«آخر خرطوشة»... تترجم آمال مواهب مسرحية شابة

مستوحاة من قصة حقيقية لصبيتين لبنانيتين

المخرجتان مع الممثلتين في المسرحية غاييل عايلة وتيريزا صالح (ميشال زلوعه)
المخرجتان مع الممثلتين في المسرحية غاييل عايلة وتيريزا صالح (ميشال زلوعه)
TT

«آخر خرطوشة»... تترجم آمال مواهب مسرحية شابة

المخرجتان مع الممثلتين في المسرحية غاييل عايلة وتيريزا صالح (ميشال زلوعه)
المخرجتان مع الممثلتين في المسرحية غاييل عايلة وتيريزا صالح (ميشال زلوعه)

تعاني المواهب الفنية اللبنانية من عدم دعمها وتشجيعها لشق طريق تحلم به. ففي الغناء كما في التمثيل والمسرح يبحث جيلٌ شاب عن فرص تحاكي طموحاته، يجتهد ويعمل بكد لاهثاً وراء أحلامه متمسكاً بتحقيقها مهما كلّفه الأمر.

ميشال زلوعه وناريه كوركجيان صبيتان تركضان وراء حلمهما المتعلق بالمسرح، متسلحتين بدراسة أكاديمية وبموهبة الكتابة والإخراج، قررتا أن تلحقا بهدفهما حتى النهاية. ومن هذا المنطلق ألّفتا وأخرجتا مسرحية بعنوان «آخر خرطوشة»، ومعها تنتظران أن تضعا حجر الأساس لمشوار مسرحي يكون بمثابة آخر خرطوشة تستخدمانها في هذا المجال.

قصة المسرحية مستوحاة من واقع عاشته الصبيتان منذ تخرجهما في الجامعة. وتتناول تجارب خاضتاها وتعلمتا منها التمسك بالأمل. تحكي المسرحية عن فتاتين زميلتين في السكن، تنطلقان في مغامرة استكشافية وغريبة الأطوار من صنع خيالهما، مما يطرح السؤال عما إذا ستتمكنان من الانتصار على عقبات تواجههما أم أن واقعاً تعيشان فيه سيقف لهما بالمرصاد.

ميشال وناريه كاتبتا ومخرجتا المسرحية (ميشال زلوعه)

تقول ميشال وهي خريجة علم نفس ومسرح، إنها وناريه تشكلان نموذجاً حيّاً من مواهب فنية شابة لا يتوافر لها أي فرصة أو دعم: «لقد أردناها أن تحاكي كل صبية أو شاب يعاني من واقع فني يشبه الذي نعيشه: ناريه وأنا. تناولنا في القصة كل الصعوبات التي واجهتنا. وعرجنا خاصة على تلك التي يعاني منها لبنان وتنعكس سلباً علينا نحن الشّباب».

موضوعات مختلفة تتناول النساء والرجال والشباب والمتقدمين في السن تحضر في «آخر خرطوشة»: «جميع تلك الشرائح تحاول جاهدة تحقيق أهدافها في الحياة، فتحرق كل مراحل العمر وهي تقوم بمحاولات متتالية. ونحن أيضاً كنا نقوم بتجربة كتابة مسرحية ولكننا صُدمنا بواقع استفزنا. قررنا أن نحكي عمّا خالجنا من أفكار ومشاعر خلال محاولاتنا. فكانت بالفعل آخر خرطوشة نعلق بها آمالنا وتطلعاتنا المستقبلية».

يبدأ عرض المسرحية من 18 لغاية 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، على خشبة «مونو» في بيروت. وتستغرق مدتها نحو 45 دقيقة، يلعب دور ناريه وميشال كلٌّ من غاييلا عايلة وتيريزا صالح. وتعلق ميشال لـ«الشرق الأوسط»: «اللافت في موضوع المسرحية هو ما تكتشفه الصبيتان في هذه التجربة. فباعتقادهما أن الظروف التي تعيشانها تؤخرهما عن تنفيذ وتحقيق أحلامهما، ولكنهما تدركان أن هناك ما هو أكبر من الظروف يعوق مشوارهما. ولا أستطيع أن أفصح عن طبيعة هذا السر كي لا يفقد مشاهدها عنصر المفاجأة». وتشير ميشال إلى أنها في هذه المسرحية تعرض بكل بساطة ووضوح مشكلة شباب اليوم. فتنقل تجارب تشبه تلك التي عاشتها مع ناريه.

