرض «لا سينغالا» و«دالي»، ويُعدّ هذا الأخير من أهم الأفلام الوثائقية عن الفنان الإسباني الراحل والشهير.

وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) سيُعرض فيلم خاص بالمكتبة الشرقية مستضيفة المهرجان. وتوضح مغبغب: «عنوانه (المكتبة الشرقية إن حكت) من إخراج بهيج حجيج، ويتناول عرَاقة هذه المكتبة وما تحويه من كنوز ثقافية».

ومن الأفلام الأجنبية الأخرى المعروضة «إيما بوفاري» وهو من إنتاج ألماني، ويتضمن عرض باليه للألماني كريستيان سبوك مصمم الرقص الشهير، وهو يقود فرقة «ستانس باليه» المعروفة في برلين.

وفي فيلم «جاكوميتي» للسويسرية سوزانا فانزون تتساءل هل يمكن لمكانٍ ما أن يكون مصدر موهبة عائلة بأسرها. وتحت عنوان «من الخيط إلى الحبكة» يتناول مخرجه البلجيكي جوليان ديفو، فنّ النّسيج وما تبقّى منه حتى اليوم، فينقلنا إلى مصانع بروكسل وغوبلان مروراً بغوادا لاخارا في المكسيك.