مصطفى علي ينحت الفراغ إطاراً لأعماله الفنية 

معرض استعادي في بيروت يتضمّن قطعاً نفذها منذ عام 2000

مصطفى علي ينحت الفراغ إطاراً لأعماله الفنية 
TT

مصطفى علي ينحت الفراغ إطاراً لأعماله الفنية 

مصطفى علي ينحت الفراغ إطاراً لأعماله الفنية 

يُعدّ مصطفى علي أحد روّاد فن النحت في سوريا، ويمتاز بقطعه التي تحاكي الحرّية والفرح. في معرض استعادي خاص يستضيفه غاليري «ميسيون آرت»، يقدّم الفنان مجموعة كبيرة من أعماله القديمة والمعاصرة؛ بعضها يعود إلى عام 2000، وصولاً إلى أخرى نفّذها في السنوات العشر الأخيرة.

منحوتات خشبية وبرونزية وحجرية، تحضُر في المعرض، وتحلّ المرأة عنصراً رئيسياً، مثل الفرح والعطاء والحرّية، وثقل الهموم الإنسانية. بالنسبة إليه، إنّ فن النحت علاج يزوّده بالتوازن النفسي. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لولاه، لشعرتُ أنني غير موجود، ولا معنى لحضوري. الإبداع يصنع التوازن ويغمرنا بالفرح».

«امرأة غزة» تتشح بالأبيض وتنشد السلام (الشرق الأوسط)

تتماهى أنامله مع كل مادة يستخدمها لينحت. فهي تدلّه إلى الطريق التي يجب أن يسلكها بخطوط منحوتاته: «تفرض شخصيتها عليّ، وتلعب الدور الأكبر في تنفيذ فكرتي. البرونز مثلاً مادة ليّنة، لكنها تحتاج إلى نقطة ثبات ترتكز عليها. أما الخشب فشبيه بالطبيعة البشرية بحساسيته المرهفة. أركن إلى خشب الجوز الدمشقي، وأعتّقه وأعقّمه قبل نحته. بالنسبة إلى الحجر، فهو المادة الصلبة المتمسّكة بالأرض».

منحوتات فنية بأحجام متفاوتة يحتضنها المعرض في منطقة مار مخايل البيروتية. ويُحضّر حالياً لمعرض يقدّم فيه منحوتات بأحجام ضخمة: «سيكون تجريدياً بقياسات كبيرة يصل طولها إلى 4 أمتار».

«رجل الغيم» واحدة من منحوتاته في المعرض (الشرق الأوسط)

يُطلق على منحوتاته أسماء ترتبط بالحياة والإنسان. فأهمية العمل تكمن في الملامح وليس الأسماء. يحاول ترجمة ما تعكسه كل منحوتة، ليس بشكلها الخارجي بل بأعماقها. ففي منحوتة «آدم وحواء»، يصوِّر مصير الإنسانية المعلّقة بين السماء والأرض، والمتموضعة في نفق خشبي طويل. أما الحياة، فتنبض في صندوق مُسيّج بفتحات عدّة يتوّجها ابن آوى، ويطلّ من كل فتحة رمز من رموزها، مثل بيضة برونزية، وشجرة كثيفة، ونساء ورجال بأجساد مفرغة. يوضح: «أضع الحيوان (ابن آوى) على رأس هذا الصندوق نسبة لرمزية يحملها منذ عصر الفراعنة. لطالما بحث بين القبور عن الروح. وفي الصندوق نحتُّ أشخاصاً يصبحون هيكلاً فارغاً فور خروج الروح منهم».

عاش علي طويلاً في باريس، وكانت له محطة في إيطاليا. تأثر بالفنان مارينو ماريني، ويقدّم في معرضه منحوتة «الحصان» المستوحاة من أعماله. يوضح: «يحمل الحصان امرأة ذات ملامح حادّة محاها الزمن. فنرى وجهها مقعّراً وكتفها محاطة بالفراغ. بالنسبة إليّ، هذه الفراغات تصنع المعاني، وأستعملها في غالبية منحوتاتي إطاراً لها».

ومن الشخصيات العالمية التي تأثر بها أيضاً، الشاعر الأميركي تي. إس. إليوت: «يُعرف بشاعر القرن العشرين، وأُقدّم من خلال أشعاره لوحة (الرجل الأجوف). امتلك فلسفة خاصة أشار فيها إلى أنّ الإنسان صار مجوّفاً، وتحوّل بذلك كائناً مصنوعاً من القشور بفعل المجتمع الاستهلاكي. ثمة قصيدة له تلاها مارلون براندو في فيلم (أبوكاليبس ناو) تُحيي فلسفته هذه، فتقول: (نحن الرجال ذوو الأجساد الجوفاء المحشوّة بالقش... عندما تأتي الريح تصدر هديرها مجوّفاً... وا أسفاه)».

«نفق آدم وحوا» من خشب الجوز الدمشقي (الشرق الأوسط)

تطول لائحة منحوتات مصطفى علي لتشمل أسماء «الأندلسية»، و«الجميلات الثلاث»، و«رجل الغيم»، و«جلسة قلق»، و«المقصلة»... وجميعها يصوّر فيها الإنسان التوّاق إلى الحرّية والفرح والحب. تلعب المرأة دوراً أساسياً في معظم معارضه، فيقول: «تعني لي كثيراً مادةً للحياة والعطاء والخصوبة. أصوّر الرجل بقربها ليولد التوازن في حياتها فقط».

