محيط من المياه يجعل قمر «ميماس» قابلاً لإيواء أحد أشكال الحياة

يقارنه علماء الفلك بنجم الموت في سلسلة «حرب النجوم»

مجموعة خماسية من أقمار زحل تجتمع معاً في مجال رؤية المركبة الفضائية (رويترز)
مجموعة خماسية من أقمار زحل تجتمع معاً في مجال رؤية المركبة الفضائية (رويترز)
TT

محيط من المياه يجعل قمر «ميماس» قابلاً لإيواء أحد أشكال الحياة

مجموعة خماسية من أقمار زحل تجتمع معاً في مجال رؤية المركبة الفضائية (رويترز)
مجموعة خماسية من أقمار زحل تجتمع معاً في مجال رؤية المركبة الفضائية (رويترز)

يجعل محيط من المياه، تحت سطح قمر «ميماس» الجليدي، الكوكب التابع لزُحَل، قابلاً لإيواء أحد أشكال الحياة، كما يقارنه علماء الفلك بنجم الموت في سلسلة «حرب النجوم»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

يذكر أن «ميماس» بات ضمن عائلة الأقمار النادرة في النظام الشمسي التي تحوي الماء السائل تحت طبقتها الجليدية. وتتضمّن هذه العائلة قمرَي المشتري؛ «أوروبا» و«غانيميد»، وقمري زُحل؛ «إنسيلادوس» و«تيتان».

وقالت المعدة الرئيسية للدراسة، التي نُشرت في مجلة «نيتشر» فاليري ليني، في مؤتمر صحافي: «إذا كان هناك مكان واحد في الكون لم نكن نتوقّع أن نعثر فيه على ظروف مواتية للحياة، فهو ميماس».

وأشارت ليني، وهي عالمة فلك في معهد الميكانيكا السماوي وحساب التقويم الفلكي التابع لمرصد «باريس بي إس إل»، إلى أنّ هذا القمر الذي اكتشفه عالم الفلك وليام هيرشل عام 1789 «لم يكن يبدو من مظهره أنّه ذو فائدة كبيرة».

وأُطلق على النجم، الذي يبلغ قطره 400 كيلومتر فقط، اسم «قمر الموت»، لأنّه كان يبدو بارداً وجامداً وغير صالح للحياة. فسطحه مليء بالفوهات، بينها حفرة ضخمة، تعطي طابعاً زائفاً بأنه مشابه لنجم الموت في سلسلة «حرب النجوم».

وبدت قشرته الجليدية متجمدة، مع عدم وجود أي أثر لنشاط جيولوجي داخلي قد يحدث تغييراً لها، على عكس قمر زحل الآخر «إنسيلادوس» الذي يتعرّض سطحه الأملس باستمرار لإعادة تشكّل بفضل نشاط محيطه الداخلي وينابيعه الساخنة، وهي مصدر للحرارة اللازمة لبقاء مائه في حالة سائلة.

يظهر قمر زحل «ميماس» في صورة التقطتها مركبة الفضاء «كاسيني» التابعة لـ«ناسا» (رويترز)

إلا أنّ العلماء كانوا يشعرون أنّ «أمراً ما يحدث داخل» ميماس، حسب قول ليني. فدرسوا دوران القمر حول نفسه، وتذبذباته الصغيرة، التي تختلف استناداً إلى البنية الداخلية للنجم. ولم يتمكنوا في دراستهم الأولى التي نُشرت عام 2014 من تأكيد أنّ القمر يحوي محيطاً سائلاً، وكانت غالبية العلماء تميل إلى فرضية احتوائه على نواة صخرية.

وقالت ليني: «كان يمكن أن نكتفي بهذه النتيجة، لكننا شعرنا بالإحباط». فاستخدم فريق العمل عشرات الصور التي التقطها مسبار «كاسيني»، التابع لـ«ناسا»، من أجل التوسّع في الأبحاث لتشمل نظام زحل برمّته و19 قمراً من أقماره.

وقد أتاحت هذه البيانات تحليل الحركة المدارية لـ«ميماس» حول زحل، وكيفية تأثيرها على حركته التذبذبية، ورصد اختلافات صغيرة في هذه الحركة، التي تسمى الميسان، تصل إلى بضع مئات من الأمتار، وهو ما يدل على وجود محيط سائل تحت كامل سطحه.

وفي مقال أُرفق بالدراسة، قال ماتيجا كوك، من معهد «سيتي» للبحوث في كاليفورنيا، وأليسا روز رودن، من معهد «ساذرن ريسيرتش إنستيتيوت» في كولورادو: «هذا هو الاستنتاج الوحيد الممكن».

وأشارت الدراسة إلى أنّ المحيط يتحرك تحت طبقة جليدية تتراوح سماكتها من 20 إلى 30 كيلومتراً، وهو رقم مماثل لسماكة محيط قمر «إنسيلادوس». وقد يكون المحيط تكوّن تحت تأثير جاذبية أقمار زحل الأخرى، وهي «تأثيرات المد والجزر» التي تهزّ النجم، وتولّد حرارة تمنع محيطه من التجمّد.