مسرحية «آخر خرطوشة» على مسرح «مونو» ابتداء من 18 الحالي (ميشال زلوعه)

هذه الفرصة التي توفرت للصبيتين يقف وراءها المسرحي اللبناني علاء ميناوي. وتوضح ميشال: «لقد فتح علاء باباً عريضاً أمامنا لدخول مجال المسرح. وذلك من خلال متابعتنا لورش عمل في مدرسته (بيروت للمسرح وفنون الأداء). فعند تخرجي في الجامعة كنت بعيدة إلى حد ما عن كيفية تطوير موهبتي على الأرض. ومن خلال ورش عمل فنية ومسرحية ينظمهما، اكتسبت أسلوباً مع عالم المسرح يختلف عن الأكاديمي الذي درسته».

أما علاء فيقول لـ«الشرق الأوسط» إنه قام بهذه المبادرة من باب توفير التجارب المطلوبة لهواة الفن: «ننظم سنوياً في فصل الصيف ورش عمل تدور على مدى 5 أسابيع متتالية. وترتبط ارتباطاً مباشراً بفن المسرح إن من خلال التمثيل أو الأداء أو لغة الجسد أو غيرها. وتفتح خلالها الأبواب مجاناً أمام كل من يطمح إلى تطوير موهبته. ويشاركنا في هذه الورش أساتذة تمثيل أمثال كارول عبود، وعلي شحرور، وزينة دكاش، وغيرهم. وهذه السنة نُظّمت عروض لمسرحيتين استهلت مع (الفيل اللي بالأرض) ويتبعها (آخر خرطوشة)».

مدرسة «بيروت الصيفية للمسرح وفنون الأداء» تقف وراء هذا العمل (ميشال زلوعه)

ومن ناحيتها، تشير ناريه كوركجيان شريكة ميشال في كتابة المسرحية وإخراجها إلى أن «آخر خرطوشة» هي مولودهما الأول معاً: «أملنا كبير بأن تكون المسرحية حجر أساس لمشوار طويل نخوضه معاً، فتكر السبحة من بعده. فهي بمثابة طاقة أمل نعوّل عليها الكثير، لا سيما أنها تحمل قصة ممتعة. فسيتابع الجمهور عملاً مسرحياً من نوع الكوميديا السوداء، وفيها كثير من المواقف المضحكة».

تطل المسرحية على مشكلات يعاني منها اللبنانيون كانقطاع التيار الكهربائي والمياه، وتراكم النفايات وغيرها، التي تؤخر كما غيرها من المشكلات، الشباب عن تحقيق أحلامهم في غياب دائم لخدمات حياتية يحتاجونها. وتتابع ناريه: «رغبنا في التحدث عن مشوار صعب خضناه للوصول إلى هنا. فإضافة إلى عوائق كثيرة واجهناها كنا لا نلاقي التشجيع ممن هم حولنا. فعبارة (شغلة المسرح مش ربيحة) كانت تحبطنا بدورها. فالأمر لم يكن سهلاً وتطلّب منّا جهداً وطاقة هائلَين».

تنهي الصبيتان حديثهما مؤكدتين أن التحدي كان يستأهل منهما كل هذا التعب: «حضّرنا الخطوة خلال شهرين فقط، تحت وابل من الضغوط الحياتية في لبنان. ونأمل بأن تلحقها خطوات أخرى تطور مشوارنا الذي قررنا إكماله حتى النهاية».



قناديل البحر قد تندمج في جسد واحد عند الإصابة

يمكن أن يتحول فَردان من قناديل البحر بسهولة فرداً واحداً (سيل برس)
يمكن أن يتحول فَردان من قناديل البحر بسهولة فرداً واحداً (سيل برس)
TT

قناديل البحر قد تندمج في جسد واحد عند الإصابة

يمكن أن يتحول فَردان من قناديل البحر بسهولة فرداً واحداً (سيل برس)
يمكن أن يتحول فَردان من قناديل البحر بسهولة فرداً واحداً (سيل برس)

توصل باحثون من جامعة إكستر البريطانية والمعاهد الوطنية للعلوم الطبيعية باليابان، إلى اكتشاف مدهش يفيد بأن أحد أنواع قناديل البحر (Mnemiopsis leidyi)، المعروف بـ«قنديل المشط» يمكن أن تندمج أفراده في جسد واحد عند تعرّض أحدها للإصابة، بحيث يتحول فردان بسهولة ويسر فرداً واحداً.

