خلف عربة صغيرة تحمل لافتة «بوفيه فيبي»، تتزيّن بعلم فلسطين في المدخل الرئيسي بمعرض القاهرة الدّولي للكتاب، تقف فتاة تعمل بهمّة وحماس في تقديم القهوة والشّاى لرواد المعرض، وتلقي الشعر أيضاً على زبائنها الذين يطلبون منها ذلك.
حرِص كثيرون من رواد المعرض، سواء كانوا قراء أو مؤلفين، على التقاط الصور التذكارية مع صاحبة العربة؛ ويتزاحم عليها بشكل لافت الجمهور الذي يتطلع لمشروب ساخن في أجواء شديدة البرودة بالمعرض، الذي تستمر فعالياته حتى 6 فبراير (شباط) الحالي.
إنها الكاتبة الروائية والشاعرة المصرية فيبي فرج، فبعد أن تخرجت في كلية التربية - قسم جغرافيا، عملت في كثير من المهن مثل إدارة المطاعم والكافيهات، لكنها لم تجد نفسها إلا في مهنة تقديم الشاي والقهوة في الأماكن المفتوحة والتعامل مباشرة مع زبائن الطريق.
ترى فيبي أن الجَمع بين الشغف ومصدر الرزق في عمل واحد يعد نعمة كبرى لا تتوفر لكثيرين، لكنها توفّرت لها في تلك المهنة، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: إنه «لا توجد علاقة مباشرة بين الكتابة وتقديم القهوة وإن كان احتساء هذا المشروب مرتبط لدى كثيرين بطقس القراءة، لا سيما في ساعات الصباح الباكر».
وتضيف: «تمنحني مهنتي الحالية حرّية تنظيم اليوم حسب متطلباتي وعدم التقيد بشروط الوظائف الأخرى القاسية، كما أنها تمدني بنماذج إنسانية وأنماط متنوعة من الشخصيات التي يمكن توظيفها في أعمالي الروائية».
صدرت لفيبي ثلاث روايات هي: «666»، و«عالم موازي»، و«بالة هموم»، جميعها تتناول قضايا الشباب والواقع، لكن بطريقة غير مباشرة عبر أجواء من الفانتازيا والخيال. وتجمع فيبي بين كتابة الرواية و إلقاء الشعر حين يطلب زبائنها أحياناً الاستماع إلى بعض قصائدها.
وذكرت أنها «تكتب أشعاراً بالعامية المصرية، وأن تجاربها الأولى تضمّنت أخطاءً و( كسوراً) في الوزن، لكنها عالجت ذلك لاحقاً، ولم تطبع ديوانها الأول بعد». ومن أشعارها التي تعتز بها «كان حابس روحه في وسط كتاب/ حلو و كدّاب/ كان قادر يصنع من أسباب/ تستدعي حضوره/ فيمضي غياب».
وضعت فيبي فوق عربتها لبيع المشروبات الساخنة لافتة تقول: «اللي واثق من نفسه صعب حد ينافسه»، وتعلّق عليها: «في صنع القهوة وكتابة الرواية لا بدّ من الثقة بالنفس فهي أساس كل عمل ناجح».
وتلفت إلى أن «عملها في مشروع مستقل وسط الشارع، لا يجعلها تعاني من مضايقات أو نظرة سلبية على الصعيد الاجتماعي، وإنما على العكس، لا تصادف إلا كل الدّعم والمساندة والتعاطف نتيجة نضج المجتمع ووعي الناس وثقافتهم».
وتشير إلى أن «بداياتها الأولى كانت تركّز على الكتابة والرسم، لكن التأثير المتصاعد لمواقع التواصل، وعالم السوشيال ميديا، وما تضمنه من فرصة للحكي والفضفضة، أغراها بالتركيز في الكتابة، لا سيما فكرة البوح التي تزداد الحاجة إليها في مجتمعاتنا الحديثة»، وفق قولها.
وذكرت أنها لم تتعجّل نشر ما تكتبه وإنما انتظرت حتى شعرت بأن روايتها الأولى«666» تستحق النشر؛ فأقدمت على التجربة، وكانت ردود الفعل رائعة.