مؤثرو «السوشيال ميديا» يفرضون حضورهم في «القاهرة للكتاب»

حفلات توقيع رواياتهم شهدت زحاماً رغم اتهامها «بالركاكة»

زحام حفلات توقيع المؤثرين أثار جدلاً في الأوساط الفنية (وزارة الثقافة المصرية)
زحام حفلات توقيع المؤثرين أثار جدلاً في الأوساط الفنية (وزارة الثقافة المصرية)
TT

مؤثرو «السوشيال ميديا» يفرضون حضورهم في «القاهرة للكتاب»

زحام حفلات توقيع المؤثرين أثار جدلاً في الأوساط الفنية (وزارة الثقافة المصرية)
زحام حفلات توقيع المؤثرين أثار جدلاً في الأوساط الفنية (وزارة الثقافة المصرية)

فرض مؤثرون مصريون حضورهم على أجندة فعاليات الدورة الـ55 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، التي تستمر حتى السادس من شهر فبراير (شباط) المقبل، وتسببت حفلات توقيع كتبهم في زخم لافت داخل أروقة المعرض الذي يقع شرق العاصمة المصرية القاهرة، وفي فضاء «السوشيال ميديا».

وشهد حفل توقيع رواية «فرصة من ذهب» للبلوغر كنزي مدبولي إقبالاً غير مسبوق من جمهور المعرض حيث اصطف مئات من الشباب في طوابير طويلة للحصول على توقيع المؤلفة والتقاط صور تذكارية معها. وبسبب الزحام الشديد، وقع تدافع وسقط بعض الأشخاص أرضاً. وتكرر المشهد في حفل توقيع رواية «الديبو» لليوتيوبر محمد المأمون الذي لاحقته هتافات وصرخات الإعجاب من القراء.

كما شهد حفل توقيع الإذاعي أحمد يونس زحاماً شديداً في معرض القاهرة الدّولي للكتاب الجمعة، حيث توافد العديد من رواد المعرض على حفل التوقيع الخاص بالجزء الثامن من كتاب «الآثم».

كنزي مدبولي (حسابها على «فيسبوك»)

وقارن متابعون بين هذا المشهد وبين حفلات التوقيع التي تقام لأدباء مرموقين وأصحاب باعٍ في الحياة الثقافية الذين لا يتجاوز حضور حفلات توقيع أعمالهم أكثر من 10 أفراد في أحسن الأحوال. وفق كتّاب.

وتبدو رواية «فرصة من ذهب» أقرب إلى عالم التنمية البشرية حيث تركز على إعادة اكتشاف الذات واستعادة الشغف من خلال تغيير الأماكن والأشخاص وبناء علاقة مباشرة مع البحر والطبيعة من خلال شخصية «علي الأباطيري»، الذي يقوم برحلة إلى مدينة دهب. أما رواية «الديبو»، فتعتمد على حبكة تنتمي إلى أدب التشويق والرعب من خلال شخصية الطفل «حليم»، الذي يصاحبه طوال الوقت كائن أحمر مخيف.

وكان مطرب الراب زاب ثروت، قد لفت الأنظار بقوة في دورة 2014 من معرض الكتاب نتيجة الزحام الشديد في حفل توقيع كتابه «7 أيام»، وكرّر ثروت الأمر نفسه في الدورة التالية في 2015 عند توقيع ديوانه «حبيبتي»، الذي أكدت دار النشر التي أصدرته وقتها أن العمل بيع منه 15 ألف نسخة في يوم واحد. وأخذت الظاهرة زخماً جديداً مع الإعلامي أحمد يونس، الذي أصدر سلسلة من روايات الرعب بالعامية المصرية تحمل اسم «نادر فودة» مأخوذة عن برنامج يقدمه في إذاعة «نجوم إف إم».