وأفادت الدراسة المنشورة، الاثنين، في دورية «سيل برس كرنت بيولوجي»، بأن هذين الفردين يقومان بعد ذلك، بمزامنة سرعة تقلصات عضلاتهما معاً، ويندمجان في جهاز هضمي واحد لمشاركة الطعام.

ويقول كاي جوكورا، من جامعة إكستر بالمملكة المتحدة والمعاهد الوطنية للعلوم الطبيعية في أوكازاكي باليابان: تشير نتائجنا إلى أن «قنديل المشط» قد يفتقر إلى القدرة على التمييز بين الذات والآخرين.

ويوضح في بيان صادر الاثنين: «تظهر البيانات أن فَردين منفصلين يمكنهما دمج أنظمتهما العصبية بسرعة ومشاركة إمكانات الحياة والعمل معاً».

أكد جوكورا وزملاؤه هذه الملاحظة المفاجئة بعد الاحتفاظ بمجموعة من «قناديل المشط» في خزان مياه البحر داخل المختبر، حيث لاحظوا فرداً كبيراً بشكل غير عادي، يبدو أنه يحتوي على طرفين خلفيين وبنيتين حسيتين تُعرفان بالأعضاء القمية، بدلاً من عضو واحد. لقد تساءل الباحثون عما إذا كان هذا الفرد غير العادي قد نشأ من اندماج اثنين من قناديل المشط المصابة.

لمعرفة الإجابة العلمية الدقيقة عن ذلك السؤال، أزالوا فصوصاً جزئية من أفراد آخرين ووضعوها قريبة من بعضها بعضاً في أزواج. وكانت المفاجأة أن الأفراد المصابين أصبحوا واحداً، في 9 من أصل 10 مرات، وأكملوا حياتهم على هذا النحو لمدة 3 أسابيع على الأقل.

وأظهرت النتائج أنه بعد ليلة واحدة، يصبح الفردان الأصليان واحداً في سلاسة غير متوقعة، ودون أي فصل واضح بينهما.

وعندما أثَّر الباحثون على فص واحد، استجاب الجسم المندمج بالكامل باستجابة مفاجئة بارزة؛ مما يشير إلى أن أنظمتهم العصبية كانت مندمجة اندماجاً كاملاً أيضاً.

وهو ما علق عليه جوكورا: «لقد اندهشنا عندما لاحظنا أن التحفيز الميكانيكي الذي جرى تطبيقه على جانب واحد من قناديل المشط المندمجة أدى إلى تقلص عضلي متزامن على الجانب الآخر».

وأظهرت الملاحظات الأكثر تفصيلاً أن قناديل المشط المندمجة كانت لها حركات عفوية خلال الساعة الأولى. بعد ذلك، بدأ توقيت الانقباضات في كل فص في التزامن بشكل أكبر. وبعد ساعتين فقط، كانت 95 في المائة من تقلصات عضلات الحيوان المندمج متزامنة تماماً، كما أفادوا.

كما نظر الباحثون من كثب إلى الجهاز الهضمي ليجدوا أنه اندمج أيضاً. وعندما تناول أحد الأفواه روبياناً ملحياً مُرمزاً بالفلورسنت، شقت جزيئات الطعام طريقها عبر القناة المندمجة. وفي النهاية، طرد القنديل المندمج الفضلات من كلا الشرجين، وإن لم يكن في الوقت نفسه.

ويقول الباحثون إنه لا يزال من غير الواضح كيف يعمل اندماج فردين في واحد استراتيجيةً للبقاء. ويقترحون أن الدراسات المستقبلية ستساعد في سد هذه الفجوات وتسهم في مزيد من الفهم، مع آثار ذلك المحتملة على البحوث التي تتعلق بتجديد أعضاء الجسم.

ويقول جوكورا: «ترتبط آليات التعرف على كل هذه التغيرات بالجهاز المناعي، كما يرتبط اندماج الجهازين العصبيين ارتباطاً وثيقاً بالبحوث المتعلقة بعمليات تجديد أعضاء الجسم. إن كشف الآليات الجزيئية التي تكمن وراء هذا الاندماج يمكن أن يعزّز المجالات البحثية في هذا الإطار بشكل حاسم».