«مهرجان الحُلي»... تصميمات حديثة تستفيد من جماليات التراث

دورته الخامسة تضم أعمال 70 فناناً

تصميمات تستدعي الموروث الشعبي (الشرق الأوسط)
تصميمات تستدعي الموروث الشعبي (الشرق الأوسط)
TT

«مهرجان الحُلي»... تصميمات حديثة تستفيد من جماليات التراث

تصميمات تستدعي الموروث الشعبي (الشرق الأوسط)
تصميمات تستدعي الموروث الشعبي (الشرق الأوسط)

يتيح مهرجان «الحُلي» في دورته الخامسة، حواراً شيّقاً بين مُصممي الحُلي بتقنياتهم وخاماتهم المختلفة، التي يقتفون بها التجريب بالتشكيل وإبراز جمالياته، وذلك عبر مجموعات حُلي متنوعة يعرضها مركز «الجزيرة» للفنون في القاهرة هذه الأيام وحتى 17 يناير (كانون الثاني) الحالي.

يهدف المهرجان لتشجيع الإبداع في مجال تصميم الحُلي بتسليط الضوء على المبتكرات المُتميزة باستخدام مختلف الخامات والتقنيات، وحسب الدكتور وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية في مصر، فإن «فن الحُلي تطوّر عبر الزمن بامتزاجه بالفنون التشكيلية الحديثة، فخرجت التصاميم المُبتكرة العصرية، وظهر التصميم فناً تطبيقياً، وعلماً قائماً بذاته يُعنى بتحويل المعادن والأحجار الكريمة والمعادن النفيسة إلى تحف وقطع فنية وأفكار مبدعة»، وذلك وفق بيان له.

جانب من العرض (الشرق الأوسط)

وعبر جولة بين تصميمات أكثر من 70 فناناً في المهرجان، يمكن التوقف عند زوايا استلهام مُختلفة لعالم التصميمات، فهناك استلهام للحضارات القديمة كما يبدو في العديد من القطع المعروضة. كما نرى في القلائد التي تبدو لها مرجعية تصميم فرعونية، وكذلك في اختيار تدريجات اللون الذهبي وتطعيماته باللون، وهناك قطع سميكة لها حسّ آشوري بدرجاته الفضية الداكنة، فيما اتجهت بعض التصميمات للتجريب، واستلهام الفنون الأدائية في صوغ قطع حُلي، كما صمّمت إحدى المصممات قطعاً تُحاكي بها أقنعة المسرح التي طالما ارتبطت بتاريخ الدراما كأيقونة تستدعي تاريخ تطوّر المسرح وكلاسيكياته، كما تستلهم مجموعة أخرى فنون الرقص كالتحطيب والباليه في نسج قطع حُلي تستعير الطاقة الحركية في تصميماتها.

خامات مختلفة مستخدمة في التصميم (مركز الجزيرة للفنون)

وفي مجموعة تشارك بها الفنانة مروة زكريا، الأستاذة بكلية الفنون التطبيقية في جامعة حلوان بالقاهرة، يمكن تأمل توظيف الخزف بتموجاته اللونية، وقد صُمّم كقطع حُلي، تقول مروة: «عندما فكرت في توظيف الخزف في تصميم الحُلي، كانت تلهمني فكرة أن الحُلي يمكن أن يجعل القطعة الفنية مُتحركة، عندما ترتديها صاحبتها، ولا قطعة من التصميمات تشبه الأخرى، ولا مجال لاستنساخها عبر إنتاج جماهيري»، كما تقول لـ«الشرق الأوسط».

الخزف في تكوين جمالي مع خامة النحاس (الفنانة مروة زكريا)

وتضيف مروة زكريا، وهي عضوة الأكاديمية الدولية للخزف في سويسرا، أن «الحُلي يجمع بين كونه موضوعاً فنياً واستخدامياً أيضاً، في المجموعة التي قدمتها كانت تعتمد على فنون الخزف المُصغرة، التي تسكن إطارات نحاسية، تجعلها قابلة للارتداء كقرط أو خاتم أو سوار».

جانب من أعمال المعرض (الشرق الأوسط)

وتستعير مجموعة من الحُلي العملات النقدية لتطعيم التصميمات، والاستفادة من دلالتها المعدنية والتاريخية لتكوين تشكيلات جمالية، وهناك من اعتمد تقنية الحفر والتحريك المعدني لإضفاء حالة من الديناميكية للقطع، كنحت وجوه، أو تصغير لبيوت ريفية تقليدية، والاستعانة أحياناً بتلوين المعادن ومنحها تشكيلات هندسية مزركشة تُحاكي التراث الشعبي ورموزه.

وتُبرز القطع التي يعرضها «مهرجان الحلي» التداخل الكبير في توظيف الخامات، حيث نجد القماش والخيوط والكريستال، في تداخل مع الأحجار والمعادن في تشكيلات تناغمية، تعتمد على الأصالة وعدم التكرار، والبحث عن زوايا رؤية جديدة للتصميمات، والأفق التعبيري.

تصميمات تُحاكي أقنعة المسرح (مركز الجزيرة للفنون)

في السياق؛ تعتمد الفنانة نورة نبيل موسى، مُصممة ومنفذة الحُلي، على التشكيل بتقنية الشمع في مشغولاتها المشاركة بالمهرجان، تقول: «الشمع يمنح إمكانات تشكيلية واسعة، تعجز عنها الصياغة المباشرة على المعدن، فالتشكيل على الشمع يعتمد على الخيال، فهو يُمثل حلقة وسط بين فن النحت والصياغة».

السمكة أيقونة تراثية (الفنانة نورة نبيل موسى)

وتضيف نورة نبيل التي تعمل استشارية فنية ومدربة في مركز تكنولوجيا الحلي التابع لوزارة الصناعة المصرية لـ«الشرق الأوسط»: «لدي شغف كبير بالفنون التراثية، وأعتمد عليها بصورة أساسية في تصميماتي، فهي البطل دائماً، مثل السمكة لما لها من رمزية على مر الحضارات، فهي رمز للخير استخدمها الفن المصري القديم والفن القبطي والفن الشعبي، وقد استُخدمت في التشكيل على الشمع، خامة الفضة عيار 925 مُطعمة بالفيروز والمرجان والغاردن، وأعتقد أن مهرجان الحُلي فرصة رائعة لتلاقي المصممين بتنوع الأفكار والخامات بما يفتح آفاقاً جديدة مُتحررة من الصورة التقليدية للحُلي».


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.