اليوتيوبر محمد المأمون يوقع للجمهور على روايته الجديدة (حساب دار النشر على «فيسبوك»)

ووصف أدباء وباحثون كتابات هؤلاء المؤثرين بـ«السطحية» و«الركاكة»، نتيجة افتقاد أدوات الإبداع الحقيقية وفي مقدمتها اللغة والحصيلة الثقافية، لكنهم أكّدوا أن الأمر لا يخلو من وجه إيجابي رغم ذلك، وقال الكاتب الروائي والشاعر صبحي موسى إننا «حين نقرأ ما كتبوه نكتشف حجم (اللاشيء) في هذا الورق الفاخر، وبالطبع الخطأ ليس خطأ أي من هؤلاء المؤثرين، فمن حق كل شخص أن يرى في نفسه ما يريد ويسعى لتحقيق حلمه، وهم نجحوا في ذلك، لكن الخطأ في الإدارة الثقافية التي وضعتهم وسط الأدباء الحقيقيين ولم تضعهم في السياق الخاص الذي يناسبهم كأصحاب منتج خفيف يخاطب المراهقين بلغة مباشرة أقل ما يقال عنها إنها ساذجة».

وأشار الباحث محمد عبد الرحمن صاحب المؤلفات المتخصصة في السوشيال ميديا مثل «فلسفة البلوك» و«مدينة المليار رأي» إلى أن «ظاهرة هيمنة نجوم اليوتيوبر والبلوغرز على معرض الكتاب من خلال كتابات خفيفة وسريعة تعود إلى سنوات بعيدة وتنطوي على وجه إيجابي يتمثل في جذب قطاع من الشباب صغير السن إلى المعرض وعالم الثقافة على أمل أن تنضج ذائقة هذا الجيل مستقبلاً ويتعرف على الأعمال العميقة الجادة فيما بعد».

جانب من توقيع اليوتيوبر محمد المأمون (حساب دار النشر على «فيسبوك»)

وأضاف عبد الرحمن: «نحن بحاجة إلى وسائل مبتكرة من خارج الصندوق لتسويق الأعمال الجادة مثلما نجح الآخرون في تسويق ما هو ليس كذلك».

ويتفق الشاعر محمود خير الله مع الرأي السابق ويضيف: «مشكلة الثقافة عموماً ومعرض القاهرة للكتاب خصوصاً، هي غياب نجوم الأدب والفكر عن هذا الحدث، فلم يعد لدينا أسماء من نوعية محمود درويش أو نزار قباني على سبيل المثال، وأصبح مؤثرو السوشيال ميديا هم البديل العصري ونجوم هذا الزمن».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق الموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان (أ.ب)

سعرها 35 سنتاً... بائع فواكه في مانهاتن يتحسّر على «موزة» بيعت بملايين الدولارات

باع عامل مهاجر موزة أصبحت لاحقاً جزءاً من عمل فني عبثي بيع بمبلغ مذهل بلغ 6.2 مليون دولار في مزاد «سوذبيز».

يوميات الشرق ثيمات مسرحية وأغراض متنوعة في العمل التركيبي (الشرق الأوسط)

«مُستعد للرحيل»... سردية تشكيلية عن الهجرة ونوستالجيا القاهرة

تستقبل زائر معهد جوته الألماني بالقاهرة سيارة حمراء قديمة تحمل فوق سقفها أغراضاً ومتعلقات شخصية متراصة بصورة تدعوك للتوقف وتأملها.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)

«كولكتيف ريبيرث»... حان وقت العودة

من باب إعطاء اللبناني فسحة أمل في خضمّ هذه الأجواء القاتمة، قرر مركز «ريبيرث بيروت» الثقافي إقامة معرضه للفنون التشكيلية.

فيفيان حداد (بيروت)
إعلام الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

السعودية تعرض بمناسبة الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض التقدم الذي أحرزته في تحضير «إكسبو 2030».

ميشال أبونجم (إيسي لي مولينو: باريس)

إدانات متجددة لمطربي «المهرجانات» بتعاطي المخدرات

مطرب المهرجانات مجدي شطة (صفحته على فيسبوك)
مطرب المهرجانات مجدي شطة (صفحته على فيسبوك)
TT

إدانات متجددة لمطربي «المهرجانات» بتعاطي المخدرات

مطرب المهرجانات مجدي شطة (صفحته على فيسبوك)
مطرب المهرجانات مجدي شطة (صفحته على فيسبوك)

تواصلت إدانات مطربي «المهرجانات» أمام القضاء بتهمة تعاطي المخدرات أو حيازتها، وكان أحدثها واقعة المطرب مجدي شطة الذي قضت محكمة الجنايات بمعاقبته غيابياً (الأربعاء) بالسجن المشدد 10 سنوات بعدما جرى ضبطه في مايو (أيار) الماضي خلال وجوده في سيارة ومعه ومرافقه السائق مواد مخدرة وسلاح.

