وجدت دراسة لباحثين من معهد سنغافورة للعلوم السريرية بالتعاون مع جامعة ماكغيل الكندية، أن الأحداث الصادمة ومصاعب الحياة، تؤثر سلباً على نمو دماغ الأطفال.
وأوضح الباحثون، أن التعرض لمصاعب الحياة خلال مرحلة الطفولة المبكرة، يعدّ أحد عوامل الخطر المعترف بها للنتائج الصحية السيئة طوال الحياة، وهذا يشمل زيادة خطر الضعف الإدراكي واضطرابات الصحة العقلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، بدورية «نيتشر منتال هيلث».
وتشير مصاعب الحياة المبكرة إلى التحديات المرهقة التي يواجهها الأطفال في سنواتهم الأولى، وتؤثر سلباً على نموهم ورفاهيتهم، مثل التعرض للعنف والإهمال وفقدان الوالدين، والفقر والمشقة الاقتصادية، بالإضافة إلى الحروب والكوارث والمرض والإعاقة.
لقياس تأثير التعرض لمصاعب الحياة، ركز الباحثون على حالات التعرض التي حدثت لـ549 طفلاً قبل وبعد الولادة، بما في ذلك الصحة العقلية والجسدية للأم أثناء الحمل، بالإضافة إلى بنية الأسرة وظروفها المالية، كما أجريت للأطفال فحوص الدماغ بالرنين المغناطيسي عندما كانت أعمارهم بين 4.5 و6 و7.5 سنوات.
وكشفت الدراسة أنه عند التعرض لمصاعب الحياة المبكرة، يخضع دماغ الطفل لنمو متسارع من أجل التكيف مع الظروف المعاكسة، ويمكن أن تؤدي هذه الوتيرة المتسارعة للنمو إلى زيادة خطر حدوث نتائج سلبية على الصحة المعرفية والعقلية. وحدد الباحثون الفترة ما بين 4.5 و6 سنوات من عمر الأطفال وقتاً محتملاً للتدخل المبكر لتحسين نتائج الصحة العقلية.
وقال الباحث الرئيسي للدراسة، بمعهد سنغافورة للعلوم السريرية، الدكتور تان آي بينغ،: إن الدراسة أثبتت أن الأحداث الصادمة والمصاعب التي تتعرض لها الأسرة يمكن أن تحدِث تأثيرات كبيرة على صحتهم المعرفية والعقلية في المستقبل.
وأضاف، أن تلك التأثيرات على أدمغة الأطفال تبدأ في مرحلة ما قبل الولادة، حيث يحدث نمو كبير للدماغ في الرحم خلال فترة الحمل. وعلاوة على ذلك، يُفترض أن التعرض للشدائد قبل الولادة قد يمتد إلى فترة ما بعد الولادة؛ ما يسلط الضوء على التأثيرات المتراكمة للشدائد قبل الولادة وبعدها على النمو العصبي للأطفال.
وعن أهمية النتائج، أشار إلى أنها تنبه لضرورة تطوير أدوات فحص للكشف عن نمو الدماغ المتسارع لدى الأطفال الذين يتعرضون للأحداث الصادمة، وهذا يتيح تنفيذ التدخلات في وقت مبكر، ومنع العواقب المتتالية لتسارع نمو الدماغ الذي يؤثر على المرونة العصبية والتعلم التكيفي للأطفال.
ويتطلع الفريق لإجراء المزيد من الأبحاث، لتحديد ما إذا كانت تأثيرات مصاعب الحياة المبكرة على نمو الدماغ المتسارع خلال مرحلة الطفولة يمكن أن تمهد الطريق لشيخوخة الدماغ المبكرة في مراحل لاحقة من الحياة، بالإضافة إلى قياس فاعلية استراتيجيات التدخل، مثل تعزيز المرونة النفسية من خلال العلاج السلوكي المعرفي، والتي يمكن أن تخفف آثار هذه الأحداث الصادمة على الدماغ.