شهد الحفل الشهري لجمعية محبي الشيخ إمام الذي أُقيم في مركز الربع الثقافي بمنطقة القاهرة الفاطمية تفاعلاً كبيراً من الحضور، وسط اهتمام واسع بالأغاني الداعمة للشعب الفلسطيني مثل «يا فلسطينية»، و«مر الكلام»، و«بقرة حاحا»، و«تل الزعتر»، و«أه يا عبد الودود»، وسط حالة من الغناء الجماعي ذابت فيها الفروق بين المطربين المحترفين في أعلى المسرح وبين الجمهور.
كما شارك جمهور الحفل، الذي أقيم الجمعة، في غناء «أنا أتوب عن حبك أنا» و«يا حبايبنا» و«سايس حصانك» و«البحر بيضحك ليه».
كان الكلٌّ يعيش حضوره الخاص في الكلمات والموسيقى والغناء، هذا هو المهم في نظر محمود عزت الأمين العام لجمعية الشيخ إمام، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف هو إحياء تراث الشيخ إمام أولاً، بوصفه نوعاً من رد الجميل له، لأنه كان حريصاً على حفظ ألحان سابقيه، ولولا تسجيله الكثير من الأدوار والموشحات القديمة التي عاصرها وسمعها في ربع الشيخ الحريري، لما وصلت إلينا، وقد حفظ بصوته أكثر من 300 أغنية».
ويضيف أن «الحرص على تقديم أغنيات وألحان الشيخ إمام هدفه الأساسي أن تظل حية بين الشباب، فعندما بدأنا تنشيط الجمعية وجدنا قطاعاً من الشباب مهتماً بأغنياته». ولفت عزت إلى أن ما قدمه الشيخ إمام يعد من الفنون التي تستوجب المشاركة، فهناك طرب ونشوة حقيقية في ألحانه، لكن الميزة الأساسية فيها أنها تحفّز الجمهور على المشاركة بالغناء.
تقديم أغنيات الشيخ إمام في حفل شهري، بحسب عزت، بدأ منذ خمس سنوات، «وتطور استجابة لحالة التفاعل المتزايدة»، وأوضح أن الحفل بدأ في مقهى بمدينة نصر (شرق القاهرة)، وانتقل إلى مقهى في حوش آدم، حيث عاش الشيخ، وقال: «هناك حدث الزخم الأكبر، وتوافد عشاقه من كل مكان، وكان المقهى يمتلئ عن آخره، ويضطر الكثيرون للوقوف في الشارع، فقررنا الانتقال لمسرح المصطبة في منطقة عابدين، ومع مرور الوقت ضاق المسرح بالجمهور، فكان الحل في مركز الربع الثقافي بالجمالية، ويحضر الحفل أكثر من 300 شخص، بعضهم يأتون من محافظات مجاورة يزورون القاهرة خصيصاً للمشاركة في الحفلات».
شعبان عيسى، ابن شقيق الشيخ إمام وأحد أفراد الفرقة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن أول مرة يسمع فيها عمه كانت في قريته أبو النمرس (جنوب القاهرة) عام 1968. وأضاف: «حضرت الحفل، ولم أكن أعرف أن عمي يغني، وأنه ملحن ذائع الصيت، ويقدم أغنيات ذات طبيعة خاصة».
ورغم أن ظروف العائلة منعت عيسى من دراسة الغناء في معاهد فنية، يبدو أنه ورث الموهبة، وراح يمارس الغناء في عمله بشكل فطري، بينما يتجول ببضائعه مُتاجراً بين المدن والمحافظات، وحين تشكلت الجمعية انضم لها منذ عامين للمشاركة في تقديم الألحان التي يحفظها جيداً، وفقاً لقوله.
أما الشيخ علاء إبراهيم، أحد أعضاء الفرقة، فيقول لـ«لشرق الأوسط»، إن إعداد برنامج للحفلات بدأ مؤخراً، موضحاً: «قبل ذلك كنا نصعد للمسرح ونبدأ في الغناء، وإذا طلب منا الجمهور لحناً معيناً كنا نستجيب لذلك، لكن نظراً لشعورنا بأن الشباب يريد أن يتفاعل معنا، ويشارك في الغناء كان الرأي أن نحدد ما سوف نقدمه كل شهر ونعلنه مسبقاً، حتى نعطي الشباب فرصة لحفظ الكلمات، ومذاكرة الألحان، ليتحقق التفاعل الذي نسعى له من الحاضرين».
ويعدّ الشيخ إمام عيسى (1918 – 1995) من أبرز الملحنين والمطربين في السبعينات والثمانينات بمصر، ارتبط اسمه بالأغاني الثورية والأغاني الوطنية ذات الحس المعارض والساخر منذ نكسة يونيو (حزيران) 1967، وشكّل ثنائياً فنياً مع الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، وقدما العديد من الأغاني الجريئة والحماسية.