يروي قصة منحوتة «امرأة غزة»: «نساء هذه المدينة مقاومات بالفطرة. عُمر هذه المنحوتة يعود إلى نحو 10 سنوات، وقد قدّمتها محاربةً شرسة، وامرأة صلبة تتوق إلى السلام بلون حجرها الأبيض».


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
TT

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي، لافتاً إلى أن الفيلم يحترم دور المعلم ويقدّره حتى مع وجود الطابع الكوميدي في العمل.

الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» بالنسخة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تدور أحداثه في 8 فصول حول رهان مدير المدرسة على تأسيس «الفصل الشرعي» ليقدم من خلاله نهجا مختلفاً عن المتبع.

وقال المطيري لـ«الشرق الأوسط» إن «المدرسة تشكل فترة مهمة في حياة كل شخص ولا تزال هناك ذكريات ومواقف راسخة في ذاكرتنا عنها، الأمر الذي سيجعل من يشاهد الفيلم يشعر بأن هناك مواقف مشابهة ربما تعرض لها أو شاهدها بالفعل خلال مسيرته التعليمية»، مرجعاً حماسه لتقديم شخصية الأستاذ «شاهين دبكة» مدير ثانوية «السويدي الأهلية» رغم كون الدور لرجل أكبر منه سناً إلى إعجابه بالفكرة التي يتناولها العمل وشعوره بالقدرة على تقديم الدور بشكل مختلف.

فهد المطيري مع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وأضاف المطيري: «إن الماكياج الذي وضعته لإظهار نفسي أكبر عمراً، استوحيته جزئياً من الفنان الراحل حسين الرضا خصوصاً مع طبيعة المدير ومحاولته المستمرة إظهار قدرته في السيطرة على الأمور وإدارتها بشكل جيد، وإظهار نفسه ناجحاً في مواجهة شقيقه الأصغر الذي يحقق نجاحات كبيرة في العمل ويرأسه».

وحول تحضيرات التعامل مع الشخصية، أكد المطيري أن خلفيته البدوية ساعدته كثيراً لكونه كان يحضر مجالس كبار السن باستمرار في منزلهم الأمر الذي لعب دوراً في بعض التفاصيل التي قدمها بالأحداث عبر دمج صفات عدة شخصيات التقاها في الواقع ليقدمها في الدور، وفق قوله.

وأوضح أنه كان حريصاً خلال العمل على إبراز الجانب الأبوي في شخصية شاهين وتعامله مع الطلاب من أجل تغيير حياتهم للأفضل وليس التعامل معهم على أنه مدير مدرسة فحسب، لذلك حاول مساعدتهم على بناء مستقبلهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة.

وأشار إلى أنه عمل على النص المكتوب مع مخرجي الفيلم للاستقرار على التفاصيل من الناحية الفنية بشكل كبير، سواء فيما يتعلق بطريقة الحديث أو التوترات العصبية التي تظهر ملازمة له في الأحداث، أو حتى طريقة تعامله مع المواقف الصعبة التي يمر بها، وأضاف قائلاً: «إن طريقة كتابة السيناريو الشيقة أفادتني وفتحت لي آفاقاً، أضفت إليها لمسات شخصية خلال أداء الدور».

المطيري خلال حضور عرض فيلمه في «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

وعن تحويل العمل إلى فيلم سينمائي بعدما جرى تحضيره في البداية على أنه عمل درامي للعرض على المنصات، أكد الممثل السعودي أن «هذا الأمر لم يضر بالعمل بل على العكس أفاده؛ لكون الأحداث صورت ونفذت بتقنيات سينمائية وبطريقة احترافية من مخرجيه الثلاثة، كما أن مدة الفيلم التي تصل إلى 130 دقيقة ليست طويلة مقارنة بأعمال أخرى أقل وقتاً لكن قصتها مختزلة»، موضحاً أن «الأحداث اتسمت بالإيقاع السريع مع وجود قصص لأكثر من طالب، والصراعات الموجودة»، مشيراً إلى أن ما لمسه من ردود فعل عند العرض الأول في «القاهرة السينمائي» أسعده مع تعليقات متكررة عن عدم شعور المشاهدين من الجمهور والنقاد بالوقت الذي استغرقته الأحداث.

ولفت إلى أن «الفيلم تضمن تقريباً غالبية ما جرى تصويره من أحداث، لكن مع اختزال بعض الأمور غير الأساسية حتى لا يكون أطول من اللازم»، مؤكداً أن «المشاهد المحذوفة لم تكن مؤثرة بشكل كبير في الأحداث، الأمر الذي يجعل من يشاهد العمل لا يشعر بغياب أي تفاصيل».

وحول تجربة التعاون مع 3 مخرجين، أكد فهد المطيري أن الأمر لم يشكل عقبة بالنسبة له كونه ممثلاً، حيث توجد رؤية مشتركة من جميع المخرجين يقومون بتنفيذها في الأحداث، ولافتاً إلى أن حضورهم تصوير المشاهد الأخرى غير المرتبطة بما سيقومون بتصويره جعل الفيلم يخرج للجمهور بإيقاع متزن.