وتشير الحسابات إلى أنّ المحيط قد تشكل قبل 5 إلى 15 مليون سنة فقط، وهو ما يفسر عدم رصد أي علامات جيولوجية على سطحه حتى اليوم. ويقول نيكولا رامبو، أحد معدي الدراسة، إنّ القمر «يجمع كل الشروط اللازمة لإيواء أحد أشكال الحياة؛ الماء الذي يبقى سائلاً بسبب مصدر حرارة يلامس الصخور، ليتسبب بإحداث تبادلات كيميائية» ضرورية لظهور أحد أشكال الحياة.

وهل يمكن أن يؤوي «ميماس» أشكالاً من الحياة البدائية كالبكتيريا أو العتائق؟ تقول ليني: «سيتعيّن على مهمات فضائية مستقبلية في العقود المقبلة الإجابة على ذلك». وتضيف: «ثمة شيء مؤكد واحد؛ إذا أراد العلماء البحث عن أحدث ظروف مواتية للحياة في النظام الشمسي، فعليهم اللجوء إلى ميماس».


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
TT

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء والموهوبين في مجالات العلوم والتقنية والابتكار، ويشارك فيه أكثر من 300 موهوب ومتحدثون محليون ودوليون من أكثر من 50 دولةً، وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ونيابة عنه، افتتح الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر الذي تنظمه مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»، في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» بالعاصمة السعودية، وشهد توقيع عدد من الاتفاقيات بين «موهبة» وعدد من الجهات.

أمير الرياض خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر (واس)

ورفع أمين عام «موهبة» المكلف الدكتور خالد الشريف، كلمة رفع فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين على رعايته للمؤتمر، ودعمه المستمر لكل ما يُعزز ريادة السعودية في إطلاق المبادرات النوعية التي تمثل قيمة مضافة لمستقبل الإنسانية، مثمناً حضور وتشريف أمير منطقة الرياض لحفل الافتتاح.

وقال الدكتور الشريف: «إن قيادة السعودية تؤمن بأهمية الاستثمار برعاية الموهوبين والمبدعين باعتبارهم الركيزة الأساسية لازدهار الأوطان والطاقة الكامنة التي تصنع آفاقاً مستقبلية لخدمة البشرية»، مشيراً إلى أن العالم شاهد على الحراك الشامل لمنظومة تنمية القدرات البشرية في المملكة لبناء قدرات الإنسان والاستثمار في إمكاناته، في ظل «رؤية السعودية 2030»، بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية.

وأكد الدكتور الشريف أن هذا الحراك يواكب ما يزخر به وطننا من طاقات بشرية شابة موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، يتجاوز إبداعها حدود بلادنا ليصل إلى العالمية، وهو ما مكن المملكة من أن تصبح حاضنة لألمع العقول العالمية الموهوبة والمبدعة، وحاضرة إنسانية واقتصادية واعدة بمستقبل زاهر ينعكس على العالم أجمع.

وأوضح أن المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بنسخته الثالثة يشكّل منصةً ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم، لتستلهم معاً حلولاً مبتكرة تعزز جودة الحياة في مجتمعاتنا، وتبرز الفرص، وتعزز التعاون الإبداعي بين الشعوب.

انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي (واس)

ولفت النظر إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي؛ حيث أمضت 25 عاماً في دعم الرؤى بعيدة المدى للموهبة والإبداع، وباتت مشاركاً رئيسياً في المنظومة الداعمة لاكتشاف ورعاية الطاقات الشابة الموهوبة والمبدعة، بمنهجية تُعد الأكثر شمولاً على مستوى العالم لرعاية الأداء العالي والإبداع.

عقب ذلك شاهد أمير منطقة الرياض والحضور عرضاً مرئياً بمناسبة اليوبيل الفضي لإنشائها، وإنجازاتها الوطنية خلال الـ25 عاماً الماضية، ثم دشن «استراتيجية موهبة 2030» وهويتها المؤسسية الجديدة، كما دشن منصة «موهبة ميتا مايندز» (M3)، وهي منصة عالمية مصممة لربط ودعم وتمكين الأفراد الموهوبين في البيئات الأكاديمية أو قطاعات الأعمال، إلى جانب تدشين الموقع الإلكتروني الجديد لـ«موهبة»، الذي تواصل المؤسسة من خلاله تقديم خدماتها لجميع مستفيديها من الموهوبين وأولياء الأمور.

ويهدف المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع إلى إظهار إمكانات الموهوبين، وتطوير نظام رعاية شامل ومتكامل للموهوبين، وتعزيز التكامل والشراكات الاستراتيجية، وتحسين وتعزيز فرص التبادل والتعاون الدولي، ويشتمل المؤتمر على 6 جلساتٍ حوارية، و8 ورش عمل، وكرياثون الإبداع بمساراته الـ4، ومتحدثين رئيسيين؛ حيث يسعى المشاركون فيها إلى إيجاد الحلول الإبداعية المبتكرة للتحديات المعاصرة، إلى جانب فعاليات مصاحبة، تشمل معرضاً وزياراتٍ ثقافيةً متنوعةً على هامش المؤتمر.