اكتشاف «نجوم قديمة مدخِّنة» في مجرّة «درب التبانة»

انطباع فني عن سحابة من الدخان والغبار يقذفها نجم عملاق أحمر (أ.ف.ب)
انطباع فني عن سحابة من الدخان والغبار يقذفها نجم عملاق أحمر (أ.ف.ب)
TT

اكتشاف «نجوم قديمة مدخِّنة» في مجرّة «درب التبانة»

انطباع فني عن سحابة من الدخان والغبار يقذفها نجم عملاق أحمر (أ.ف.ب)
انطباع فني عن سحابة من الدخان والغبار يقذفها نجم عملاق أحمر (أ.ف.ب)

تفقد بعض النجوم بريقها في المراحل الأخيرة من وجودها، فلا تعود ظاهرة، قبل أن تطلق سحابة من الغاز والغبار، ما أكسبها توصيف «النجوم القديمة المدخِّنة»، بحسب علماء فلك أفادوا أمس (الجمعة) باكتشاف هذه النجوم في قلب مجرّة «درب التبانة»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوضح دانتي مينيتي من جامعة أندريس بِيّو التشيلية في بيان أن «هذه النجوم القديمة تبقى هادئة لسنوات أو عقود، قبل أن تطلق سحباً من الدخان بشكل غير متوقع كلياً».

ولاحظ الأستاذ الذي شارك في إعداد الدراسة المنشورة في «مانثلي نوتيسز» الصادرة عن جمعية «رويال استرونوميكال سوسايتي» الفلكية البريطانية، أن هذه النجوم تكون شاحبة وحمراء اللون «إلى درجة أن رؤيتها غير ممكنة على الإطلاق في بعض الأحيان».

وأشار المعدّ الرئيسي للدراسة عالم الفيزياء الفلكية والأستاذ في جامعة هيرتفوردشير فيليب لوكاس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن سلوكها «الفريد» لم يُلاحظ من قبل.

وكان الفريق المتعدد الجنسية من علماء الفلك يبحث في البداية عن النجوم اليافعة، ضمن برنامج رصد استمر عشر سنوات مكّنهم من اكتشاف عدد كبير من النجوم الأولية (أي النجوم الحديثة الولادة)، لكن البرنامج وفّر لهم أيضاً «مفاجأة سارة»، بحسب البروفيسور لوكاس، تتمثل في اكتشاف 21 «نجماً قديماً مدخِّناً» على الأقل.

وتقع هذه النجوم في وسط مجرّة «درب التبانة»، في منطقة تُعرف باسم القرص النووي النجمي، يتركّز فيها عدد كبير من النجوم.

صور بالأشعة تحت الحمراء لنجم عملاق أحمر يبعد نحو 30 ألف سنة ضوئية بالقرب من مركز مجرتنا «درب التبانة» تلاشى ثم عاود الظهور على مدار سنوات (أ.ف.ب)

نوع جديد من النجوم الحمراء العملاقة

يُعتقد أن «النجوم القديمة المدخِّنة» هي نوع جديد من النجوم العملاقة الحمراء، وهي نجوم في نهاية حياتها تكتسب في هذه المرحلة حجماً كبيراً ودرجة حرارة سطح منخفضة.

ورأى البروفيسور لوكاس أنّ «ما يثير الدهشة في هذا الاكتشاف هو مراقبة نجوم هادئة ولا تفعل شيئاً، ثم فجأة، انخفض لمعانها الظاهري بمقدار 40 إلى 100 مرة، إلى درجة أن رصدها لم يعد ممكناً تقريباً بواسطة التلسكوبات. وبعد بضع سنوات، ومن دون سابق إنذار، استعادت لمعانها الأصلي».

وأضاف البروفيسور لوكاس: «كل ما تمكنّا من معرفته عن هذه النجوم يشير إلى أنها تنفث سحباً من الدخان (...) لأسباب لا نعرفها».

ويُعتقد أن هذه السحب المكوَّنة من الغاز والغبار، هي السبب في انخفاض لمعان النجم؛ إذ تحجبه عن رؤية المراقب.

ويحدث نشاطها في منطقة من المجرّة غنية بعناصر ثقيلة ربما تساهم هذه النجوم فيها.

وشرح البروفيسور لوكاس أن «المادة التي تقذفها النجوم القديمة تؤدي دوراً رئيسياً في دورة حياة العناصر، من خلال المساعدة في تكوين أجيال جديدة من النجوم والكواكب». وبالتالي، يُعتقد أن المادة التي تنبعث من «النجوم القديمة المدخِّنة وتنتشر، تُثري الوسط النجمي الذي تولد فيه نجوم جديدة»، لكنّ البروفيسور لوكاس أقرّ بأن العلماء ما زالوا يفتقرون إلى إجابة نهائية حاسمة عن هذا الموضوع. وقال: «ما زلنا نحاول فهم ما يمكن أن يكون الأكثر منطقية».


مقالات ذات صلة

نيزك يكشف وجود مياه على المريخ قبل 742 مليون سنة

يوميات الشرق النيزك «لافاييت» عُثر عليه بمدينة لافاييت في ولاية إنديانا الأميركية (جامعة بوردو)

نيزك يكشف وجود مياه على المريخ قبل 742 مليون سنة

توصل باحثون من جامعة بوردو الأميركية إلى أن نيزكاً يعود أصله إلى المريخ تعرضَ لتفاعل مع المياه السائلة أثناء وجوده على سطح الكوكب الأحمر قبل نحو 742 مليون سنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)

اكتشاف 3 مجرات من «الوحوش الحمراء»

تمكن فريق دولي، بقيادة جامعة جنيف السويسرية (UNIGE)، يضم البروفيسور ستين وويتس من جامعة باث في المملكة المتحدة، من تحديد 3 مجرات فائقة الكتلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق صورة تخيلية لمركبة «أوروبا كليبر» وهي تحلق بالقرب من قمر «المشتري - أوروبا» (ناسا - رويترز)

«المشتري»... كوكب بلا سطح ويتسع لأكثر من 1000 أرض بداخله

قال بنيامين رولستون الأستاذ المساعد في الفيزياء بجامعة كلاركسون الأميركية، إنه لا توجد لكوكب «المشتري» أرض صلبة ولا سطح مثل العشب أو التراب الذي نطأه على الأرض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الصين تُخطِّط لِما لا يُنسى (أرشيفية - أ.ب)

للبيع في الصين... تذكرتان لاختبار انعدام جاذبية الفضاء

طَرحت شركة صينية للبيع تذكرتين لرحلة فضائية تجارية من المزمع تسييرها عام 2027... ما ثمنهما؟

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق محطة الفضاء الدولية (أ.ب)

تأجيل عودة طاقم بمحطة الفضاء الدولية منذ مارس بسبب الظروف الجوية

تأجلت عودة أفراد الطاقم الموجودين على متن محطة الفضاء الدولية منذ مارس (آذار) بسبب الظروف الجوية السيئة، وفقاً لما ذكرته وكالة «ناسا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».