وفي التحقيقات الأولية أخلت النيابة سبيل مطرب المهرجانات بكفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه (الدولار يساوي 49.70 في البنوك)، فيما غاب عن حضور جلسة محاكمته؛ مما أدى لصدور الحكم غيابياً، بينما يحق له الطعن على الحكم بموجب مواد قانون «الإجراءات الجنائية»، لكن مع اشتراط تسليم نفسه للمحكمة من أجل النظر في الطعن ودفوعه.

وشطة ليس الوحيد، من بين مطربي المهرجانات والمطربين الشعبيين، الذي يدان بأحكام قضائية في واقعة تعاطي مواد مخدرة أو حيازتها، فالأسبوع الجاري شهد الحكم على المطرب الشعبي سعد الصغير بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات على خلفية اتهامه بحيازة مواد مخدرة وصل بها إلى مطار القاهرة قادماً من الولايات المتحدة.

كما أدين مطرب المهرجانات عصام صاصا بتعاطي المواد المخدرة، وقضت المحكمة بحبسه 6 أشهر مع الشغل في واقعة قيادته تحت تأثير المخدرات وصدمه لأحد الأشخاص خلال سيره على الطريق الدائري بالقاهرة؛ مما أسفر عن وفاة الضحية، فيما حصل على حكم مخفف بسبب التصالح وانقضاء الدعوى الجنائية في واقعة «القتل الخطأ»، ويقضي عقوبة الحبس راهناً.

مطرب المهرجانات عصام صاصا (صفحته على فيسبوك)

و«يعكس تكرار هذه الوقائع غياب وعي عدد من المطربين بما وصلوا إليه بعد الشهرة»، بحسب الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم إدراك التغيرات التي حدثت في حياتهم نتيجة الشهرة والأضواء وما يتطلبه من التزام وانضباط أخلاقي وعدم مخالفة القانون؛ يكون السبب الرئيسي في تكرار مثل هذه الوقائع».

وأضاف أن «محاولات البعض استغلال شهرته لتمرير حيازته أو تعاطيه المخدرات باعتبار أنه لن يتعرض إلى تفتيش أو إجراءات أمنية خلال الاشتباه في حيازته للمخدرات أمر قد يمر أحياناً، لكن في النهاية من ينجح في التحايل على القانون مرة لن يستطع الاستمرار في ذلك مدى الحياة، وسيضبط وينال عقابه».

وكان مطرب المهرجانات حمو بيكا قد أكد في تصريحات متلفزة سابقة تعافيه من إدمان المخدرات، معلناً أنه قرر الإقلاع عن تناول المخدرات منذ سنوات، وتوقف عن تعاطيها، ويعالج في الوقت الحالي من أضرارها وتأثيرها على حياته.

وهنا يشير أستاذ الطب النفسي الدكتور جمال فرويز إلى «ضرورة التفرقة بين النجاح في الحياة العملية والاضطراب الذي قد يعاني منه الشخص في مراحل مختلفة بحياته»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض هؤلاء المطربين تكون لديهم اضطرابات شخصية تتواصل حتى مع شهرتهم ونجاحهم في عملهم».

وتابع: «البعض يلجأ لتعاطي المواد المخدرة اعتقاداً منه أنها ستبقيه أكثر تركيزاً وتفاعلاً مع الجمهور، خصوصاً مع طبيعة أعمالهم التي تجعلهم يستمرون في العمل لساعات طويلة ليلاً، بجانب سهولة حصولهم على المخدرات من المحيطين بهم»، مشيراً إلى أن «الأمر مرتبط بالسمات الشخصية بشكل أساسي وظروف النشأة، والشعور والاعتقاد الخطأ بالتأثيرات الإيجابية للمخدرات ودورها في خلق تفاعل مع الجمهور».